[الأنفال : 56] الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ
56 - (الذين عاهدت منهم) أن لا يعينوا المشركين (ثم ينقضون عهدهم في كل مرة) عاهدوا فيها (وهم لا يتقون) الله في غدرهم
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: " إن شر الدواب عند الله الذين كفروا "، " الذين عاهدت منهم "، يا محمد، يقول: أخذت عهودهم ومواثيقهم أن لا يحاربوك، ولا يظاهروا عليك محارباً لك، كقريظة ونظرائهم ممن كان بينك وبينهم عهد وعقد، " ثم ينقضون "، عهودهم ومواثيقهم كلما عاهدوك وواثقوك، حاربوك وظاهروا عليك، وهم لا يتقون الله، ولا يخافون في فعلهم ذلك أن يوقع بهم وقعة تجتاحهم وتهلكهم، كالذي:
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: " الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم "، قال: قريظة، مالأوا على محمد يوم الخندق أعداءه.
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، نحوه.
ثم وصفهم فقال: "الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون" أي لا يخافون الانتقام. ومن في قوله منهم للتبعيض، لأن العهد إنما كان يجري مع أشرافهم ثم ينقضونه. والمعني بهم قريظة والنضير، في قول مجاهد وغيره. نقضوا العهد فأعانوا مشركي مكة بالسلاح، ثم اعتذروا فقالوا: نسينا، فعاهدهم عليه السلام ثانية فنقضوا يوم الخندق.
أخبر تعالى: أن شر ما دب على وجه الأرض هم الذين كفروا فهم لا يؤمنون, الذين كلما عاهدوا عهداً نقضوه, وكلما أكدوه بالأيمان نكثوه, "وهم لا يتقون" أي لا يخافون من الله في شيء ارتكبوه من الاثام, "فإما تثقفنهم في الحرب" أي تغلبهم وتظفر بهم في حرب, "فشرد بهم من خلفهم" أي نكل بهم, قاله ابن عباس والحسن البصري والضحاك والسدي وعطاء الخراساني وابن عيينة, ومعناه غلظ عقوبتهم وأثخنهم قتلاً, ليخاف من سواهم من الأعداء من العرب وغيرهم, ويصيروا لهم عبرة, "لعلهم يذكرون" وقال السدي: يقول: لعلهم يحذرون أن ينكثوا فيصنع بهم مثل ذلك .
قوله: 56- "الذين عاهدت منهم" بدل من الذين كفروا أو عطف بيان أو في محل نصب على الذم. والمعنى: أن هؤلاء الكافرين الذين هم شر الدواب عند الله هم هؤلاء الذين عاهدت منهم: أي أخذت منهم عهدهم "ثم" هم "ينقضون عهدهم" الذي عاهدتم "في كل مرة" من مرات المعاهدة "و" الحال أنـ " وهم لا يتقون " النقض ولا يخافون عاقبته ولا يتجنبون أسبابه، وقيل إن من في قوله: "منهم" للتبعيض، ومفعول عاهدت محذوف: أي الذين عاهدتهم، وهم بعض أولئك الكفرة: يعني الأشراف منهم، وعطف المستقبل وهو ثم ينقضون على الماضي، وهو عاهدت للدلالة على استمرار النقض منهم، وهؤلاء هم قريظة عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يعينوا الكفار فلم يفوا بذلك كما سيأتي.
56 - " الذين عاهدت منهم " ، يعني عاهدتهم وقيل : أي : عاهدت معهم . وقيل أدخل ( من ) لأن معناه: أخذت منهم العهد ، " ثم ينقضون عهدهم في كل مرة " ، وهم بنو قريظة ،نقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأعانوا المشركين بالسلاح على قتال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ثم قالوا : نسينا وأخطأنا فعاهدهم الثانية ، فنقضوا العهد ومالؤوا الكفار على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق ، وركب كعب بن الأشرف إلى مكة ، فوافقهم على مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم ، " وهم لا يتقون " ، لا يخافون الله تعالى في نقض العهد .
56."الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة " بدل من الذين كفروا بدل البعض للبيان والتخصيص ،وهم يهود قريظة عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لا يمالئوا عليه فأعانوا المشركين بالسلاح وقالوا : نسينا ثم عاهدهم فنكثوا و مالؤوهم عليه يوم الخندق، وركب كعب بن الأشرف إلى مكة فحالفهم. ومن لتضمين المعاهدة معنى الأخذ والمراد بالمرة مرة العاهدة او المحاربة . " وهم لا يتقون " سبة الغدر ومغبته أو لا يتقون الله فيه أو نصره للمؤمنين وتسليطه إياهم عليهم .
56. Those of them with whom thou madest a treaty, and, then at every opportunity they break their treaty, and they keep not duty (to Allah).
56 - They are those with whom thou didst make a covenant, but they break their covenant every time, and they have not the fear (of God).