[المعارج : 17] تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى
17 - (تدعوا من أدبر وتولى) عن الإيمان بأن تقول إلي إلي
وقوله " تدعو من أدبر وتولى " يقول : تدعو لظى إلى نفسها من أدبر في الدنيا عن طاعة الله ، وتولى عن الإيمان بكتابه ورسله .
وينحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال :ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله " تدعو من أدبر وتولى " قال :عن طاعة الله " وتولى " ، قال : عن كتاب الله ، وعن حقه .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد، قوله " تدعو من أدبر وتولى " قال : عن الحق .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " تدعو من أدبر وتولى " قال : ليس لها سلطان إلا على هوان من كفر وتولى وأدبر عن الله ، فأما من آمن بالله ورسوله ، فلبس عليه سلطان .
"تدعو من أدبر وتولى" أي تدعو لظى من أدبر في الدنيا عن طاعة الله وتولى عن الإيمان. ودعاؤها أن تقول: إلي يا مشرك، إلي يا كافر. وقال ابن عباس: تدعو الكافرين والمنافقين بأسمائهم بلسان فصيح: إلي يا كافر، إلي يا منافق، ثم تلتقطهم كما يلتقط الطير الحب. وقال ثعلب: تدعو أي تهلك. تقول العرب: دعاك الله. وقال الخليل: إنه ليس كالدعاء تعالوا ولكن دعوتها إياهم تمكنها من تعذيبهم. وقيل: الداعي خزنة جهنم، أضيف دعاؤهم إليها. وقيل هو ضرب مثل، أي إن مصير من أدبر وتولى إليها، فكأنها الداعية لهم. ومثله قول الشاعر:
ولقد هبطنا الـواديين فـوادياً يدعو الأنيس به العضيض الأبكم
العضيض الأبكم: الذباب. وهو لا يدعو وإنما طنينه نبه عليه فدعا إليه. قلت: القول الأول هو الحقيقة، حسب ما تقدم بيانه بآي لاقرآن والأخبار الصحيحة. القشيري: ودعاء لظى بخلق الحياة فيها حين تدعو، وخوارق العادة غداً كثيرة.
يقول تعالى العذاب واقع بالكافرين: "يوم تكون السماء كالمهل" قال ابن عباس ومجاهد وعطاء وسعيد بن جبير وعكرمة والسدي وغير واحد: أي كدردي الزيت "وتكون الجبال كالعهن" أي كالصوف المنفوش, قاله مجاهد وقتادة والسدي , وهذه الاية كقوله تعالى: "وتكون الجبال كالعهن المنفوش" وقوله تعالى: " ولا يسأل حميم حميما * يبصرونهم " أي لا يسأل القريب قريبه عن حاله وهو يراه في أسوأ الأحوال فتشغله نفسه عن غيره, قال العوفي عن ابن عباس : يعرف بعضهم بعضاً ويتعارفون بينهم ثم يفر بعضهم من بعض بعد ذلك يقول الله تعالى: " لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " وهذه الاية الكريمة كقوله تعالى: "يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً إن وعد الله حق" وكقوله تعالى: "وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى" وكقوله تعالى: "فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون" وكقوله تعالى: " يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه * لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " وقوله تعالى: "يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه * وصاحبته وأخيه * وفصيلته التي تؤويه * ومن في الأرض جميعاً ثم ينجيه * كلا" أي لا يقبل منه فداء ولو جاء بأهل الأرض وبأعز ما يجده من المال ولو بملء الأرض ذهباً, أو من ولده الذي كان في الدنيا حشاشة كبده يود يوم القيامة إذا رأى الأهوال أن يفتدي من عذاب الله به ولا يقبل منه.
قال مجاهد والسدي "فصيلته" قبيلته وعشيرته, وقال عكرمة : فخذه الذي هومنهم, وقال أشهب عن مالك : فصيلته: أمه, وقوله تعالى: "إنها لظى" يصف النار وشدة حرها "نزاعة للشوى" قال ابن عباس ومجاهد : جلدة الرأس, وقال العوفي عن ابن عباس " نزاعة للشوى " الجلود والهام, وقال مجاهد : ما دون العظم من اللحم, وقال سعيد بن جبير : للعصب والعقب. وقال أبو صالح "نزاعة للشوى" يعني أطراف اليدين والرجلين, وقال أيضاً "نزاعة للشوى" لحم الساقين, وقال الحسن البصري وثابت البناني "نزاعة للشوى" أي مكارم وجهه, وقال الحسن أيضاً: تحرق كل شيء فيه ويبقى فؤاده يصيح. وقال قتادة "نزاعة للشوى" أي نزاعة لهامته ومكارم وجهه وخلقه وأطرافه. وقال الضحاك : تبري اللحم والجلد عن العظم حتى لا تترك منه شيئاً, وقال ابن زيد : الشوى الاراب العظام, فقوله نزاعة قال: تقطع عظامهم ثم تبدل جلودهم وخلقهم.
وقوله تعالى: "تدعو من أدبر وتولى * وجمع فأوعى" أي تدعو النار إليها أبناءها الذين خلقهم الله لها, وقدر لهم أنهم في الدار الدنيا يعملون عملها, فتدعوهم يوم القيامة بلسان اطلق ذلق ثم تلتقطهم من بين أهل المحشر كما يلتقط الطير الحب, وذلك أنهم كما قال الله عز وجل: كانوا ممن أدبر وتولى أي كذب بقلبه وترك العمل بجوارحه "وجمع فأوعى" أي جمع المال بعضه على بعض فأوعاه أي أوكاه ومنع حق الله منه من الواجب عليه في النفقات ومن إخراج الزكاة, وقد ورد في الحديث "لا توعي فيوعي الله عليك" وكان عبد الله بن عكيم لا يربط له كيساً ويقول: سمعت الله يقول: "وجمع فأوعى" وقال الحسن البصري : يا ابن آدم سمعت وعيد الله ثم أوعيت الدنيا. وقال قتادة في قوله: "وجمع فأوعى" قال: كان جموعاً قموماً للخبيث.
17- " تدعو من أدبر " أي تدعو لظى من أدبر عن الحق في الدنيا "وتولى" أي أعرض عنه.
17- "تدعو"، أي: النار إلى نفسها، "من أدبر"، عن الإيمان، "وتولى"، عن الحق فتقول إلي يا مشرك إلي يا منافق إلي إلي. قال ابن عباس: تدعو الكافرين والمنافقين بأسمائهم بلسان فصيح ثم تلتقطهم كما يلتقط الطير الحب. حكي عن الخليل: أنه قال: تدعو أي تعذب. وقال: قال أعرابي لآخر: دعاك الله أي عذبك الله.
17-" تدعو " تجذب وتحضر كقول ذي الرمة .
تدعو أنفه الريب
مجاز عن جذبها وإحضارها لمن فر عنها وقيل تدعو زبانيتها وقيل تدعو تهلك من قولهم دعاة الله إذا أهلكه " من أدبر " عن الحق " وتولى " عن الطاعة .
17. It calleth him who turned and fled (from truth),
17 - Inviting (all) such as turn their backs and turn away their faces (from the Right).