[المزمل : 12] إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالًا وَجَحِيمًا
12 - (إن لدينا أنكالا) قيودا أثقالا جمع نكل بكسر النون (وجحيما) نارا محرقة
وقوله : " إن لدينا أنكالا وجحيما " يقول تعالى ذكره : إن عندنا لهؤلاء المكذبين بآياتنا أنكالاً ، يعني قيوداً واحدها : نكل .
وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا المعتمر ، عن أبيه ، عن أبي عمرو ، عن عكرمة : إن الآية التي قال : " إن لدينا أنكالا وجحيما " أنها قيود .
حدثني عبيد بن أسباط بن محمد ، قال : ثنا ابن يمان ، عن أبي عمرو ، عن عكرمة " إن لدينا أنكالا " قال : قيوداً .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا يحيى و عبد الرحمن ، قالا : ثنا سفيان ، قال : ثنا أبو عمرو ، عن عكرمة ، " أنكالا " قال : قيوداً .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي عمرو ، عن عكرمة ، " إن لدينا أنكالا " قال : قيوداً .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، قال : وبلغني عن مجاهد قال : الأنكال : القيود .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا ابن المبارك ، عن سفيان ، عن حماد ، قال : الأنكال : القيود .
حدثني محمد بن عيسى الدامغاني ، قال : ثنا ابن المبارك ، عن سفيان ، عن حماد ، مثله .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، قال : سمعت حماداً يقول : الأنكال القيود .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " إن لدينا أنكالا " : أي قيوداً .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، عن مبارك ، عن الحسن ، عن سفيان ، عن أبي عمرو بن العاص ، عن عكرمة " إن لدينا أنكالا " قال : قيوداً .
حدثنا أبو عبيد الوصابي محمد بن حفص ، قال : ثنا ابن حمير ، قال : ثنا الثوري ، عن حماد ، في قوله " إن لدينا أنكالا وجحيما " قال : الأنكال : القيود .
حدثنا سعيد بن عنبسة الرازي ، قال : مررت بابن السماك ، وهو يقص وهو يقول : سمعت الثوري يقول : سمعت حماداً يقول في قول الله " إن لدينا أنكالا " قال : قيوداً سوداء من نار جهنم .
وقوله : " وجحيما " يقول : وناراً تسعر .
قوله تعالى:" إن لدينا أنكالا وجحيما" الأنكال : القيود. عن الحسن ومجاهد وغيرهما. واحدها نكل، وهو ما منع الإنسان من الحركة. وقيل سمي نكلاً، لأنه ينكل به. قال الشعبي : اترون ان الله تعالى جعل الأنكال في ارجل اهل النار خشية ان يهربوا؟ لا والله! ولكنهم إذا ارادوا ان يرتفعوا استقلت بهم. وقال الكلبي الأنكال : الأنكال : الأغلال والأول اعرف في اللغة، ومنه قول الخنساء :
دعاك فقطعت انكاله وقد كن قبلك لا تقطع
وقيل : انه انواع العذاب الشديد، قاله مقاتل "وقد جاء ان النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( ان الله يحب النكل على النكل)) " بالتحريك ، قاله الجوهري. قيل : وما النكل؟ قال : (( الرجل القوي المجرب، على الفرس القوي المجرب)) ذكره الماوردي.
قال : ومن ذلك سمي القيد نكلاً لقوته، وكذلك الغل، وكل عذاب قوي فاشتد. والجحيم النار المؤججة.
يقول تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم بالصبر على ما يقوله من كذبه من سفهاء قومه, وأن يهجرهم هجراً جميلاً وهو الذي لا عتاب معه ثم قال له متهدداً لكفار قومه ومتوعداً, وهو العظيم الذي لا يقوم لغضبه شيء "وذرني والمكذبين أولي النعمة" أي دعني والمكذبين المترفين أصحاب الأموال فإنهم على الطاعة أقدر من غيرهم وهم يطالبون من الحقوق بما ليس عند غيرهم "ومهلهم قليلاً" أي رويداً كما قال تعالى: "نمتعهم قليلاً ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ", ولهذا قال ههنا: "إن لدينا أنكالاً" وهي القيود, قاله ابن عباس وعكرمة وطاوس ومحمد بن كعب وعبد الله بن بريدة وأبو عمران الجوني وأبو مجلز والضحاك وحماد بن أبي سليمان وقتادة والسدي وابن المبارك والثوري وغير واحد "وجحيماً" وهي السعير المضطرمة "وطعاماً ذا غصة" قال ابن عباس : ينشب في الحلق فلا يدخل ولا يخرج "وعذاباً أليماً * يوم ترجف الأرض والجبال" أي تزلزل "وكانت الجبال كثيباً مهيلاً" أي تصير ككثبان الرمل بعد ما كانت حجارة صماء ثم إنها تنسف نسفاً فلا يبقى منها شيء إلا ذهب حتى تصير الأرض قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً أي وادياً ولا أمناً أي رابية, ومعناه لا شيء ينخفض ولا شيء يرتفع, ثم قال تعالى مخاطباً لكفار قريش والمراد سائر الناس: "إنا أرسلنا إليكم رسولاً شاهداً عليكم" أي بأعمالكم "كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً * فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذاً وبيلاً" قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي والثوري "أخذاً وبيلاً" أي شديداً أي فاحذروا أنتم أن تكذبوا هذا الرسول فيصيبكم ما أصاب فرعون حيث أخذه الله أخذ عزيز مقتدر كما قال تعالى: " فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " وأنتم أولى بالهلاك والدمار إن كذبتم رسولكم, لأن رسولكم أشرف وأعظم من موسى بن عمران, ويروى عن ابن عباس ومجاهد .
وقوله تعالى: "فكيف تتقون إن كفرتم يوماً يجعل الولدان شيباً" يحتمل أن يكون يوماً معمولاً لتتقون كما حكاه ابن جرير عن قراءة ابن مسعود فكيف تخافون أيها الناس يوماً يجعل الولدان شيباً إن كفرتم بالله ولم تصدقوا به ؟ ويحتمل أن يكون معمولاً لكفرتم فعلى الأول كيف يحصل لكم أمان من يوم هذا الفزع العظيم إن كفرتم, وعلى الثاني كيف يحصل لكم تقوى إن كفرتم يوم القيامة وجحدتموه, وكلاهما معنى حسن, ولكن الأول أولى والله أعلم. ومعنى قوله "يوماً يجعل الولدان شيباً" أي من شدة أهواله وزلازله وبلابله, وذلك حين يقول الله تعالى لادم ابعث بعث النار فيقول من كم. فيقول من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة. قال الطبراني : حدثنا يحيى بن أيوب العلاف حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا نافع بن يزيد , حدثنا عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ "يوماً يجعل الولدان شيباً" قال: "ذلك يوم القيامة وذلك يوم يقول الله لادم قم فابعث من ذريتك بعثاً إلى النار, قال من كم يا رب ؟ قال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون وينجو واحد فاشتد ذلك على المسلمين وعرف ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال حين أبصر ذلك في وجوههم إن بني آدم كثير, وإن يأجوج ومأجوج من ولد آدم, وإنه لا يموت منهم رجل حتى ينتشر لصلبه ألف رجل ففيهم وفي أشباههم جنة لكم" هذا حديث غريب وقد تقدم في أول سورة الحج ذكر هذه الأحاديث. وقوله تعالى: "السماء منفطر به" قال الحسن وقتادة أي بسببه من شدته وهوله, ومنهم من يعيد الضمير على الله تعالى: وروي عن ابن عباس ومجاهد وليس بقوي لأنه لم يجر له ذكر ههنا, وقوله تعالى: "كان وعده مفعولاً" أي كان وعد هذا اليوم مفعولاً أي واقعاً لا محالة وكائناً لا محيد عنه.
والأول أولى لقوله: 12- "إن لدينا أنكالاً" وما بعده فإنه وعيد لهم بعذاب الآخرة، والأنكار جمع نكل وهو القيد، كذا قال الحسن ومجاهد وغيرهما وقال الكلبي: الأنكار: الأغلال، والأول أعرف في اللغة، ومنه قول الخنساء:
أتوك فقطعت أنكالهم وقد كن قبلك لا تقطع
وقال مقاتل: هي أنواع العذاب الشديد. وقال أبو عمران الجوني: هي قيود لا تحل "وجحيماً" أي نار مؤججة.
12- "إن لدينا"، عندنا في الآخرة، "أنكالاً"، قيوداً عظاماً لا تنفك أبداً واحدها نكل. قال الكلبي: أغلالاً من حديد، "وجحيماً".
12-" إن لدينا أنكالاً " تعليل للأمر ، والنكل القيد الثقيل . " وجحيماً " .
12. Lo! with Us are heavy fetters and a raging fire,
12 - With Us are Fetters (to bind them), and a Fire (to burn them),