[الأعراف : 165] فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ
165 - (فلما نسوا) تركوا (ما ذكروا) وعظوا (به) فلم يرجعوا (أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا) بالاعتداء (بعذاب بئيس) شديد (بما كانوا يفسقون)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فلما تركت الطائفة التي اعتدت في السبت ما أمرها الله به من ترك الاعتداء فيه، وضيعت ما وعظتها الطائفة الواعظة وذكرتها به، من تحذيرها عقوبة الله على معصيتها، فتقدمت على استحلال ما حرم الله عليها، أنجى الله الذين ينهون منهم عن ((السوء))، يعني عن معصية الله واستحلال حرمه، " وأخذنا الذين ظلموا "، يقول: وأخذ الله الذين اعتدوا في السبت، فاستحلوا فيه ما حرم الله من صيد السمك وأكله، فأحل بهم بأسه، وأهلكهم بعذاب شديد بئيس بما كانوا يخالفون أمر الله، فيخرجون من طاعته إلى معصيته، وذلك هو ((الفسق)).
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن جريج في قوله: " فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء "، قال: فلما نسوا موعظة المؤمنين إياهم، الذين قالوا: " لم تعظون قوما ".
حدثني محمد بن المثنى قال: حدثني حرمي قال، حدثني شعبة قال: أخبرني عمارة، عن عكرمة، عن ابن عباس: " أنجينا الذين ينهون عن السوء "، قال: يا ليت شعري، ما السوء الذي نهوا عنه؟
وأما قوله: " بعذاب بئيس "، فإن القرأة اختلفت في قراءته.
فقرأته عامة قرأة أهل المدينة: ((بعذاب بيس))، بكسر الباء وتخفيف الياء، يغير همز، على مثال ((فعل)).
وقرأ ذلك بعض قرأة الكوفة والبصرة: " بعذاب بئيس " على مثال ((فعيل))، من ((البؤس))، بنصب الباء وكسر الهمزة ومدها.
وقرأ ذلك كذلك بعض المكيين، غير أنه كسر باء: ((بئيس)) على مثال ((فعيل)).
وقرأه بعض الكوفيين: ((بيئس)) بفتح الباء وتسكين الياء، وهمزة بعدها مكسورة، على مثال ((فيعل)). وذلك شاذ عند أهل العربية، لأن ((فيعل)) إذا لم يكن من ذوات الياء والواو، فالفتح في عينه الفصيح في كلام العرب، وذلك مثل قولهم في نظيره من السالم: ((صيقل، ونيرب))، وإنما تكسر العين من ذلك في ذوات الياء والواو كقولهم: ((سيد)) ((وميت))، وقد أنشد بعضهم قول امرىء القيس بن عابس الكندي:
كلاهما كان رئيساً بيئسا يضرب في يوم الهياج القونسا
بكسر العين من ((فيعل))، وهي الهمزة من ((بيئس))، نحو القراءة التي ذكرناها قبل هذه، وذلك بفتح الباء وتسكين الياء وفتح الهمزة بعد الياء، على مثال ((فيعل)) مثل ((صيقل)).
وروي عن بعض البصريين أنه قرأه: ((بئس)) بفتح الباء وكسر الهمزة، على مثال ((فعل))، كما قال ابن قيس الرقيات:
ليتني ألقى رقية في خلوة من غير ما بئس
وروي عن آخر منهم أنه قرأ: ((بئس)) بكسر الباء وفتح السين، على معنى: بئس العذاب.
قال أبو جعفر: وأولى هذه القراءات عندي بالصواب، قراءة من قرأة: " بئيس " بفتح الباء، وكسر الهمزة ومدها، على مثال ((فعيل))، كما قال ذو الإصبع العدواني:
حنقاً علي، وما ترى لي فيهم أثراً بئيسا
لأن هذا التأويل أجمعوا على أن معناه: شديد، فدل ذلك على صحة ما اخترنا.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن جريج قال، أخبرني رجل، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: " وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس "، أليم وجيع.
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : " بعذاب بئيس "، قال: شديد.
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : " بعذاب بئيس "، أليم شديد.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة : " بعذاب بئيس "، قال: موجع.
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: " بعذاب بئيس "، قال: بعذاب شديد.
والنسيان يطلق على الساهي. والعامد: التارك، لقوله تعالى: "فلما نسوا ما ذكروا به" أي تركوه عن قصد، ومنه "نسوا الله فنسيهم" [التوبة: 67]. ومعنى "بعذاب بئيس" أي شديد. وفيه إحدى عشرة قراءة: الأولى- قراءة أبي عمرو وحمزة و الكسائي بئيس على وزن فعيل. الثانية- قراءة أهل مكة بئيس بكسر الباء والوزن واحد. والثالثة- قراءة أهل المدينة بيس الباء مكسورة بعدها ياء ساكنة بعدها سين مكسورة منونة، وفيها قولان. قال الكسائي: الأصل فيه بييس خفيفة الهمزة، فالتقت ياءان فحذفت إحداهما وكسر أوله، كما يقال: رغيف وشهيد. وقيل: أراد بئس على وزن فعل، فكسر أوله وخفف الهمزة وحذف الكسرة، كما يقال: رحم ورحم. الرابعة- قراءة الحسن، الباء مكسورة بعدها همزة ساكنة بعدها سين مفتوحة. الخامسة- قرأ أبو عبد الرحمن المقرئ بئس الباء مفتوحة والهمزة مكسورة والسين مكسورة منونة. السادسة- قال يعقوب القارئ: وجاء عن بعض القراء بعذاب بئس الباء مفتوحة والهمزة مكسورة والسين مفتوحة. السابعة- قراءة الأعمش بيئس على وزن فعيل. وروى عنه بيأس على وزن فيعل. وروى عنه بئس بباء مفتوحة وهمزة مشددة مكسورة، والسين في كله مكسورة منونة، أعني قراءة الأعمش. العاشرة- قراءة نصر بن عاصم بعذاب بيس الباء مفتوحة والياء مشددة بغير همز. قال يعقوب القارئ: وجاء عن بعض القراء بئيس الباء مكسورة بعدها همزة ساكنة بعدها ياء مفتوحة. فهذه إحدى عشرة قراءة ذكرها النحاس. قال علي بن سليمان: العرب تقول جاء ببنات بيس أي بشيء رديء. فمعنى بعذاب بيس بعذاب رديء. وأما قراءة الحسن فزعم أبو حاتم أنه لا وجه لها، قال: لأنه لا يقال مررت برجل بئس، حتى يقال: بئس الرجل، أو بئس رجلاً. قال النحاس: وهذا مردود من كلام أبي حاتم، حكى النحويون: إن فعلت كذا وكذا فبها ونعمت. يريدون فبها ونعمت الخصلة. والتقدير على قراءة الحسن: بعذاب بئس العذاب.
يخبر تعالى عن أهل هذه القرية أنهم صاروا إلى ثلاث فرق فرقة ارتكبت المحذور واحتالوا على اصطياد السمك يوم السبت كما تقدم بيانه في سورة البقرة وفرقة نهت عن ذلك واعتزلتهم وفرقة سكتت فلم تفعل ولم تنه ولكنها قالت للمنكرة "لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً" أي لم تنهون هؤلاء وقد علمتم أنهم قد هلكوا واستحقوا العقوبة من الله فلا فائدة في نهيكم إياهم, قالت لهم المنكرة "معذرة إلى ربكم" قرأ بعضهم بالرفع كأنه على تقدير هذه معذرة وقرأ آخرون بالنصب أي نفعل ذلك "معذرة إلى ربكم" أي فيما أخذ علينا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر "ولعلهم يتقون" يقولون ولعل لهذا الإنكار يتقون ما هم فيه ويتركونه ويرجعون إلى الله تائبين فإذا تابوا تاب الله عليهم ورحمهم. قال تعالى: "فلما نسوا ما ذكروا به" أي فلما أبى الفاعلون قبول النصيحة "أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا" أي ارتكبوا المعصية "بعذاب بئيس" فنص على نجاة الناهين وهلاك الظالمين وسكت عن الساكتين لأن الجزاء من جنس العمل فهم لا يستحقون مدحاً فيمدحوا ولا ارتكبوا عظيماً فيذموا ومع هذا فقد اختلف الأئمة فيهم هل كانوا من الهالكين أو من الناجين على قولين, وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً" هي قرية على شاطى البحر بين مصر والمدينة يقال لها أيلة فحرم الله عليهم الحيتان يوم سبتهم وكانت الحيتان تأتيهم يوم سبتهم شرعاً في ساحل البحر فإذا مضى يوم السبت لم يقدروا عليها فمضى على ذلك ما شاء الله ثم إن طائفة منهم أخذوا الحيتان يوم سبتهم فنهتهم طائفة وقالوا تأخذونها وقد حرمها الله عليكم يوم سبتكم, فلم يزدادوا إلا غياً وعتواً وجعلت طائفة أخرى تنهاهم فلما طال ذلك عليهم قالت طائفة من النهاة تعلمون أن هؤلاء قوم قد حق عليهم العذاب "لم تعظون قوماً الله مهلكهم" وكانوا أشد غضباً لله من الطائفة الأخرى فقالوا "معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون" وكل قد كانوا ينهون فلما وقع عليهم غضب الله نجت الطائفتان اللتان قالوا لم تعظون قوماً الله مهلكهم, والذين قالوا معذرة إلى ربكم, وأهلك الله أهل معصيته الذين أخذوا الحيتان فجعلهم قردة, وروى العوفي عن ابن عباس قريباً من هذا, وقال حماد بن زيد عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس في الاية, قال: ما أدري أنجا الذين قالوا "لم تعظون قوماً الله مهلكهم" أم لا ؟ قال فلم أزل به حتى عرفته أنهم قد نجوا فكساني حلة. وقال عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج حدثني رجل عن عكرمة قال جئت ابن عباس يوماً وهو يبكي وإذا المصحف في حجره فأعظمت أن أدنو منه ثم لم أزل على ذلك حتى تقدمت فجلست فقلت: ما يبكيك يا ابن عباس جعلني الله فداك ؟ قال فقال هؤلاء الورقات قال وإذا هو في سورة الأعراف قال تعرف أيلة ؟ قلت نعم قال فإنه كان بها حي من اليهود سيقت الحيتان إليهم يوم السبت ثم غاصت لا يقدرون عليها حتى يغوصوا بعد كد ومؤنة شديدة كانت تأتيهم يوم سبتهم شرعاً بيضاء سماناً كأنها الماخض تنتطح ظهورها لبطونها بأفنيتهم فكانوا كذلك برهة من الدهر, ثم إن الشيطان أوحى إليهم فقال: إنما نهيتهم عن أكلها وأخذها وصيدها يوم السبت فخذوها فيه, وكلوها في غيره من الأيام, فقالت ذلك طائفة منهم وقالت طائفة بل نهيتم عن أكلها وأخذها وصيدها يوم السبت فكانوا كذلك حتى جاءت الجمعة المقبلة فغدت طائفة بأنفسها وأبنائها ونسائها واعتزلت طائفة ذات اليمين وتنحت واعتزلت طائفة ذات اليسار وسكتت وقال الأيمنون ويلكم الله, ننهاكم أن تتعرضوا لعقوبة الله, وقال الأيسرون "لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً" قال الأيمنون "معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون" أي ينتهون, إن ينتهوا فهو أحب إلينا أن لا يصابوا ولا يهلكوا وإن لم ينتهوا فمعذرة إلى ربكم فمضوا على الخطيئة وقال الأيمنون فقد فعلتم يا أعداء الله, والله لا نبايتكم الليلة في مدينتكم والله ما نراكم تصبحون حتى يصبحكم الله بخسف أو قذف أو بعض ما عنده من العذاب فلما أصبحوا ضربوا عليهم الباب ونادوا فلم يجابوا فوضعوا سلماً وأعلوا سور المدينة رجلاً, فالتفت إليهم, فقال: أي عباد الله, قردة والله تعادى تعاوى لها أذناب قال ففتحوا فدخلوا عليهم فعرفت القرود أنسابها من الإنس ولا تعرف الإنس أنسابها من القردة فجعلت القرود يأتيها نسيبها من الإنس فتشم ثيابه وتبكي فيقول: ألم ننهكم عن كذا فتقول برأسها: أي نعم ثم قرأ ابن عباس "فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس" قال: فأرى الذين نهوا قد نجوا ولا أرى الاخرين ذكروا ونحن نرى أشياء ننكرها ولا نقول فيها, قال: قلت جعلني الله فداك ألا ترى أنهم قد كرهوا ما هم عليه وخالفوهم ؟ وقالوا " لم تعظون قوما الله مهلكهم " قال: فأمر لي فكسيت ثوبين غليظين, وكذا روى مجاهد عنه. وقال ابن جرير: حدثنا يونس أخبرنا أشهب بن عبد العزيز عن مالك قال: زعم ابن رومان أن قوله تعالى: "تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعاً ويوم لا يسبتون لا تأتيهم" قال: كانت تأتيهم يوم السبت فإذا كان المساء ذهبت فلا يرى منها شيء إلى يوم السبت الاخر, فاتخذ لذلك رجل خيطاً ووتداً فربط حوتاً منها في الماء يوم السبت حتى إذا أمسوا ليلة الأحد أخذه فاشتواه, فوجد الناس ريحه, فأتوه فسألوه عن ذلك فجحدهم, فلم يزالوا به حتى قال لهم فإنه جلد حوت وجدناه فلما كان السبت الاخر فعل مثل ذلك, ولا أدري لعله قال ربط حوتين فلما أمسى من ليلة الأحد أخذه فاشتواه فوجدوا رائحة فجاؤوا فسألوه فقال لهم: لو شئتم صنعتم كما أصنع فقالوا له: وما صنعت ؟ فأخبرهم ففعلوا مثل ما فعل حتى كثر ذلك وكانت لهم مدينة لها ربض يغلقونها عليهم فأصابهم من المسخ ما أصابهم فغدا عليهم جيرانهم ممن كانوا حولهم يطلبون منهم ما يطلب الناس فوجدوا المدينة مغلقة عليهم فنادوا فلم يجيبوهم فتسوروا عليهم فإذا هم قردة فجعل القرد يدنو يتمسح بمن كان يعرف قبل ذلك ويدنو منه ويتمسح به, وقد قدمنا في سورة البقرة من الاثار في خبر هذه القرية ما فيه مقنع وكفاية ولله الحمد والمنة (القول الثاني) أن الساكتين كانوا من الهالكين قال محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال: ابتدعوا السبت فابتلوا فيه فحرمت عليهم فيه الحيتان فكانوا إذا كان يوم السبت شرعت لهم الحيتان ينظرون إليها في البحر فإذا انقضى السبت ذهبت فلم تر حتى السبت المقبل فإذا جاء السبت جاءت شرعاً فمكثوا ما شاء الله أن يمكثوا كذلك ثم إن رجلاً منهم أخذ حوتاً فخزم أنفه ثم ضرب له وتداً في الساحل وربطه وتركه في الماء فلما كان الغد أخذه فشواه فأكله ففعل ذلك وهم ينظرون ولا ينكرون ولا ينهاه منهم أحد إلا عصبة منهم نهوه حتى ظهر ذلك في الأسواق ففعل علانية قال: فقالت: طائفة للذين ينهونهم "لم تعظون قوماً الله مهلكهم أو معذبهم عذاباً شديداً قالوا معذرة إلى ربكم" فقالوا: نسخط أعمالهم " ولعلهم يتقون * فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون * فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين " قال ابن عباس كانوا ثلاثاً ثلث نهوا وثلث قالوا "لم تعظون قوماً الله مهلكهم" وثلث أصحاب الخطيئة فما نجا إلا الذين نهوا وهلك سائرهم, وهذا إسناد جيد عن ابن عباس ولكن رجوعه إلى قول عكرمة في نجاة الساكتين أولى من القول بهذا لأنه تبين حالهم بعد ذلك والله أعلم. وقوله تعالى: "وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس" فيه دلالة بالمفهوم على أن الذين بقوا نجوا. وبئيس فيه قراءات كثيرة ومعناه في قول مجاهد الشديد. وفي رواية أليم وقال قتادة موجع والكل متقارب والله أعلم, وقوله "خاسئين" إي ذليلين حقيرين مهانين .
قوله: 165- "فلما نسوا ما ذكروا به" أي لما ترك العصاة من أهل القرية ما ذكرهم به الصالحون الناهون عن المنكر ترك الناسي للشيء المعرض عنه كلية الإعراض "أنجينا الذين ينهون عن السوء" أي الذين فعلوا النهي، ولم يتركوه "وأخذنا الذين ظلموا" وهم العصاة المعتدون في السبت "بعذاب بئيس" أي شديد من بؤس الشيء يبؤس بأساً إذا اشتد، وفيه إحدى عشرة قراءة للسبعة وغيرهم "بما كانوا يفسقون" أي بسبب فسقهم والجار والمجرور متعلق بأخذنا.
165 - " فلما نسوا ما ذكروا به " أي : تركوا ما وعظوا به ، " أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا " ، يعني الفرقة العاصية ، " بعذاب بئيس " ، أي :شديد وجيع ، من البأس وهو الشدة.
واختلف القراء فيه قرأ أهل المدينة وابن عامر ( بئيس ) بكسر الباء على وزن فعل ، إلا أن ابن عامر يهمزه ،و أبو جعفر و نافع لا يهمزان ، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر بفتح بفتح الباء وسكون الياء وفتح الهمزة على وزن فيعل مثل صيقل ، وقرأ الآخرون على وزن فعيل مثل بعير وصغير .
" بما كانوا يفسقون " ، قال ابن عباس رضي الله عنهما: أسمع الله يقول : " أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس " ، فلا أدري ما فعل بالفرقة الساكتة ؟ قال عكرمة : قلت له : جعلني الله فداك ألا تراهم قد أنكروا وكرهوا ما هم عليه ، وقالوا : لم تعظون قوماً الله مهلكهم ؟ وإن لم يقل الله أنجيتنا فلم يقل : أهلكتهم ، فأعجبه قولي ، فرضي وأمر لي ببردين فكسانيهما .
وقال يمان بن رباب : نجت الطائفتان الذين قالوا لم تعظون قوماً والذين قالوا معذرةً إلى ربكم ، وأهلك الله الذين أخذوا الحيتان . وهذا قول الحسن .
وقال ابن زيد : نجت الناهية ، وهلكت الفرقتان ، وهذه أشد أية في ترك النهي عن المنكر .
165."فلما نسوا " تركوا ترك الناسي . " ما ذكروا به " ما ذكرهم به صلحاؤهم . " أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا " بالاعتداء ومخالفة أمر الله ز " بعذاب بئيس " شديد فعيل من بؤس يبؤس بؤسا إذا اشتد . وقرأ أبو بكر ( بيئس ) على فيعل كضيغم . وابن عامر (بئس ) بكسر الباء وسكون الهمزة على أنه بئس كحذر ،كما قرئ به فخفف عينه بنقل حركتها إلى الفاء ككبد في كبد ، وقرا نافع ( بيس ) كريس على قلب الهمزة ثم إدغامها و( بيس ) بالتخفيف كهين وبائس كفاعل . " بما كانوا يفسقون" بسبب فسقهم .
165. And when they forgot that whereof they had been reminded, We rescued those who forbade wrong, and visited those who did wrong with dreadful punishment because they were evil livers.
165 - When they disregarded the warnings that had been given them, we rescued those who forbade evil; but we visited the wrong doers with a grievous punishment, because they were given to transgression.