[القلم : 13] عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ
13 - (عتل) غليظ جاف (بعد ذلك زنيم) دعي في قريش وهو الوليد بن المغيرة ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة سنة قال ابن عباس لا نعلم أن الله وصف أحدا بما وصفه به من العيوب فألحق به عارا لا يفارقه أبدا وتعلق بزنيم الظرف قبله
ك وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ولا تطع كل حلاف مهين قال نزلت في الأخنس بن شريق ك وأخرج ابن المنذر عن الكلبي مثله ك وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال نزلت في الأسود بن عبد يغوث
ك وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم فلم نعرفه حتى نزل عليه بعد ذلك زنيم فعرفناه له زنمة كزنمة الشاة
وقوله " عتل " يقول : وهو عتل ، والعتل : الجافي الشديد في كفره ، وكل شديد قوي فالعرب تسميه عتلاً ، ومنه ذي الإصبع العدواني :
والدهر يغدو معتلاً جذعاً
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " عتل " العتل : الشديد المنافق .
حدثني إسحاق بن وهب الواسطي ، قال : ثنا أبو عامر العقدي ن قال : ثنا زهير بن محمد ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن وهب الذماري ، قال : تبكي السماء والأرض من رجل أتم الله خلقه ، وأرحب جوفه ، وأعطاه مقضماً من الدنيا ، ثم يكون ظلوماً للناس ، فذلك العتل الزنيم .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن إدريس ، عن ليث ، عن أبي الزبير ، عن عبيد بن عمير ، قال : العتل : الأكول الشروب القوي الشديد ، يوضع في الميزان فلا يزن شعيرة ، يدفع الملك من أولئك سبعين ألفاً دفعة في جهنم .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن منصور ، عن أبي رزين ، في قوله " عتل بعد ذلك زنيم " قال : العتل : الشديد .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي رزين ، في قوله " عتل بعد ذلك زنيم " قال : العتل : الصحيح .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ثني معاوية بن صالح ، عن كثير بن الحارث ، عن القاسم ، مولى معاوية قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العتل الزنيم ، قال : الفاحش اللئيم " .
قال معاوية ، وثني عياض بن عبد الله الفهري ، عن موسى بن عقبة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بمثل ذلك .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله " عتل بعد ذلك زنيم " قال : فاحش الخلق ، لئيم الضريبة .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله " عتل بعد ذلك زنيم " قال الحسن و قتادة : هو الفاحش اللئيم الضريبة .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ، في قوله " عتل " قال : هو الفاحش اللئيم الضريبة .
قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن زيد بن أسلم ، قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تبكي السماء من عبد أصح الله جسمه ، وأرحب جوفه ، وأعطاه من الدنيا مقضماً ، فكان الناس ظلوماً ، فذلك العتل الزنيم ".
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن أبي رزين ، قال العتل : الصحيح الشديد .
حدثني جعفر بن محمد البزوري ، قال : ثنا أبو زكريا ، وهو يحيى بن مصعب ، عن عمر بن نافع ، قال : سئل عكرمة ، عن " عتل بعد ذلك زنيم " فقال : ذلك اللئيم الكافر .
حدثني علي بن الحسن الأزدي قال ثنا يحيى يعني ابن اليمان عن أبي الأشهب عن الحسن في قوله " عتل بعد ذلك زنيم "قال : الفاحش اللئيم الضريبة .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا معاذ بن هشام ، قال : ثني أبي ، عن قتادة ، قال : العتل الزنيم : الفاحش اللئيم الضريبة .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " عتل " قال : شديد الأشر .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول " عتل " قال : العتل : الشديد " بعد ذلك زنيم " ومعنى ( بعد ) في هذا الموضع معنى مع ، وتأويل الكلام ( عتل بعد ذلك وزنيم ) : أي مع العتل زنيم .
وقوله : ( زنيم ) والزنيم في كلام العرب : الملصق بالقوم وليس منهم ، ومنه قول حسان بن ثابت :
وأنت زنيم نيط في آل هاشم كما نيط خلف الراكب القدح الفرد
وقال آخر :
زنيم ليس يعرف من أبوه بغي ذو حسب لئيم
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس " زنيم " قال : الزنيم : الدعي ، ويقال : الزنيم : رجل كانت به زنمة يعرف بها ، ويقال : هو الأخنس بن شريق الثقفي حليف بني زهرة ، وزعم ناس من بني زهرة أن الزنيم هو : الأسود بن عبد يغوث الزهري ، وليس به .
حدثنا أبو كريب ، قال : أخبرنا ابن إدريس ، قال : ثنا هشام ، عن عكرمة ، قال : هو الدعي .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ثني سليمان بن بلال ، عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب ، أنه سمعه يقوله في هذه الآية " عتل بعد ذلك زنيم " قال سعيد : هو الملصق بالقوم ليس منهم .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن جابر ، عن الحسن ، عن سعيد بن جبير ، قال : الزنيم ، الذي يعرف بالشر ، كما تعرف الشاة بزنمتها ، الملصق .
وقال آخرون : هو الذي له زنمة كزنمة الشاة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا عبد الأعلى ، قال : ثنا داود ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أنه قال في الزنيم ، قال : نعت ، فلم يعرف حتى قيل زنيم ، قال : وكانت له زنمة في عنقه يعرف بها .
وقال آخرون : كان دعياً .
حدثني الحسين بن علي الصدائي ، قال : ثنا علي بن عاصم ، قال : ثنا داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في قوله " بعد ذلك زنيم " قال : نزل على النبي صلى الله عليه وسلم " ولا تطع كل حلاف مهين * هماز مشاء بنميم " قال : فلم نعرفه حتى نزل على النبي صلى الله عليه وسلم " بعد ذلك زنيم " قال : فعرفناه له زنمة كزنمة الشاة .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن إدريس ، عن أصحاب التفسير ، قالوا : هو الذي يكون له زنمة كزنمة الشاة .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : الزنيم : يقول : كانت له زنمة في أصل أذنه ، يقال : هو اللئيم الملصق في النسب .
وقال آخرون : هو المريب .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا تميم بن المنتصر ، قال : ثنا إسحاق ، عن شريك ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، في قوله " عتل بعد ذلك زنيم " قال : زنيم : المريب الذي يعرف بالشر .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن جابر ، عن الحسن بن مسلم ، عن سعيد بن جبير قال : الزنيم : الذي يعرف بالشر .
وقال آخرون : هو الظلوم .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله " زنيم " قال : ظلوم .
وقال آخرون : هو الذي يعرف بابنة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن ابي إسحاق ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أنه قال في الزنيم : الذي يعرف بأبنة ، قال أبو إسحاق : وسمعت الناس في إمرة زيادة يقولون : العتل : الدعي .
وقال آخرون : هو الجلف الجافي .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن المثنى ، قل : ثني عبد الأعلى ، قال : ثنا داود بن أبي هند ، قال : سمعت شهر بن حوشب يقول : هو الجلف الأكول الشروب من الحرام .
وقال آخرون : هو علامة الكفر .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، ثنا ابن يمان ، عن سفيان ، عن منصور ، عن أبي رزين ، قال : الزنيم : علامة الكافر .
حدثني ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن أبي رزين ، قال : الزنيم : علامة الكافر .
حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، أنه كان يقول : الزنيم يعرف بهذا الوصف كما تعرف الشاة .
وقال آخرون : هو الذي يعرف باللؤم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن خصيف ، عن عكرمة ، قال : الزنيم : الذي يعرف باللؤم ، كما تعرف الشاة بزنمتها .
وقال آخرون : هو الفاجر .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي رزين في قوله " عتل بعد ذلك زنيم " قال : الزنيم : الفاجر .
"عتل بعد ذلك زنيم" العتل الجافي الشديد في كفره. وقال الكلبي والفراء: هو الشديد الخصومة بالباطل. وقيل: إنه الذي يعتل الناس فيجرهم إلى حبس أو عذاب. مأخوذ من العتل وهو الجر، ومنه قوله تعالى" خذوه فاعتلوه" الدخان:47 .
وفي الصحاح: وعتلت الرجل أعتله وأعتله إذا جذبته جذباً عنيفاً. ورجل معتل بالكسر وقال يصف فرساً: نفرعه فرعاً ولسنا نعتله
وقال ابن السكيت: عتله وعتنه، باللام والنون جميعاً. والعتل: الغليظ الجافي. والعتل أيضاً: الرمح الغليظ، ورجل عتل بالكسر بين العتل، أي سريع إلى الشر. ويقال: لا أنعتل معك، أي لا أبرح مكاني. وقال عبيد بن عمير: العتل الأكول الشروب القوي الشديد يوضع في الميزان فلا يزن شعيرة، يدفع الملك من أولئك في جهنم بالدفعة الواحدة سبعين ألفاً. وقال علي بن أبي طالب والحسن: العتل الفاحش السيئ الخلق. وقال معمر: هو الفاحش اللئيم. قال الشاعر:
بعتـل مـن الـرجال زنيـم غيـر ذي نجـدة وغـير كـريم
وفي صحيح مسلم. عن حارثة بن وهب "سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أخبركم بأهل الجنة - قالوا بلى قال - كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره. ألا أخبركم بأهل النار - قالوا بلى قال - كل عتل جواظ مستكبر" . في رواية عنه كل جواظ زنيم متكبر. الجواظ: قيل هو الجموع المنوع. وقيل: الكثير اللحم المختال في مشيته. وذكر الماوردي عن شهر بن خوشب عن عبد الرحمن بن غنم، ورواه ابن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يدخل الجنة. جواظ ولا جعظري ولا العتل الزنيم" . فقال رجل: ما الجواظ وما الجعظري وما العتل الزنيم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجواظ الذي جمع ومنع . والجعظري الغليظ. والعتل الزنيم الشديد الخلق الرحيب الجوف المصحح الأكول الشروب الواجد للطعام الظلوم للناس . وذكره الثعلبي: عن شداد بن أوس: "لا يدخل الجنة جواظ ولا جعظري ولا عتل زنيم" سمعتهن من النبي صلى الله عليه وسلم قلت: وما الجواظ ؟ قال: الجماع المناع. قلت: وما الجعظري؟ قال :الفظ الغليظ. قلت: وما العتل الزنيم ؟ فقال: الرحيب الجوف الوثير الخلق الأكول الشروب الغشوم الظلوم.
قلت: فهذا التفسير من النبي صلى الله عليه وسلم في العتل في أربى على أقوال المفسرين. ووقع في كتاب أبي داود في تفسير الجواظ أنه اللفظ الغليظ. ذكره من حديث حارثة بن وهب الخزاعي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة الجواظ ولا الجعظري" قال: والجواظ اللفظ الغليظ. ففيه تفسيرانن مرفوعان حسب ما ذكرناه أولاً. وقد قيل: إنه الجافي القلب. وعن زين بن أسلم في قوله تعالى: "عتل بعد ذلك زنيم" قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " تبكي السماء من رجل أصح الله جسمه ورحب جوفه وأعطاه من الدنيا بعضاً فكان للناس ظلوماً فذلك العتل الزنيم. وتبكي من الشيخ الزاني ما تكاد الأرض تقله" والزنيم الملصق بالقوم الدعي، عن ابن عباس وغيره. قال الشاعر:
زنيـم تـداعـاه الـرجال زيـادةً كما زيد في عوض الأديم الأكارع
وعن ابن عباس أيضاً:أنه رجل من قريش كانت له زنمة كزنمة الشاة. وروي عنه ابن جبير: أنه الذي يعرف بالشر كما تعرف الشاة بزنمتها. وقال عكرمة: هو اللئيم الذي يعرف بلؤمه كما تعرف الشاة بزنمتها. وقيل: إنه الذي يعرف بالأبنة. وهو مروي ع ن ابن عباس أيضاً : وعنه: أنه الظلوم. فهذه ستة أقوال. وقال مجاهد: زنيم كانت له ستة أصابع في يده، في كل إبهام له إصبع زائدة. وعنه أيضاً و سعيد بن المسيب وعكرمة: هو ولد الزني المحلق في النسب بالقوم. وكان الوليد دعيا في قريش ليس من سنخهم، ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة سنة من مولده. قال الشاعر:
زنيـم ليـس يعرف مـن أبـوه بغـي الأم ذو حســب لئيــم
وقال حسان:
وأنت زنيـم نيـط في آل هاشم كما نيظ خلف الراكب القدح الفرد
قلت: وهذا هو القول الأول بعينه. وعن علي رضي الله عنه: أنه الذي لا أصل له ، والمعنى واحد. وروي: أن النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يدخل الجنة ولد زنى ولا ولده ولا ولد ولده " وقال عبد الله بن عمر: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن أولاد الزنى يحشرون يوم القيامة في صورة القردة والخنازير" وقالت ميمونه: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما تزال أمتي بخير ما لم يفش فيهم ولد الزنى فإذا فاش فيهم ولد الزنى أوشك أن يعمهم الله بعقاب" وقال عكرمة: إذا كثر ولد الزنى قحط المطر.
قلت: أما الحديث الأول والثاني فما أظن لهما سنداً يصح، وأما حديث ميمونة وما قال عكرمة ففي صحيح مسلمعن زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: " خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فزعاً محمراً وجهه يقول: لا إله إلا الله. ويل للعرب من شر قد اقترب. فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها. قالت فقلت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال: نعم إذا كثر الخبث" خرجه البخاري. وكثرة الخبث ظهور الزنى وأولاد الزنى، كذا فسره العلماء. وقول عكرمة قحط المطر تبيين لما يكون به الهلاك. وهذا يحتاج إلى توقيف، وهو أعلم من أين قاله. ومعظم المفسرين على أن هذا نزل في الوليد بن المغيرة، وكان يطعم أهل منى حيساً ثلاثة أيام، وينادي ألا لا يوقدن أحد تحت برمة، ألا لا يدخنن أحد بكراع، ألا ومن أراد الحيس فليأت الوليد بن المغيرة. وكان ينفق في الحجة الواحدة عشرين ألفاً وأكثر، ولا يعطي المسكين درهماً واحداً فقيل: مناع للخير . وفيه نزل: "وويل للمشركين" "الذين لا يؤتون الزكاة" فصلت:7 . وقال محمد بن إسحاق: نزلت في الأخنس بن شريق، لأنه حليف ملحق في بني زهرة، فلذلك سمي زنيما. وقال ابن عباس: في هذه الآية نعت، فلم يعرف حتى قتل فعرف، وكان له زنمة في عنقه معلقة يعرف بها. وقال مرة الهمداني : إنما ادعاه بعد ثماني عشرة سنة.

يقول تعالى كما أنعمنا عليك وأعطيناك الشرع المستقيم والخلق العظيم " فلا تطع المكذبين * ودوا لو تدهن فيدهنون " قال ابن عباس : لو ترخص لهم فيرخصون. وقال مجاهد "ودوا لو تدهن" تركن إلى آلهتهم وتترك ما أنت عليه من الحق. ثم قال تعالى: " ولا تطع كل حلاف مهين " وذلك أن الكاذب لضعفه ومهانته إنما يتقي بأيمانه الكاذبة التي يجترىء بها على أسماء الله تعالى واستعمالها في كل وقت في غير محلها, قال ابن عباس : المهين الكاذب, وقال مجاهد : هو الضعيف القلب, قال الحسن : كل حلاف مكابر مهين ضعيف.
وقوله تعالى: "هماز" قال ابن عباس وقتادة : يعني الاغتياب "مشاء بنميم" يعني الذي يمشي بين الناس ويحرش بينهم وينقل الحديث لفساد ذات البين وهي الحالقة, وقد ثبت في الصحيحين من حديث مجاهد عن طاوس عن ابن عباس قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال "إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير, أما أحدهما فكان لا يستتر من البول, وأما الاخر فكان يمشي بالنميمة" الحديث. وأخرجه بقية الجماعة في كتبهم من طرق عن مجاهد به.
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية , حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن همام أن حذيفة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يدخل الجنة قتات" رواه الجماعة إلا ابن ماجه من طرق عن إبراهيم به, وحدثنا عبد الرزاق , حدثنا الثوري عن منصور عن إبراهيم عن همام عن حذيفة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يدخل الجنة قتات" يعني نماماً, وحدثني يحيى بن سعيد القطان , حدثنا أبو سعيد الأحول عن الأعمش , حدثني إبراهيم منذ نحو ستين سنة عن همام بن الحارث قال: مر رجل على حذيفة , فقيل إن هذا يرفع الحديث إلى الأمراء, فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول, أو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة قتات" وقال أحمد : حدثنا هشام , حدثنا مهدي عن واصل الأحدب عن أبي وائل قال: بلغ حذيفة عن رجل أنه ينم الحديث فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يدخل الجنة نمام".
وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق , أنبأنا معمر عن ابن خثيم عن شهر بن حوشب , عن أسماء بنت يزيد بن السكن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أخبركم بخياركم ؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الذين إذا رؤوا ذكر الله عز وجل ثم قال: ألا أخبركم بشراركم المشاؤون بالنميمة المفسدون بين الأحبة الباغون للبرآء العنت" ورواه ابن ماجه عن سويد بن سعيد عن يحيى بن مسلم عن ابن خثيم به وقال الإمام أحمد : حدثنا سفيان عن ابن أبي حسين عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم "خيار عباد الله الذين إذا رؤوا ذكر الله, وشرار عباد الله المشاؤون بالنميمة المفرقون بين الأحبة الباغون للبرآء العنت".
وقوله تعالى: "مناع للخير معتد أثيم" أي يمنع ما عليه وما لديه من الخير "معتد" في تناول ما أحل الله له يتجاوز فيها الحد المشروع "أثيم" أي يتناول المحرمات, وقوله تعالى: "عتل بعد ذلك زنيم" أما العتل فهو الفظ الغليظ الصحيح الجموع المنوع. وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع وعبد الرحمن عن سفيان عن معبد بن خالد عن حارثة بن وهب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بأهل الجنة كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره, ألا أنبئكم بأهل النار كل عتل جواظ مستكبر" وقال وكيع "كل جواظ جعظري مستكبر" أخرجاه في الصحيحين وبقية الجماعة إلا أبا داود من حديث سفيان الثوري وشعبة كلاهما عن سعيد بن خالد به. وقال الإمام أحمد أيضاً: حدثنا أبو عبد الرحمن , حدثنا موسى بن علي قال: سمعت أبي يحدث عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عند ذكر أهل النار "كل جعظري جواظ مستكبر جماع مناع" تفرد به أحمد .
قال أهل اللغة: الجعظري الفظ الغليظ. والجواظ الجموع المنوع. وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع , حدثنا عبد الحميد عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العتل الزنيم فقال: "هو الشديد الخلق المصحح الأكول الشروب الواجد للطعام والشراب, الظلوم للناس رحيب الجوف" وبهذا الإسناد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة الجواظ الجعظري العتل الزنيم" وقد أرسله أيضاً غير واحد من التابعين: وقال ابن جرير : حدثنا ابن عبد الأعلى , حدثنا ابن ثور عن معمر عن زيد بن أسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تبكي السماء من عبد أصح الله جسمه. وأرحب جوفه وأعطاه من الدنيا مقضماً فكان للناس ظلوماً قال فذلك العتل الزنيم" وهكذا رواه ابن أبي حاتم من طريقين مرسلين ونص عليه غير واحد من السلف, منهم مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة وغيرهم أن العتل هو المصحح الخلق الشديد القوي في المأكل والمشرب والمنكح وغير ذلك, وأما الزنيم فقال البخاري : حدثنا محمود حدثنا عبيد الله عن إسرائيل عن أبي حصين عن مجاهد عن ابن عباس "عتل بعد ذلك زنيم" قال: رجل من قريش له زنمة مثل زنمة الشاة, ومعنى هذا أنه كان مشهوراً بالسوء كشهرة الشاة ذات الزنمة من بين أخواتها, وإنما الزنيم في لغة العرب هو الدعي في القوم, قاله ابن جرير وغير واحد من الأئمة, وقال: ومنه قول حسان بن ثابت , يعني يذم بعض كفار قريش:
وأنت زنيم نيط في آل هاشم كما نيط خلف الراكب القدح الفرد
وقال آخر:
زنيم ليس يعرف من أبوه بغي الأم ذو حسب لئيم
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا عمار بن خالد الواسطي , حدثنا أسباط عن هشام عن عكرمة عن ابن عباس في قوله: "زنيم" قال: الدعي الفاحش اللئيم. ثم قال ابن عباس :
زنيم تداعاه الرجال زيادة كما زيد في عرض الأديم الأكارع
وقال العوفي عن ابن عباس : الزنيم الدعي, ويقال: الزنيم رجل كانت به زنمة يعرف بها, ويقال: هو الأخنس بن شريق الثقفي حليف بني زهرة, وزعم أناس من بني زهرة أن الزنيم الأسود بن عبد يغوث الزهري وليس به. وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس أنه زعم أن الزنيم الملحق النسب, وقال ابن أبي حاتم : حدثني يونس حدثنا ابن وهب حدثني سليمان بن بلال عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب أنه سمعه يقول في هذه الاية "عتل بعد ذلك زنيم" قال سعيد : هو الملصق بالقوم ليس منهم, وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا عقبة بن خالد عن عامر بن قدامة قال: سئل عكرمة عن الزنيم قال: هو ولد الزنا.
وقال الحكم بن أبان عن عكرمة في قوله تعالى: "عتل بعد ذلك زنيم" قال: يعرف المؤمن من الكافر مثل الشاة الزنماء, والزنماء من الشياه التي في عنقها هنتان معلقتان في حلقها. وقال الثوري عن جابر عن الحسن عن سعيد بن جبير قال: الزنيم الذي يعرف بالشر كما تعرف الشاة بزنمتها والزنيم الملصق. رواه ابن جرير , وروي أيضاً من طريق داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال في الزنيم: نعت فلم يعرف حتى قيل زنيم. قال وكانت له زنمة في عنقه يعرف بها قال: وقال آخرون كان دعياً.
وقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب حدثنا ابن إدريس عن أبيه عن أصحاب التفسير قالوا: هو الذي تكون له زنمة مثل زنمة الشاة, وقال الضحاك : كانت له زنمة في أصل أذنه ويقال: هو اللئيم الملصق في النسب, وقال أبو إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : هو المريب الذي يعرف بالشر, وقال مجاهد : الزنيم الذي يعرف بهذا الوصف كما تعرف الشاة, وقال أبو رزين : الزنيم علامة الكفر, وقال عكرمة : الزنيم الذي يعرف باللؤم كما تعرف الشاة بزنمتها. والأقوال في هذا كثيرة وترجع إلى ما قلناه وهو أن الزنيم هو المشهور بالشر الذي يعرف به من بين الناس وغالباً يكون دعياً ولد زنا, فإنه في الغالب يتسلط الشيطان عليه ما لا يتسلط على غيره كما جاء في الحديث "لا يدخل الجنة ولد زنا" وفي الحديث الاخر "ولد الزنا شر الثلاثة إذا عمل بعمل أبويه".
وقوله تعالى: " أن كان ذا مال وبنين * إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين " يقول تعالى: هذه مقابلة ما أنعم الله عليه من المال والبنين كفر بآيات الله عز وجل وأعرض عنه, وزعم أنها كذب مأخوذ من أساطير الأولين كقوله تعالى: " ذرني ومن خلقت وحيدا * وجعلت له مالا ممدودا * وبنين شهودا * ومهدت له تمهيدا * ثم يطمع أن أزيد * كلا إنه كان لآياتنا عنيدا * سأرهقه صعودا * إنه فكر وقدر * فقتل كيف قدر * ثم قتل كيف قدر * ثم نظر * ثم عبس وبسر * ثم أدبر واستكبر * فقال إن هذا إلا سحر يؤثر * إن هذا إلا قول البشر * سأصليه سقر * وما أدراك ما سقر * لا تبقي ولا تذر * لواحة للبشر * عليها تسعة عشر ".
وقال تعالى ههنا: "سنسمه على الخرطوم" قال ابن جرير : سنبين أمره بياناً واضحاً حتى يعرفوه ولا يخفى عليهم كما لا تخفى عليهم السمة على الخراطيم, وهكذا قال قتادة : "سنسمه على الخرطوم" شين لا يفارقه آخر ما عليه, وفي رواية عنه. سيما على أنفه, وكذا قال السدي وقال العوفي عن ابن عباس "سنسمه على الخرطوم" يقاتل يوم بدر فيخطم بالسيف في القتال.
وقال آخرون "سنسمه" سمة أهل النار يعني نسود وجهه يوم القيامة وعبر عن الوجه بالخرطوم. حكى ذلك كله أبو جعفر بن جرير , ومال إلى أنه لا مانع من اجتماع الجميع عليه في الدنيا والاخرة وهو متجه.
وقد قال ابن أبي حاتم في سورة "عم يتساءلون" حدثنا أبي حدثنا أبو صالح كاتب الليث حدثني خالد بن سعيد عن عبد الملك بن عبد الله , عن عيسى بن هلال الصدفي عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن العبد يكتب مؤمناً أحقاباً ثم أحقاباً ثم يموت والله عليه ساخط, وإن العبد يكتب كافراً أحقاباً ثم أحقاباً ثم يموت والله عليه راض, ومن مات همازاً لمازاً ملقباً للناس كان علامته يوم القيامة أن يسمه الله على الخرطوم من كلا الشفتين".
13- "عتل" قال الواحدي: المفسرون يقولون هو الشديد الخلق الفاحش الخلق. وقال الفراء: هو الشديد الخصومة في الباطل. وقال الزجاج: هو الغليظ الجافي. وقال الليث: هو الأكول المنوع، يقال عتلت الرجل أعتله: إذا جذبته جذباً عنيفاً، ومنه قول الشاعر:
نقرعه قرعاً ولسنا نعتله
"بعد ذلك زنيم" أي هو بعد ما عد من معايبه زنيم، والزنيم هو الدعي الملصق بالقوم وليس هو منهم، مأخوذ من الزنمة المتدلية في حلق الشاة، أو الماعز، ومنه قول حسان:
زنيم تداعاه الرجال زيادة كما زيد في عرض الأديم الأكارع
وقال سعيد بن جبير: الزنيم المعروف بالشر، وقيل هو من قريش كان له زنمة كزنمة الشاة، وقيل هو الظلوم.
13- "عتل"، العتل: الغليظ الجافي. وقال الحسن: هو الفاحش الخلق السيء الخلق. قال الفراء: هو الشديد الخصومة في الباطل. وقال الكلبي: هو الشديد في كفره، وكل شديد عند العرب عتل، وأصله من العتل وهو الدفع بالعنف. قال عبيد بن عمير: العتل الأكول الشروب القوي الشديد في كفره لا يزن في الميزان شعيرة، يدفع الملك من أولئك سبعين ألفاً في النار دفعة واحدة، "بعد ذلك"، أي مع ذلك، يريد ما وصفناه به، "زنيم"، وهو الدعي الملصق بالقوم، وليس منهم. قال عطاء عن ابن عباس: يريد مع هذا هو دعي في قريش وليس منهم. قال مرة الهمداني: إنما أدعاه أبوه بعد ثماني عشرة سنة. وقيل: الزنيم الذي له زنمة كزنمة الشاة.
وروى عكرمة عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية: نعت فلم يعرف حتى قيل زنيم فعرف، وكانت له زنمة في عنقه يعرف بها.
وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: يعرف بالشر كما تعرف الشاة بزنمتها.
قال ابن قتيبة: لا نعلم أن الله وصف أحداً ولا ذكر من عيوبه ما ذكر من عيوب الوليد بن المغيرة فألحق به عاراً لا يفارقه في الدنيا والآخرة.
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان الواعظ، حدثني أبو محمد بن زنجويه بن محمد، حدثنا علي بن الحسين الهلالي، حدثنا عبد الله بن الوليد العدني عن سفيان، حدثني معبد بن خالد القيسي، عن حارثة بن وهب الخزاعي قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بأهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار كل عتل جواظ مستكبر".
13-" عتل " جاف غليظ من عتله إذا قاده بعنف وغلظة . " بعد ذلك " بعدما عد من مثالبه " زنيم " دعي مأخوذ من زنمتي الشاة وهما المتدليتان من أذنها وحلقها ، قيل هو الوليد من المغيرة ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة من مولده . وقيل الأخنس بن شريق أصله من ثقيف وعداده في زهرة .
13. Greedy therewithal, intrusive.
13 - Violent (and cruel), with all that, base born,