[النازعات : 45] إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا
45 - (إنما أنت منذر) إنما ينفع إنذارك (من يخشاها) يخافها
وقوله : " إنما أنت منذر من يخشاها " يقول تعالى ذكره لمحمد : إنما أنت رسول مبعوث بإنذار الساعة من يخاف عقاب الله فيها على إجرامه ، ولم تكلف علم وقت قيامها ، يقول : فدع ما لم تكلف علمه ، واعمل بما أمرت به ، من إنذار من أمرت بإنذاره .
واختلف القراء في قراءة قوله " منذر من يخشاها " فكان أبو جعفر القارئ و ابن محيصن يقرآن ( منذر ) بالتنوين ، بمعنى : أنه منذر من يخشاها ، وقرأ ذلك سائر قراء المدينة ومكة والكوفة والبصرة بإضافة " منذر " إلى من .
والصواب من القول في ذلك عندي : أنهما قراءتان معروفتان فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .
قوله تعالى:" إنما أنت منذر من يخشاها" . أي مخوف، وخص الإنذار بمن يخشى، لأنهم المنتفعون به، إن كان منذراً لكل مكلف، وهو كقوله تعالى: " إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب" [ يس:11] وقراءة العامة((منذر)) بالإضافة غير منون، طلب التخفيف، وإلا فأصله التنوين، لأنه للمستقبل وإنما لا ينون في الماضي. قال الفراء: يجوز التنوين وتركه، كقوله تعالى: بلاغ أمره [الطلاق:3] و" بالغ أمره" و " موهن كيد الكافرين" [ الأنفال :18] و((موهن كيد الكافرين)) والتنوين هو الأصل، وبه قرأ أبو جعفر وشيبة والأعرج وابن محيصن وحميد وعياش عن أبي عمرو ((منذر)) منونا، وتكون في موضع نصب، والمعنى نصب، إنما ينتفع بإنذارك من يخشى الساعة. وقال أبو على : يجوز أن تكون الإضافة للماضي، نحو ضارب زيد أمس، لأنه قد فعل الإنذار، الآية رد على من قال: أحوال الآخرة غير محسوسة، وإنما هي راحة الروح أو تألمها من غير حس.
يقول تعالى: "فإذا جاءت الطامة الكبرى" وهو يوم القيامة, قاله ابن عباس سميت بذلك لأنها تطم على كل أمر هائل مفظع كما قال تعالى: "والساعة أدهى وأمر" "يوم يتذكر الإنسان ما سعى" أي حينئذ يتذكر ابن آدم جميع عمله خيره وشره كما قال تعالى: "يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى" "وبرزت الجحيم لمن يرى" أي أظهرت للناظرين فرآها الناس عياناً "فأما من طغى" أي تمرد وعتا "وآثر الحياة الدنيا" أي قدمها على أمر دينه وأخراه "فإن الجحيم هي المأوى" أي فإن مصيره إلى الجحيم وإن مطعمه من الزقوم ومشربه من الحميم "وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى" أي خاف القيام بين يدي الله عز وجل وخاف حكم الله فيه ونهى نفسه عن هواها وردها إلى طاعة مولاها "فإن الجنة هي المأوى" أي منقلبه ومصيره ومرجعه إلى الجنة الفيحاء ثم قال تعالى: " يسألونك عن الساعة أيان مرساها * فيم أنت من ذكراها * إلى ربك منتهاها " أي ليس علمها إليك ولا إلى أحد من الخلق بل مردها ومرجعها إلى الله عز وجل, فهو الذي يعلم وقتها على التعيين "ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله" وقال ههنا "إلى ربك منتهاها" ولهذا لما سأل جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت الساعة قال: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل".
وقوله تعالى: "إنما أنت منذر من يخشاها" أي إنما بعثتك لتنذر الناس وتحذرهم من بأس الله وعذابه فمن خشي الله وخاف مقامه ووعيده اتبعك فأفلح وأنجح, والخيبة والخسار على من كذبك وخالفك. وقوله تعالى: "كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها" أي إذا قاموا من قبورهم إلى المحشر يستقصرون مدة الحياة الدنيا حتى كأنها عندهم كانت عشية من يوم أو ضحى من يوم, وقال جويبر عن الضحاك عن ابن عباس "كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها" أما عشية فما بين الظهر إلى غروب الشمس "أو ضحاها" ما بين طلوع الشمس إلى نصف النهار, وقال قتادة : وقت الدنيا في أعين القوم حين عاينوا الاخرة. آخر تفسير سورة النازعات, و لله الحمد والمنة.
45- "إنما أنت منذر من يخشاها" أي مخوف لمن يخشى قيام الساعة، وذلك وظيفتك ليس عليك غيره من الإخبار بوقت قيام الساعة ونحوه مما استأثر الله بعلمه، وخص الإنذار بمن يخشى، لأنهم المنتفعون بوقت قيام الساعة ونحوه مما استأثر الله بعلمه، وخص الإنذار بمن يخشى، لأنهم المنتفعون بالإنذار وإن كان منذراً لكل مكلف من مسلم وكافر. قرأ الجمهور بإضافة "منذر" إلى ما بعده. وقرأ عمر بن عبد العزيز وأبو جعفر وطلحة وابن محيصن وشيبة والأعرج وحميد بالتنوين، ورويت هذه القراءة عن أبي عمرو. قال الفراء: والتنوين وتركه في منذر صواب كقوله: "بالغ أمره" و" موهن كيد الكافرين ". قال أبو علي الفارسي: يجوز أن تكون الإضافة للماضي، نحو ضارب زيد أمس.
45- "إنما أنت منذر من يخشاها"، قرأ أبو جعفر: "منذر" بالتنوين أي إنما أنت مخوف من يخاف قيامها، أي: إنما ينفع إنذارك من يخافها.
45-" إنما أنت منذر من يخشاها " إنما بعثت لإنذار من يخاف هولها ،وهو لا يناسب تعيين الوقت وتخصيص من يخشى لأنه المنتفع به ، وعن أبي عمرو ومنذر بالتنوين والإعمال على الأصل لأنه بمعنى الحال .
45. Thou art but a warner unto him who feareth it.
45 - Thou art but a Warner for such as fear it.