[الملك : 26] قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ
26 - (قل إنما العلم) بمجيئه (عند الله وإنما أنا نذير مبين) بين الانذار
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لهؤلاء المستعجليك بالعذاب وقيام الساعة : إنما علم الساعة ومتى تقوم القيامة عند الله لا يعلم ذلك غيره " وإنما أنا نذير مبين " يقول : وما أنا إلا نذير لكم أنذركم عذاب الله على كفركم به " مبين " : قد أبان لكم إنذاره .
قوله تعالى: " قل إنما العلم عند الله" أي لهم يا محمد علم وقت قيام الساعة عند الله، فلا يعلمه غيره، نظيره: "قل إنما علمها عند ربي" الأعراف:187 الآية. "وإنما أنا نذير مبين" أي مخوف ومعلم لكم.
يقول تعالى للمشركين الذين عبدوا معه غيره يبتغون عندهم نصراً ورزقاً, منكراً عليهم فيما اعتقدوه ومخبراً لهم أنه لا يحصل لهم ما أملوه, فقال تعالى: "أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن" أي ليس لكم من دونه من ولي ولا واق ولا ناصر لكم غيره, ولهذا قال تعالى: "إن الكافرون إلا في غرور" ثم قال تعالى: "أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه" أي من هذا الذي إذا قطع الله عنكم رزقه يرزقكم بعده, أي لا أحد يعطي ويمنع ويخلق ويرزق وينصر إلا الله عز وجل وحده لا شريك له, أي وهم يعلمون ذلك ومع هذا يعبدون غيره, ولهذا قال تعالى: "بل لجوا" أي استمروا في طغيانهم وإفكهم وضلالهم "في عتو ونفور" أي في معاندة واستكبار ونفور على إدبارهم عن الحق لا يسمعون له ولا يتبعونه.
ثم قال تعالى: "أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى! أمن يمشي سوياً على صراط مستقيم" وهذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر, فالكافر مثله فيما هو فيه كمثل من يمشي مكباً على وجهه, أي يمشي منحنياً لا مستوياً على وجهه أي لا يدري أين يسلك ولا كيف يذهب بل تائه حائر ضال, أهذا أهدى "أمن يمشي سوياً" أي منتصب القامة "على صراط مستقيم" أي على طريق واضح بين وهو في نفسه مستقيم وطريقه مستقيمة, هذا مثلهم في الدنيا وكذلك يكونون في الاخرة, فالمؤمن يحشر يمشي سوياً على صراط مستقيم مفض به إلى الجنة الفيحاء, وأما الكافر فإنه يحشر يمشي على وجهه إلى نار جهنم.
" احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون * من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم " الايات. أزواجهم: أشباههم. قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا ابن نمير , حدثنا إسماعيل عن نفيع , قال: سمعت أنس بن مالك يقول: قيل يا رسول الله كيف يحشر الناس على وجوههم ؟ فقال: "أليس الذي أمشاهم على أرجلهم قادراً على أن يمشيهم على وجوههم" وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من طريق وقوله تعالى: "قل هو الذي أنشأكم" أي ابتدأ خلقكم بعد أن لم تكونوا شيئاً مذكوراً "وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة" أي العقول والإدراك "قليلاً ما تشكرون" أي قلما تستعملون هذه القوى التي أنعم الله بها عليكم في طاعته وامتثال أوامره وترك زواجره "قل هو الذي ذرأكم في الأرض" أي بثكم ونشركم في أقطار الأرض وأرجائها مع اختلاف ألسنتكم في لغاتكم وألوانكم, وحلالكم وأشكالكم وصوركم "وإليه تحشرون" أي تجمعون بعد هذا التفرق والشتات, يجمعكم كما فرقكم ويعيدكم كما بدأكم. ثم قال تعالى مخبراً عن الكفار المنكرين للمعاد المستبعدين وقوعه " ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين " أي متى يقع هذا الذي تخبرنا بكونه من الاجتماع بعد هذا التفرق " قل إنما العلم عند الله " أي لا يعلم وقت ذلك على التعيين إلا الله عز وجل لكنه أمرني أن أخبركم أن هذا كائن وواقع لا محالة فاحذروه "وإنما أنا نذير مبين" أي وإنما علي البلاغ وقد أديته إليكم.
قال تعالى: "فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا" أي لما قامت القيامة وشاهدها الكفار ورأوا أن الأمر كان قريباً لأن كل ما هو آت آت وإن طال زمنه, فلما وقع ما كذبوا به ساءهم ذلك لما يعلمون ما لهم هناك من الشر أي فأحاط بهم ذلك وجاءهم من أمر الله ما لم يكن لهم في بال ولا حساب " وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون * وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون " ولهذا يقال لهم على وجه التقريع والتوبيخ "هذا الذي كنتم به تدعون" أي تستعجلون.
ثم لما قالوا هذا القول أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يجيب عليهم فقال: 26- "قل إنما العلم عند الله" أي إن وقت قيام الساعة علمه عند الله لا يعلمه غيره. ومثله قوله: "قل إنما علمها عند ربي" ثم أخبرهم أنه مبعوث للإنذار لا للإخبار بالغيب فقال: "وإنما أنا نذير مبين" أنذركم وأخوفكم عاقبة كفركم وأبين لكم ما أمرني الله بيانه.
26- "قل إنما العلم عند الله وإنما أنا نذير مبين".
26-" قل إنما العلم " اي علم وقته . " عند الله " لا يطلع عليه غيره . "وإنما أنا نذير مبين " والإنذار يكفي فيه العلم بل الظن بوقوع المحذر منه .
26. Say: The knowledge is with Allah only, and I am but a plain warner;
26 - Say: As to the knowledge of the time, it is with God alone: I am (sent) only to warn plainly in public.