[النازعات : 16] إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى
16 - (إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى) اسم الوادي بالتنوين وتركه فقال
وكذلك بينا معنى قوله " طوى " وما قال فيه أهل التأويل ، غير أنا نذكر بعض ذلك هاهنا .
وقد اختلف أهل التأويل في قوله " طوى " فقال بعضهم : هو اسم الوادي .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " طوى " اسم الوادي .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " إنك بالواد المقدس طوى " [ طه : 12 ] ، قال : اسم الوادي المقدس طوى .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى " كنا نحدث أنه قدس مرتين ، واسم الوادي طوى .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : طأ الأرض حافياً .
ذكر بعض من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن جريج ، عن مجاهد " إنك بالواد المقدس طوى " قال : طأ الأرض بقدمك .
وقال آخرون : بل معنى ذلك أن الوادي قدس طوى ، أي مرتين ، وقد بينا ذلك كله ووجوهه فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع ، وقرأ ذلك الحسن بكسر الطاء ، وقال : بثت فيه البركة والتقديس مرتين .
حدثنا بذلك أحمد بن يوسف ، قال : ثنا القاسم : ثنا هشيم ، عن عوف ، عن الحسن .
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة (( طوى )) بالضم ولم يجروه ، وقرأ ذلك بعض أهل الشام والكوفة " طوى " بضم الطاء والتنوين .
وفي ((طوى)) ثلاث قراءات: قرأ ابن محيصن وابن عامر والكوفيون((طوى)) منونا واختاره أبو عبيد لخفة الاسم. الباقون بغير تنوين، لأنه معدول مثل عمر وقثم، قال الفراء: طوى: واد بين المدينة ومصر. قال: وهو معدول عن طاو، كما عدل عمر عن عامر. وقرأ الحسن وعكرمة((طوى)) بكسر الطاء، وروي عن أبي عمرو، على معنى المقدس مرة بعد مرة، قاله الزجاج، وأنشد:
أعاذل إن اللوم في غير كنهه علي طوى من غيك المتردد
أي هو لوم مكرر علي. وقيل : ضم الطاء وكسرها لغتان، وقد مضى في ((طه)) القول فيه.
يخبر تعالى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم عن عبده ورسوله موسى عليه السلام أنه ابتعثه إلى فرعون, وأيده الله بالمعجزات, ومع هذا استمر على كفره وطغيانه حتى أخذه الله أخذ عزيز مقتدر, وكذلك عاقبة من خالفك وكذب بما جئت به, ولهذا قال في آخر القصة: "إن في ذلك لعبرة لمن يخشى" فقوله تعالى: "هل أتاك حديث موسى" أي هل سمعت بخبره "إذ ناداه ربه" أي كلمه نداء "بالواد المقدس" أي المطهر "طوى" وهو اسم الوادي على الصحيح كما تقدم في سورة طه, فقال له: "اذهب إلى فرعون إنه طغى" أي تجبر وتمرد وعتا "فقل هل لك إلى أن تزكى" أي قل له هل لك أن تجيب إلى طريقة ومسلك تزكى به وتسلم وتطيع "وأهديك إلى ربك" أي أدلك إلى عبادة ربك "فتخشى" أي فيصير قلبك خاضعاً له مطيعاً خاشعاً بعدما كان قاسياً خبيثاً بعيداً من الخير " فأراه الآية الكبرى " يعني فأظهر له موسى مع هذه الدعوة الحق حجة قوية ودليلاً واضحاً على صدق ما جاءه به من عند الله "فكذب وعصى" أي فكذب بالحق وخالف ما أمره به من الطاعة, وحاصله أنه كفر بقلبه فلم ينفعل لموسى بباطنه ولا بظاهره وعلمه بأن ما جاء به حق لا يلزم منه أنه مؤمن به, لأن المعرفة علم القلب والإيمان عمله وهو الانقياد للحق والخضوع له.
وقوله تعالى: "ثم أدبر يسعى" أي في مقابلة الحق بالباطل وهو جمعه السحرة ليقابلوا ما جاء به موسى عليه السلام من المعجزات الباهرات "فحشر فنادى" أي في قومه "فقال أنا ربكم الأعلى" قال ابن عباس ومجاهد : وهذه الكلمة قالها فرعون بعد قوله ما علمت لكم من إله غيري بأربعين سنة قال الله تعالى: " فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " أي انتقم الله منه انتقاماً جعله به عبرة ونكالاً لأمثاله من المتمردين في الدنيا "ويوم القيامة بئس الرفد المرفود" كما قال تعالى: "وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون" وهذا هو الصحيح في معنى الاية أن المراد بقوله: " نكال الآخرة والأولى " أي الدنيا والاخرة, وقيل المراد بذلك كلمتاه الأولى والثانية, وقيل كفره وعصيانه والصحيح الذي لا شك فيه الأول, وقوله: "إن في ذلك لعبرة لمن يخشى" أي لمن يتعظ وينزجر.
16- "إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى" الظرف متعلق بحديث لا بأتاك لاختلاف وقتيهما، وقد مضى من خبر موسى وفرعون في غير موضع ما فيه كفاية، وقد تقدم الاختلاف بين القراء في طوى في سورة طه. والواد المقدس: المبارك المطهر. قال الفراء طوى واد بين المدينة ومصر. قال: وهو معدول من طاو كما عدل عمر من عامر. قال: والصرف أحب إلي إذ لم أجد في المعدول نظيراً له. وقيل طوى معناه يا رجل بالعبرانية، فكأنه قيل يا رجل اذهب، وقيل المعنى: إن الوادي المقدس بورك فيه مرتين، والأول أولى. وقد مضى تحقيق القول فيه.
16- "إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوىً".
16-" إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى " قد مر بيانه في سورة طه .
16. How his Lord called him in the holy vale of Tuwa,
16 - Behold, thy Lord did call to him in the sacred valley of Tuwa: