[الأعراف : 122] رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ
122 - (رب موسى وهارون) لعلمهم بأن ما شاهدوه من العصا لا يتأتى بالس
" رب موسى وهارون "، لا فرعون، كالذي:
حدثني عبد الكريم قال، حدثنا إبراهيم بن بشار قال، حدثنا سفيان قال، حدثنا أبو سعد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال، لما رأت السحرة ما رأت، عرفت أن ذلك أمر من السماء وليس بسحر، فخروا سجداً، وقالوا: " آمنا برب العالمين * رب موسى وهارون ".
قوله تعالى: "رب موسى وهارون".
يخبر تعالى أنه أوحى إلى عبده ورسوله موسى عليه السلام في ذلك الموقف العظيم الذي فرق الله تعالى فيه بين الحق والباطل يأمره بأن يلقي ما في يمينه وهي عصاه "فإذا هي تلقف" أي تأكل "ما يأفكون" أي ما يلقونه ويوهمون أنه حق وهو باطل قال ابن عباس فجعلت لا تمر بشيء من حبالهم ولا من خشبهم إلا التقمته فعرفت السحرة أن هذا شيء من السماء ليس هذا بسحر فخروا سجداً وقالوا " آمنا برب العالمين * رب موسى وهارون ".
وقال محمد بن إسحاق جعلت تتبع تلك الحبال والعصي واحدة واحدة حتى ما يرى بالوادي قليل ولا كثير مما ألقوا ثم أخذها موسى فإذا هي عصا في يده كما كانت ووقع السحرة سجداً قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون لو كان هذا ساحراً ما غلبنا وقال القاسم بن أبي بزة أوحى الله إليه أن ألق عصاك فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين فاغر فاه يبتلع حبالهم وعصيهم فألقي السحرة عند ذلك سجداً فما رفعوا رؤوسهم حتى رأوا الجنة والنار وثواب أهلهما .
ثم لم يكتفوا بذلك حتى قالوا: 122- "رب موسى وهارون" لئلا يتوهم متوهم من قوم فرعون المقرين بإلهيته أن السجود له.
وقد أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: " ثم بعثنا من بعدهم موسى " قال: إنما سمي موسى، لأنه ألقي بين ماء وشجر فالماء بالقبطية مو والشجر سي. وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد: أن فرعون كان فارسياً من أهل إصطخر. وأخرج أيضاً عن ابن لهيعة: أنه كان من أبناء مصر، وأخرج أيضاً وأبو الشيخ عن محمد بن المنكدر قال: عاش فرعون ثلثمائة سنة. وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طلحة أن فرعون كان قبطياً ولد زنا طوله سبعة أشبار. وأخرج أيضاً عن الحسن قال: كان علجاً من همذان. وأخرج أبو الشيخ عن إبراهيم بن مقسم الهذلي قال: مكث فرعون أربعمائة سنة لم يصدع له رأس. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: "فألقى عصاه" قال: ذكر لنا أن تلك العصا عصا آدم أعطاه إياها ملك حين توجه إلى مدين، فكانت تضيء بالليل ويضرب بها الأرض بالنهار فتخرج له رزقه ويهش بها على غنمه "فإذا هي ثعبان مبين" قال: حية تكاد تساوره. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: لقد دخل موسى على فرعون وعليه زرمانقة من صوف ما تجاوز مرفقيه، فاستأذن على فرعون فقال: أدخلوه، فدخل فقال: إن إلهي أرسلني إليك، فقال للقوم حوله: ما علمت لكم من إله غيري، خذوه. قال: إني قد جئتك بآية، قال: فائت بها إن كنت من الصادقين، فألقى عصاه فصارت ثعباناً بين لحييه ما بين السقف إلى الأرض، وأدخل يده في جيبه فأخرجها مثل البرق تلتمع الأبصار، فخروا على وجوههم وأخذ موسى عصاه ثم خرج ليس أحد من الناس إلا نفر منه، فلما أفاق وذهب عن فرعون الروع قال للملأ حوله: ماذا تأمروني "قالوا أرجه وأخاه" ولا تأتنا به ولا يقربنا "وأرسل في المدائن حاشرين" وكانت السحرة يخشون من فرعون، فلما أرسل إليهم قالوا: قد احتاج إليكم إلهكم؟ قال: إن هذا قعل كذا وكذا، قالوا: إن هذا ساحر سحر " إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين * قال نعم وإنكم لمن المقربين ". وأخرج ابن أبي حاتم عنه قال: عصا موسى اسمها ماشا. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طرق عنه في قوله: "فإذا هي ثعبان مبين" قال: الحية الذكر. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله: "فإذا هي ثعبان مبين" قال: الذكر من الحيات فاتحة فمها واضعة لحيها الأسفل في الأرض والأعلى على سورة القصر، ثم توجهت نحو فرعون لتأخذه، فلما رآها ذعر منها ووثب، فأحدث ولم يكن يحدث قبل ذلك، فصاح يا موسى خذها وأنا أؤمن بربك وأرسل معك بني إسرائيل، فأخذها موسى فصارت عصا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: "أرجه" قال: أخره. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: احبسه وأخاه. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس من طرق في قوله: "وأرسل في المدائن حاشرين" قال: الشرط. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عنه في قوله: "وجاء السحرة" قال: كانوا سبعين رجلاً أصبحوا سحرة وأمسوا شهداء.
وقد اختلفت كلمة السلف في عددهم، فقيل: كانوا سبعين كما قال ابن عباس، وقيل: كانوا إثني عشر، وقيل: خمسة عشر ألفاً، وقيل: سبعة عشر ألفاً، وقيل: تسعة عشر ألفاً، وقيل: ثلاثين ألفاً، وقيل: سبعين ألفاً، وقيل: ثمانين ألفاً، وقيل: ثلثمائة ألف، وقيل: تسعمائة ألف، وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: "إن لنا لأجراً" أي عطاء. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: "فلما ألقوا" قال: ألقوا حبالاً غلاظاً وخشباً طوالاً، فأقبلت يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي قال: ألقى موسى عصاه فأكلت كل حية لهم، فلما رأوا ذلك سجدوا. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة نحوه. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر عن مجاهد في قوله: "تلقف ما يأفكون" قال: ما يكذبون. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله: "تلقف ما يأفكون" قال: ما يكذبون. واخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله: "تلقف ما يأفكون" قال: تسترط حبالهم وعصيهم. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن مسعود وناس من الصحابة قال: التقى موسى وأمير السحرة، فقال له موسى: أرأيتك إن غلبتك أتؤمن بي وتشهد أن ما جئت به حق؟ فقال الساحر: لآتين غداً بسحر لا يغلبه سحر، فوالله لئن غلبتني لأؤمنن بك ولأشهدن أنه حق، وفرعون ينظر إليهما وهو قول فرعون "إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة". وأخرج ابن أبي حاتم عن الأوزاعي قال: لما خر السحرة سجداً رفعت لهم الجنة حتى نظروا إليها.
122 - " رب موسى وهارون " ، قال مقاتل : قال موسى لكبير السحرة تؤمن بي إن غلبتك ؟ فقال : لآتين بسحر لا يغلبه سحر ، ولئن غلبتني لأومنن بك ، وفرعون ينظر .
122. " رب موسى وهارون " أبدلوا الثاني من الأول لئلا يتوهم أنهم أرادوا به فرعون .

122. The Lord of Moses and Aaron.
122 - The Lord of Moses and Aaron.