[العلق : 17] فَلْيَدْعُ نَادِيَه
17 - (فليدع ناديه) أي أهل ناديه وهو المجلس ينتدى يتحدث فيه القوم وكان قال للنبي صلى الله عليه وسلم لما انتهره حيث نهاه عن الصلاة لقد علمت ما بها رجل أكثر ناديا مني لأملأن عليك هذا الوادي إن شئت خيلا جردا ورجالا مردا
وأخرج الترمذي وغيره عن ابن عباس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فجاء أبو جهل فقال ألم أنهك عن هذا فزجره النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو جهل إنك لتعلم ما بها ناد أكثر مني فأنزل الله فليدع ناديه سندع الزبانية قال الترمذي حسن صحيح
وقوله : " فليدع ناديه " يقول تعالى ذكره : فليدع أبو جهل أهل مجلسه وأنصاره ، منةو عشيرته وقومه ، والنادي : هو المجلس .
وإنما قيل ذلك فيما بلغنا ، لأن أبا جهل لما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند المقام ، انتهره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأغلظ له ، فقال أبو جهل : علام بتوعدني محمد وأنا أكثر أهل الوادي نادياً ؟ فقال الله جل ثناؤه " كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية " ، فليدع حينئذ نادية ، فإنه إن دعا نادية ، دعونا الزبانية .
وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الأخبار ، وقال أهل التأويل .
ذكر الآثار المروية في ذلك :
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبو خالد الأحمر ، وحدثنا أبو كريب ، قال : ثنا الحكم بن جميع ، قال : ثنا علي بن مسهر جميعاً ، عن داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند المقام ، فمر به أبو جهل بن هشام ، فقال : يا محمد ، ألم أنهك عن هذا ؟ وتوعده ، فأغلظ له رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهره ، فقال : يا محمد بأي شيء تهددني ؟ أما والله إني لأكثر هذا الوادي نادياً ، فأنزل الله " فليدع ناديه * سندع الزبانية " قال ابن عباس : لو دعا نادية ، أخذته زبانية العذاب من ساعته ".
حدثني إسحاق بن شاهين ، قال : ثنا خالد بن عبد الله ، عن داود ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ، فجاءه أبو جهل ، فنهاه أبو جهل أن يصلي ، فأنزل الله " أرأيت الذي ينهى * عبدا إذا صلى " إلى قوله " كاذبة خاطئة " فقال : لقد علم أني أكثر هذا الوادي نادياً ، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم ، فتكلم بشيء ، قال داود : ولم أحفظه فأنزل الله " فليدع ناديه * سندع الزبانية " فقال ابن عباس : فوالله لو فعل لأخذته الملائكة من مكانه ".
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن أبيه ، قال : ثنا نعيم بن أبي هند ، عن أبي حازم ،" عن أبي هريرة ، قال : قال أبو جهل : هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم ؟ قال : فقيل نعم ، قال فقال : واللات والعزى لئن رأيته يصلي كذلك ، لأطأن على رقبته ، ولأعفرن وجهه في التراب ، قال : فأتى رصول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ليطأ على رقبته ، قال : فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ، ويتقي بيديه ، قال : فقيل له : مالك ؟ قال : فقال : إن بيني وبينه خندقاً من نار ، وهولاً وأجنحة ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً قال : وأنزل الله ، لا أدري في حديث أبي هريرة أم لا " كلا إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى * إن إلى ربك الرجعى * أرأيت الذي ينهى * عبدا إذا صلى * أرأيت إن كان على الهدى * أو أمر بالتقوى * أرأيت إن كذب وتولى "" يعني أبا جهل " ألم يعلم بأن الله يرى * كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية * ناصية كاذبة خاطئة * فليدع ناديه "
يدعو قومه " سندع الزبانية " الملائكة " كلا لا تطعه واسجد واقترب " .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : أخبرنا يونس بن أبي إسحاق ، عن الوليد بن العيزار ، عن ابن عباس ، قال : " قال أبو جهل : لئن عاد محمد يصلي عند المقام لأقتلنه ، فأنزل الله " اقرأ باسم ربك " حتى بلغع هذه الآية ‌" لنسفعا بالناصية * ناصية كاذبة خاطئة * فليدع ناديه * سندع الزبانية " فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ، فقيل له : ما يمنعك ؟ قال : قد اسواد ما بيني وبيه من الكتائب . قال ابن عباس : والله لو تحرك لأخذته الملائكة والناس بنظرون إليه " .
حدثنا أبو كريب ، قال :ثنا زكرينا بن عدي ، قال : ثنا عبيد الله بن عمرو ، عن عبد الكريم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال أبوجهل : لئن رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند الكعبة ، لآتينه حتى أطأ على عنقه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو فعل لأخذته الملائكة عياناً " .
وبالذي قلنا في معنى النادي قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله " فليدع ناديه " يقول : فليدع ناصره .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال :ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال ثنا الحسن قال :ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد "سندع الزبانية " قال : الملائكة .
قوله تعالى:" فليدع ناديه" أي أهل مجلسه وعشيرته، فليستنصر بهم. "سندع الزبانية" أي الملائكة الغلاظ الشداد- عن ابن عباس وغيره- واحدهم زبني، قاله الكسائي. وقال الأخفش: زابن. أبو عبيدة: زبنية. وقيل: زباني. وقيل: هو اسم للجمع، كالأبابيل والعباديد. وقال قتادة: هم الشرط في كلام العرب. وهو مأخوذ من الزبن وهو الدفع، ومنه المزابنة في البيع. وقيل: إنما سموا الزبانية لأنهم يعملون بأرجلهم، كما يعملون بأيديهم، حكاه أبو الليث السمرقندي- رحمه الله -قال:
و"روي في الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ هذه السورة، وبلغ إلى قوله تعالى: "لنسفعا بالناصية" قال أبو جهل : أنا أدعو قومي حتى يمنعوا عني ربك. فقال الله تعالى: " فليدع ناديه * سندع الزبانية". فلما ذكر الزبانية رجع فزعاً، فقيل له: خشيت منه! قال لا! ولكن رأيت عنده فارساً يهددني بالزبانية، فما أدري ما الزبانية، ومال إلي الفارس، فخشيت منه أن يأكلني " . وفي الأخبار أن الزبانية رؤوسهم في السماء وأرجلهم في الأرض، فهم يدفعون الكفار في جهنم. وقيل: إنهم أعظم الملائكة خلقاً، وأشدهم بطشاً. والعرب تطلق هذا الاسم على من اشتد بطشه. قال الشاعر:
مطاعيم في القصوى مطاعين في الوغى زبانية غلب عطام حلومها
يخبر تعالى عن الإنسان أنه ذو فرح وأشر وبطر وطغيان إذا رأى نفسه قد استغنى وكثر ماله, ثم تهدده وتوعده ووعظه فقال: "إن إلى ربك الرجعى" أي إلى الله المصير والمرجع وسيحاسبك على مالك من أين جمعته وفيم صرفته. قال ابن أبي حاتم : حدثنا زيد بن إسماعيل الصائغ , حدثنا جعفر بن عون حدثنا أبو عميس عن عون قال: قال عبد الله : منهومان لا يشبعان صاحب العلم وصاحب الدنيا ولا يستويان, فأما صاحب العلم فيزداد رضى الرحمن وأما صاحب الدنيا فيتمادى في الطغيان قال ثم قرأ عبد الله "إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى" وقال للاخر "إنما يخشى الله من عباده العلماء" وقد روي هذا مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم "منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا".
ثم قال تعالى: " أرأيت الذي ينهى * عبدا إذا صلى " نزلت في أبي جهل لعنه الله, توعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصلاة عند البيت فوعظه تعالى بالتي هي أحسن أولاً فقال: "أرأيت إن كان على الهدى" أي فما ظنك إن كان هذا الذي تنهاه على الطريق المستقيمة في فعله أو أمر بالتقوى وأنت تزجره وتتوعده على صلاته, ولهذا قال: " ألم يعلم بأن الله يرى " أي أما علم هذا الناهي لهذا المهتدي أن الله يراه ويسمع كلامه. وسيجازيه على فعله أتم الجزاء. ثم قال تعالى متوعداً ومتهدداً: "كلا لئن لم ينته" أي لئن لم يرجع عما هو فيه من الشقاق والعناد " لنسفعا بالناصية " أي لنسمنها سواداً يوم القيامة ثم قال: "ناصية كاذبة خاطئة" يعني ناصية أبي جهل كاذبة في مقالها خاطئة في أفعالها "فليدع ناديه" أي قومه وعشيرته أي ليدعهم يستنصر بهم "سندع الزبانية" وهم ملائكة العذاب حتى يعلم من يغلب أحزبنا أو حزبه ؟.
قال البخاري : حدثنا يحيى حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال أبو جهل لئن رأيت محمداً يصلي عند الكعبة لأطأن على عنقه, فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "لئن فعل لأخذته الملائكة" ثم قال تابعه عمرو بن خالد عن عبيد الله يعني ابن عمرو عن عبد الكريم. وكذا رواه الترمذي والنسائي في تفسيرهما من طريق عبد الرزاق به. وهكذا رواه ابن جرير عن أبي كريب عن زكريا بن عدي عن عبيد الله بن عمرو به, وروى أحمد والترمذي والنسائي وابن جرير وهذا لفظه من طريق داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند المقام فمر به أبو جهل بن هشام, فقال يا محمد ألم أنهك عن هذا ؟ وتوعده فأغلظ له رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهره, فقال يا محمد بأي شيء تهددني ؟ أما والله إني لأكثر هذا الوادي نادياً فأنزل الله "فليدع ناديه * سندع الزبانية" وقال ابن عباس : لو دعا ناديه لأخذته ملائكة العذاب من ساعته. وقال الترمذي : حسن صحيح.
وقال الإمام أحمد أيضاً: حدثنا إسماعيل بن يزيد أبو يزيد , حدثنا فرات عن عبد الكريم عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال أبو جهل لئن رأيت رسول الله يصلي عند الكعبة لاتينه حتى أطأ على عنقه قال: فقال: "لو فعل لأخذته الملائكة عياناً, ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ورأوا مقاعدهم من النار, ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون مالاً ولا أهلاً" وقال ابن جرير أيضاً: حدثنا ابن حميد , حدثنا يحيى بن واضح , أخبرنا يونس بن أبي إسحاق عن الوليد بن العيزار عن ابن عباس قال : قال أبو جهل لئن عاد محمد يصلي عند المقام لأقتلنه, فأنزل الله عز وجل "اقرأ باسم ربك الذي خلق" حتى بلغ هذه الاية " لنسفعا بالناصية * ناصية كاذبة خاطئة * فليدع ناديه * سندع الزبانية " فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فصلى, فقيل: ما يمنعك ؟ قال: قد اسود ما بيني وبينه من الكتائب, قال ابن عباس : والله لو تحرك لأخذته الملائكة والناس ينظرون إليه.
وقال ابن جرير : حدثنا ابن عبد الأعلى , حدثنا المعتمر عن أبيه , حدثنا نعيم بن أبي هند عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: قال أبو جهل: هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم ؟ قالوا: نعم, قال: فقال واللات والعزى لئن رأيته يصلي كذلك لأطأن على رقبته, ولأعفرن وجهه في التراب, فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ليطأ على رقبته, قال: فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه, قال فقيل له: مالك ؟ فقال: إن بيني وبينه خندقاً من نار, وهولاً وأجنحة قال: فقال رسول الله: "لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً" قال: وأنزل الله لا أدري في حديث أبي هريرة أم لا "كلا إن الإنسان ليطغى" إلى آخر السورة, وقد رواه أحمد بن حنبل ومسلم والنسائي وابن أبي حاتم من حديث معتمر بن سليمان به.
وقوله تعالى: "كلا لا تطعه" يعني يا محمد لا تطعه فيما ينهاك عنه من المداومة على العبادة وكثرتها, وصل حيث شئت, ولا تباله فإن الله حافظك وناصرك وهو يعصمك من الناس "واسجد واقترب" كما ثبت في الصحيح عند مسلم من طريق عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث عن عمارة بن غزية , عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء" وتقدم أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسجد في "إذا السماء انشقت" و "اقرأ باسم ربك الذي خلق" آخر تفسير سورة اقرأ, ولله الحمد والمنة, وبه التوفيق والعصمة.
17- "فليدع ناديه" أي أهل ناديه، والنادي: المجلس الذي يجلس فيه القوم ويجتمعون فيه من الأهل والعشيرة، والمعنى: ليدع عشيرته وأهله ليعينوه وينصروه، ومنه قول الشاعر:
واستب بعدك يا كليب المجلس
أي أهله. قيل إن أبا جهل قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أتهددني وأنا أكثر الوادي نادياً؟ فنزلت " فليدع ناديه * سندع الزبانية " أي الملائكة الغلاظ الشداد، كذا قال الزجاج: قال الكسائي والأخفش وعيسى بن عمر: واحدهم زابن، وقال أبو عبيدة: زبنية، وقيل زباني، وقيل هو اسم للجمع لا واحد له من لفظه كعباديد وأبابيل. وقال قتادة: هم الشرط في كلام العرب، وأصل الزبن الدفع، ومنه قول الشاعر:
ومستعجب مما يرى من أناتنا ولو زبنته الحرب لم يترمرم
والعرب تطلق هذا الاسم على من اشتد بطشه، ومنه قول الشاعر:
مطاعيم في القصوى مطاعين في الوغى زبانية غلب عظام حلومها
قرأ الجمهور "سندع" بالنون، ولم ترسم الواو كما في قوله: "يوم يدع الداع" وقرأ ابن أبي عبلة سيدعى على البنار للمفعول ورفع الزبانية على النيابة.
قال الله عز وجل: 17- "فليدع ناديه"، أي قومه وعشيرته، أي فليستنصر بهم.
17-" فليدع ناديه " أي أهل ناديه ليعينوه وهو المجلس الذي ينتدي فيه القوم .روي أنا أبا جهل لعنه الله مر برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فقال : ألم أنهك ،فاغلظ له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أتهددني وأنا أكثر أهل الوادي نادياص فنزلت .
17. Then let him call upon his henchmen!
17 - Then, let him call (for help) to his council (of comrades):