[الأعراف : 190] فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ
190 - (فلما آتاهما) ولداً (صالحاً جعلا له شركاء) وفي قراءة بكسر الشين والتنوين أي شريكا (فيما آتاهما) بتسميته عبد الحارث ولا ينبغي أن يكون عبداً إلا لله ، وليس بإشراك في العبودية لعصمة آدم وروى سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لما ولدت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد فقال سميه عبد الحارث فإنه يعيش فسمته فكان ذلك من وحي الشيطان وأمره " رواه الحاكم وقال صحيح والترمذي وقال حسن غريب (فتعالى الله عما يشركون) أي أهل مكة به من الأصنام والجملة مسببة عطف على خلقكم وما بينهما اعتراض
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فلما رزقهما الله ولداً صالحاً كما سألا، " جعلا له شركاء فيما آتاهما "، ورزقهما.
ثم اختلف أهل التأويل في ((الشركاء)) التي جعلاها فيما أوتيا من المولود.
فقال بعضهم: جعلا له شركاء في الاسم.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الصمد قال، حدثنا عمر بن إبراهيم، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كانت حواء لا يعيش لها ولد، فنذرت لئن عاش لها ولد لتسمينه ((عبد الحارث))، فعاش لها ولد، فسمته ((عبد الحارث))، وإنما كان ذلك عن وحي الشيطان ".
حدثني محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا معتمر، عن أبيه قال، حدثنا أبو العلاء، عن سمرة بن جندب، أنه حدث: أن آدم عليه السلام سمى ابنه ((عبد الحارث)).
... قال، حدثنا المعتمر، عن أبيه قال، حدثنا ابن علية، عن سليمان التيمي، عن أبي العلاء بن الشخير، عن سمرة بن جندب قال: سمى آدم ابنه ((عبد الحارث)).
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحق ، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كانت حواء تلد لآدم فتعبدهم لله، وتسميه ((عبيد الله)) و((عبد الله)) ونحو ذلك، فيصيبهم الموت. فأتاها إبليس وآدم فقال: إنكما لو تسميانه بغير الذي تسميانه لعاش! فولدت له رجلاً فسماه ((عبدالحارث))، ففيه أنزل الله تبارك وتعالى: " هو الذي خلقكم من نفس واحدة "، إلى قوله: " جعلا له شركاء فيما آتاهما "، إلى آخر الآية.
حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله في آدم: " هو الذي خلقكم من نفس واحدة "، إلى قوله: " فمرت به "، فشكت: أحبلت أم لا، " فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا " الآية، فأتاهما الشيطان فقال: هل تدريان ما يولد لكما؟ أم هل تدرينا ما يكون؟ أبهيمة يكون أم لا؟ وزين لهما الباطل، إنه غوي مبين. وقد كانت قبل ذلك ولدت ولدين فماتا، فقال لهما الشيطان: إنكما إن لم تسمياه بي، لم يخرج سوياً، ومات كما مات الأولان! فسميا ولدهما ((عبد الحارث))، فذلك قوله: " فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما "، الآية.
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: لما ولد له أول ولد، أتاه إبليس فقال: إني سأنصح لك في شأن ولدك هذا، تسميه ((عبد الحارث)). فقال آدم: أعوذ بالله من طاعتك! - قال ابن عباس: وكان اسمه في السماء ((الحارث)) - قال آدم: أعوذ بالله من طاعتك، إني أطعتك في أكل الشجرة فأخرجتني من الجنة، فلن أطيعك! فمات ولده! ثم ولد له بعد ذلك ولد آخر، فقال: أطعني وإلا مات كما مات الأول! فعصاه. فمات، فقال: لا أزال أقتلهم حتى تسميه ((عبد الحارث))! فلم يزل به حتى سماه ((عبد الحارث))، فذلك قوله: " جعلا له شركاء فيما آتاهما "، أشركه في طاعته في غير عبادة، ولم يشرك بالله، ولكن أطاعه.
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا...، عن هرون قال، أخبرنا الزبير بن الخريت، عن عكرمة قال: ما أشرك آدم ولا حواء، وكان لا يعيش لهما ولد، فأتاهما الشيطان فقال: إن سركما أن يعيش لكما ولد فسمياه ((عبد الحارث))! فهو قوله: " جعلا له شركاء فيما آتاهما ".
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة : " فلما تغشاها حملت حملا خفيفا "، قال: كان آدم عليه السلام لا يولد له ولد إلا مات. فجاء الشيطان فقال: إن سرك أن يعيش ولدك هذا فسمه ((عبد الحارث))! ففعل. قال: فأشركا في الاسم، ولم يشركا في العبادة.
حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتالدة : " فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما "، ذكر لنا أنه كان لا يعيش لهما ولد، فأتاهما الشيطان فقال لهما: سمياه ((عبد الحارث))! وكان من وحي الشيطان وأمره، وكان شركاً في طاعة، ولم يكن شركاً في عبادة.
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : " فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون "، قال: كان لا يعيش لآدم وامرأته ولد. فقال لهما الشيطان: إذا ولد لكما ولد فسمياه ((عبد الحارث))! ففعلا وأطاعاه، فذلك قول الله: " فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء "، الآية.
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن فضيل، عن سالم بن أبي حفصة، عن سعيد بن جبير قوله: " أثقلت دعوا الله ربهما " إلى قوله: " فتعالى الله عما يشركون "، قال: لما حملت حواء في أول ولد ولدته حين أثقلت، أتاها إبليس قبل أن تلد فقال: يا حواء، ما هذا الذي في بطنك؟فقالت: ما أدري! فقال: من أين يخرج؟ من أنفك، أو من عينك، أو من أذنك؟ قالت لا أدري! قال: أرأيت إن خرج سليماً، أمطيعتي أنت فيما آمرك به؟ قالت: نعم! قال: سميه ((عبد الحارث)) - وقد كان يسمى إبليس ((الحارث)) - فقالت: نعم! ثم قالت بعد ذلك لآدم: أتاني آت في النوم فقال لي كذا وكذا! فقال: إن ذلك الشيطان فاحذريه، فإنه عدونا الذي أخرجنا من الجنة! ثم أتاها إبليس فأعاد عليها، فقالت: نعم! فلما وضعته أخرجه الله سليماً، فسمته ((عبدالحارث))، فهو قوله: " جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون ".
حدثني ابن وكيع قال، حدثنا جرير وابن فضيل، عن عبد الملك، عن سعيد بن جبير قال: قيل له: أشرك آدم قال: أعوذ بالله أن أزعم أن آدم أشرك، ولكن حواء لما ثقلت أتاها إبليس فقال لها: من أين يخرج هذا؟من أنفك، أم من عينك، أم من فيك؟ فقنطها، ثم قال: أرأيت إن خرج سوياً - زاد ابن فضيل: لم يضرك ولم يقتلك - أتطيعيني؟ قالت: نعم! قال: فسميه ((عبد الحارث))، ففعلت، زاد جرير: فإنما كان شركه في الاسم.
حدثني موسى بن هرون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: فولدت غلاماً - يعني حواء - فأتاهما إبليس فقال: سموه عبدي وإلا قتلته! قال له آدم عليه السلام: قد أطعتك وأخرجتني من الجنة! فأبى أن يطيعه، فسماه ((عبد الرحمن))، فسلط الله عليه إبليس فقتله. فحملت بآخر ، فلما ولدته قال لها: سميه عبدي وإلا قتلته! قال له آدم: قد أطعتك فأخرجتين من الجنة! فأبى، فسماه ((صالحاً))، فقتله. فلما أن كان الثالث قال لهما: فإذ غلبتموني فسموه ((عبد الحارث))، وكان اسم إبليس، وإنما سمي ((إبليس)) حين أبلس، فعنوا، فذلك حين يقول الله تبارك وتعالى: " جعلا له شركاء فيما آتاهما "، يعني: في التسمية.
وقال آخرون : بل المعني بذلك: رجل وامرأة من أه الكفر من بني آدم، جعلا لله شركاء من الآلهة والأوثان حين رزقهما ما رزقهما من الولد. وقالوا: معنى الكلام: " هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها "، أي: هذا الرجل الكافر، " حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت "، دعوتما الله ربكما. قالوا: وهذا مما ابتدىء به الكلام على وجه الخطاب، ثم رد إلى الخبر عن الغائب، كما قيل: " هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة " [يونس: 22]. وقد بينا نظائر ذلك بشواهده فيما مضى قبل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا سهل بن يوسف، عن عمرو، عن الحسن : " جعلا له شركاء فيما آتاهما "، قال: كان هذا في بعض أهل الملل، ولم يكن بآدم.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال، قال الحسن : عني بهذا ذرية آدم، من أشرك منهم بعده، يعني بقوله: " فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما ".
حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: كان الحسن يقول: هم اليهود والنصارى، رزقهم الله أولاداً فهودوا ونصروا.
قال أبو جعفر: وأولى القولين بالصواب، قول من قال: عني بقوله: " فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء " في الاسم، لا في العبادة، وأن المعني بذلك آدم وحواء، لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك.
فإن قال قائل: فما أنت قائل - إذ كان الأمر على ما وصفت في تأويل هذه الآية، وأن المعني بها آدم وحواء - في قوله: " فتعالى الله عما يشركون "؟ أهو استنكاف من الله أن يكون له في الأسماء شريك، أو في العبادة؟فإن قلت: ((في الأسماء))، دل على فساده قوله: " أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون "؟ فإن قلت: ((في العبادة))، قيل لك: أفكان آدم أشرك في عبادة الله غيره؟.
قيل له: إن القول في تأويل قوله: " فتعالى الله عما يشركون "، ليس بالذي ظننت. وإنما القول فيه: فتعالى الله عما يشرك به مشركو العرب من عبدة الأوثان، فأما الخبر عن آدم وحواء، فقد انقضى عند قوله: " جعلا له شركاء فيما آتاهما "، ثم استؤنف قوله: " فتعالى الله عما يشركون "، كما:
حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله: " فتعالى الله عما يشركون "، يقول: هذه فضل من آية آدم، خاصة في آلهة العرب.
واختلفت القرأة في قراءة قوله: " شركاء ".
فقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة وبعض المكيين والكوفيين: ((جعلا له شركاء))، بكسر الشين، بمعنى الشركة.
وقرأ بعض المكيين وعامة قرأة الكوفيين وبعض البصريين: " جعلا له شركاء "، بضم الشين، بمعنى جمع ((شريك)).
قال أبو جعفر: وهذا القراءة أولى القراءتين بالصواب، لأن القراءة لو صحت بكسر الشين، لوجب أن يكون الكلام: فلما آتاهما صالحاً جعلا لغيره فيه شركاً، لأن آدم وحواء لم يدينا بأن ولدهما من عطية إبليس، ثم يجعلا لله شركاً لتسميتهما إياه بـ ((عبدالله))، وإنما كان يدينان لا شك بأن ولدهما من رزق الله وعطيته، ثم سمياه ((عبد الحارث))، فجعلا لإبليس فيه شركاً بالاسم.
فلو كانت قراءة من قرأ: ((شركاً))، صحيحة، وجب ما قلنا، أن يكون الكلام: جعلا لغيره فيه شركاً. وفي نزول وحي الله بقوله: " جعلا له "، ما يوضح عن أن الصحيح من القراءة: " شركاء "، بضم الشين، على ما بينت قبل.
فإن قال قائل: فإن آدم وحواء إنما سميا ابنهما ((عبد الحارث))، و((الحارث)) واحد، وقوله: " شركاء " جماعة، فكيف وصفهما جل ثناؤه بأنهما " جعلا له شركاء "، وإنما أشركا واحداً!.
قيل: قد دللنا فيما مضى على أن العرب تخرج الخبر عن الواحد مخرج الخبر عن الجماعة، إذا لم تقصد واحداً بعينه ولم تسمه، كقوله: " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم " [آل عمران: 173]، وإنما كان القائل ذلك واحداً، فأخرج الخبر مخرج الخبر عن الجماعة، إذ لم يقصد قصده. وذلك مستفيض في كلام العرب وأشعارها.
وأما قوله: " فتعالى الله عما يشركون "، فتنزيه من الله تبارك وتعالى نفسه، وتعظيم لها عما يقول فيه المبطلون، ويدعون معه من الآلهة والأوثان، كما:
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج : " فتعالى الله عما يشركون "، قال: هو الإنكاف، أنكف نفسه جل وعز - يقول: عظم نفسه - وأنكفته الملائكة، وما سبح له.
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن عيينة قال، سمعت صدقة يحدث، عن السدي قال: هذا من الموصول والمفصول، قوله: " جعلا له شركاء فيما آتاهما "، في شأن آدم وحواء، ثم قال الله تبارك وتعالى: " فتعالى الله عما يشركون "، قال: عما يشرك المشركون، ولم يعنهما.
"فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما" واختلف العلماء في تأويل الشرك المضاف إلى آدم وحواء، وهي:-
الثالثة- قال المفسرون: كان شركاً في التسمية والصفة، لا في العبادة والربوبية. وقال أهل المعاني: إنهما لم يذهبا إلى أن الحارث ربهما بتسميتهما ولدهما عبد الحارث، لكنهما قصدا إلى أن الحارث كان سبب نجاة الولد فسمياه به كما يسمي الرجل نفسه عبد ضيفه على جهة الخضوع له، لا على أن الضيف ربه، كما قال حاتم:
وإني لعبد الضيف ما دام ثاوياً وما في إلا تيك من شيمة العبد
وقال قوم: إن هذا راجع إلى جنس الآدميين والتبيين عن حال المشركين من ذرية آدم عليه السلام، وهو الذي يعول عليه. فقوله: "جعلا له" يعني الذكر والأنثى الكافرين، ويعنى به الجنسان. ودل على هذا "فتعالى الله عما يشركون" ولم يقل يشركان. وهذا قول حسن. وقيل: المعنى "هو الذي خلقكم من نفس واحدة" من هيئة واحدة وشكل واحد "وجعل منها زوجها" أي من جنسها "فلما تغشاها" يعني الجنسين. وعلى هذا القول لا يكون لآدم وحواء ذكر في الآية، فإذا آتاهما الولد صالحاً سليماً سوياً كما أراداه صرفاه عن الفطرة إلى الشرك، فهذا فعل المشركين. "قال صلى الله عليه وسلم:
ما من مولود إلا يولد على الفطرة -في رواية على هذه الملة- أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه". قال عكرمة: لم يخص بها آدم، ولكن جعلها عامة لجميع الخلق بعد آدم. وقال الحسين بن الفضل: وهذا أعجب إلى أهل النظر، لما في القول الأول من المضاف من العظائم بنبي الله آدم. وقرأ أهل المدينة وعاصم شركاً على التوحيد. وأبو عمرو وسائر أهل الكوفة بالجمع، على مثل فعلاء، جمع شريك. وأنكر الأخفش سعيد القراءة الأولى، وهي صحيحة على حذف المضاف، أي جعلا له ذا شرك، مثل "واسأل القرية" [يوسف: 82] فيرجع المعنى إلى أنهم جعلوا له شركاء.
الرابعة- ودلت الآية على أن الحمل مرض من الأمراض. روى ابن القاسم ويحيى عن مالك قال: أول الحمل يسر وسرور، وآخره مرض من الأمراض. وهذا الذي قاله مالك: إنه مرض من الأمراض يعطيه ظاهر قوله: "دعوا الله ربهما" وهذه الحالة مشاهدة في الحمال، ولأجل عظم الأمر وشدة الخطب.
جعل موتها شهادةً، كما ورد في الحديث:
وإذا ثبت هذا من ظاهر الآية فحال الحامل حال المريض في أفعاله. ولا خلاف بين علماء الأمصار أن فعل المريض فيما يهب ويحابي في ثلثه. وقال أبو حنيفة والشافعي: إنما يكون ذلك في الحامل بحال الطلق، فأما قبل ذلك فلا. واحتجوا بأن الحمل عادة والغالب فيه السلامة. قلنا: كذلك أكثر الأمراض غالبه السلامة، وقد يموت من لم يمرض.
الخامسة- قال مالك: إذا مضت للحامل ستة أشهر من يوم حملت لم يجز لها قضاء في مالها إلا في الثلث. ومن طلق زوجته وهي حامل طلاقاً بائناً فلما أتى عليها ستة أشهر فأراد ارتجاعها لم يكن له ذلك، لأنها مريضة ونكاح المريضة لا يصح.
السادسة- قال يحيى: وسمعت مالكاً يقول في الرجل يحضر القتال: إنه إذا زحف في الصف للقتال لم يجز له أن يقضي في ماله شيئاً إلا في الثلث، وإنه بمنزلة الحامل والمريض المخوف عليه ما كان بتلك الحال. ويلتحق بهذا المحبوس للقتل في قصاص. وخالف في هذا أبو حنيفة والشافعي وغيرهما. قال ابن العربي: وإذا استوعبت النظر لم ترتب في أن المحبوس على القتل أشد حالاً من المريض، وإنكار ذلك غفلة في النظر، فإن سبب الموت موجود عندهما، كما أن المرض سبب الموت، قال الله تعالى: "ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون". وقال رويشد الطائي:
يا أيها الراكب المزجي مطيته سائل بني أسد ما هذه الصوت
وقل لهم بادروا بالعذر والتمسوا قولاً يبرئكم إني أنا الموت
ومما يدل على هذا قوله تعالى: "إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر" [الأحزاب: 10]. فكيف يقول الشافعي وأبو حنيفة: الحال الشديدة إنما هي المبارزة، وقد أخبر الله عز وجل عن مقاومة العدو وتداني الفريقين بهذه الحالة العظمى من بلوغ القلوب الحناجر، ومن سوء الظنون بالله، ومن زلزلة القلوب واضطرابها، هل هذه حالة ترى على المريض أم لا؟ هذا ما لا شك فيه منصف، وهذا لمن ثبت في اعتقاده، وجاهد في الله حق جهاده، وشاهد الرسول وآياته، فكيف بنا؟
السابعة- وقد اختلف علماؤنا في راكب البحر وقت الهول، هل حكمه حكم الصحيح أو الحامل. فقال ابن القاسم: حكمه حكم الصحيح. وقال ابن وهب وأشهب: حكمه حكم الحامل إذا بلغت ستة أشهر. قال القاضي أبو محمد: وقولهما أقيس، لأنها حالة خوف على النفس كإثقال الحمل. قال ابن العربي: وابن القاسم لم يركب البحر، ولا رأى دوداً على عود. ومن أراد أن يوقن بالله أنه الفاعل وحده لا فاعل معه، وأن الأسباب ضعيفة لا تعلق لموقن بها، ويتحقق التوكل والتفويض فليركب البحر.
ينبه تعالى على أنه خلق جميع الناس من آدم عليه السلام. وأنه خلق منه زوجته حواء ثم انتشر الناس منهما, كما قال تعالى: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم" وقال تعالى: "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها" الاية, وقال في هذا الاية الكريمة "وجعل منها زوجها ليسكن إليها" أي ليألفها ويسكن بها, كقوله تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" فلا ألفة بين روحين أعظم مما بين الزوجين, ولهذا ذكر تعالى أن الساحر ربما توصل بكيده إلى التفرقة بين المرء وزوجه "فلما تغشاها" أي وطئها "حملت حملاً خفيفاً" وذلك أول الحمل لا تجد المرأة له ألماً, إنما هي النطفة ثم العلقة ثم المضغة.
وقوله "فمرت به" قال مجاهد: استمرت بحمله, وروي عن الحسن وإبراهيم النخعي والسدي نحوه, وقال ميمون بن مهران عن أبيه: استخفته. وقال أيوب: سألت الحسن عن قوله "فمرت به" قال: لو كنت رجلاً عربياً لعرفت ما هي إنما هي فاستمرت به, وقال قتادة "فمرت به" استبان حملها. وقال ابن جرير: معناه استمرت بالماء قامت به وقعدت. وقال العوفي عن ابن عباس: استمرت به فشكت أحملت أم لا ؟ "فلما أثقلت" أي صارت ذات ثقل بحملها. وقال السدي: كبر الولد في بطنها "دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحاً" أي بشراً سوياً, كما قال الضحاك عن ابن عباس: أشفقا أن يكون بهيمة, وكذلك قال أبو البختري وأبو مالك: أشفقا أن لا يكون إنساناً.
وقال الحسن البصري: لئن آتيتنا غلاماً " لنكونن من الشاكرين * فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون " يذكر المفسرون ههنا آثاراً وأحاديث سأوردها وأبين ما فيها, ثم نتبع ذلك ببيان الصحيح في ذلك إن شاء الله وبه الثقة, قال الإمام أحمد في مسنده: حدثنا عبد الصمد: حدثنا عمر بن إبراهيم, حدثنا قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لما ولدت حواء طاف بها إبليس, وكان لا يعيش لها ولد, فقال: سميه عبد الحارث فإنه يعيش, فسمته عبد الحارث فعاش, وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره" وهكذا رواه ابن جرير عن محمد بن بشار عن بندار عن عبد الصمد بن عبد الوارث به, ورواه الترمذي في تفسير هذه الاية عن محمد بن المثنى عن عبد الصمد به, وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عمر بن إبراهيم, ورواه بعضهم عن عبد الصمد ولم يرفعه, ورواه الحاكم في مستدركه من حديث عبد الصمد مرفوعاً, ثم قال: هذا حديث صحيح الإسناد, ولم يخرجاه. ورواه الإمام أبو محمد بن أبي حاتم في تفسيره عن أبي زرعة الرازي عن هلال بن فياض عن عمر بن إبراهيم به مرفوعاً.
وكذا رواه الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره من حديث شاذ بن فياض عن عمر بن إبراهيم مرفوعاً, قلت: وشاذ هو هلال, وشاذ لقبه, والغرض أن هذا الحديث معلول من ثلاثة أوجه (أحدها) أن عمر بن إبراهيم هذا هو البصري وقد وثقه ابن معين, ولكن قال أبو حاتم الرازي: لا يحتج به, ولكن رواه ابن مردويه من حديث المعتمر عن أبيه عن الحسن عن سمرة مرفوعاً, فالله أعلم. (الثاني) أنه قد روي من قول سمرة نفسه ليس مرفوعاً, كما قال ابن جرير: حدثنا ابن عبد الأعلى, حدثنا المعتمر عن أبيه, حدثنا بكر بن عبد الله بن سليمان التيمي عن أبي العلاء بن الشخير عن سمرة بن جندب قال: سمى آدم ابنه عبد الحارث. (الثالث) أن الحسن نفسه فسر الاية بغير هذا, فلو كان هذا عنده عن سمرة مرفوعاً لما عدل عنه. قال ابن جرير: حدثنا ابن وكيع حدثنا سهل بن يوسف عن عمرو عن الحسن "جعلا له شركاء فيما آتاهما" قال: كان هذا في بعض أهل الملل ولم يكن بآدم.
وحدثنا محمد بن عبد الأعلى, حدثنا محمد بن ثور عن معمر قال: قال الحسن: عنى بها ذرية آدم ومن أشرك منهم بعده يعني "جعلا له شركاء فيما آتاهما". وحدثنا بشر, حدثنا يزيد, حدثنا سعيد عن قتادة قال: كان الحسن يقول هم اليهود, والنصارى رزقهم الله أولاداً فهودوا ونصروا, وهذه أسانيد صحيحة عن الحسن رضي الله عنه أنه فسر الاية بذلك, وهو من أحسن التفاسير وأولى ما حملت عليه الاية, ولو كان هذا الحديث عنده محفوظاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عدل عنه هو ولا غيره ولا سيما مع تقواه لله وورعه, فهذا يدلك على أنه موقوف على الصحابي, ويحتمل أنه تلقاه من بعض أهل الكتاب من آمن منهم مثل كعب أو وهب بن منبه وغيرهما, كما سيأتي بيانه إن شاء الله إلا أننا برئنا من عهدة المرفوع, والله أعلم.
فأما الاثار فقال محمد بن إسحاق بن يسار عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال: كانت حواء تلد لادم عليه السلام أولاداً فيعبدهم لله ويسميهم عبد الله وعبيد الله ونحو ذلك, فيصيبهم الموت, فأتاهما إبليس فقال: إنكما لو سميتماه بغير الذي تسميانه به لعاش, قال: فولدت له رجلاً فسماه عبد الحارث, ففيه أنزل الله يقول " هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين * فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما " إلى آخر الاية, وقال العوفي عن ابن عباس قوله في آدم " هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به " شكت أحملت أم لا ؟ "فلما أثقلت دعوا الله ربهما لئن آتيتنا صالحاً لنكونن من الشاكرين" فأتاهما الشيطان, فقال: هل تدريان ما يولد لكم ؟ أم هل تدريان ما يكون أبهيمة أم لا ؟ وزين لهما الباطل, إنه غوي مبين, وقد كانت قبل ذلك ولدت ولدين فماتا, فقال لهما الشيطان: إنكما إن لم تسمياه بي لم يخرج سوياً ومات كما مات الأول, فسميا ولدهما عبد الحارث, فذلك قول الله تعالى: "فلما آتاهما صالحاً جعلا له شركاء فيما آتاهما" الاية.
وقال عبد الله بن المبارك عن شريك عن خصيف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله "فلما آتاهما صالحاً جعلا له شركاء فيما آتاهما" قال: قال الله تعالى: "هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها" آدم "حملت" فأتاهما إبليس لعنه الله فقال: إني صاحبكما الذي أخرجتكما من الجنة لتطيعاني أو لأجعلن له قرني إبل فيخرج من بطنك فيشقه, ولأفعلن ولأفعلن يخوفهما, فسمياه عبد الحارث فأبيا أن يطيعاه, فخرج ميتاً, ثم حملت الثانية فأتاهما أيضاً فقال: أنا صاحبكما الذي فعلت ما فعلت لتفعلن أو لأفعلن ـ يخوفهما ـ فأبيا أن يطيعاه فخرج ميتاً, ثم حملت الثالثة فأتاهما أيضاً فذكر لهما فأدركهما حب الولد فسمياه عبد الحارث, فذلك قوله تعالى: "جعلا له شركاء فيما آتاهما" رواه ابن أبي حاتم.
وقد تلقى هذا الأثر عن ابن عباس من أصحابه كمجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة, ومن الطبقة الثانية قتادة والسدي وغير واحد من السلف وجماعة من الخلف, ومن المفسرين من المتأخرين جماعات لا يحصون كثرة, وكأنه ـ والله أعلم ـ أصله مأخوذ من أهل الكتاب, فإن ابن عباس رواه عن أبي بن كعب, كما رواه ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا أبو الجماهر, حدثنا سعيد يعني ابن بشير عن عقبة عن قتادة عن مجاهد عن ابن عباس عن أبي بن كعب قال: لما حملت حواء أتاها الشيطان فقال لها: أتطيعيني ويسلم لك ولدك, سميه عبد الحارث, فلم تفعل, فولد فمات, ثم حملت فقال لها مثل ذلك فلم تفعل, ثم حملت الثالثة فجاءها فقال: إن تطيعيني يسلم وإلا فإنه يكون بهيمة, فهيبهما فأطاعا.
وهذه الاثار يظهر عليها ـ والله أعلم ـ أنها من آثار أهل الكتاب, وقد صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم" ثم أخبارهم على ثلاثة أقسام, فمنها ما علمنا صحته بما دل عليه الدليل من كتاب الله أو سنة رسوله, ومنها ما علمنا كذبه بما دل على خلافه من الكتاب والسنة أيضاً, ومنها ما هو مسكوت عنه فهو المأذون في روايته بقوله عليه السلام "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" وهو الذي لا يصدق ولا يكذب لقوله "فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم" وهذا الأثر هو من القسم الثاني أو الثالث فيه نظر, فأما من حدث به من صحابي أو تابعي فإنه يراه من القسم الثالث, وأما نحن فعلى مذهب الحسن البصري رحمه الله في هذا, وأنه ليس المراد من هذا السياق آدم وحواء, وإنما المراد من ذلك المشركون من ذريته, وهو كالاستطراد من ذكر الشخص إلى الجنس, كقوله "ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح" الاية, ومعلوم أن المصابيح وهي النجوم التي زينت بها السماء ليست هي التي يرمى بها, وإنما هذا استطراد من شخص المصابيح إلى جنسها, ولهذا نظائر في القرآن, والله أعلم.
190- "فلما آتاهما" ما طلباه من الولد الصالح وأجاب دعاءهما "جعلا له شركاء فيما آتاهما". قال كثير من المفسرين: إنه جاء إبليس إلى حواء وقال لها: إن ولدت ولداً فسميه باسمي فقالت: وما اسمك؟ قال: الحرث ولو سمى لها نفسه لعرفته فسمته عبد الحرث، فكان هذا شركاً في التسمية ولم يكن شركاً في العبادة. وإنما قصدا أن الحرث كان سبب نجاة الولد كما يسمي الرجل نفسه عبد ضيفه كما قال حاتم الطائي:
وإني لعبد الضيف ما دام ثاوياً وما في إلا تلك من شيمة العبد
وقال جماعة من المفسرين: إن الجاعل شركاً فيما آتاهما هم جنس بني آدم كما وقع من المشركين منهم ولم يكن ذلك من آدم وحواء، ويدل على هذا جمع الضمير في قوله: "فتعالى الله عما يشركون" وذهب جماعة من الفسرين إلى أن معنى "من نفس واحدة" من هيئة واحدة وشكل واحد "وجعل منها زوجها" أي من جنسها "فلما تغشاها" يعني جنس الذكر جنس الأنثى، وعلى هذا لا يكون لآدم وحواء ذكر في الآية وتكون ضمائر التثنية راجعة إلى الجنسين. وقد قدمنا الإشارة إلى نحو هذا وذكرنا أنه خلاف الأولى لأمور منها "وجعل منها زوجها" بأن هذا إنما هو لحواء، ومنها "دعوا الله ربهما" فإن كل مولود يولد بين الجنسين لا يكون منهما عند مقاربة وضعه هذا الدعاء. وقد قرأ أهل المدينة وعاصم شركاً على التوحيد، وقرأ أبو عمرو وسائر أهل الكوفة بالجمع. وأنكر الأخفش سعيد القراءة الأولى، وأجيب عنه بأنها صحيحة على حذف المضاف: أي جعلا له ذا شرك، أو ذوي شرك.
190 - " فلما آتاهما صالحا " ، بشراً سوياً " جعلا له شركاء فيما آتاهما " ، قرأ أهل المدينة و أبو بكر : " شركا " بكسر الشين والتنوين ، أي : شركة . قال أبو عبيدة : أي حظاً ونصيباً ، وقرأ آخرون : " شركاء " بضم الشين ممدوداً على جمع شريك ، يعني : إبليس ، أخبر عن الواحد بلفظ الجمع . أي : جعلا له شريكاً إذ سمياه عبد الحارث ، ولم يكن هذا إشاركاً في العبادة ولا أن الحارث ربهما ، فإن آدم كان نبياً معصوماً من الشرك ، ولكن قصد إلى أن الحارث كان سبب نجاة الولد وسلامة أمه ، وقد يطلق اسم العبد على من لا يراد به أنه مملوك ، كما يطلق اسم الرب على من لا يراد به أنه معبود هذا ، كالرجل إذا نزل به ضيف يسمي نفسه عبد الضيف ، على وجه الخضوع لا على أن الضيف ربه ، ويقول للغير : أنا عبدك . وقال يوسف لعزيز مصر : إنه ربي ، ولم يرد به انه معبوده ، كذلك هذا .
وقوله : " فتعالى الله عما يشركون " ، قيل : هذا ابتداء كلام وأراد به إشراك أهل مكة ، ولئن أراد به ما يسبق فمستقيم من حيث أنه كان الأولى بهما أن لا يفعلا ما أتيا به من الإشراك في الاسم .
وفي الآية قول آخر : وهو أنه راجع إلى جميع المشركين من ذرية آدم ، وهو قول الحسن وعكرمة ،ومعناه : جعل أولادهما شركاء ، فحذف الأولاد وأقامهما مقامهم ، كما أضاف فعل الآباء إلى الأبناء في تعييرهم بفعل الآباء فقال : " ثم اتخذتم العجل " ، " وإذ قتلتم نفساً " خاطب به اليهود الذين كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان ذلك الفعل من آبائهم . وقيل : هم اليهود والنصارى ، رزقهم الله أولاداً فهودوا ونصروا . وقال ابن كيسان : هم الكفار سموا أولادهم عبد العزى و عبد اللات و عبد مناة ونحوه .
وقال عكرمة : خاطب كل واحد من الخلق بقوله خلقكم أي خلق كل واحد من أبيه وجعل منها زوجها ، أي : جعل من جنسها زوجها ، وهذا قول حسن ، لولا قول السلف مثل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما و مجاهد و سعيد بن المسيب وجماعة المفسرين أنه في آدم وحواء .
قال الله تعالى : " فتعالى الله عما يشركون " .
190. " فلما آتاهما صالحاً جعلا له شركاء فيما آتاهما "أي جعل أولادهما له شركاء فيما آتى أولادهما فسموه عبد العزى وعبد مناف على حذف مضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ، ويدل عليه قوله : " فتعالى الله عما يشركون " .
190. But when He gave unto them aright, they ascribed unto Him partners in respect of that which He had given them. High is He exalted above all that they associate (with Him).
190 - But when he giveth them a goodly child, they ascribe to others a share in the gift they have received: but God is exalted high above the partners they ascribe to him.