[الأنفال : 21] وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ
21 - (ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون) سماع تدبر واتعاظ وهم المنافقون أو المشركون
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره للمؤمنين بالله ورسوله من أصحاب نبي الله صلى الله عليه وسلم: لا تكونوا، أيها المؤمنين، في مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كالمشركين الذين إذا سمعوا كتاب الله يتلى عليهم قالوا: ((قد سمعنا))، بآذاننا، " وهم لا يسمعون "، يقول: وهم لا يعتبرون ما يسمعون بآذانهم ولا ينتفعون به، لإعراضهم عنه، وتركهم أن يوعوه قلوبهم ويتدبروه. فجعلهم الله، إذ لم ينتفعوا بمواعظ القرآن وإن كانوا قد سمعوها بآذانهم، بمنزلة من لم يسمعها. يقول جل ثناؤه لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تكونوا أنتم في الإعراض عن أمر رسول الله، وترك الانتهاء إليه وأنتم تسمعونه بآذانكم، كهؤلاء المشركين الذين يسمعون مواعظ كتاب الله بآذانهم، ويقولون: ((قد سمعنا))، وهم عن الاستماع لها والاتعاظ بها معرضون كمن لا يسمعها.
وكان ابن إسحق يقول في ذلك ما:
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحق : " ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون "، أي: كالمنافقين الذين يظهرون له الطاعة، ويسرون المعصية.
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: " وهم لا يسمعون "، قال: عاصون.
حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ، مثله.
قال أبو جعفر: وللذي قال ابن إسحق وجه، ولكن قوله: " ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون "، في سياق قصص المشركين، ويتلوه الخبر عنهم بذمهم، وهو قوله: " إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون "، فلأن يكون ما بينهما خبراً عنهم، أولى من أن يكون خبراً عن غيرهم.
قوله تعالى: "ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا" أي كاليهود أو المنافقين أو المشركين. وهو من سماع الأذن. "وهم لا يسمعون" أي لا يتدبرون ما سمعوا، ولا يفكرون فيه، فهم بمنزلة من لم يسمع وأعرض عن الحق. نهى المؤمنين أن يكونوا مثلهم. فدلت الآية على أن قول المؤمن: سمعت وأطعت، لا فائدة فيه ما لم يظهر أثر ذلك عليه بامتثال فعله. فإذا قصر في الأوامر فلم يأتها، واعتمد النواهي فاقتحمها فأي سمع عنده وأي طاعة! وإنما يكون حينئذ بمنزلة المنافق الذي يظهر الإيمان، ويسر الكفر، وذلك هو المراد بقوله: "ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون". يعني بذلك المنافقين، أو اليهود أو المشركين، على ما تقدم.
يأمر تعالى عباده المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله ويزجرهم عن مخالفته والتشبه بالكافرين به المعاندين له ولهذا قال "ولا تولوا عنه" أي تتركوا طاعته وامتثال أوامره وترك زواجره "وأنتم تسمعون" أي بعد ما علمتم ما دعاكم إليه "ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون" قيل: المراد المشركون واختاره ابن جرير, وقال ابن إسحاق هم المنافقون فإنهم يظهرون أنهم قد سمعوا واستجابوا وليسوا كذلك, ثم أخبر تعالى أن هذا الضرب من بني آدم شر الخلق والخليقة فقال "إن شر الدواب عند الله الصم" أي عن سماع الحق "البكم" عن فهمه ولهذا قال "الذين لا يعقلون" فهؤلاء شر البرية لأن كل دابة مما سواهم مطيعة لله فيما خلقها له وهؤلاء خلقوا للعبادة فكفروا, ولهذا شبههم بالأنعام في قوله "ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء" الاية, وقال في الاية الأخرى "أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون" وقيل المراد بهؤلاء المذكورين نفر من بني عبد الدار من قريش روي عن ابن عباس ومجاهد واختاره ابن جرير. وقال محمد بن إسحاق هم المنافقون, قلت: ولا منافاة بين المشركين والمنافقين في هذا لأن كلاً منهم مسلوب الفهم الصحيح والقصد إلى العمل الصالح, ثم أخبر تعالى بأنهم لا فهم لهم صحيح ولا قصد لهم صحيح لو فرض أن لهم فهماً فقال "ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم" أي لأفهمهم وتقدير الكلام ولكن لا خير فيهم فلم يفهمهم لأنه يعلم أنه "ولو أسمعهم" أي أفهمهم "لتولوا" عن ذلك قصداً وعناداً بعد فهمهم ذلك "وهم معرضون" عنه .
21- "ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا" وهم المشركون أو المنافقون أو اليهود أو الجميع من هؤلاء، فإنهم يسمعون بآذانهم من غير فهم ولا عمل، فهم كالذي لم يسمع أصلاً لأنه لم ينتفع بما سمعه.
21- " ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون " ، أي : يقولون بألسنتهم سمعنا بآذاننا وهم لا يسمعون ،أي لا يتعظون ولا ينتفعون بسماعهم فكأنهم لم يسمعوا .
21. " ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا " كالكفرة والمنافقين الذين ادعو السماع ." وهم لا يسمعون " سماعاً ينتفعون به فكأنهم لا يسمعون رأساً .
21. Be not as those who say, We hear, and they hear not.
21 - Nor be like those who say, we hear, but listen not: