[المعارج : 16] نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى
16 - (نزاعة للشوى) جمع شواة وهي جلدة الرأس
وقوله : " نزاعة للشوى " يقول تعالى ذكره مخبرا عن لظى كما إنها تنزع جلدة الرأس وأطراف البدن ، والشوى : جميع شواة وهي من جوارح الإنسان ما لم يكن مقتلا ، يقل : رمى فأشوى : إذا لم يصب مقتلا ، فربما وصف الواصف بذلت جلدة الرأس كما قال الأعشى :
قالت قتيلة ما له قد جللت شيبا شواته
وربما وصف بذلك الساق كقولهم في صفة الفرس :
عبل الشوى نهد الجزاره
يعني بذلك : قوائمه، وأصل ذلك كله ما وصفت .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني سليمان بن عبد الجبار ، قال : ثنا محمد بن الصلت ، قال : ثنا أبو كدينة ، عن قابوس ، عن أبيه ، قال : سألت ابن عباس عن" نزاعة للشوى " قال:تنزع أم الرأس .
حدثنا إسحاق بن إبراهيم الصواف ، قال : ثنا الحسين بن الحسن الأشقر ، قال : ثنا يحيى بن مهلب أبو كدينة ، عن قابوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، في قوله " نزاعة للشوى " قال تنزع الرأس .
حدثني محمد بن سعده ، قال : ثني أبي، قال : ثني عني ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " نزاعة للشوى " يعني الجلود والهام .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " نزاعة للشوى " قال : لجلود الرأس .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن إبراهيم بن المهاجر ، قال : سألت سعيد بن جبير عن قوله " نزاعة للشوى " فلم يخبر ، فسألت عنها مجاهد ، فقلت : اللحم دون العظم ؟ فقال : نعم .
قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح " نزاعة للشوى " قال:لحم الساق.
حدثني محمد بن عمارة الأسدي ، قال : ثنا قبيصة بن عقبة السوائي ، قال : ثنا سفيان ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح في قوله " نزاعة للشوى " قال : نزاعة للحم الساقين .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن خارجة ، عن قرة بن خالد ، عن الحسن " نزاعة للشوى " قال: للهام تحرق شيء منه ، ويبقى فؤاده نضيجا .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو عامر ، قال : ثنا قرة ، عن الحسن ، في قوله " نزاعة للشوى " ثم ذكر نحوه .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله " نزاعة للشوى " أي نزاعة لهامته ومكارم خلقه وأطرافه.
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " نزاعة للشوى " تبري اللحم والجلد عن العظم حيى لا تترك منه شيئا .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " نزاعة للشوى " قال : الشوى : الأراب العظام ، ذاك الشوى .
وقوله " نزاعة " قال : تقطع عظامهم كما ترى ، ثم يجدد خلقهم ، وتبدل جلودهم .

"نزاعة للشوى" قرأ أبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم في رواية أبي بكر والأعمش وأبو عمرو وحمزة والكسائي نزاعة بالرفع. وروى أبو عمرو عن عاصم نزاعةً بالنصب. فمن رفع فله خمسة أوجه: أحدهما أن تجعل لظى خبر إن وترفع نزاعة بإضمار هي، فمن هذا الوجه يحسن الوقف على لظى. وعلى الوجه الثاني أن تكون لظى ونزاعة خبران لإن. كما تقول إنه خلق مخاصم. والوجه الثالث أن تكون نزاعة بدلاً من لظى ولظى خبر إن. والوجه الرابع أن تكون لظى بدلاً من اسم إن ونزاعة خبر إن. والوجه الخامس أن يكون الضمير في إنها للقصة، ولظى مبتدأ ونزاعة خبر الابتداء والجملة خبر إن. والمعنى : أن القصة والخبر لظى للشكوى. ومن نصب نزاعة حسن له أن يقف على لظى وينصب نزاعة على القطع من لظى إذا كانت نكرة متصلة بمعرفة. ويجوز نصبها على الحال المؤكدة، كما قال: "وهو الحق مصدقا" البقرة:91 . ويجوز أن تنصب على معنى أنها تتلظى نزاعة، أي في حال نزعها للشوى. والعامل فيها ما دل عليه الكلام من معنى التلظي ويجوز أن يكون حالاً، على أنه حال للمكذبين بخبرها. ويجوز نصبها على القطع، كما تقول: مررت بزيد العاقل الفاضل. فهذه خمسة أوجه للنصب أيضاً. والشوى: جمع شواة وهو جلدة الرأس. قال الأعشى: قـالـت قتيلـة مـالـه قـد جللـت شيبـاً شـواتـه
وقال آخر: لأصبحت هـدتك الحوادث هدةً لهـا فشـواة الـرأس بأد قتيرهـا
القتير :الشيب. وفي الصحاح: والشورى: جمع شواة وهي جلدة الرأس. والشوى: اليدان والرجلان والرأس من الآدميين، وكل ما ليس مقتلاً. يقال: رماه فأشواه إذا لم يصب المقتل. قال الهذلي:
فإن من القول التي لا شوى لها إذا زل عن ظهر اللسان انفلاتها
يقول: إن من القول كلمة لا تشوي ولكن تقتل. قال الأعشى:
قـالـت قتيلـة مـالــه قـد جللـت شيبـاً شـواتـه
قال أبو عبيد: أنشدها أبو الخطاب الأخفش أبا عمرو بن العلاء فقال له: صحفت ! إنما هو سراته، أي نواحيه فسكت أبو الخطاب ثم قال لنا: بل هو صحف، إنما هو شواته. وشوى الفرس: قوائمه، لأنه يقال: عبل الشى، ولا يكون هذا للرأس، لأنهم وصفوا الخيل بإسالة الخدين وعتق الوجه وهو رقته. والشوى: رذال المال. والشوى: هو الشيء الهين اليسير. وقال ثابت البناني والحسن: "نزاعة للشوى" أي لمكارم وجهه. وأبو العالية: لمحاسن وجهه. قتادة: لمكارم خلقته وأطرافه. وقال الضحاك: تفري اللحم والجلد عن العظم حتى لا تترك منه شيئاً. وقال الكسائي: هي المفاصل. وقال بعض الأئمة: هي القوائم والجلود. وقال امرؤ القيس:
سليم الشظى عبل الشوى شنج النسا له حجبات مشرفات على الفال
وقال أبو صالح: أطراف اليدين والرجلين. قال الشاعر:
إذا نظـرت عـرفـت الفخر منها وعينيهـا ولـم تعـرف شواها
يعنى أطرفها. وقال الحسن أيضاً: الشوى الهام.
يقول تعالى العذاب واقع بالكافرين: "يوم تكون السماء كالمهل" قال ابن عباس ومجاهد وعطاء وسعيد بن جبير وعكرمة والسدي وغير واحد: أي كدردي الزيت "وتكون الجبال كالعهن" أي كالصوف المنفوش, قاله مجاهد وقتادة والسدي , وهذه الاية كقوله تعالى: "وتكون الجبال كالعهن المنفوش" وقوله تعالى: " ولا يسأل حميم حميما * يبصرونهم " أي لا يسأل القريب قريبه عن حاله وهو يراه في أسوأ الأحوال فتشغله نفسه عن غيره, قال العوفي عن ابن عباس : يعرف بعضهم بعضاً ويتعارفون بينهم ثم يفر بعضهم من بعض بعد ذلك يقول الله تعالى: " لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " وهذه الاية الكريمة كقوله تعالى: "يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً إن وعد الله حق" وكقوله تعالى: "وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى" وكقوله تعالى: "فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون" وكقوله تعالى: " يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه * لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " وقوله تعالى: "يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه * وصاحبته وأخيه * وفصيلته التي تؤويه * ومن في الأرض جميعاً ثم ينجيه * كلا" أي لا يقبل منه فداء ولو جاء بأهل الأرض وبأعز ما يجده من المال ولو بملء الأرض ذهباً, أو من ولده الذي كان في الدنيا حشاشة كبده يود يوم القيامة إذا رأى الأهوال أن يفتدي من عذاب الله به ولا يقبل منه.
قال مجاهد والسدي "فصيلته" قبيلته وعشيرته, وقال عكرمة : فخذه الذي هومنهم, وقال أشهب عن مالك : فصيلته: أمه, وقوله تعالى: "إنها لظى" يصف النار وشدة حرها "نزاعة للشوى" قال ابن عباس ومجاهد : جلدة الرأس, وقال العوفي عن ابن عباس " نزاعة للشوى " الجلود والهام, وقال مجاهد : ما دون العظم من اللحم, وقال سعيد بن جبير : للعصب والعقب. وقال أبو صالح "نزاعة للشوى" يعني أطراف اليدين والرجلين, وقال أيضاً "نزاعة للشوى" لحم الساقين, وقال الحسن البصري وثابت البناني "نزاعة للشوى" أي مكارم وجهه, وقال الحسن أيضاً: تحرق كل شيء فيه ويبقى فؤاده يصيح. وقال قتادة "نزاعة للشوى" أي نزاعة لهامته ومكارم وجهه وخلقه وأطرافه. وقال الضحاك : تبري اللحم والجلد عن العظم حتى لا تترك منه شيئاً, وقال ابن زيد : الشوى الاراب العظام, فقوله نزاعة قال: تقطع عظامهم ثم تبدل جلودهم وخلقهم.
وقوله تعالى: "تدعو من أدبر وتولى * وجمع فأوعى" أي تدعو النار إليها أبناءها الذين خلقهم الله لها, وقدر لهم أنهم في الدار الدنيا يعملون عملها, فتدعوهم يوم القيامة بلسان اطلق ذلق ثم تلتقطهم من بين أهل المحشر كما يلتقط الطير الحب, وذلك أنهم كما قال الله عز وجل: كانوا ممن أدبر وتولى أي كذب بقلبه وترك العمل بجوارحه "وجمع فأوعى" أي جمع المال بعضه على بعض فأوعاه أي أوكاه ومنع حق الله منه من الواجب عليه في النفقات ومن إخراج الزكاة, وقد ورد في الحديث "لا توعي فيوعي الله عليك" وكان عبد الله بن عكيم لا يربط له كيساً ويقول: سمعت الله يقول: "وجمع فأوعى" وقال الحسن البصري : يا ابن آدم سمعت وعيد الله ثم أوعيت الدنيا. وقال قتادة في قوله: "وجمع فأوعى" قال: كان جموعاً قموماً للخبيث.
16- "نزاعة للشوى" قرأ الجمهور " نزاعة " بالرفع على أنه خبر ثان لإن، أو خبر مبتدأ محذوف، أو تكون لظى بدلاً من الضمير المنصوب، ونزاعة خبر إن، أو على أن نزاعة صفة للظى على تقدير عدم كونها علماً، أو يكون الضمير في إنها للقصة، ويكون لظى مبتدأ ونزاعة خبره، والجملة خبر إن، وقرأ حفص عن عاصم وأبو عمرو في رواية عنه وأبو حيوة والزغفراني والترمذي وابن مقسم "نزاعةً" بالنصب على الحال. وقال أبو علي الفارسي: حمله على الحال بعيد لأنه ليس في الكلام ما يعمل في الحال، وقيل العامل فيها ما دل عليه الكلام من معنى التلظي، أو النصب على الاختصاص، والشوى الأطراف، أو جمع شواة، وهي جلدة الرأس، ومنه قول الأعشى:
قالت قتيلة ماله قد جللت شيبا شواته
وقال الحسن وثابت البناني: نزاعة للشوى: أي لمكارم الوجه وحسنه، وكذا قال أبو العالية وقتادة: تبري اللحم والجلد عن العظم حتى لا تترك فيه شيئاً. وقال الكسائي: هي المفاصل. وقال أبو صالح: هي أطراف اليدين والرجلين.
16- "نزاعةً للشوى"، قرأ حفص عن عاصم "نزاعةً" نصب على الحال والقطع، وقرأ الآخرون بالرفع أي هي نزاعة للشوى، وهي الأطراف: اليدان والرجلان، وسائر الأطراف. قال مجاهد: لجلود الرأس. وروى إبراهيم بن مهاجر عنه: تنزع اللحم دون العظام.
قال مقاتل: تنزع النار الأطراف فلا تترك لحماً ولا جلداً.
وقال الضحاك: تنزع الجلد واللحم عن العظم.
وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس: العصب والعقب.
وقال الكلبي: لأم الرأس، تأكل الدماغ كله ثم يعود كما كان، ثم تعود لأكله فذلك دأبها.
وقال قتادة: لمكارم خلقه وأطرافه. قال أبو العالية: لمحاسن وجهه.
وقال ابن جرير: " للشوى ": جوارح الإنسان ما لم يكن مقتلاً، يقال: رمى فأشوى إذا أصاب الأطراف ولم يصب المقتل.
16-" نزاعة للشوى " وهو اللهب الخالص وقيل علم للنار منقول من اللظى بمعنى اللهب وقرأ حفص عن عاصم " نزاعةً " بالنصب على الاختصاص أو الحال المؤكدة أو المتنقلة على أن " لظى " بمعنى متلظية والشوى والأطراف أو جمع شواة وهي جلدة الرأس .
16. Eager to roast;
16 - Plucking out (his being) right to the skull!