[المرسلات : 1] وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا
1 - (والمرسلات عرفا) أي الرياح متتابعة كعرف الفرس يتلو بعضه بعضا ونصبه على الحال
اختلف أهل التأويل في معنى قول الله " والمرسلات عرفا " فقال بعضهم : معنى ذلك : والرياح المرسلات يتبع بعضها بعضاً ، قالوا : والمرسلات : هي الرياح .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا المحاربي ، عن المسعودي ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي العبيدين أنه سأل ابن مسعود فقال " والمرسلات عرفا " قال : الريح .
حدثنا خلاد بن أسلم ، قال : ثنا النضر بن شميل ، قال : أخبرنا المسعودي ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي العبيدين أنه سألت عبد الله بن مسعود ، فذكر نحوه .
حدثني ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن مسلم ، عن أبي العبيدين ، قال : سألت عبد الله بن مسعود ، فذكر نحوه .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " والمرسلات عرفا " يعني الريح .
حدثنا محمد بن المثنى ، قال : ثنا عبيد بن معاذ ، قال : ثني أبي ، عن شعبة ، عن إسماعيل السدي عن أبي صالح صاحب الكلبي في قوله " والمرسلات عرفا " قال : هي الرياح .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " والمرسلات عرفا " قال : الريح .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .
قال : ثنا وكيع ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن مسلم البطين ، عن أبي العبيدين ، قال : سألت عبد الله عن " المرسلات عرفا " قال : الريح .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله " والمرسلات عرفا " قال : هي الريح .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : والملائكة التي ترسل بالعرف .
ذكر من قال ذلك :
حدثني أبو السائب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مسلم ، قال : كان مسروق يقول في المرسلات : هي الملائكة .
حدثنا إسرائيل بن أبي إسرائيل ، قال : أخبرنا النضر بن شميل ، قال : ثنا شعبة ، عن سليمان ، قال : سمعت أبا الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله في قوله " والمرسلات عرفا " قال : الملائكة .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا جابر بن نوح و وكيع عن إسماعيل ، عن أبي صالح في قوله " والمرسلات عرفا " قال : هي الرسل ترسل بالعرف .
حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري ، قال : ثنا محمد بن يزيد ، عن إسماعيل ، قال : سألت أبا صالح عن قوله " والمرسلات عرفا " قال : هي الرسل ترسل بالمعروف ، قالوا : فتأويل الكلام والملائكة التي أرسلت بأمر الله ونهيه ، وذلك هو العرف .
وقال بعضهم : عني بقوله " عرفا " : متتابعاً كعرف الفرس ، كما قالت العرب : الناس إلى فلان عرف واحد ، إذا توجهوا إليه فأكثروا .
ذكر من قال ذلك :
حدثت عن داود بن الزبرقان ، عن صالح بن بريدة ، في قوله " عرفا " قال : يتبع بعضها بعضاً .
والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : إن الله تعالى ذكره أقسم بالمرسلات عرفاً ، وقد ترسل عرفاً الملائكة ، وترسل كذلك الرياح ، ولا دلالة تدل على أن المعني بذلك أحد الحزبين دون الآخر ، وقد عم جل ثناؤه بإقسامه بكل ما كانت صفته ما وصفت ، فكل من كان صفته كذلك ، فداخل في قسمه ذلك ملكاً أو ريحاً أو رسولاً من بني آدم مرسلاً .
مكية في قول الحسن و عكرمة و عطاء و جابر . وقال ابن عباس و قتادة إلا آية منها ، وهي قوله تعالى : " وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون " مدنية . و" قال ابن مسعود : نزلت " والمرسلات عرفا " على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة ونحن معه نسير ، حتى أوينا إلى غار بمنى فنزلت ، فبينا نحن نتلقاها منه ، وإن فاه لرطب بها إذ وثبت حية ، فوثبنا عليها لنقتلها فذهبت ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( وقيتم شرها كما وقيت شركم )) " . و" عن كريب مولى ابن عباس قال : قرأ سورة " والمرسلات عرفا " فسمعتني أم الفضل امرأة العباس ، فبكت وقالت : والله يا بني لقد أذكرتني بقراءتك هذه السورة إنها لآخر ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في صلاة المغرب " . والله أعلم . وهي خمسون آية .
قوله تعالى : " والمرسلات عرفا " جمهور المفسرين على أن المرسلات الرياج. وروى مسروق عن عبد الله قال: هي الملائكة ارسلت بالمعروف من أمر الله تعالى ونهيه والخبر والوحي. وهو قول أبي هريرة ومقاتل وأبي صالح والكلبي. وقيل : هم الأنبياء أرسلوا بلا إله إلا الله، قاله ابن عباس. وقال أبو صالح: إنهم الرسل ترسل بما يعرفون به من المعجزات. وعن ابن عباس وابن مسعود: إنها الرياح، كما قال تعالى:" وأرسلنا الرياح" [ الحجر:22] وقال: " وهو الذي يرسل الرياح" [ الأعراف:57] ومعنى (( عرفاً)) يتبع بعضها بعضاً كعرف الفرس، تقول العرب: الناس إلى فلان عرف واحد: إذا توجهوا إليه فأكثروا. وهو نصب على الحال من " والمرسلات" أي والرياج التي أرسلت متتابعة. ويجوز أن تكون مصدراً أي تباعاً. ويجوز أن يكون النصب على تقدير حرف الجر، كانه قال: والمرسلات بالعرف، والمراد الملائكة او الملائكة والرسل. وقيل: يحتمل أن يكون المراد بالمرسلات السحاب، لما فيه من نعمة ونقمة، عارفة بما أرسلت فيه ومن ارسلت إليه. إنها الزواجر والمواعظ. ((وعرفا)) على هذا التأويل متتابعات كعرف الفرس، قاله ابن مسعود. وقيل: جاريات، قاله الحسن، يعني في القلوب. وقيل : معروفات في العقول.
تفسير سورة المرسلات
قال البخاري : حدثنا عمر بن حفص بن غياث , حدثنا أبي حدثنا الأعمش , حدثني إبراهيم عن الأسود عن عبد الله ـ هو ابن مسعود ـ رضي الله عنه قال: " بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار بمنى إذ نزلت عليه "والمرسلات" فإنه ليتلوها وإني لأتلقاها من فيه وإن فاه لرطب بها إذ وثبت علينا حية, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اقتلوها فابتدرناها فذهبت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وقيت شركم كما وقيتم شرها" وأخرجه مسلم أيضاً من طريق الأعمش , وقال الإمام أحمد : حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن أمه أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالمرسلات عرفاً, وفي رواية مالك عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس أن أم الفضل سمعته يقرأ "والمرسلات عرفاً" فقالت: يا بني أذكرتني بقراءتك هذه السورة إنها لاخر ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في المغرب. أخرجاه في الصحيحين من طريق مالك به.
بسم الله الرحمـن الرحيم
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا زكريا بن سهل المروزي , حدثنا علي بن الحسن بن شقيق , حدثنا الحسين بن واقد , حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة "والمرسلات عرفاً" قال: الملائكة, وروي عن مسروق وأبي الضحى ومجاهد في إحدى الروايات والسدي والربيع بن أنس مثل ذلك وروي عن أبي صالح أنه قال: هي الرسل, وفي رواية عنه أنها الملائكة, وهكذا قال أبو صالح في العاصفات والناشرات والفارقات والملقيات أنها الملائكة. وقال الثوري عن سلمة بن كهيل عن مسلم البطين عن أبي العبيدين قال: سألت ابن مسعود عن المرسلات عرفاً قال: الريح, وكذا قال في " العاصفات عصفا * والناشرات نشرا " إنها الريح, وكذا قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وأبو صالح في رواية عنه وتوقف ابن جرير في "والمرسلات عرفاً" هل هي الملائكة إذا أرسلت بالعرف أو كعرف الفرس يتبع بعضهم بعضاً, أو هي الرياح إذا هبت شيئاً فشيئاً ؟ وقطع بأن العاصفات عصفاً الرياح كما قاله ابن مسعود ومن تابعه, وممن قال ذلك في العاصفات عصفاً أيضاً علي بن أبي طالب والسدي وتوقف في الناشرات نشراً هل هي الملائكة أو الريح كما تقدم ؟ وعن أبي صالح أن الناشرات نشراً هي المطر, والأظهر أن المرسلات هي الرياح كما قال تعالى: "وأرسلنا الرياح لواقح" وقال تعالى: "وهو الذي يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته" وهكذا العاصفات هي الرياح, يقال عصفت الرياح إذا هبت بتصويت, وكذا الناشرات هي الرياح التي تنشر السحاب في آفاق السماء كما يشاء الرب عز وجل.
وقوله تعالى: " فالفارقات فرقا * فالملقيات ذكرا * عذرا أو نذرا " يعني الملائكة. قاله ابن مسعود وابن عباس ومسروق ومجاهد وقتادة والربيع بن أنس والسدي والثوري , ولا خلاف ههنا فإنها تنزل بأمر الله على الرسل تفرق بين الحق والباطل, والهدى والغي, والحلال والحرام, وتلقي إلى الرسل وحياً فيه إعذار إلى الخلق وإنذار لهم عقاب الله إن خالفوا أمره. وقوله تعالى: "إنما توعدون لواقع" هذا هو المقسم عليه بهذه الأقسام أي ما وعدتم به من قيام الساعة والنفخ في الصور وبعث الأجساد وجمع الأولين والاخرين في صعيد واحد ومجازاة كل عامل بعمله إن خيراً فخير وإن شراً فشر, إن هذا كله لواقع أي لكائن لامحالة. ثم قال تعالى: "فإذا النجوم طمست" أي ذهب ضوؤها كقوله تعالى: "وإذا النجوم انكدرت" وكقوله تعالى: "وإذا الكواكب انتثرت" "وإذا السماء فرجت" أي انفطرت وانشقت وتدلت أرجاؤها ووهت أطرافها.
"وإذا الجبال نسفت" أي ذهب بها فلا يبقى لها عين ولا أثر كقوله تعالى: "ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً" الاية. وقال تعالى: "ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً" وقوله تعالى: "وإذا الرسل أقتت" قال العوفي عن ابن عباس : جمعت. وقال ابن زيد : وهذه كقوله تعالى: "يوم يجمع الله الرسل" وقال مجاهد : "أقتت" أجلت. وقال الثوري عن منصور عن إبراهيم "أقتت" أوعدت وكأنه يجعلها كقوله تعالى: "وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون". ثم قال تعالى: " لأي يوم أجلت * ليوم الفصل * وما أدراك ما يوم الفصل * ويل يومئذ للمكذبين " يقول تعالى لأي يوم أجلت الرسل وأرجىء أمرها حتى تقوم الساعة كما قال تعالى: "فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام * يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار" وهو يوم الفصل كما قال تعالى: "ليوم الفصل" ثم قال تعالى معظماً لشأنه: "وما أدراك ما يوم الفصل * ويل يومئذ للمكذبين" أي ويل لهم من عذاب الله غداً وقد قدمنا في الحديث أن ويل واد في جهنم ولا يصح.
هي خمسون آية
وهي مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر. قال قتادة: إلا آية منها وهي قوله: "وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون" فإنها مدنية، وروي هذا عن ابن عباس. وأخرج النحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال: نزلت سورة المرسلات بمكة. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن مسعود قال: "بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار بمنى إذ نزلت سورة المرسلات عرفاً، فإنه ليتلوها وإني لأتلقاها من فيه وإن فاه لرطب بها إذ وثبت علينا حية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اقتلوها، فابتدرناه فذهبت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وقيت شركم كما وقيتم شرها". وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس أن أم الفضل سمعته وهو يقرأ: "والمرسلات عرفاً" فقالت: يا بني لقد ذكرتني بقراءتك هذه السورة، إنها آخر ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في المغرب.
قوله: 1- "والمرسلات عرفاً" قال جمهور المفسرين: هي الرياح، وقيل هي الملائكة، وبه قال مقاتل وأبو صالح والكلبي، وقيل هم الأنبياء، فعلى الأول أقسم سبحانه بالرياح المرسلة لما يأمرها به كما في قوله: "وأرسلنا الرياح لواقح" وقوله: " يرسل الرياح " وغير ذلك. وعلى الثاني أقسم سبحانه بالملائكة المرسلة بوحيه وأمره ونهيه. وعلى الثالث أقسم سبحانه برسله المرسلة إلى عباده لتبليغ شرائعه، وانتصاب "عرفاً" إما على أنه مفعول لأجله: أي المرسلات لأجل العرف وهو ضد النكر، ومنه قول الشاعر:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس
أو على أنه حال بمعنى متتابعة يتبع بعضها بعضاً كعرف الفرس، تقول العرب: سار الناس إلى فلان عرفاً واحداً: إذا توجهوا إليه، وهم على فلان كعرف الضبع: إذا تألبوا عليه، أو على أنه مصدر كأنه قال: والمرسلات إرسالاً: أي متتابعة، أو على أنه منصوب بنزع الخافض: أي والمرسلات بالعرف. قرأ الجمهور "عرفاً" بسكون الراء: وقرأ عيسى بن عمر بضمها، وقيل المراد بالمرسلات السحاب لما فيها من نعمة ونقمة.
1- "والمرسلات عرفاً"، يعني الرياح أرسلت متتابعة كعرف الفرس. وقيل: عرفاً أي كثيراً تقول العرب: الناس إلى فلان عرف واحد، إذا توجهوا إليه فأكثروا، هذا معنى قول مجاهد وقتادة. وقال مقاتل: يعني الملائكة التي أرسلت بالمعروف من أمر الله ونهيه، وهي رواية مسروق عن ابن مسعود.
1-" والمرسلات عرفاً " .
Surah 77. Al-Mursalat
1. By the emissary winds, (sent) one after another
SURA 77: MURSALAT
1 - By the (Winds) Sent Forth one after another (to man's profit);