[العلق : 1] اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ
1 - (اقرأ) أوجد القراءة مبتدأ (باسم ربك الذي خلق) الخلائق
يعني جل ثناؤه بقوله " اقرأ باسم ربك " محمداً صلى الله عليه وسلم يقول : اقرأ يا محمد بذكر ربك " الذي خلق " ثم بين الذي خلق فقال .
وهي مكية بإجماع ، وهي أول ما نزل من القرآن ، في قول أبي موسى وعائشة رضي الله عنهما . وهس تسع عشرة آية .
قوله تعالى:" اقرأ باسم ربك الذي خلق"
هذه السورة أول ما نزل من القرآن، في قول معظم المفسرين. نزل بها جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم على حراء، فعلمه خمس آيات من هذه السورة. وقيل: إن أول ما نزل " يا أيها المدثر"، قاله جابر بن عبد الله، وقد تقدم. وقيل: فاتحة الكتاب أول ما نزل، قاله أبو ميسرة الهمداني. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أول ما نزل من القرآن " قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم" [الأنعام:151] والصحيح الأول." قالت عائشة:
أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصادقة، فجاءه الملك فقال: " اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم" " خرجه البخاري وفي الصحيحين عنها قالت .
أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء، يتحنث فيه الليالي ذوات العدد، قيل أن يرجع إلى أهله ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى فجئه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك، فقال: (اقرأ): فقال: ما أنا بقارئ- قال- فأخذني فغطني، حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني)، فقال: (اقرأ) فقلت: (ما أنا بقارئ). فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ من الجهد ثم أرسلني)، فقال (اقرأ) فقلت: (ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني) فقال : " اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم" الحديث بكماله. وقال أبو رجاء العطاردي : وكان أبو موسى الأشعري يطوف علينا في هذا المسجد: مسجد البصرة، فيقعدنا حلقاً، فيقرئنا القرآن، فكأني أنظر إليه بين ثوبين له أبيضين، وعنه أخذت هذه السورة: " اقرأ باسم ربك الذي خلق" وكانت أول سورة أنزلها الله على محمد صلىالله عليه وسلم. وروت عائشة رضي الله عنها أنها أول سورة أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بعدها " ن والقلم " [القلم:1]، ثم بعدها " يا أيها المدثر" [المدثر :1] ثم بعدها (والضحى) ذكره الماوردي. وعن الزهري: أول ما نزل سورة: " اقرأ باسم ربك " - إلى قوله - " ما لم يعلم "، فحزن رسول الله صلىالله عليه وسلم، وجعل يعلو شواهق الجبال، فأتاه جبريل فقال له :(إنك نبي الله) فرجع إلى خديجة وقال:(دثروني وصبوا علي ماء بارداً)، فنزل " يا أيها المدثر" [المدثر:1].
ومعنى" اقرأ باسم ربك " أي اقرأ ما أنزل إليك من القرآن مفتتحاً باسم ربك، وهو أن تذكر التسمية في ابتداء كل سورة. فمحل الباء من (باسم ربك) النصب على الحال. اسم الله. وعلى هذا فالمقروء محذوف، أي اقرأ القرآن، وافتتحه باسم الله، وعلى اسم الله. وعلى هذا فالمقروء، فهو يقول: " اقرأ باسم ربك" أي باسم ربك، والباء زائدة، كقوله تعالى:" تنبت بالدهن" [المؤمنون:20]، وكما قال:
سود المحاجر لا يقرأن بالسور
أراد: لايقرأن السور. وقيل: معنى(اقرأ باسم ربك) أي اذكر اسمه. أمره أن يبتدئ القراءة باسم الله.
تفسير سورة العلق
بسم الله الرحمـن الرحيم
قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: " أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم, فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح, ثم حبب إليه الخلاء فكان يأتي حراء فيتحنث فيه ـ وهو التعبد ـ الليالي ذوات العدد ويتزود لذلك, ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى فاجأه الوحي وهو في غار حراء فجاءه الملك فيه فقال اقرأ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقلت ما أنا بقارىء ـ قال فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ, فقلت: ما أنا بقارىء, فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ, فقلت ما أنا بقارىء, فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال " اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم " قال: فرجع بها ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال: زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال: يا خديجة مالي ؟ وأخبرها الخبر وقال: قد خشيت على نفسي".
فقالت له: كلا أبشر فو الله لا يخزيك الله أبداً, إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف, وتعين على نوائب الحق, ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي وهو ابن عم خديجة أخي أبيها, وكان امرأ قد تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العربي, وكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب, وكان شيخاً كبيراً قد عمي فقالت خديجة: " أي ابن عم اسمع من ابن أخيك. فقال ورقة : ابن أخي ما ترى ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما رأى فقال ورقة: هذا الناموس الذي أنزل على موسى, ليتني فيها جذعاً ليتني أكون حياً حين يخرجك قومك, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو مخرجي هم ؟ فقال ورقة: نعم لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً " .
ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي فترة حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا, حزناً غدا منه مراراً كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال, فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه منه تبدى له جبريل فقال: " يا محمد إنك رسول الله حقاً, فيسكن بذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع, فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك فإذا أوفى بذروة الجبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك " وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من حديث الزهري , وقد تكلمنا على هذا الحديث من جهة سنده ومتنه ومعانيه في أول شرحنا للبخاري مستقصى, فمن أراده فهو هناك محرر ولله الحمد والمنة, فأول شيء نزل من القرآن هذه الايات الكريمات المباركات, وهن أول رحمة رحم الله بها العباد وأول نعمة أنعم الله بها عليهم, وفيها التنبيه على ابتداء خلق الإنسان من علقة, وأن من كرمه تعالى أن علم الإنسان مالم يعلم, فشرفه وكرمه بالعلم وهو القدر الذي امتاز به أبو البشرية آدم على الملائكة, والعلم تارة يكون في الأذهان, وتارة يكون في اللسان, وتارة يكون في الكتابة بالبنان ذهني ولفظي ورسمي والرسمي يستلزمهما من غير عكس, فلهذا قال: " اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم " وفي الأثر: قيدوا العلم بالكتابة, وفيه أيضاً: من عمل بما علم ورثه الله علم مالم يكن يعلم.
ويقال سورة العلق، وهي تسع عشرة آية، وقيل عشرون آية
وهي مكية بلا خلاف، وهي أول ما نزل من القرآن. وأخرج ابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال: أول ما نزل من القرآن "اقرأ باسم ربك الذي خلق". وأخرج ابن أبي شيبة وابن الضريس وابن الأنباري والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن أبي موسى الأشعري قال: "اقرأ باسم ربك الذي خلق" أول سورة أنزلت على محمد. وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي وصححه عن عائشة قالت: إن أول ما نزل من القرآن "اقرأ باسم ربك الذي خلق" ويدل على أن هذه السورة أول ما نزل الحديث الطويل الثابت في البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عائشة، وفيه فجاءه الحق وهو في غار حراء، فقال له اقرأ الحديث، وفي الباب أحاديث وآثار عن جماعة من الصحابة. وقد ذهب الجمهور إلى أن هذه السورة أول ما نزل من القرآن.
قرأ الجمهور 1- "اقرأ" بسكون الهمزة أمراً من القراءة. وقرأ عاصم في رواية عنه بفتح الراء، وكأنه قلب الهمزة ألفاً ثم حذفها للأمر، والأمر بالقراءة يقتضي مقروءاً، فالتقدير: اقرأ ما يوحى إليك، أو ما نزل عليك، أو ما أمرت بقراءته، وقوله: "باسم ربك" متعلق بمحذوف هو حال: أي اقرأ ملتبساً باسم ربك أو مبتدئاً باسم ربك أو مفتتحاً، ويجوز أن تكون الباء زائدة، والتقدير: اقرأ اسم ربك كقول الشاعر:
سود المحاجر لا يقرأن بالسور
قاله أبو عبيدة: وقال أيضاً: الاسم صلة: أي اذكر ربك. وقيل الباء بمعنى على: أي اقرأ على اسم ربك، يقال افعل كذا بسم الله، وعلى اسم الله قاله الأخفش. وقيل الباء للاستعانة: أي مستعيناً باسم ربك، ووصف الرب بقوله: "الذي خلق" لتذكير النعمة لأن الخلق هو أعظم النعم، وعليه يترتب سائر النعم. قال الكلبي: يعني الخلائق.
1- "اقرأ باسم ربك الذي خلق"، أكثر المفسرين: على أن هذه السورة أول سورة نزلت من القرآن، وأول ما نزل خمس آيات من أولها إلى قوله: "ما لم يعلم".
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: "أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء، فيتحنث فيه -وهو التعبد- الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة، فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق، وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ فقال: ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني، فقال: اقرأ فقلت: ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال: " اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم ". فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد، فقال: زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة: مالي؟ وأخبرها الخبر، وقال: لقد خشيت على نفسي، فقالت خديجة: كلا، والله ما يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى -ابن عم خديجة- وكان امرأً تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العربي، فيكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخاً كبيراً قد عمي، فقالت له خديجة: يابن عم، اسمع من ابن أخيك ما يقول، فقال له ورقة: يابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي أنزل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعاً، ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أومخرجي هم؟ قال: نعم لم / يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً، ثم لم يمكث ورقة أن توفي، وفتر الوحي".
وروى محمد بن إسماعيل هذا الحديث في موضع آخر من كتابه، عن يحيى بن بكير بهذا الإسناد، وقال: حدثني عبد الله بن محمد، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر قال الزهري، فأخبرني عروة عن عائشة وذكر الحديث، قال: ""اقرأ باسم ربك الذي خلق" حتى بلغ "ما لم يعلم" وزاد في آخره فقال: وفتر الوحي فترةً حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزناً غدا منه مراراً حتى يتردى من رؤوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه منه، تبدى له جبريل فقال: يا محمد، إنك رسول الله حقاً، فيسكن لذلك جأشه، وتقر نفسه، فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل، فقال له مثل ذلك".
أخبرنا أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي، أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أخبرنا عبد الله بن حامد الوراق أخبرنا مكي بن عبدان، أخبرنا عبد الرحمن بن بشر، حدثنا سفيان عن محمد بن إسحاق، عن الزهري عن عروة عن "عائشة قالت: أول سورة نزلت قوله عز وجل: "اقرأ باسم ربك"".
قال أبو عبيدة: مجازه: اقرأ اسم ربك، يعني أن الباء زائدة، والمعنى: اذكر اسمه، أمر أن يبتدئ القراءة باسم الله تأديباً.
"الذي خلق" قال الكلبي: يعني الخلائق.
1-" اقرأ باسم ربك " أي اقرأ القرآن مفتحاً باسمه سبحانه وتعالى . أو مستعيناً به . " الذي خلق " أي الذي له الخلق أو الذي خلق كل شيء ، ثم أفرد ما هو أشرف وأظهر صنعاً وتدبيراً وأدل على وجوب العبادة المقصودة من القراءة فقال :
Surah 96. Al-Alaq
1. Read: In the name of thy Lord who createth,
SURA 96: 'ALAQ
1 - Proclaim! (or Read!) In the name of thy Lord and Cherisher, who created