[التوبة : 11] فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
11 - (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم) أي فهم إخوانكم (في الدين ونفصِّل) نبين (الآيات لقوم يعلمون) يتدبرون
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: فإن رجع هؤلاء المشركون الذين أمرتكم، أيها المؤمنون، بقتلهم عن كفرهم وشركهم بالله، إلى الإيمان به وبرسوله، وأنابوا إلى طاعته، " وأقاموا الصلاة "، المكتوبة، فأدوها بحدودها، " وآتوا الزكاة "، المفروضة أهلها، " فإخوانكم في الدين "، يقول: فهم إخوانكم في الدين الذي أمركم الله به، وهو الإسلام، " ونفصل الآيات "، يقول: ونبين حجج الله وأدلته على خلقه، " لقوم يعلمون "، ما بين لهم، فنشرحها لهم مفصلة، دون الجهال الذين لا يعقلون عن الله بيانه ومحكم آياته.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين "، يقول: إن تركوا اللات والعزة، وشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، " فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقوم يعلمون ".
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حفص بن غياث، عن ليث ، عن رجل، عن ابن عباس: " فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة "، قال: حرمت هذه الآية دماء أهل القبلة.
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال:قال ابن زيد: افترضت الصلاة والزكاة جميعاً لم يفرق بينهما. وقرأ: " فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين "، وأبى أن يقبل الصلاة إلا بالزكاة. وقال: رحم الله أبا بكر، ما كان أفقهه!.
حدثنا أحمد بن إسحق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا شريك، عن أبي إسحق ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله قال: أمرتم بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ومن لم يزك فلا صلاة له.
وقيل: " فإخوانكم "، فرفع بضمير: ((فهم إخوانكم))، إذ كان قد جرى ذكرهم قبل، كما قال: " فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين " [الأحزاب: 5]، بمعنى: فهم إخوانكم في الدين.
قوله تعالى: "فإن تابوا" أي عن الشرك والتزموا أحكام الإسلام. "فإخوانكم" أي فهم إخوانكم "في الدين". قال ابن عباس: حرمت هذه دماء أهل القبلة. وقد تقدم هذا المعنى. وقال ابن زيد: افترض الله الصلاة والزكاة وأبى أن يفرق بينهما، وأبى أن يقبل الصلاة إلا بالزكاة. وقال ابن مسعود: أمرتم بالصلاة والزكاة فمن لم يزك فلا صلاة له. وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"من فرق بين ثلاث فرق الله بينه وبين رحمته يوم القيامة: من قال أطيع الله ولا أطيع الرسول، والله تعالى يقول: "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول" [النساء:59] ومن قال أقيم الصلاة ولا أوتي الزكاة، والله تعالى يقول: "وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة" [البقرة:43] ومن فرق بين شكر الله وشكر والديه، والله عز وجل يقول: "أن اشكر لي ولوالديك" [لقمان:14]".
قوله تعالى: "ونفصل الآيات" أي نبينها. "لقوم يعلمون" خصهم لأنهم هم المنتفعون بها. والله أعلم.
يقول تعالى ذماً للمشركين وحثاً للمؤمنين على قتالهم "اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً" يعني أنهم اعتاضوا عن اتباع آيات الله بما التهوا به من أمور الدنيا الخسيسة "فصدوا عن سبيله" أي منعوا المؤمنين من اتباع الحق "إنهم ساء ما كانوا يعملون * لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة" تقدم تفسيره وكذا الاية التي بعدها "فإن تابوا وأقاموا الصلاة" إلى آخرها تقدمت. وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا محمد بن المثنى, حدثنا يحيى بن أبي بكر, حدثنا أبو جعفر الرازي, حدثنا الربيع بن أنس قال: سمعت أنس بن مالك يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من فارق الدنيا على الإخلاص لله وعبادته لا يشرك به, وأقام الصلاة وآتى الزكاة فارقها والله عنه راض" وهو دين الله الذي جاءت به الرسل وبلغوه عن ربهم, قبل هرج الأحاديث واختلاف الأهواء وتصديق ذلك في كتاب الله "فإن تابوا" يقول فإن خلعوا الأوثان وعبادتها "وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم" وقال في آية أخرى "فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين" ثم قال البزار: آخر الحديث عندي والله أعلم فارقها وهو عنه راض وباقيه عندي من كلام الربيع بن أنس .
11- "فإن تابوا" عن الشرك والتزموا حكام الإسلام "فإخوانكم" أي فهم إخوانكم "في الدين" أي في دين الإسلام "ونفصل الآيات" أي نبينها ونوضحها "لقوم يعلمون" بما فيها من الأحكام ويفهمونه، وخص أهل العلم لأنهم المنتفعون بها، والمراد بالآيات ما مر من الآيات المتعلقة بأحوال المشركين على اختلاف أنواعهم.
وقد أخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: "إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام" قال: قريش. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مقاتل قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم عاهد أناساً من بني ضمرة بني بكر وكنانة خاصة، عاهدهم عند المسجد الحرام وجعل مدتهم أربعة أشهر، وهم الذين ذكر الله "إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم" يقول: ما وفوا لكم بالعهد ففوا لهم. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: هم بنو جذيمة. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: "إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام" قال: هو يوم الحديبية. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: "إلاً ولا ذمة" قال: الإل القرابة والذمة العهد. وأخرج الفريابي وأبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد قال: الإل الله عزوجل. وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن عكرمة مثله. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: "اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً" قال: أبو سفيان بن حرب أطعم حلفاءه وترك حلفاء محمد صلى الله عليه وسلم، وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: "فإن تابوا" الآية يقول: إن تركوا اللات والعزى وشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فإخوانكم في الدين. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: حرمت هذه الآية قتال أو دماء أهل الصلاة.
11-" فإن تابوا "، من الشرك، " وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم " أي: فهم إخوانكم، " في الدين "، لهم ما لكم وعليهم ما عليكم، " ونفصل الآيات " ونبين الآيات " لقوم يعلمون "، قال ابن عباس: حرمت هذه الآية دماء أهل القبلة. قال ابن مسعود : أمرتهم بالصلاة والزكاة فمن لم يزك فلا صلاة له.
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع ، حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن الزهري ، حدثنا عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو بكر رضي الله عنه بعده، وكفر من كفر من العرب، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبي بكر : كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله "؟ فقال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها. قال عمر رضي الله عنه: فوالله ما هو إلا أن قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق.
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أنبأنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا عمرو بن عباس، حدثنا ابن المهدي، حدثنا منصور بن سعد عن ميمون بن سياه عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا: فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله".
11."فإن تابوا" عن الكفر . " وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين " فهم إخوانكم في الدين لهم مالكم وعليهم ما عليكم . " ونفصل الآيات لقوم يعلمون " اعتراض للحث على تأمل ما فصل من أحكام المعاهدين أو خصال التائبين .
11. But if they repent and establish worship and pay the poor due, then are they your brethren in religion. We detail Our revelations for a people who have knowledge.
11 - But (even so), if they repent, establish regular prayers, and practise regular charity, they are your brethren in faith: (thus) do we explain the signs in detail, for those who understand.