[الفجر : 18] وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ
18 - (ولا تحاضون) أنفسهم أو غيرهم (على طعام) أي إطعام (المسكين)
قوله : " ولا تحاضون على طعام المسكين " .
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأه من أهل المدينة أبو جعفر وعامة قراء الكوفة ( بل لا تكرمون اليتيم ولا تحاضون ) بالتاء أيضاً وفتحها ، وإثبات الألف فيها ، بمعنى : ولا يحض بعضطم بعضاً على طعام المسكين . وقرأ ذلك بعض قراء مكة وعامة قراء المدينة بالتاء وفتحها وحذف الألف ( لا تحضون ) بمعنى : ولا تأمرون بإطعام المسكين . وقراء ذلك عاموة قراء البصرة ( يحضون ) بالياء وحذف الألف ، بمعنى : ولا يكرم القائلون إذا ما ابتلاه رحمه الله به فأكرمه ونعمه ربي أكرمني ، وإذا قدر عليه رزقه ربي أهانني اليتيم ، ( ولا يحضون على طعام المسكين ) وكذلك يقرأ الذين ذكرنا من أهل البصرة ( يكرمون) وسائر الحروف معها بالياء ، على وجه الخبر عن الذين ذكرت . وقد ذكر عن بعضهم أنه قرأ ( تحاضون ) بالتاء وضمها وإثبات الألف ، بمعنى : ولا تحافظون .
والصواب من القول في ذلك عندي : أن هذه قراءات معروفات في قرأة الأمصار ، أعني القراءات الثلاث صحيحات المعنى ، فبأي ذلك قرأ القارئ فمصيب .
قوله تعالى:" ولا تحاضون على طعام المسكين" أي لا يأمرون أهليهم بإطعام مسكين بجيئهم. وقرأ الكوفيون (ولا تحاضون)بفتح التاءين لدلالة الكلام عليها. وهو اختيار أبي عبيد. وروي من الحض، وهو الحث.
يقول تعالى منكراً على الإنسان في اعتقاده إذا وسع الله تعالى عليه في الرزق ليختبره في ذلك, فيعتقد أن ذلك من الله إكرام له وليس كذلك بل هو ابتلاء وامتحان كما قال تعالى: "أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين * نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون" وكذلك في الجانب الاخر إذا ابتلاه وامتحنه وضيق عليه في الرزق يعتقد أن ذلك من الله إهانة له, كما قال الله تعالى: "كلا" أي ليس الأمر كما زعم لا في هذا ولا في هذا, فإن الله تعالى يعطي المال من يحب ومن لا يحب, ويضيق على من يحب ومن لا يحب, وإنما المدار في ذلك على طاعة الله في كل من الحالين: إذا كان غنياً بأن يشكر الله على ذلك وإذا كان فقيراً بأن يصبر, وقوله تعالى: "بل لا تكرمون اليتيم" فيه أمر بالإكرام له كما جاء في الحديث الذي رواه عبد الله بن المبارك عن سعيد بن أبي أيوب عن يحيى بن أبي سليمان عن يزيد بن أبي عتاب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم "خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه, وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه ـ ثم قال بأصبعه ـ أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا".
وقال أبو داود : حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان , أخبرنا عبد العزيز يعني ابن أبي حازم , حدثني أبي عن سهل يعني ابن سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة" وقرن بين أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام, "ولا تحاضون على طعام المسكين" يعني لا يأمرون بالإحسان إلى الفقراء والمساكين ويحث بعضهم على بعض في ذلك "وتأكلون التراث" يعني الميراث "أكلاً لماً" أي من أي جهة حصل لهم ذلك من حلال أو حرام "وتحبون المال حباً جماً" أي كثيراً, زاد بعضهم فاحشاً.
18- " ولا تحاضون على طعام المسكين " قرأ الجمهور " تحاضون " من حضة على كذا: أي أغراه به، ومفعوله محذوف: أي لا تحضون أنفسكم، أو لا يحض بعضكم بعضاً على ذلك ولا يأمر به ولا يرشد إليه، وقرأ الكوفيون "تحاضون" بفتح التاء والحاء بعدها ألف، وأصله تتحاضون، فحذف إحدى التاءين: أي لا يحض بعضكم بعضاً. وقرأ الكسائي في رواية عنه والسلمي "تحاضون" بضم التاء من الحض، وهو الحث، وقوله: "على طعام المسكين" متعلق بتحضون، وهو إما اسم مصدر: أي على إطعام المسكين، أو اسم للمطعوم، ويكون على حذف مضاف: أي على بذل طعام المسكين، أو على إعطاء طعام المسكين.
18- "ولا تحاضون على طعام المسكين"، أي لا تأمرون بإطعامه، قرأ أبو جعفر وأهل الكوفة: "تحاضون" بفتح الحاء وألف بعدها، أي لا يحض بعضكم بعضاً عليه.
18-" ولا تحاضون على طعام المسكين " أي بل فعلهم أسوأ من قولهم وأدل على تهالكهم بالمال وهو أنهم لا يكرمون اليتيم بالنفقة والمبرة ، ولا يحثون أهلهم على طعام المسكين فضلاً عن غيرهم ، وقرأ الكوفيون ولا تحاضون .
18. And urge not on the feeding of the poor,
18 - Nor do ye encourage one another to feed the poor!