[القيامة : 23] إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ
23 - (إلى ربها ناظرة) أي يرون الله سبحانه وتعالى في الآخرة
قوله تعالى : " إلى ربها ناظرة " .
قوله تعالى:" إلى ربها ناظرة" ((الى ربها)) الى خالقها ومالكها ((ناظرة)) أي تنظر الى ربها، على هذا جمهور العلماء. وفي الباب حديث صهيب خرجه مسلم وقد مضى في يونس عند قوله تعالى:" للذين أحسنوا الحسنى وزيادة" [ يونس:26] وكان ابن عمر يقول : اكرم اهل الجنة على الله من ينظر الى وجهه غدوة وعشية، ثم تلا هذه الآية: " وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة" [ القيامة:22،23] وروى يزيد النحوي عن عكرمة قال: تنظر الى ربها نظراً. وكان الحسن يقول : نضرت وجوههم ونظروا الى ربهم.
وقيل : ان النظر هنا انتظار ما لهم عند الله من الثواب. وروي عن ابن عمر ومجاهد. وقال عكرمة: تنتظر امر ربها. حكاه الماوردي عن ابن عمر وعكرمة ايضاً وليس معروفاً الا عن مجاهد وحده. واحتجوا بقوله تعالى:" لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار" [ الأنعام:103] وهذا القول ضعيف جداً، خارج عن مقتضى ظاهر الآية والأخبار. وفي الترمذي "عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( ان ادنى اهل الجنة منزلة لمن ينظر الى جنانه وازواجه وخدمة وسرره مسيرة الف سنة واكرمهم على الله من ينظر الى وجهه غدوة وعشية)) ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم " وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة" " قال : هذا حديث غريب. و" قد روي عن ابن عمر ولم يرفعه. وفي صحيح مسلم عن ابي بكر بن عبد الله بن قيس عن ابيه عن النبي صلىالله عليه وسلم قال: ((جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين ان ينظروا الى ربهم جل وعز الا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن)) "، " وروى جرير بن عبد الله قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوساً، فنظر الى القمر ليلة البدر فقال:((انكم سترون ربكم عياناً كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم الا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا)) ثم قرأ " وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب" " [ق:39] متفق عليه. خرجه ايضاً ابو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح. "وخرج ابو داود عن أبي رزين العقيلي قال: قلت يا رسول الله اكلنا يرى ربه؟ قال ابن معاذ : مخلياً به يوم القيامة؟ قال : ((نعم يا ابا رزين)) قال: وما آية ذلك في خلقه؟ قال: (( يا ابا رزين اليس كلكم يرى القمر)) قال ابن معاذ : ليلة البدر مخلياً به. قلنا: بلى. قال : (( فالله اعظم)) قال ابن معاذ قال:(( فإنما هو خلق من خلق الله- يعني القمر- فالله اجل واعظم)). " وفي كتاب النسائي عن صهيب قال: (( فكيف الحجاب فينظرون اليه، فوالله ما اعطاهم الله شيئاً احب اليهم من النظر، ولا اقر لأعينهم)) وفي التفسير لأبي اسحاق الثعلبي عن [ ابي] الزبير عن جابر قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" (( يتجلى ربنا عز وجل حتى ينظروا الى وجهه، فيخرون له سجداً، فيقول ارفعوا رؤوسكم فليس هذا بيوم عبادة))" قال الثعلبي: وقول مجاهد انها بمعنى تنتظر الثواب من ربها ولا يراه شيء من خلقه، فتأويل مدخول، لأن العرب اذا ارادت بالنظر الإنتظار قالوا نظرته، كما قال تعالى:" هل ينظرون إلا الساعة" [ الزخرف:66] " هل ينظرون إلا تأويله" [لأعراف:53] و " ما ينظرون إلا صيحة واحدة" [ يس :49] واذا ارادت به التفكر والتدبر قالوا:
نظرت فيه، فأما اذا كان النظر مقرونا بذكر الى ، وذكر الوجه فلا يكون الا بمعنى الرؤية والعيان. وقال الأزهري: ان قول مجاهد تنتظر ثواب ربها خطأ، لأنه لا يقال نظر الى كذا بمعنى الانتظار، وان قول القائل: نظرت الى فلان ليس الا رؤية عين، كذلك تقوله العرب، لأنهم يقولون نظرت اليه: اذا ارادوا نظر العين، فإذا ارادوا الانتظار قالوا نظرته، قال:
فإنكما ان تنظراني ساعة من الدهر تنفعني لدى ام جندب
لما اراد الانتظار قال تنظراني، ولم يقل تنظران الي، واذا ارادوا نظر العين قالوا: نظرت اليه،قال:
نظرت اليها والنجوم كأنها مصابيح رهبان تشب لقفال
وقال اخر:
اني اليك لما وعدت لناظر نظر الفقير الى الغني الموسر
أي اني انظر اليك بذل، لأن نظر الذل والخضوع ارق لقلب المسؤول، فأما ما استدلوا به من قوله تعالى:" لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار" [ الأنعام:103] فإنما ذلك في الدنيا. وقد مضى القول فيه في موضعه مستوفى. وقال عطية العوفي: ينظرون الى الله لا تحيط ابصارهم بهم من عظمته، ونظره يحيط بها، يدل عليه: " لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار" [ الأنعام:103] قال القشيري ابو نصر: وقيل: ((الى )) واحد الآلاء: نعمة الدفع، وهم في الجنة لا ينتظرون دفع نقمه عنهم، والمنتظر للشيء متنغص العيش، فلا يوصف اهل الجنة بذلك. وقيل: اضاف النظر الى الوجه، وهو كقوله تعالى: " تجري من تحتها الأنهار" [ البقرة:25] والماء يجري في النهر لا النهر. ثم قد يذكر الوجه بمعنى العين، قال الله تعالى: " فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا" [ يوسف:93]اي على عينيه. ثم لا يبعد قلب العادة غداً، حتى يخلق الرؤية والنظر في الوجه، وهو كقوله تعالى:" أفمن يمشي مكبا على وجهه" [ الملك:22]، "فقيل: يا رسول الله ! كيف يمشون في النار على وجوههم؟ قال : ((الذي امشاهم على اقدامهم قادر ان يمشيهم على وجوههم))" .
هذا تعليم من الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم في كيفية تلقيه الوحي من الملك, فإنه كان يبادر إلى أخذه ويسابق الملك في قراءته, فأمره الله عز وجل إذا جاءه الملك بالوحي أن يستمع له وتكفل الله له أن يجمعه في صدره وأن ييسره لأدائه على الوجه الذي ألقاه عليه, وأن يبينه له ويفسره ويوضحه. فالحالة الأولى جمعه في صدره والثانية تلاوته والثالثة تفسيره وإيضاح معناه. ولهذا قال تعالى: "لا تحرك به لسانك لتعجل به" أي بالقرآن كما قال تعالى: "ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علماً" ثم قال تعالى: "إن علينا جمعه" أي في صدرك "وقرآنه" أي أن تقرأه "فإذا قرأناه" أي إذا تلاه عليك الملك عن الله تعالى: "فاتبع قرآنه" أي فاستمع له ثم اقرأه كما أقرأك "ثم إن علينا بيانه" أي بعد حفظه وتلاوته نبينه لك ونوضحه ونلهمك معناه على ما أردنا وشرعنا. قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن عن أبي عوانة عن موسى بن أبي عائشة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة فكان يحرك شفتيه " قال: فقال لي ابن عباس : أنا أحرك شفتي كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرك شفتيه, وقال لي سعيد : وأنا أحرك شفتي كما رأيت ابن عباس يحرك شفتيه, فأنزل الله عز وجل " لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه " قال: جمعه في صدرك ثم تقرأه "فإذا قرأناه فاتبع قرآنه" أي فاستمع له وأنصت "ثم إن علينا بيانه" فكان بعد ذلك إذا انطلق جبريل قرأه كما أقرأه. وقد رواه البخاري ومسلم من غير وجه عن موسى بن أبي عائشة به. ولفظ البخاري فكان إذا أتاه جبريل أطرق فإذا ذهب قرأه كما وعده الله عز وجل.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج , حدثنا أبو يحيى التيمي , حدثنا موسى بن أبي عائشة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي يلقى منه شدة, وكان إذا نزل عليه عرف في تحريكه شفتيه يتلقى أوله ويحرك به شفتيه, خشية أن ينسى أوله قبل أن يفرغ من آخره " فأنزل الله تعالى: "لا تحرك به لسانك لتعجل به" وهكذا قال الشعبي والحسن البصري وقتادة ومجاهد والضحاك وغير واحد: إن هذه الاية نزلت في ذلك. وقد روى ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس "لا تحرك به لسانك لتعجل به" قال: كان لا يفتر من القراءة مخافة أن ينساه فقال الله تعالى: " لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه " أن نجمعه لك "وقرآنه" أن نقرئك فلا تنسى, وقال ابن عباس وعطية العوفي "ثم إن علينا بيانه" تبيين حلاله وحرامه وكذا قال قتادة . وقوله تعالى: " كلا بل تحبون العاجلة * وتذرون الآخرة " أي إنما يحملهم على التكذيب بيوم القيامة ومخالفة ما أنزله الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم من الوحي الحق والقرآن العظيم, أنهم إنما همتهم إلى الدار الدنيا العاجلة وهم لاهون متشاغلون عن الاخرة. ثم قال تعالى: "وجوه يومئذ ناضرة" من النضارة أي حسنة بهية مشرقة مسرورة "إلى ربها ناظرة" أي تراه عياناً كما رواه البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه "إنكم سترون ربكم عياناً". وقد ثبتت رؤية المؤمنين لله عز وجل في الدار الاخرة في الأحاديث الصحاح من طرق متواترة عند أئمة الحديث لا يمكن دفعها ولا منعها, لحديث أبي سعيد وأبي هريرة وهما في الصحيحين أنا ناساً قالوا: " يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال: هل تضارون في رؤية الشمس والقمر ليس دونهما سحاب ؟ قالوا: لا, قال: فإنكم ترون ربكم كذلك".
وفي الصحيحين عن جرير قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القمر ليلة البدر فقال: "إنكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر! فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس ولا قبل غروبها فافعلوا" وفي الصحيحين عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما, وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما, وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى الله عز وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن" . وفي أفراد مسلم عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أهل الجنة الجنة ـ قال ـ يقول الله تعالى: تريدون شيئاً أزيدكم ؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا! ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار! قال: فيكشف الحجاب, فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم وهي الزيادة" ثم تلا هذه الاية "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة" وفي أفراد مسلم عن جابر في حديثه "إن الله يتجلى للمؤمنين يضحك" يعني في عرصات القيامة ففي هذه الأحاديث أن المؤمنين ينظرون إلى ربهم عز وجل في العرصات وفي روضات الجنات, وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية , حدثنا عبد الملك بن أبحر , حدثنا ثوير بن أبي فاخته عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أدنى أهل الجنة منزلة لينظر في ملكه ألفي سنة يرى أقصاه كما يرى أدناه, ينظر إلى أزواجه وخدمه, وإن أفضلهم منزلة لينظر في وجه الله كل يوم مرتين" ورواه الترمذي عن عبد بن حميد عن شبابة عن إسرائيل عن ثوير قال: سمعت ابن عمر فذكره, قال: ورواه عبد الملك بن أبحر عن نوير عن مجاهد عن ابن عمر , وكذلك رواه الثوري عن نوير عن مجاهد عن ابن عمر ولم يرفعه, ولولا خشية الإطالة لأوردنا الأحاديث بطرقها وألفاظها من الصحاح والحسان والمسانيد والسنن, ولكن ذكرنا ذلك مفرقاً في مواضع من هذا التفسير وبالله التوفيق.
وهذا بحمد الله مجمع عليه بين الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة كما هو متفق عليه بين أئمة الإسلام, وهداة الأنام, ومن تأول ذلك بأن المراد بإلى مفرد الالاء وهي النعم كما قال الثوري عن منصور عن مجاهد "إلى ربها ناظرة" قال: تنتظر الثواب من ربها, رواه ابن جرير من غير وجه عن مجاهد وكذا قال أبو صالح أيضاً فقد أبعد هذا القائل النجعة وأبطل فيما ذهب إليه, وأين هو من قوله تعالى: " كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون " قال الشافعي رحمه الله تعالى: ما حجب الكفار إلا وقد علم أن الأبرار يرونه عز وجل ثم قد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما دل عليه سياق الاية الكريمة وهي قوله تعالى: "إلى ربها ناظرة" قال ابن جرير : حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري , حدثنا آدم , حدثنا المبارك عن الحسن "وجوه يومئذ ناضرة" قال حسنة "إلى ربها ناظرة" قال: تنظر إلى الخالق وحق لها أن تنضر وهي تنظر إلى الخالق.
وقوله تعالى: "ووجوه يومئذ باسرة * تظن أن يفعل بها فاقرة" هذه وجوه الفجار تكون يوم القيامة باسرة, قال قتادة : كالحة, وقال السدي : تغير ألوانها, وقال ابن زيد "باسرة" أي عابسة "تظن" أي تستيقن "أن يفعل بها فاقرة" قال مجاهد : داهية, وقال قتادة : شر, وقال السدي . تستيقن أنها هالكة, وقال ابن زيد : تظن أن ستدخل النار, وهذا المقام كقوله تعالى: "يوم تبيض وجوه وتسود وجوه" وكقوله تعالى: " وجوه يومئذ مسفرة * ضاحكة مستبشرة * ووجوه يومئذ عليها غبرة * ترهقها قترة * أولئك هم الكفرة الفجرة " وكقوله تعالى: " وجوه يومئذ خاشعة * عاملة ناصبة * تصلى نارا حامية " إلى قوله " وجوه يومئذ ناعمة * لسعيها راضية * في جنة عالية " في أشباه ذلك من الايات والسياقات.
23- "إلى ربها ناظرة" هذا من النظر: أي إلى خالقها ومالك أمرها ناظرة: أي تنظر إليه، هكذا قال جمهور أهل العلم، والمراد به ما تواترت به الأحاديث الصحيحة من أن العباد ينظرون ربهم يوم القيامة كما ينظرون إلى القمر ليلة البدر. قال ابن كثير: وهذا بحمد الله مجمع عليه بين الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة كما هو متفق عليه بين أئمة الإسلام وهداة الأنام. وقال مجاهد: إن النظر هنا انتظار ما لهم عند الله من الثواب، وروي نحوه عن عكرمة. وقيل لا يصح هذا إلا عن مجاهد وحده. وإن قول القائل: نظرت إلى فلان ليس إلا رؤية عين، إذا أرادوا الانتظار قالوا: نظرته كما في قول الشاعر:
فإنكما إن تنظراني ساعة من الدهر تنفعني لدى أم جندب
فإذا أرادوا نظر العين قالوا: نظرت إليه كما قال الشاعر:
نظرت إليها والنجوم كأنها مصابيح رهبان [تشب لفعال]
وقول الآخر:
إني إليك لما وعدت لناظر نظر الفقير إلى الغني الموسر
أي أنظر إليك نظر ذل كما ينظر الفقير إلى الغني، وأشعار العرب وكلماتهم في هذا كثيرة جداً. ووجوه مبتدأ، وجاز الابتداء به مع كونه نكرة لأن المقام مقام تفصيل، وناضرة صفة لوجوه، ويومئذ ظرف لناضرة، ولو لم يكن المقام مقام تفصيل لكان وصف النكرة بقوله: ناضرة مسوغاً للابتداء بها، ولكن مقام التفصيل بمجرده مسوغ للابتداء بالنكرة.
23- "إلى ربها ناظرة"، قال ابن عباس: وأكثر الناس تنظر إلى ربها عياناً بلا حجاب. قال الحسن: تنظر إلى الخالق وحق لها أن تنضر وهي تنظر إلى الخالق.
أخبرنا أبو بكر بن أبي الهيثم الترابي، أخبرنا عبد الله بن أحمد الحموي، أخبرنا إبراهيم بن خزيم الشاشي، أخبرنا عبد بن حميد، حدثنا شبابة، عن إسرائيل، عن ثوير قال: سمعت ابن عمر يقول: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه وأزواجه ونعيمه وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة، وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة "".
23-" إلى ربها ناظرة " تراه مستغرقة في مطالعة جماله بحيث تغفل عما سواه ولذلك قدم المفعول ،وليس هذا في كل الأحوال حتى ينافيه نظرها إلى غيره ، وقيل منتظرة إنعامه ورد بأن الانتظار لا يسند إلى الوجه وتفسيره بالجملة خلاف الظاهر ، وأن المستعمل بمعناه لا يتعدى بإلى وقول الشاعر :
وإذا نظرت إليك من ملك والبحر دونك زدتني نعما
بمعنى السؤال فإن الانتظار لا يستعقب العطاء .
23. Looking toward their Lord;
23 - Looking towards their Lord;