[البروج : 15] ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ
15 - (ذو العرش) خالقه ومالكه (المجيد) بالرفع المستحق لكمال صفات العلو
وقوله : " ذو العرش المجيد " يقول تعالى ذكره : ذو العرش الكريم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله " ذو العرش المجيد " يقول : الكريم .
واختلفت القراء في قراءة قوله " المجيد " فقرأته عامة قراء المدينة ومكة والبصرة وبعض الكوفيين رفعاً ، رداً على قوله " ذو العرش " على أنه من صفة الله تعالى ذكره ، وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة خفضاً ، على أنه من صفة العرش .
والصواب من القول في ذلك عندنا : أنهما قراءتان معروفتان ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .
قوله تعالى:"ذو العرش المجيد" قرأ الكوفيون إلا عاصما((المجيد)) بالخفض، نعتاً للعرش. وقيل: لـ((ـربك))، أي أن بطش ربك المجيد لشديد، ولم يمتنع الفصل، لأنه جار مجرى الصفة في التشديد. الباقون بالرفع نعتا لـ((ـذو)) وهو الله تعالى. واختاره أبو عبيد وابو حاتم، لأن المجد هو النهاية في الكرم والفضل، والله سبحانه المنعوت بذلك، وإن كان قد وصف عرشه بالكريم في آخر ((المؤمنون)). تقول العرب: في كل شجر نار، واستمجد المرخ والعفار، أي تناهيا فيه، حتى يقتبس منهما. ومعنى ذو العرش: أي ذو الملك والسلطان، كما يقال: فلان على سرير ملكه، وإن لم يكن على سرير. ويقال: ثل عرشه: أي ذهب سلطانه. وقد مضى بيان هذا في ((الأعراف)) وخاصة في ((كتاب الأسنى، في شرح أسماء الله الحسنى)).
يخبر تعالى عن عباده المؤمنين أن "لهم جنات تجري من تحتها الأنهار" بخلاف ما أعد لأعدائه من الحريق والجحيم, ولهذا قال: "ذلك الفوز الكبير" ثم قال تعالى: "إن بطش ربك لشديد" أي إن بطشه وانتقامه من أعدائه الذين كذبوا رسله وخالفوا أمره لشديد عظيم قوي, فإنه تعالى ذو القوة المتين الذي ما شاء كان كما يشاء في مثل لمح البصر أو هو أقرب, ولهذا قال تعالى: " إنه هو يبدئ ويعيد " أي من قوته وقدرته التامة يبدىء الخلق ويعيده كما بدأه بلا ممانع ولا مدافع "وهو الغفور الودود" أي يغفر ذنب من تاب إليه وخضع لديه ولو كان الذنب من أي شيء كان, والودود قال ابن عباس وغيره: هو الحبيب "ذو العرش" أي صاحب العرش العظيم العالي على جميع الخلائق, والمجيد فيه قراءتان: الرفع على أنه صفة للرب عز وجل, والجر على أنه صفة للعرش وكلاهما معنى صحيح "فعال لما يريد" أي مهما أراد فعله لا معقب لحكمه ولا يسأل عما يفعل لعظمته وقهره وحكمته وعدله كما روينا عن أبي بكر الصديق أنه قيل له وهو في مرض الموت: هل نظر إليك الطبيب ؟ قال: نعم. قالوا فما قال لك ؟ قال: قال لي إني فعال لما أريد.
وقوله تعالى: "هل أتاك حديث الجنود * فرعون وثمود" أي هل بلغك ما أحل الله بهم من البأس وأنزل عليهم من النقمة التي لم يردها عنهم أحد ؟ وهذا تقرير لقوله تعالى: "إن بطش ربك لشديد" أي إذا أخذ الظالم أخذه أخذاً أليماً شديداً أخذ عزيز مقتدر قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا علي بن محمد الطنافسي حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة تقرأ "هل أتاك حديث الجنود" فقام يستمع فقال: "نعم قد جاءني" وقوله تعالى: "بل الذين كفروا في تكذيب" أي هم في شك وريب وكفر وعناد "والله من ورائهم محيط" أي هو قادر عليهم قاهر لا يفوتونه ولا يعجزونه "بل هو قرآن مجيد" أي عظيم كريم "في لوح محفوظ" أي هو في الملأ الأعلى محفوظ من الزيادة والنقص والتحريف والتبديل.
قال ابن جرير : حدثنا عمرو بن علي , حدثنا قرة بن سليمان , حدثنا حرب بن سريج , حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك في قوله تعالى: " بل هو قرآن مجيد * في لوح محفوظ " قال: إن اللوح المحفوظ الذي ذكر الله "بل هو قرآن مجيد * في لوح محفوظ" في جبهة إسرافيل. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا أبو صالح , حدثنا معاوية بن صالح أن أبا الأعبس هو عبد الرحمن بن سلمان قال: ما من شيء قضى الله: القرآن, فما قبله وما بعده إلا وهو في اللوح المحفوظ, واللوح المحفوظ بين عيني إسرافيل لا يؤذن له بالنظر فيه, وقال الحسن البصري : إن هذا القرآن المجيد عند الله في لوح محفوظ ينزل منه ما يشاء على من يشاء من خلقه, وقد روى البغوي من طريق إسحاق بن بشر : أخبرني مقاتل وابن جريج عن مجاهد عن ابن عباس قال: إن في صدر اللوح لا إله إلا الله و حده, دينه الإسلام ومحمد عبده ورسوله, فمن آمن بالله وصدق بوعده واتبع رسله أدخله الجنة, قال: واللوح لوح من درة بيضاء طوله ما بين السماء والأرض, وعرضه ما بين المشرق والمغرب, وحافتاه من الدر والياقوت, ودفتاه ياقوتة حمراء, وقلمه نور, وكلامه معقود بالعرش, وأصله في حجر ملك.
وقال مقاتل : اللوح المحفوظ عن يمين العرش, وقال الطبراني : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة , حدثنا منجاب بن الحارث , حدثنا إبراهيم بن يوسف , حدثنا زياد بن عبد الله عن ليث عن عبد الملك بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى خلق لوحاً محفوظاً من درة بيضاء صفحاتها من ياقوتة حمراء, قلمه نور وكتابه نور, لله فيه في كل يوم ستون وثلاثمائة لحظة, يخلق ويرزق ويميت ويحيي ويعز ويذل ويفعل ما يشاء" آخر تفسير سورة البروج, ولله الحمد والمنة.
قرأ الجمهور 15- "ذو العرش المجيد" برفع المجيد على أنه نعت لذو، واختار هذه القراءة أبو عبيد وأبو حاتم قالا: لأن المجد هو النهاية في الكرم والفضل، والله سبحانه هو المنعوت بذلك. وقرأ الكوفيون إلا عاصماً بالجر على أنه نعت للعرش. وقد وصف سبحانه عرشه بالكرم كما في آخر سورة المؤمنون. وقيل هو نعت لربك، ولا يضر الفصل بينهما لأنها صفات لله سبحانه. وقال مكي: هو خبر بعد خبر، والأول أولى. ومعنى ذو العرش: ذو الملك والسلطان كما يقال: فلان على سرير ملكه، ومنه قول الشاعر:
رأوا عــرشي تــثــلم جـــانــــبــاه فــلـما أن تــثـــلم أفــردوني
وقول الآخر:
إن يقتلونك فقد ثللت عروشــهـم بعتيبـــة بن الحـــــارث بــن شهـــــاب
وقيل المراد خالق العرش.
15- "ذو العرش المجيد"، قرأ حمزة والكسائي: "المجيد" بالجر، على صفة العرش أي السرير العظيم. وقيل: أراد حسنه فوصفه بالمجد كما وصفه بالكرم، فقال: "رب العرش الكريم" (المؤمنون- 116)، ومعناه الكمال، والعرش: أحسن الأشياء وأكملها، وقرأ الآخرون بالرفع على صفة ذو العرش.
15-" ذو العرش " خالفه ، وقيل المراد بـ" العرش " الملك ، وقرئ ذي العرش صفة لـ" ربك " . " المجيد " العظيم في ذاته وصفاته ، فإنه واجب الوجود تام القدرة والحكمة ،وجره حمزة و الكسائي صفه لـ" ربك " ، أو لـ" العرش " ومجده علوه وعظمته .
15. Lord of the Throne of Glory,
15 - Lord of the Throne of Glory,