[النازعات : 28] رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا
28 - (رفع سمكها) تفسير لكيفية البناء أي جعل سمتها في جهة العلو رفيعا وقيل سمكها سقفها (فسواها) جعلها مستوية بلا عيب
وقوله : " رفع سمكها فسواها " يقول تعالى ذكره : فسوى السماء ، فلا شيء أرفع من شيء ، ولا شيء أخفض من شيء ، ولكن جميعها مستوي الارتفاع والامتداد .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله " رفع سمكها فسواها " يقول : رفع بناءها فسواها .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " رفع سمكها فسواها " قال : رفع بناءها بغير عمد .
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله " رفع سمكها " يقول : بنيانها .
قوله تعالى:" رفع سمكها" أي أعلى سقفها في الهواء، يقال: سمكت الشيء أي رفعته في الهواء، وسمك الشيء سموكاً: ارتفع . وقال الفراء: كل شيء حمل شيئاً من البناء وغيره فهو سمك. وبناء مسموك وسنام سامك تامك أي عال، والمسموكات: السموات. ويقال: اسمك في الديم ، أي اصعد في الدرجة.
قوله تعالى" فسواها" أي خلقها خلقاً مستوياً، لا تفاوت فيه، ولا شقوق، ولا فطور.
يقول تعالى محتجاً على منكري البعث في إعادة الخلق بعد بدئه: "أأنتم" أيها الناس "أشد خلقاً أم السماء" يعني بل السماء أشد خلقاً منكم, كما قال تعالى: "لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس" وقال تعالى: " أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم " وقوله تعالى: "بناها" فسره بقوله: "رفع سمكها فسواها" أي جعلها عالية البناء بعيدة الفناء مستوية الأرجاء مكللة بالكواكب في الليلة الظلماء, وقوله تعالى: "وأغطش ليلها وأخرج ضحاها" أي جعل ليلها مظلماً أسود حالكاً ونهارها مضيئاً مشرقاً نيراً واضحاً , وقال ابن عباس : أغطش ليلها أظلمه, وكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وجماعة كثيرون "وأخرج ضحاها" أي أنار نهارها. وقوله تعالى: "والأرض بعد ذلك دحاها" فسره بقوله تعالى: "أخرج منها ماءها ومرعاها" وقد تقدم في سورة حم السجدة أن الأرض خلقت قبل خلق السماء ولكن إنما دحيت بعد خلق السماء, بمعنى أنه أخرج ما كان فيها بالقوة إلى الفعل, وهذا معنى قول ابن عباس وغير واحد واختاره ابن جرير . وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي , حدثنا عبيد الله يعني ابن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن المنهال بن عمرو , عن سعيد بن جبير , عن ابن عباس "دحاها" ودحيها أن أخرج منها الماء والمرعى وشقق فيها الأنهار, وجعل فيها الجبال والرمال والسبل والاكام, فذلك قوله: "والأرض بعد ذلك دحاها" وقد تقدم تقرير ذلك هنالك.
وقوله تعالى: "والجبال أرساها" أي قررها وأثبتها وأكدها في أماكنها وهو الحكيم العليم, الرؤوف بخلقه الرحيم. وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون , أخبرنا العوام بن حوشب عن سليمان بن أبي سليمان عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لما خلق الله الأرض جعلت تميد فخلق الجبال فألقاها عليها فاستقرت فتعجبت الملائكة من خلق الجبال فقالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الجبال ؟ قال نعم: الحديد, قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الحديد ؟ قال نعم: النار, قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من النار, قال: نعم الماء, قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الماء ؟ قال: نعم الريح, قالت يا رب فهل من خلقك شيء أشد من الريح ؟ قال: نعم, ابن آدم يتصدق بيمينه يخفيها عن شماله" وقال أبو جعفر بن جرير : حدثنا ابن حميد حدثنا جرير عن عطاء عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال: لما خلق الله الأرض قمصت وقالت تخلق علي آدم وذريته يلقون علي نتنهم ويعلون علي بالخطايا, فأرساها الله بالجبال فمنها ما ترون ومنها ما لا ترون, وكان أول قرار الأرض كلحم الجزور إذا نحر يختلج لحمه. غريب جداً. وقوله تعالى: "متاعاً لكم ولأنعامكم" أي دحا الأرض فأنبع عيونها, وأظهر مكنونها, وأجرى أنهارها, وأنبت زروعها وأشجارها وثمارها. وثبت جبالها لتستقر بأهلها ويقر قرارها, كل ذلك متاعاً لخلقه ولما يحتاجون إليه من الأنعام التي يأكلونها ويركبونها مدة احتياجهم إليها في هذا الدار, إلى أن ينتهي الأمد وينقضي الأجل.
فقوله: 28- "رفع سمكها" بيان للبناء، يقال سمكت الشيء: أي رفعته في الهواء وسمك الشيء سموكا: ارتفع. قال الفراء: كل شيء حمل شيئاً من البناء أو غيره فهو سمك، وبناء مسموك وسنام سامك: أي عال. والسموكات: السموات: ومنه قول الفرزدق:
إن الذي سمك السماء بنى لنا بيتاً دعائمه أعز وأطول
قال البغوي: رفع سمكها: أي سقفها. قال الكسائي والفراء والزجاج: تم الكلام عند قوله: "أم السماء بناها" لأنه من صلة السماء، والتقدير: أم السماء التي بناها، فحذف التي، ومثل هذا الحذف جائز. ومعنى "فسواها" فجعلها مستوية الخلق معدلة الشكل لا تفاوت فيها ولا اعوجاج ولا فطور ولا شقوق.
28- "رفع سمكها"، سقفها "فسواها"، بلا شطور ولا شقوق ولا فطور.
28-" رفع سمكها " أي جعل مقدار ارتفاعها من الأرض أو ثخنها لذاهب في العلو رفيعاً . " فسواها " فعدلها أو فجعلها مستوية ، أو فتممها بما يتم به كمالها من الكواكب والتداوير وغيرها من قولهم : سوى فلان أمره إذا أصلحه .
28. He raised the height thereof and ordered it;
28 - On high hath He raised its canopy, and He hath given it order and perfection.