[الجن : 20] قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا
20 - (قل) مجيبا للكفار في قولهم ارجع عما أنت فيه وفي قراءة قل (إنما أدعوا ربي) إلاها (ولا أشرك به أحدا)
اختلفت القراء في قراءة قوله " قل إنما أدعو ربي " فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين على وجه الخبر ( قال ) بالألف ، ومن قرأ ذلك كذلك ، جعله خبراً من الله عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال ، فيكون معنى الكلام : وأنه لما قام عبد الله يدعوه تلبدوا عليه ، قال لهم : إنما أدعو ربي ، ولا أشرك به أحداً ، وقرأ ذلك بعض المدنيين وعامة قراء الكوفة على وجه الأمر من الله عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد للناس الذين كادوا يكونون عليك لبداً ، إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحداً .
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .
قوله تعالى : " قل إنما أدعو ربي " أي قال صلى الله عليه وسلم : " إنما أدعو ربي " " ولا أشرك به أحدا" وكذا قرأ أكثر القراء (( قال)) على الخبر . وقرأ حمزة وعاصم (( قل)) على الأمر وسبب نزولها أن كفار قريش قالوا له : انك جئت بامر عظيم وقد عاديت الناس كلهم فارجع عن هذا فنحن نجيرك، فنزلت. قوله تعالى: " قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا".
يقول تعالى آمراً عباده أن يوحدوه في محال عبادته ولا يدعى معه أحد ولا يشرك به, كما قال قتادة في قوله تعالى: " وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا " قال: كانت اليهود والنصارى إذا دخلوا كنائسهم وبيعهم أشركوا بالله, فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يوحدوه وحده. وقال ابن أبي حاتم : ذكر علي بن الحسين , حدثنا إسماعيل بن بنت السدي , أخبرنا رجل سماه عن السدي , عن أبي مالك أو أبي صالح , عن ابن عباس في قوله: " وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا " قال: لم يكن يوم نزلت هذه الاية في الأرض مسجد إلا المسجد الحرام ومسجد إيليا بيت المقدس. وقال الأعمش : قالت الجن: يا رسول الله ائذن لنا فنشهد معك الصلوات في مسجدك, فأنزل الله تعالى: " وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا " يقول: صلوا لا تخالطوا الناس. وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد حدثنا مهران , حدثنا سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن محمود عن سعيد بن جبير " وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا " قال: قالت الجن لنبي الله صلى الله عليه وسلم كيف لنا أن نأتي المسجد ونحن ناؤون ؟ أي بعيدون عنك, وكيف نشهد الصلاة ونحن ناؤون عنك ؟ فنزلت " وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا ".
وقال سفيان عن خصيف عن عكرمة : نزلت في المساجد كلها, وقال سعيد بن جبير : نزلت في أعضاء السجود, أي هي لله فلا تسجدوا بها لغيره. وذكروا عند هذا القول الحديث الصحيح من رواية عبد الله بن طاوس عن أبيه , عن ابن عباس رضي الله عنهما, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة ـ أشار بيده إلى أنفه ـ واليدين والركبتين وأطراف القدمين", وقوله تعالى: "وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً" قال العوفي عن ابن عابس يقول لما سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم يتلو القرآن كادوا يركبونه من الحرص لما سمعوه يتلو القرآن ودنوا منه, فلم يعلم بهم حتى أتاه الرسول فجعل يقرئه "قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن" يستمعون القرآن هذا قول, وهو مروي عن الزبير بن العوام رضي الله عنه, وقال ابن جرير : حدثني محمد بن معمر , حدثنا أبو مسلم عن أبي عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال الجن لقومهم: "لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً" قال: لما رأوه يصلي وأصحابه يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده, قال: عجبوا من طواعية أصحابه له قال: فقالوا لقومهم "لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً" وهذا قول ثان وهو مروي عن سعيد بن جبير أيضاً, وقال الحسن : لما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا إله إلا الله ويدعو الناس إلى ربهم كادت العرب تلبد عليه جميعاً.
وقال قتادة في قوله: "وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً" قال: تلبدت الإنس والجن على هذا الأمر ليطفئوه, فأبى الله إلا أن ينصره ويمضيه ويظهره على من ناوأه, وهذا قول ثالث وهو مروي عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وقول ابن زيد , وهو اختيار ابن جرير وهو الأظهر لقوله بعده: "قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحداً" أي قال لهم الرسول لما آذوه وخالفوه وكذبوه وتظاهروا عليه ليبطلوا ما جاء به من الحق واجتمعوا على عداوته " إنما أدعو ربي " أي إنما أعبد ربي وحده لا شريك له وأستجير به وأتوكل عليه "ولا أشرك به أحداً " وقوله تعالى: "قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً" أي إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي وعبد من عباد الله ليس إلي من الأمر شيء في هدايتكم ولا غوايتكم, بل المرجع في ذلك كله إلى الله عز وجل, ثم أخبر عن نفسه أيضاً أنه لا يجيره من الله أحد أي لو عصيته فإنه لا يقدر أحد على إنقاذي من عذابه "ولن أجد من دونه ملتحداً" قال مجاهد وقتادة والسدي : لا ملجأ. وقال قتادة أيضاً "قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحداً" أي لا نصير ولا ملجأ وفي رواية: لا ولي ولا موئل.
وقوله تعالى: "إلا بلاغاً من الله ورسالاته" قال بعضهم هو مستثنى من قوله: " قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا " " إلا بلاغا " ويحتمل أن يكون استثناء من قوله: "لن يجيرني من الله أحد" أي لا يجيرني منه ويخلصني إلا إبلاغي الرسالة التي أوجب أداءها علي, كما قال تعالى: "يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس" وقوله تعالى: "ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبداً" أي أنا أبلغكم رسالة الله فمن يعص بعد ذلك فله جزاءً على ذلك نار جهنم, خالدين فيها أبداً أي لا محيد لهم عنها ولا خروج لهم منها. وقوله تعالى: " حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا " أي حتى إذا رأى هؤلاء المشركون من الجن والإنس ما يوعدون يوم القيامة, فسيعلمون يومئذ من أضعف ناصراً وأقل عدداً, هم أم المؤمنون الموحدون لله تعالى, أي بل المشركون لا ناصر لهم بالكلية وهم أقل عدداً من جنود الله عز وجل.
20- " قل إنما أدعو ربي " أي قال عبد الله إنما أدعو ربي وأعبده "ولا أشرك به أحداً" من خلقه. قرأ الجمهور "قال" وقرأ عاصم وحمزة "قل" على الأمر. وسبب نزولها أن كفار قريش قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إنك جئت بأمر عظيم، وقد عاديت الناس كلهم فارجع عن هذا فنحن نجيرك.
20- " قل إنما أدعو ربي "، قرأ أبو جعفر، وعاصم، وحمزة: "قل" على الأمر، وقرأ الآخرون: قال يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنما أدعو ربي "، قال مقاتل: وذلك أن كفار مكة قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم:
لقد جئت بأمر عظيم فارجع عنه فنحن نجيرك، فقال لهم: إنما أدعو ربي، "ولا أشرك به أحداً".
20-" قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا " فليس ذلك ببدع ولا منكر يوجب تعجبكم أو إطباقكم على مقتي ، وقرأ عاصم و حمزة قل على الأمر للنبي عليه الصلاة والسلام ليوافق ما بعده .
20. Say (unto them, O Muhammad): I pray unto Allah only, and ascribe unto Him no partner.
20 - Say: I do no more than invoke My Lord, and I join not with Him any (false god).