[نوح : 4] يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاء لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
4 - (يغفر لكم من ذنوبكم) من زائدة فإن الإسلام يغفر به ما قبله أو تبعيضيه لإخراج حقوق العباد (ويؤخركم) بلا عذاب (إلى أجل مسمى) أجل الموت (إن أجل الله) بعذابكم إن لم تؤمنوا (إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون) ذلك لآمنتم
وقوله " يغفر لكم من ذنوبكم " يقول : يغفر لكم ذنوبكم .
فإن قال قائل : أو ليست ( من ) دالة على البعض ؟ قيل : إن لها معنين وموضعين ، فأما أحد الموضعين فهو الموضع الذي لا يصلح فيه غيرها ، وإذا كان ذلك كذلك لم تدل إلا على البعض ، وذلك كقولك ، اشتريت من مماليكك ، فلا يصلح في هذا الموضع غيرها ، ومعناها : البعض ، اشتريت بعض مماليكك ، ومن مماليكك مملوكاً ، والموضع الآخر : هو الذي يصلح فيه مكانها ، عن ، فإذا صلحت مكانها ( عن ) دلت على الجميع ، وذلك كقولك : وجع بطني من طعام طعمته ، فإن معنى ذلك : أوجع بطني طعام طعمته ، وتصلح مكان ( من ) عن ، وذلك أنك تضع موضعها ( عن ) ، فيصلح الكلام فتقول : وجع بطني عن طعام طعمته ، ومن طعام طعمته ، فكذلك قوله " يغفر لكم من ذنوبكم " إنما هو : ويصفح لكم ، ويعفو لكم عنها ، وقد يحتمل أن يكون معناها يغفر لكم من ذنوبكم ما قد وعدكم العقوبة عليه ، فأما ما لم يعدكم العقوبة عليه فقد تقدم عفوه لكم عنها .
وقوله " ويؤخركم إلى أجل مسمى " يقول : ويؤخر في آجالكم فلا يهلككم بالعذاب ، لا بغرق ولا غيره " إلى أجل مسمى " يقول إلى حين كتب أنه يبقيكم إليه ، إن أنتم أطعتموه وعبدتموه ، في أم الكتاب .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله " إلى أجل مسمى " قال : ما قد خط من الأجل ، فإذا جاء أجل الله لا يؤخر .
وقوله " إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون " يقول تعالى ذكره : إن أجل الله الذي قد كتبه على خلقه في أم الكتاب إذا جاء عنده لا يؤخر عن ميقاته ، فينظر بعده لو كنتم تعلمون ، يقول : لو علمتم أن ذلك كذلك ، لأنبتم إلى طاعة ربكم .
"يغفر لكم من ذنوبكم" جزم يغفر بجواب الأمر. ومن صلة زائدة. ومعنى الكلام يغفر لكم ذنوبكم، قاله السدي: وقيل: لا يصح كونها زائدة، لأن من لا تزاد الواجب، وإنما هي هنا للتبعيض، وهو بعض الذنوب، وهو ما لا يتعلق بحقوق الخلوقين. وقيل: هي لبيان الجنس. وفيه بعد، إذا لم يتقدم جنس يليق به. وقال زيد بن أسلم: المعنى يخرجكم من ذنوبكم. ابن شجرة: المعنى يغفر لكم من ذنوبكم ما استغفر تموه منها "ويؤخركم إلى أجل مسمى" قال ابن عباس: أي ينسئ في أعماركم. ومعناه أن الله تعالى كان قضى قبل خلقهم أنهم إن آمنوا بارك في أعمارهم، وإن لم يؤمنوا عوجلوا بالعذاب. وقال مقاتل: يؤخركم إلى منتهى آجالكم في عافية، فلا يعاقبكم بالقحط وغيره. فالمعنى على هذا يؤخركم من العقوبات والشدائد إلى آجالكم. وقال: الزجاج أي يؤخركم عن العذاب فتموتوا غير موتة المستأصلين بالعذاب. وعلى هذا قيل: أجل مسمى عندكم تعرفونه، لا يميتكم غرقاً ولا حرقاً ولا قتلاً، ذكره الفراء. وعلى القول الأول أجل مسمى عند الله. "إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر" أي إذا جاء الموت لا يؤخر بعذاب كان أو بغير عذاب. وأضاف الأجل إليه سبحانه لأنه الذي أثبته. وقد يضاف إلى القوم، كقوله تعالى: "فإذا جاء أجلهم" النحل:61 لأنه مضروب لهم. ولو بمعنى إن أي إن كنتم تعلمون. وقال الحسن: معناه لو كنتم تعلمون لعلمتم أن أجل الله إذا جاءكم لم يؤخر.
يقول تعالى مخبراً عن نوح عليه السلام أنه أرسله إلى قومه آمراً له أن ينذرهم بأس الله قبل حلوله بهم, فإن تابوا وأنابوا رفع عنهم. ولهذا قال تعالى. "أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم * قال يا قوم إني لكم نذير مبين" أي بين النذارة ظاهر الأمر واضحه, "أن اعبدوا الله واتقوه", أي اتركوا محارمه واجتنبوا مآثمه "وأطيعون" فيما آمركم به وأنهاكم عنه "يغفر لكم من ذنوبكم" أي إذا فعلتم ما آمركم به وصدقتم ما أرسلت به إليكم غفر الله لكم ذنوبكم, ومن ههنا قيل إنها زائدة ولكن القول بزيادتها في الإثبات قليل, ومنه قول بعض العرب: قد كان من مطر, وقيل إنها بمعنى عن تقديره يصفح لكم عن ذنوبكم, واختاره ابن جرير : وقيل: إنها للتبعيض, أي يغفر لكم الذنوب العظيمة التي وعدكم على ارتكابكم إياها الانتقام "ويؤخركم إلى أجل مسمى" أي يمد في أعماركم ويدرأ عنكم العذاب الذي إن لم تجتنبوا ما نهاكم عنه أوقعه بكم, وقد يستدل بهذه الاية من يقول إن الطاعة والبر وصلة الرحم يزاد بها في العمر حقيقة كما ورد به الحديث: "صلة الرحم تزيد في العمر" وقوله تعالى: "إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون" أي بادروا بالطاعة قبل حلول النقمة فإنه إذا أمر تعالى بكون ذلك لا يرد ولا يمانع, فإنه العظيم الذي قد قهر كل شيء, العزيز الذي دانت لعزته جميع المخلوقات.
4- "يغفر لكم من ذنوبكم" هذا جواب الأمر، ومن للتبعيض: أي بعض ذنوبكم، وهو ما سلف منها قبل طاعة الرسول وإجابة دعوته. وقال السدي: المعنى يغفر لكم ذنوبكم، فتكون من على هذا زائدة، وقيل المراد بالبعض ما لا يتعلق بحقوق العباد، وقيل هي لبيان الجنس، وقيل يغفر لكم من ذنوبكم ما استغفرتموه منها "ويؤخركم إلى أجل مسمى" أي يؤخر موتكم إلى الأمد الأقصى الذي قدره الله لكم بشرط الإيمان والطاعة فوق ما قدره لكم، على تقدير بقائكم على الكفر والعصيان، وقيل التأخير بمعنى البركة في أعمارهم إن آمنوا وعدم البركة فيها إن لم يؤمنوا. قال مقاتل: يؤخركم إلى منتهى آجالكم. وقال الزجاج: أي يؤخركم عن العذاب فتموتوا غير ميتة المستأصلين بالعذاب. وقال الفراء: المعنى لا يميتكم غرقاً ولا حرقاً ولا قتلاً: "إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر" أي ما قدره لكم على تقدير بقائكم على الكفر من العذاب إذا جاء وأنتم باقون على الكفر لا يؤخر بل يقع لا محالة فبادروا إلى الإيمان والطاعة. وقيل المعنى: إن أجل الله وهو الموت إذا جاء لا يمكنكم الإيمان، وقيل المعنى: إذا جاء الموت لا يؤخر سواء كان بعذاب أو بغير عذاب "لو كنتم تعلمون" أي شيئاً من العلم لسارعتم إلى ما أمرتكم به، أو لعلمتم أن أجل الله إذا جاء لا يؤخر.
4- "يغفر لكم من ذنوبكم"، "من" صلة، أي: يغفر لكم ذنوبكم. وقيل: يعني ما سلف من ذنوبكم إلى وقت الإيمان، وذلك بعض ذنوبهم، "ويؤخركم إلى أجل مسمى"، أي: يعافيكم إلى منتهى آجالكم فلا يعاقبكم، "إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون"، يقول: آمنوا قبل الموت، تسلموا من العذاب، فإن أجل الموت إذا جاء لا يؤخر ولا يمكنكم الإيمان.
4-" يغفر لكم من ذنوبكم " يغفر لكم بعض ذنوبكم وهو ماسبق فإن الإسلام يجبه فلا يؤاخذكم به في الآخرة " ويؤخركم إلى أجل مسمى " هو أقصى ما قدر لكم بشرط الإيمان والطاعة " إن أجل الله " إن الأجل الذي قدره " إذا جاء " على الوجه المقدر به آجلا وقيل إذا جاء الأجل الأطول . " لا يؤخر " فبادروا في أوقات الإمهال والتأخير ." لو كنتم تعلمون " لو كنتم من أهل العلم والنظر لعلمتم ذلك ، وفيه أنهم لانهماكهم في حب الحياة كأنهم شاكون في الموت .
4. That He may forgive you somewhat of your sins and respite you to an appointed term. Lo! the term of Allah, when it cometh, cannot be delayed, if ye but knew.
4 - So He may forgive you your sins and give you respite for a stated Term: for when the Term given by God is accomplished, it cannot be put forward: if ye only knew.