[المرسلات : 30] انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ
30 - (انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب) هو دخان جهنم إذا ارتفع افترق ثلاث فرق لعظمه
قوله تعالى : " انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب " يعني تعالى ذكره : إلى ظل دخان ذي ثلاث شعب " لا ظليل " ، وذلك أنه يرتفع من وقودها الدخان فيما ذكر ، فإذا تصاعد تفرق شعباً ثلاثاً ، فذلك قوله " ذي ثلاث شعب " .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " إلى ظل ذي ثلاث شعب " قال : دخان جهنم .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة " ظل ذي ثلاث شعب " قال : هو كقوله " نارا أحاط بهم سرادقها " [ الكهف : 29 ] ، قال : والسرادق : دخان النار ، فأحاط بهم سرادقها ، ثم تفرق ، فكان ثلاث شعب ، فقال : انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب : شعبة هاهنا ، وشعبة هاهنا ، وشعبة هناهنا " لا ظليل ولا يغني من اللهب " .
قوله تعالى :" انطلقوا إلى ظل" أي دخان " ذي ثلاث شعب" يعني الدخان الذي يرتفع ثم يتشعب الى ثلاث شعب. وكذلك شأن الدخان العظيم إذا ارتفع تشعب.
يقول تعالى مخبراً عن الكفار المكذبين بالمعاد والجزاء والجنة والنار أنهم يقال لهم يوم القيامة: "انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون * انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب" يعني لهب النار إذا ارتفع وصعد معه دخان فمن شدته وقوته أن له ثلاث شعب "لا ظليل ولا يغني من اللهب " أي ظل الدخان المقابل للهب لا ظليل هو في نفسه, ولا يغني من اللهب يعني ولا يقيهم حر اللهب. وقوله تعالى: "إنها ترمي بشرر كالقصر" أي يتطاير الشرر من لهبها كالقصر, قال ابن مسعود : كالحصون, وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة ومالك عن زيد بن أسلم وغيرهم: يعني أصول الشجر "كأنه جمالة صفر" أي كالإبل السود, قاله مجاهد والحسن وقتادة والضحاك واختاره ابن جرير , وعن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير : "جمالة صفر" يعني حبال السفن, وعنه أعني ابن عباس : "جمالة صفر" قطع نحاس, وقال البخاري : حدثنا عمرو بن علي ,حدثنا يحيى أنبأنا سفيان عن عبد الرحمن بن عابس قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما "إنها ترمي بشرر كالقصر" قال: كنا نعمد إلى الخشبة ثلاثة أذرع وفوق ذلك فنرفعه للبناء فنسميه القصر "كأنه جمالة صفر" حبال السفن تجمع حتى تكون كأوساط الرجال "ويل يومئذ للمكذبين" ثم قال تعالى: "هذا يوم لا ينطقون" أي لا يتكلمون "ولا يؤذن لهم فيعتذرون" أي لا يقدرون على الكلام ولا يؤذن لهم فيه ليعتذروا بل قد قامت عليهم الحجة ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون, وعرصات القيامة حالات, والرب تعالى يخبر عن هذه الحالة تارة وعن هذه الحالة تارة, ليدل على شدة الأهوال والزلازل يومئذ, ولهذا يقول بعد كل فصل من هذا الكلام: "ويل يومئذ للمكذبين".
وقوله تعالى: "هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين * فإن كان لكم كيد فكيدون" وهذه مخاطبة من الخالق تعالى لعباده يقول لهم: "هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين" يعني أنه جمعهم بقدرته في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر. وقوله تعالى: "فإن كان لكم كيد فكيدون" تهديد شديد ووعيد أكيد أي إن قدرتم على أن تتخلصوا من قبضتي وتنجوا من حكمي فافعلوا فإنكم لا تقدرون على ذلك كما قال تعالى: "يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان" وقد قال تعالى: "ولا تضرونه شيئاً" وفي الحديث: "يا عبادي إنكم لن تبلغوا نفعي فتنفعوني ولن تبلغوا ضري فتضروني".
وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن المنذر الطريقي الأودي , حدثنا محمد بن فضيل , حدثنا حصين بن عبد الرحمن عن حسان بن أبي المخارق , عن أبي عبد الله الجدلي قال: أتيت بيت المقدس فإذا عبادة بن الصامت وعبد الله بن عمرو وكعب الأحبار يتحدثون في بيت المقدس فقال عبادة : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والاخرين في صعيد واحد ينفذهم البصر ويسمعهم الداعي, ويقول الله: "هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين * فإن كان لكم كيد فكيدون" اليوم لا ينجو مني جبار عنيد, ولا شيطان مريد, فقال عبد الله بن عمرو : فإنا نحدث يومئذ أنها تخرج عنق من النار فتنطلق, حتى إذا كانت بين ظهراني الناس نادت: أيها الناس إني بعثت إلى ثلاثة أنا أعرف بهم من الأب بولده ومن الأخ بأخيه لا يغيبهم عني وزر ولا تخفيهم عني خافية, الذي جعل مع الله إلهاً آخر, وكل جبار عنيد وكل شيطان مريد, فتنطوي عليهم فتقذف بهم في النار قبل الحساب بأربعين سنة.
30- "انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون" في الدنيا، تقول لهم ذلك خزنة جهنم: أي سيروا إلى ما كنتم تكذبون به من العذاب، وهو عذاب النار "انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب" إي إلى ظل من دخان جهنم قد سطع، ثم افترق ثلاث فرق تكونون فيه حتى يفرغ الحساب وهذا شأن الدخان العظيم إذا ارتفع تشعب شعباً. قرأ الجمهور "انطلقوا" في الموضعين على صيغة الأمر على التأكيد. وقرأ رويس عن يعقوب بصيغة الماضي في الثاني: أي لما أمروا بالانطلاق امتثلوا ذلك فانطلقوا. وقيل المراد بالظل هنا هو السرادق، وهو لسان من النار يحيط بهم. ثم يتشعب ثلاث شعب فيظلهم حتى يفرغ من حسابهم، ثم يصيرون إلى النار. وقيل هو الظل من يحموم كما في قوله: " في سموم وحميم* وظل من يحموم " على ما تقدم.
30- "انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب"، يعني دخان جهنم إذا ارتفع انشعب وافترق ثلاث فرق. وقيل: يخرج عنق من النار فيتشعب ثلاث شعب، أما النور فيقف على رؤوس المؤمنين، والدخان يقف على رؤوس المنافقين، واللهب الصافي يقف على رؤوس الكافرين.
30-" انطلقوا " خصوصاً وعن يعقوب " انطلقوا " على الإخبار عن امتثالهم للأمر اضطراراً . " إلى ظل " يعني ظل دخان جهنم كقوله تعالى : " وظل من يحموم " . " ذي ثلاث شعب " يتشعب لعظمه كما ترى الدخان العظيم يتفرق . تفرق الذوائب ، وخصوصية الثلاث إما لأن حجاب النفس عن أنوار القدس الحس والخيال والوهم ، أو لأن المؤدي إلى هذا العذاب هو القوة الواهمة الحالية في الدماغ والغضبية التي في يمين القلب والشهوية التي في يساره ،ولذلك قيل شعبة تقف فوق الكافر وشعبة عن يمينه وشعبة عن يساره .
30. Depart unto the shadow falling threefold.
30 - Depart ye to a Shadow (of smoke ascending) in three columns,