[المعارج : 1] سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ
1 - (سأل سائل) دعا داع (بعذاب واقع)
أخرج النسائي وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله سأل سائل قال هو النضير بن الحرث قال اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله سأل سائل قال نزلت بمكة في النضر بن الحرث وقد قال اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك الآية وكان عذابه يوم بدر
قال أبو جعفر : اختلفت القراء في قراءة قوله " سأل سائل " فقرأته عامة قراء الكوفة والبصرة " سأل سائل " بهمز سأل سائل، بمعنى سأل سائل من الكفار عن عذاب الله ، بمن هو واقع. وقرأ ذلك بعض قراء المدينه ((سال سائل)) فلم يهمز سأل ، ووجهه إلى أنه فعل من السيل .
والذي هو أولى القراءتين بالصواب قراءة من قرأه بالهمز لإجماع الحجة من القراء على ذلك، وأن عامة أهل التأويل من السلف بمعنى الهمز تأولوه.
ذكر من تأويل ذلك كذلك ، وقال تأويله نحو قولنا فيه :
حدثني محمد بن سعد ،قال : ثني أبي ، قال :ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه، عن ابن عباس ، قوله " سأل سائل بعذاب واقع " قال : ذاك سؤال الكفار عن عذاب الله وهو واقع .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عنبسة ، عن ليث ، عن مجاهد " إن كان هذا هو الحق من عندك " (الأنفل: 32 ) ...الأية، قال " سأل سائل بعذاب واقع " .
حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عصم ، قال : ثنا عيسى،وحدثني الحارث ، قال:ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله " سأل سائل " قال :دعا داع "بعذاب واقع " قال : يقع في الآخرة ، قال : وهو قولهم " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء " ( الأنفال : 32 ).
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله "سأل سائل بعذاب واقع " قال : سأل عذاب الله على من يقع على الكافرين ..
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله " سأل سائل " قال : سأل عن عذاب واقع، فقال الله " للكافرين ليس له دافع " .
وأما الذين قرءوا ذلك بغير همز، فإنهم قالوا : السائل واد من أودية جهنم .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال: ابن زيد ، في قول الله " سأل سائل بعذاب واقع " قال : قال بعض أهل العلم : هو واد في جهنم يقال له سائل .
وقوله " بعذاب واقع * للكافرين " يقول : سأل بعذاب للكافرين واجب لهم يوم القيامة واقع بهم .
ومعنى آية " للكافرين" على الكافرين ، كالذي :
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول ثنا عبيد قال : سمعت الضحاكيقول في قوله " بعذاب واقع * للكافرين " يقول : واقع على الكافرين ، واللام في قوله " للكافرين " من صلة الواقع .
وقوله: "ليس له دافع * من الله ذي المعارج " يقول تعالى ذكره : ليس للعذاب الواقع على الكافرين من الله دافع يدفعه عنهم .
سورة المعارج وهي مكية باتفاق. وهي أربع وأربعون آية
قوله تعالى:"سأل سائل بعذاب واقع" قرأ نافع وابن عامر سأل سايل بغير همزة. الباقون بالهمز. فمن همز فهو السؤال. والباء بجوز أن تكون زائدة، ويجوز أن تكون بمعنى عن. والسؤال بمعنى الدعاء، أي دعا داع بعذاب، عن ابن عباس وغيره. يقال: دعا على فلان بالويل، ودعا عليه بالعذاب. ويقال: دعوت زيداً، أي التمست إحضاره. أي التمس ملتمس عذاباً للكافرين، وهو واقع بهم لا محالة يوم القيامة. وعلى هذا فالباء زائدة، كقوله تعالى: "تنبت بالدهن" المؤمنين:20 وقوله. "وهزي إليك بجذع النخلة"مريم:25 فهي تأكيد. أي سأل سائل عذاباً واقعاً. "للكافرين" أي على الكافرين. وهو النضر بن الحارث حيث قال: "اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم" الأنفال:32 فنزل سؤاله، وقتل يوم بدر صبراً هو وعقبة بن أبي معيط، لم يقتل صبراً غيرهما، قاله ابن عباس ومجاهد. وقيل: إن السائل هنا هو الحارث بن النعمان والفهري. وذلك أنه لما بلغه قول النبي صلى الله عليه وسلم في علي رضي الله عنه:من كنت مولاه ركب ناقته فجاء حتى أناخ راحلته بالأبطح ثم قال: يا محمد، أمرتنا عن الله نشهد أن لا إلا الله وأنك رسول الله فقبلناه منك، وأن نصلي خمساً فقبلناه منك، ونزكي أموالنا فقبلناه منك، وأن الصوم شهر رمضان في كل عام فقبلناه منك، وأن نحج فقبلناه منك، ثم لم ترض بهذا حتى فضلت ابن عمك علينا! أفهذا شئ منك أم من الله ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والله الذي لا إله إلا هو ما هو إلا من الله فولى الحارث وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فوالله ما وصل إلى ناقته حتى رماه الله بحجر فوقع على دماغه فخرج من دبره فقتله، فنزلت: "سأل سائل بعذاب واقع" الآية. وقيل: إن السائل هنا أبو جهل وهو القاتل لذلك، قاله الربيع. وقيل: إنه قوله جماعة من كفار قريش. وقيل: هو نوح عليه السلام سأل العذاب على الكافرين. وقيل: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم أي دعا عليه السلام بالعقاب وطلب أن يوقعه الله بالكفار، وهو واقع بهم لا محالة. وامتد الكلام إلى قوله تعالى:"فاصبر صبرا جميلا" أي لا تستعجل فإنه قريب. وإذا كانت الباء بمعنى عن - وهو قول قتادة - فكأن سائلاً سأل عن العذاب بمن يقع أو متى يقع. قال الله تعالى:"فاسأل به خبيرا" الفرقان:59 أي سل عنه. وقال علقمة:
فإن تسألـوني بالنساء فإنني بصير بــأدواء النساء طبيـب
أي عن النساء. ويقال: خرجنا نسأل عن فلان وبفلان. فالمعنى سألوا بمن يقع العذاب ولمن يكون فقال الله: "للكافرين". قال أبو علي وغيره :وإذا كان من السؤال فأصله أن يتعدى إلى مفعولين ويجوز الاقتصار على أحدهما. وإذا اقتصر على أحدهما جاز أن يتعدى إليه بحرف جر، فيكون التقدير سأل سائل النبي صلى الله عليه وسلم أو المسلمين بعذاب أو عن عذاب. ومن قرأ بغير همز فله وجهان: أحدهما أنه لغة في السؤال وهي لغة قريش، تقول العرب: سأل يسال، مصل نال ينال وخاف يخاف. والثاني أن يكون من السيلان، ويؤيده قراءة ابن عباس سال سيل. قال عبد الرحمن بن زيد: سال واد من أودية جنهم يقال له: سائل، وهو قول زيد بن ثابت. قال الثعلبي: والأول أحسن، كقول الأعشي في تخفيف الهمزة:
سـألتانـي الطلاق إذ رأتـأني قل مـالـي قد جئتمـاني بنكر
وفي الصحاح : قال الأخفش: يقال خرجنا نسأل عن فلان وبفلان. وقد تخفف همزته فيقال سال يسال، وقال:
ومـرهق سال إمتاعـاً بأصدته لم يستعن وحوامي الموت تغشاه
المرهق: الذي أدرك ليقتل. والأصدة بالضم: قميص صغير يلبس تحت الثوب. المهدوي: من قرأ سال جاز أن يكون خفف الهمزة بإدالها ألفاً، وهو البدل على غير قياس. وجاز أن تكون الألف منقلبة عن واو على لغة من قال: سلت أسال، كخفت أخاف. النحاس: حكى سيبويه سلت أسال، مثل خفت أخاف، بمعنى سألت. وأنشد:
سالت هذيل رسول الله فاحشة ضلت هذيل بما سالت ولم تصب
ويقال: هما يتساولان. المهدوي: وجاز أن تكون مبدلة من ياء، من سال يسيل. ويكون سايل وادياً في جهنم، فهمزة سايل على القول الأول أصلية، وعلى الثاني بدل من واو، وعلى الثالث بدل من ياء. القشيري: وسائل مهموز، لأنه إن كان من سأل بالهمز فهو مهموز، وإن كان من غير الهمز كان مهموزاً أيضاً. ولم يكن الاعتلال بالحذف لخوف الالتباس، فكان بالقلب إلى الهمزة، ولك تخفيف الهمزة حتى تكون بين بين. "واقع" أي يقع بالكفار، بين انه من الله ذي المعارج. وقال الحسن: انزل الله تعالى: "سأل سائل بعذاب واقع" فقال لمن هو ؟ فقال للكافرين، فاللام في الكافرين متعلقة بـ واقع. وقالالفراء: التقدير بعذاب للكافرين واقع، فالواقع من نعت العذاب، واللام دخلت للعذاب لا للواقع، أي هذا العذاب للكافرين في الآخرة لا يدفعه عنهم أحد. وقيل إن اللام بمعنى على، والمعنى: واقع على. وروي أنها في قراءة أبي كذلك. وقيل: بمعنى عن،أي ليس له دافع عن الكافرين من الله .
تفسير سورة المعارج
بسم الله الرحمـن الرحيم
"سأل سائل بعذاب واقع" فيه تضمين دل عليه حرف الباء كأنه مقدر استعجل سائل بعذاب واقع كقوله تعالى: "ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده" أي وعذابه واقع لا محالة. قال النسائي : حدثنا بشر بن خالد , حدثنا أبو أسامة حدثنا سفيان عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: "سأل سائل بعذاب واقع" قال النضر بن الحارث بن كلدة وقال العوفي عن ابن عباس "سأل سائل بعذاب واقع" قال: ذلك سؤال الكفار عن عذاب الله وهو واقع بهم, وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى: "سأل سائل" دعا داع بعذاب واقع يقع في الاخرة قال وهو قولهم "اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم" وقال ابن زيد وغيره "سأل سائل بعذاب واقع" أي واد في جهنم يسيل يوم القيامة بالعذاب وهذا القول ضعيف بعيد عن المراد, والصحيح الأول لدلالة السياق عليه.
وقوله تعالى: " واقع * للكافرين " أي مرصد معد للكافرين, وقال ابن عباس : واقع جاء "ليس له دافع" أي لا دافع له إذا أراد الله كونه ولهذا قال تعالى: "من الله ذي المعارج" قال الثوري عن الأعمش عن رجل عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: "ذي المعارج" قال: ذو الدرجات, وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : ذي المعارج يعني العلو والفواضل, وقال مجاهد : ذي المعارج معارج السماء, وقال قتادة : ذي الفواضل والنعم. وقوله تعالى: "تعرج الملائكة والروح إليه" قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة تعرج تصعد, وأما الروح فقال أبو صالح : هم خلق من خلق الله يشبهون الناس وليسوا ناساً, قلت ويحتمل أن يكون المراد به جبريل ويكون من باب عطف الخاص على العام, ويحتمل أن يكون اسم جنس لأرواح بني آدم فإنها إذا قبضت يصعد بها إلى السماء كما دل عليه حديث البراء , وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث المنهال عن زاذان عن البراء مرفوعاً الحديث بطوله في قبض الروح الطيبة قال فيه: "فلا يزال يصعد بها من سماء إلى سماء حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله" والله أعلم بصحته, فقد تكلم في بعض رواته ولكنه مشهور, وله شاهد في حديث أبي هريرة فيما تقدم من رواية الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه من طريق ابن أبي ذئب , عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سعيد بن يسار عنه, وهذا إسناد رجاله على شرط الجماعة, وقد بسطنا لفظه عند قوله تعالى: " يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ".
وقوله تعالى: "في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة" فيه أربعة أقوال: ]أحدها[ أن المراد بذلك مسافة ما بين العرش العظيم إلى أسفل السافلين, وهو قرار الأرض السابعة وذلك مسيرة خمسين ألف سنة, هذا ارتفاع العرش عن المركز الذي في وسط الأرض السابعة, وكذلك اتساع العرش من قطر إلى قطر مسيرة خمسين ألف سنة, وإنه من ياقوتة حمراء كما ذكره ابن أبي شيبة في كتاب صفة العرش. وقد قال ابن أبي حاتم عند هذه الاية: حدثنا أحمد بن سلمة حدثنا إسحاق بن إبراهيم , أخبرنا حكام عن عمر بن معروف عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس في قوله تعالى: "في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة" قال: منتهى أمره من أسفل الأرضين إلى منتهى أمره من فوق السموات خمسين ألف سنة "وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون" يعني بذلك حين ينزل الأمر من السماء إلى الأرض, ومن الأرض إلى السماء في يوم واحد, فذلك مقداره ألف سنة لأن ما بين السماء والأرض مقدار مسيرة خمسمائة عام وقد رواه ابن جرير عن ابن حميد عن حكام بن سالم عن عمرو بن معروف عن ليث عن مجاهد قوله, لم يذكر ابن عباس وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا علي بن محمد الطنافسي , حدثنا إسحاق بن منصور , حدثنا نوح المؤدب عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس قال: غلظ كل أرض خمسمائة عام, وبين كل أرض إلى أرض خمسمائة عام, فذلك سبعة آلاف عام, وغلظ كل سماء خمسمائة عام وبين السماء إلى السماء خمسمائة عام, فذلك أربعة ألف عام, وبين السماء السابعة وبين العرش مسيرة ستة وثلاثين ألف عام, فذلك قوله تعالى: "في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة".
(القول الثاني) أن المراد بذلك مدة بقاء الدنيا منذ خلق الله هذا العالم إلى قيام الساعة, قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة , أخبرنا إبراهيم بن موسى , أخبرنا ابن أبي زائدة عن ابن جريج عن مجاهد في قوله تعالى : "في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة" قال: الدنيا عمرها خمسون ألف سنة, وذلك عمرها يوم سماها الله عز وجل يوماً "تعرج الملائكة والروح إليه في يوم" قال: اليوم الدنيا, وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن الحكم بن أبان عن عكرمة "في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة" قال: الدنيا من أولها إلى آخرها مقدار خمسين ألف سنة لا يدري أحد كم مضى ولا كم بقي إلا الله عز وجل.
(القول الثالث) أنه اليوم الفاصل بين الدنيا والاخرة وهو قول غريب جداً. قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان , حدثنا بهلول بن المورق , حدثنا موسى بن عبيدة , أخبرني محمد بن كعب "في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة" قال: هو يوم الفصل بين الدنيا والاخرة.
(القول الرابع) أن المراد بذلك يوم القيامة. قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان الواسطي , حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس "في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة" قال: يوم القيامة وإسناده صحيح ورواه الثوري عن سماك بن حرب عن عكرمة في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة يوم القيامة وكذا قال الضحاك وابن زيد . وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: "تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة" قال: هو يوم القيامة جعله الله تعالى على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة وقد وردت أحاديث في معنى ذلك. قال الإمام أحمد : حدثنا الحسن بن موسى , حدثنا ابن لهيعة , حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم "في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة" ما أطول هذا اليوم, فقال رسول الله: "والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا" ورواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن دراج به, إلا أن دراجاً وشيخه أبا الهيثم ضعيفان والله أعلم.
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر , حدثنا شعبة عن قتادة عن أبي عمر العداني قال: كنت عند أبي هريرة فمر رجل من بني عامر بن صعصعة فقيل له هذا أكثر عامري مالاً, فقال أبو هريرة , ردوه إلي فردوه فقال: نبئت أنك ذو مال كثير. فقال العامري: إي والله إن لي لمائة حمراً ومائة أدماً حتى عد من ألوان الإبل وأفنان الرقيق ورباط الخيل, فقال أبو هريرة : إياك وأخفاف الإبل وأظلاف النعم, يردد ذلك عليه حتى جعل لون العامري يتغير فقال: ما ذاك يا أبا هريرة ؟ قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كانت له إبل لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها قلنا: يا رسول الله ما نجدتها ورسلها ؟ قال: في عسرها ويسرها فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت وأكثره وأسمنه وآشره, ثم يبطح لها بقاع قرقر فتطؤه بأخفافها فإذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة, حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله, وإذا كانت له بقر لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها, فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت وأكثره وأسمنه وآشره, ثم يبطح لها بقاع قرقر فتطؤه كل ذات ظلف بظلفها وتنطحه كل ذات قرن بقرنها, ليس فيها عقصاء ولا عضباء, إذا جاوزته أخراها أعيدها عليه أولاها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله, وإذا كانت له غنم لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت وأسمنه وآشره حتى يبطح لها بقاع قرقر فتطؤه كل ذات ظلف بظلفها وتنطحه كل ذات قرن بقرنها, ليس فيها عقصاء ولا عضباء إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة, حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله" فقال العامري: وما حق الإبل يا أبا هريرة ؟ قال: أن تعطي الكريمة وتمنح وتفقر الظهر وتسقي الإبل وتطرق الفحل وقد رواه أبو داود من حديث شعبة والنسائي من حديث سعيد بن أبي عروبة كلاهما عن قتادة به.
(طريق أخرى لهذا الحديث) قال الإمام أحمد : حدثنا أبو كامل , حدثنا حماد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من صاحب كنز لا يؤدي حقه إلا جعل صفائح يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جبهته وجنبه وظهره, حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون, ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار" وذكر بقية الحديث في الغنم والإبل كما تقدم, وفيه: "الخيل لثلاثة: لرجل أجر, ولرجل ستر, وعلى رجل وزر" إلى آخره ورواه مسلم في صحيحه بتمامه منفرداً به دون البخاري من حديث سهيل عن أبيه عن أبي هريرة وموضع استقصاء طرقه وألفاظه في كتاب الزكاة من كتاب الأحكام, والغرض من إيراده ههنا قوله: "حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة" وقد روى ابن جرير عن يعقوب عن ابن علية وعبد الوهاب عن أيوب عن ابن أبي مليكة قال: سأل رجل ابن عباس عن قوله "في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة" فقال: ما يوم كان مقداره خمسين ألف سنة قال فاتهمه, فقال: إنما سألتك لتحدثني, قال, هما يومان ذكرهما الله, والله أعلم بهما وأكره أن أقول في كتاب الله بما لا أعلم.
وقوله تعالى: " فاصبر صبرا جميلا " أي اصبر يا محمد على تكذيب قومك لك واستعجالهم العذاب استبعاداً لوقوعه كقوله: "يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق" ولهذا قال: "إنهم يرونه بعيداً" أي وقوع العذاب. وقيام الساعة يراه الكفرة بعيد الوقوع بمعنى مستحيل الوقوع "ونراه قريباً" أي المؤمنون يعتقدون كونه قريباً, , وإن كان له أمد لا يعلمه إلا الله عز وجل, لكن كل ما هوآت فهو قريب وواقع لا محالة.
ويقال سورة المعارج، هي أربع وأربعون آية
وهي مكية. قال القرطبي: باتفاق. وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه عن ابن عباس قال: نزلت سورة سأل بمكة. وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله.
قوله: 1- "سأل سائل بعذاب واقع" قرأ الجمهور "سأل" بالهمزة، وقرأ نافع وابن عامر بغير همزة، فمن همز فهو من السؤال وهي اللغة الفاشية، وهو إما مضمن معنى الدعاء، فلذلك عدي بالباء كما تقول دعوت لكذا، والمعنى: دعا داع على نفسه بعذاب واقع، ويجوز أن يكون على أصله والباء بمعنى عن كقوله: "فاسأل به خبيراً" ومن لم يهمز، فهو إما من باب التخفيف بقلب الهمزة ألفاً، فيكون معناها معنى قراءة من همز، أو يكون من السيلان، والمعنى: سال واد في جهنم يقال له سائل كما قال زيد بن ثابت. ويؤيده قراءة ابن عباس سال سيل وقيل إن سال بمعنى التمس، والمعنى: التمس ملتمس عذاباً للكفار، فتكون الباء زائدة كقوله: "تنبت بالدهن" والوجه الأول هو الظاهر. وقال الأخفش: يقال خرجنا نسأل عن فلان وبفلان. قال أبو علي الفارسي: وإذا كان من السؤال فأصله أن يتعدى إلى مفعولين، ويجوز الاقتصار على أحدهما ويتعدى إليه بحرف الجر، وهذا السائل هو النضر بن الحارث حين قال: "اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم" وهو ممن قتل يوم بدر صبراً، وقيل هو أبو جهل، وقيل هو الحارث بن النعمان الفهري. والأول أولى لما سيأتي. وقرأ أبي وابن مسعود سال سال مثل مال مال على أن الأصل سائل، فحذفت العين تخفيفاً، كما قيل شاك في شائك السلاح. وقيل السائل هو نوح عليه السلام، سأل العذاب للكافرين، وقيل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بالعقاب عليهم، وقوله: "بعذاب واقع" يعني إما في الدنيا كيوم بدر، أو في الآخرة.
1- "سأل سائل"، قرأ أهل المدينة والشام، سال بغير همز وقرأ الآخرون بالهمز، فمن همز فهو من السؤال، ومن قرأ بغير همز قيل: هو لغة في السؤال، يقال: سال يسال مثل خاف يخاف، يعني سال يسال خفف الهمزة وجعلها ألفاً.
وقيل: هو من السيل، والسايل واد من أودية جهنم، يروى ذلك عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، والأول أصح.
واختلفوا في الباء في قوله: "بعذاب" قيل: هو بمعنى عن كقوله: "فاسأل به خبيراً" (الفرقان - 59) أي عنه خبيراً.
ومعنى الآية: سأل سائل عن عذاب، "واقع"، نازل كائن على من ينزل ولمن ذلك العذاب.
1-" سأل سائل بعذاب واقع " أي دعا داع بمعنى استدعاء ولذلك عدي الفعل بالباء والسائل هو النضر بن الحارث فإنه قال " إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء " أو أبو جهل فإنه قال " فأسقط علينا كسفاً من السماء " سأله استهزاء أو الرسول عليه الصلاة و السلام استعجل بعذابهم وقرأ نافع و ابن عامر سال وهو إما من السؤال على لغة قريش قال :
سالت هذيل رسول الله فاحشة ضلت هذيل بما سالت ولم تصب
أو من السيلان ويؤيده أنه قرئ سال سيل على أن السيل مصدر بمعنى السائل كالغور والمعنى سال واد بعذاب ومضى الفعل لتحقق وقوعه إما في الدنيا وهو قتل بدر أو في الآخرة وهو عذاب النار .
Surah 70. Al-Ma'arij
1. A questioner questioned concerning the doom about to fall
SURA 70: MA'ARIJ
1 - A questioner asked about a Penalty to befall