[المطففين : 24] تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ
24 - (تعرف في وجوههم نضرة النعيم) بهجة التنعم وحسنه
وقوله : " تعرف في وجوههم نضرة النعيم " يقول تعالى ذكره : تعرف في الأبرار الذين وصف الله صفتهم نضرة النعيم ، يعني حسنه وبريقه وتلألؤه .
واختلفت القراء في قراءة قوله " تعرف " فقرأته عامة قراء الأمصار سوى أبي جعفر القارئ " تعرف في وجوههم " بفتح التاء من تعرف على وجه الخطاب " نضرة النعيم " بنصب نضرة ، وقرأ ذلك أبو جعفر ( يعرف ) بضم التاء على وجه ما لم يسم فاعله ، ( في وجوههم نضرة النعيم ) برفع نضرة .
والصواب من القراءة في ذلك عندنا : ما عليه قراء الأمصار ، وذلك فتح التاء من " تعرف " ونصب " نضرة " .
قوله تعالى:" تعرف في وجوههم نضرة النعيم" أي بهجته وغضارته ونوره، يقال: نضر النبات: إذا ازهر ونور. وقراءة العامة((تعرف)) بفتح التاء وكسر الراء((نضرة)) نصباً، أي تعرف يا محمد. وقرأ أبو جعفر بن القعقاع ويعقوب وشيبة وابن أبي إسحاق: ((تعرف)) بضم التاء وفتح الراء على الفعل المجهول ((نضرة)) رفعاً.
يقول تعالى: حقاً "إن كتاب الأبرار" وهم بخلاف الفجار "لفي عليين" أي مصيرهم إلى عليين وهو بخلاف سجين. قال الأعمش عن شمر بن عطية عن هلال بن يساف قال: سأل ابن عباس كعباً وأنا حاضر عن سجين قال: هي الأرض السابعة وفيها أرواح الكفار, وسأله عن عليين فقال: هي السماء السابعة وفيها أرواح المؤمنين, وهكذا قال غير واحد: إنها السماء السابعة, وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: "كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين" يعني الجنة. وفي رواية العوفي عنه أعمالهم في السماء عند الله وكذا قال الضحاك , وقال قتادة : عليون ساق العرش اليمنى, وقال غيره: عليون عند سدرة المنتهى, والظاهر أن عليين مأخوذ من العلو, وكلما علا الشيء وارتفع عظم واتسع, ولهذا قال تعالى معظماً أمره ومفخماً شأنه "وما أدراك ما عليون" ثم قال تعالى مؤكداً لما كتب لهم " كتاب مرقوم * يشهده المقربون " وهم الملائكة قاله قتادة , وقال العوفي عن ابن عباس : يشهده من كل سماء مقربوها.
ثم قال تعالى: "إن الأبرار لفي نعيم" أي يوم القيامة هم في نعيم مقيم وجنات فيها فضل عميم "على الأرائك" وهي السرر تحت الحجال ينظرون قيل: معناه ينظرون في ملكهم وما أعطاهم الله من الخير والفضل الذي لا ينقضي ولا يبيد وقيل: معناه "على الأرائك ينظرون" إلى الله عز وجل, وهذا مقابل لما وصف به أولئك الفجار "كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون" فذكر عن هؤلاء أنهم يباحون النظر إلى الله عز وجل وهم على سررهم وفرشهم, كما تقدم في حديث ابن عمر "إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر في ملكه مسيرة ألفي سنة يرى أقصاه كما يرى أدناه, وإن أعلاهم لمن ينظر إلى الله في اليوم مرتين" وقوله: "تعرف في وجوههم نضرة النعيم" أي تعرف إذا نظرت إليهم في وجوههم نضرة النعيم أي صفة الترافة والحشمة والسرور والدعة والرياسة مما هم فيه من النعيم العظيم.
وقوله تعالى: "يسقون من رحيق مختوم" أي يسقون من خمر من الجنة, والرحيق من أسماء الخمر, قاله ابن مسعود وابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وابن زيد , قال الإمام أحمد : حدثنا حسن , حدثنا زهير عن سعد أبي المجاهد الطائي عن عطية بن سعد العوفي عن أبي سعيد الخدري أراه قد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما مؤمن سقى مؤمناً شربة ماء على ظمأ سقاه الله تعالى يوم القيامة من الرحيق المختوم, وأيما مؤمن أطعم مؤمناً على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة, وأيما مؤمن كسا مؤمناً ثوباً على عري كساه الله من خضر الجنة" وقال ابن مسعود في قوله: "ختامه مسك" أي خلطه مسك, وقال العوفي عن ابن عباس : طيب الله لهم الخمر فكان آخر شيء جعل فيها مسك ختم بمسك, وكذا قال قتادة والضحاك , وقال إبراهيم والحسن ختامه مسك أي عاقبته مسك.
وقال ابن جرير حدثنا ابن حميد , حدثنا يحيى بن وضاح , حدثنا أبو حمزة عن جابر عن عبد الرحمن بن سابط , عن أبي الدرداء "ختامه مسك" قال: شراب أبيض مثل الفضة يختمون به شرابهم, ولو أن رجلاً من أهل الدنيا أدخل أصبعه فيه ثم أخرجها لم يبق ذو روح إلا وجد طيبها, وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد "ختامه مسك" قال: طيبه مسك. وقوله تعالى: "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون" أي وفي مثل هذا الحال فليتفاخر المتفاخرون وليتباهى ويكاثر ويستبق إلى مثله المستبقون, كقوله تعالى: "لمثل هذا فليعمل العاملون", وقوله تعالى: "ومزاجه من تسنيم" أي: ومزاج هذا الرحيق الموصوف من تسنيم أي من شراب يقال له تسنيم, وهو أشرف شراب أهل الجنة وأعلاه, قاله أبو صالح والضحاك , ولهذا قال: "عيناً يشرب بها المقربون" أي يشربها المقربون صرفاً وتمزج لأصحاب اليمين مزجاً, قاله ابن مسعود وابن عباس ومسروق وقتادة وغيرهم.
24- "تعرف في وجوههم نضرة النعيم" أي إذا رأيتهم عرفت أنهم من أهل النعمة لما تراه في وجوههم من النور والحسن والبياض والبهجة والرونق، والخطاب لكل راء يصلح لذلك، يقال أنضر النبات: إذا أزهر ونور. قال عطاء: وذلك أن الله زاد في جمالهم وفي ألوانهم ما لا يصفه واصف. قرأ الجمهور "تعرف" بفتح الفوقية وكسر الراء، ونصب "نضرة"، وقرأ أبو جعفر بن القعقاع ويعقوب وشيبة وطلحة وابن أبي إسحاق بضم الفوقية وفتح الراء على البناء للمفعول، ورفع "نضرة" بالنيابة.
24- "تعرف في وجوههم نضرة النعيم"، إذا رأيتهم عرفت أنهم من أهل النعمة مما ترى في وجوههم من النور والحسن والبياض، قال الحسن: النضرة في الوجه والسرور في القلب، قرأ أبو جعفر ويعقوب: "تعرف" بضم التاء وفتح الراء على غير تسمية الفاعل "نضرة" رفع، وقرأ الباقون بفتح التاء وكسر الراء، "نضرة" نصب.
24-" تعرف في وجوههم نضرة النعيم " بهجة التنعم وبريقه ، وقرأ يعقوب تعرف على البناء للمفعول و نضرة بالرفع .
24. Thou wilt know in their faces the radiance of delight
24 - Thou wilt recognize in their Faces the beaming brightness of Bliss.