[الحاقة : 38] فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ
38 - (فلا) زائدة (أقسم بما تبصرون) من المخلوقات
يقول تعالى ذكره : فلا ما الأمر كما تقولون معشر أهل التكذيب بكتاب الله ورسوله أقسم بالأشياء كلها التي تبصرون منها ، والتي لا تبصرون .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله " فلا أقسم بما تبصرون * وما لا تبصرون " قال : أقسم بالأشياء ، حتى أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ،عن ابن عباس ، في قوله " فلا أقسم بما تبصرون * وما لا تبصرون " يقول : بما ترون وبما لا ترون .
قوله تعالى: "فلا أقسم بما تبصرون * وما لا تبصرون" المعنى أقسم بالأشياء كلها ما ترون وما لا ترون. ولا صلة. وقيل: هو رد لكلام سبق، أي ليس الأمر كما يقوله المشركون. وقال مقاتل: سبب ذلك أن الوليد بن المغيرة قال: إن محمداً ساحر. وقال أبو جهل: شاعر. وقال عقبة: كاهن، فقال الله عز وجل: "فلا أقسم" أي أقسم. وقيل: لا ها هنا نفي للقسم، أي لا يحتاج في هذا إلى قسم لوضوح الحق في ذلك، وعلى هذا فجوابه كجواب القسم.
يقول تعالى مقسماً لخلقه بما يشاهدونه من آياته في مخلوقاته الدالة على كماله في أسمائه وصفاته, وما غاب عنهم مما لا يشاهدونه من المغيبات عنهم: إن القرآن كلامه ووحيه وتنزيله على عبده ورسوله الذي اصطفاه لتبليغ الرسالة وأداء الأمانة فقال تعالى: " فلا أقسم بما تبصرون * وما لا تبصرون * إنه لقول رسول كريم " يعني محمداً صلى الله عليه وسلم, أضافه إليه على معنى التبليغ, لأن الرسول من شأنه أن يبلغ عن المرسل ولهذا أضافه في سورة التكوير إلى الرسول الملكي "إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين" وهذا جبريل عليه السلام, ثم قال تعالى: "وما صاحبكم بمجنون" يعني محمداً صلى الله عليه وسلم "ولقد رآه بالأفق المبين" يعني أن محمداً رأى جبريل على صورته التي خلقه الله عليها "وما هو على الغيب بضنين" أي بمتهم.
"وما هو بقول شيطان رجيم" وهكذا قال ههنا "وما هو بقول شاعر قليلاً ما تؤمنون * ولا بقول كاهن قليلاً ما تذكرون" فأضافه الله تارة إلى قول الرسول الملكي وتارة إلى الرسول البشري, لأن كلاً منهما مبلغ عن الله ما استأمنه عليه من وحيه وكلامه, ولهذا قال تعالى: "تنزيل من رب العالمين" قال الإمام أحمد : حدثنا أبو المغيرة , حدثنا صفوان , حدثنا شريح بن عبيد قال: قال عمر بن الخطاب : خرجت أتعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن أسلم, فوجدته قد سبقني إلى المسجد فقمت خلفه فاستفتح سورة الحاقة, فجعلت أعجب من تأليف القرآن قال: فقلت هذا والله شاعر كما قالت قريش, قال: فقرأ "إنه لقول رسول كريم * وما هو بقول شاعر قليلاً ما تؤمنون" قال: فقلت كاهن, قال: فقرأ "ولا بقول كاهن قليلاً ما تذكرون * تنزيل من رب العالمين * ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين" إلى آخر السورة قال: فوقع الإسلام في قلبي كل موضع, فهذا من جملة الأسباب التي جعلها الله تعالى مؤثرة في هداية عمر بن الخطاب رضي الله عنه, كما أوردنا كيفية إسلامه في سيرته المفردة, ولله الحمد والمنة.
38- "فلا أقسم بما تبصرون".
38- "فلا أقسم"، لا رد لكلام المشركين، كأنه قال: ليس كما يقول المشركون أقسم، "بما تبصرون".
38-" فلا أقسم " لظهور الأمر واستغنائه عن التحقيق بالقسم ، أو فـ" أقسم " و " لا " مزيدة أو فلا رد لإنكارهم البعث و " أقسم " مستأنف . " بما تبصرون " .
38. But nay! I swear by all that ye see
38 - So I do call to witness what ye see