[الأنفال : 22] إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ
22 - (إن شر الدواب عند الله الصم) عن سماع الحق (البكم) عن النطق به (الذين لا يعقلون)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إن شر ما دب على الأرض من خلق الله عند الله، الذين يصغون عن الحق لئلا يستمعوه، فيعتبروا به ويتعظوا به، وينكصون عنه إن نطقوا به، الذين لا يعقلون عن الله أمره ونهيه، فيستعملوا بهما أبدانهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك: حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " إن شر الدواب عند الله "، قال: " الدواب "، الخلق.
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج ، عن عكرمة قال: وكانوا يقولون: ((إنا صم بكم عما يدعوا إليه محمد، لا نسمعه منه، ولا نجيبه به بتصديق!)) فقتلوا جميعاً بأحد، وكانوا أصحاب اللواء.
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : " الصم البكم الذين لا يعقلون "، قال: الذين لا يتبعون الحق.
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون "، وليس بالأصم في الدنيا ولا بالأبكم، ولكن صم القلوب وبكمها وعميها! وقرأ: " فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور "، [الحج: 46].
واختلف فيمن عني بهذه الآية.
فقال بعضهم: عني بها نفر من المشركين.
ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: قال ابن عباس: " الصم البكم الذين لا يعقلون "، نفر من بني عبد الدار، لا يتبعون الحق.
... قال، حدثنا إسحق قال، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: " الصم البكم الذين لا يعقلون "، قال: لا يتبعون الحق، قال، قال ابن عباس: هم نفر من بني عبد الدار.
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، نحوه.
وقال آخرون: عني بها المنافقون.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحق : " إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون "، أي: المنافقون الذين نهيتكم أن تكونوا مثلهم، بكم عن الخير، صم عن الحق، لا يعقلون، لا يعرفون ما عليهم في ذلك من النقمة والتباعة.
قال أبو جعفر:وأولى القولين في ذلك بالصواب، قول من قال بقول ابن عباس: وأنه عني بهذه الآية مشركو قريش، لأنها في سياق الخبر عنهم.
ثم أخبر تعالى أن الكفار شر ما دب على الأرض. وفي البخاري عن ابن عباس "إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون" قال: هم نفر من بني عبد الدار. والأصل أشر، حذفت الهمزة لكثرة الاستعمال. وكذا خير، الأصل أخير.
يأمر تعالى عباده المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله ويزجرهم عن مخالفته والتشبه بالكافرين به المعاندين له ولهذا قال "ولا تولوا عنه" أي تتركوا طاعته وامتثال أوامره وترك زواجره "وأنتم تسمعون" أي بعد ما علمتم ما دعاكم إليه "ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون" قيل: المراد المشركون واختاره ابن جرير, وقال ابن إسحاق هم المنافقون فإنهم يظهرون أنهم قد سمعوا واستجابوا وليسوا كذلك, ثم أخبر تعالى أن هذا الضرب من بني آدم شر الخلق والخليقة فقال "إن شر الدواب عند الله الصم" أي عن سماع الحق "البكم" عن فهمه ولهذا قال "الذين لا يعقلون" فهؤلاء شر البرية لأن كل دابة مما سواهم مطيعة لله فيما خلقها له وهؤلاء خلقوا للعبادة فكفروا, ولهذا شبههم بالأنعام في قوله "ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء" الاية, وقال في الاية الأخرى "أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون" وقيل المراد بهؤلاء المذكورين نفر من بني عبد الدار من قريش روي عن ابن عباس ومجاهد واختاره ابن جرير. وقال محمد بن إسحاق هم المنافقون, قلت: ولا منافاة بين المشركين والمنافقين في هذا لأن كلاً منهم مسلوب الفهم الصحيح والقصد إلى العمل الصالح, ثم أخبر تعالى بأنهم لا فهم لهم صحيح ولا قصد لهم صحيح لو فرض أن لهم فهماً فقال "ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم" أي لأفهمهم وتقدير الكلام ولكن لا خير فيهم فلم يفهمهم لأنه يعلم أنه "ولو أسمعهم" أي أفهمهم "لتولوا" عن ذلك قصداً وعناداً بعد فهمهم ذلك "وهم معرضون" عنه .
ثم أخبر سبحانه بـ 22- "إن شر الدواب" أي ما دب على الأرض "عند الله" أي في حكمه "الصم البكم" أي الذين لا يسمعون ولا ينطقون، وصفوا بذلك مع كونهم ممن يسمع وينطق لعدم انتفاعهم بالسمع والنطق "الذين لا يعقلون" ما فيه النفع لهم فيأتونه، وما فيه الضرر عليهم فيجتنبونه فهم شر الدواب عند الله، لأنها تميز بعض تمييز، وتفرق بين ما ينفعها ويضرها.
22- قوله تعالى: " إن شر الدواب عند الله " ، أي : شر من دب على وجه الأرض { من خلق الله } " الصم البكم " ، عن الحق فلا يسمعونه ولا يقولونه ، " الذين لا يعقلون " أمر الله عز وجل ، سماهم " دواب " لقلة انتفاعهم بعقولهم ،كما قال تعالى : " أولئك كالأنعام بل هم أضل " ( الأعراف - 179 ) قال ابن عباس : هم نفر من بني عبد الدار بني قصي ، كانوا يقولون :نحن صم بكم عمي عما جاء به محمد ، فقتلوا جميعاً بأحد ، وكانوا أصحاب اللواء لم يسلم منهم إلا رجلان مصعب بن عمير وسويبط بن حرملة .
22. " إن شر الدواب عند الله " شر ما يدب على الأرض ، أو شر البهائم . " الصم " عن الحق . " البكم الذين لا يعقلون" إياه ، عدهم من البهائم ثم جعلهم شرها لإبطالهم ما ميزوا به وفضلوا لأجله .
22. Lo! the worst of beasts in Allah's sight are the deaf, the dumb, who have no sense.
22 - For the worst of beasts in the sight of God are the deaf and the dumb, those who understand not.