[الملك : 11] فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ
11 - (فاعترفوا) حيث لا ينفع الاعتراف (بذنبهم) وهو تكذيب النذر (فسحقا) بسكون الحاء وضمها (لأصحاب السعير) فبعدا لهم عن رحمة الله
وقوله " فاعترفوا بذنبهم " يقول : فأقروا بذنبهم ، ووحد الذنب وقد أضيف إلى الجمع ، لأن فيه معنى فعل ، فأدى الواحد عن الجميع ، كما يقال : خرج عطاء الناس ، وأعطية الناس " فسحقا لأصحاب السعير " يقول : فبعداً لأهل النار .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله " فسحقا لأصحاب السعير " يقول : بعداً .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن سعيد بن جبير " فسحقا لأصحاب السعير " قال : سحقاً واد في جهنم ، والقراء على تخفيف الحاء من السحق ، وهو الصواب عندنا لأن الفصيح من كلام العرب ذلك ، ومن العرب من يحركها بالضم .
"فسحقا لأصحاب السعير" أي فبعداً لهم من رحمة الله. وقال سعيد بن جبير وأبو صالح: هو واد في جهنم يقال له السحق. وقرأ الكسائي وأبو جعفر فسحقاً بضم الحاء، ورويت عن علي. الباقون بإسكانها، وهما لغتان مثل السحت والرعب. الزجاج: وهو منصوب على المصدر، أي أسحقهم الله سحقاً، أي باعدهم بعداً. وقال امرؤ القيس:
يجـول بـأطـراف البـلاد مغـرباً وتسحقـه ريح الصبا كل مسحـق
وقال أبو علي: القياس إسحاقاً، فجاء المصدر على الحذف، كما قيل: وإن أهلك فذلك كان قدري أي تقديري. وقيل: إن قوله تعالى: " إن أنتم إلا في ضلال كبير" من قول خزنة جهنم لأهلها.
يقول تعالى: "و" أعتدنا "للذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير" أي بئس المآل والمنقلب "إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقاً" قال ابن جرير : يعني الصياح " وهي تفور " قال الثوري : تغلي بهم كما يغلي الحب القليل في الماء الكثير. وقوله تعالى: "تكاد تميز من الغيظ" أي تكاد ينفصل بعضها عن بعض من شدة غيظها عليهم وحنقها بهم "كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير * قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير" يذكر تعالى عدله في خلقه, وأنه لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه وإرسال الرسول إليه كما قال تعالى: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً" وقال تعالى: " حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين " وهكذا عادوا على أنفسهم بالملامة وندموا حيث لا تنفعهم الندامة فقالوا: "لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير" أي لو كانت لنا عقول ننتفع بها أو نسمع ما أنزله الله من الحق, لما كنا على ما كنا عليه من الكفر بالله والاغترار به, ولكن لم يكن لنا فهم نعي به ما جاءت به الرسل, ولا كان لنا عقل يرشدنا إلى اتباعهم. قال الله تعالى: "فاعترفوا بذنبهم فسحقاً لأصحاب السعير" قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر , حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البحتري الطائي قال: أخبرني من سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لن يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم" وفي حديث آخر "لا يدخل أحد النار إلا وهو يعلم أن النار أولى به من الجنة".
فلما اعترفوا هذا الاعتراف قال الله سبحانه: 11- "فاعترفوا بذنبهم" الذي استحقوا به عذاب النار، وهو الكفر وتكذيب الأنبياء "فسحقاً لأصحاب السعير" أي فبعداً لهم من الله ومن رحمته. وقال سعيد بن جبير وأبو صالح: هو واد في جهنم يقال له السحق. قرأ الجمهور "فسحقاً" بإسكان الحاء. وقرأ الكسائي وأبو جعفر بضمها، وهما لغتان مثل السحت والرعب. قال الزجاج وأبو علي الفارسي: فسحقاً منصوب على المصدر: أي أسحقهم الله سحقاً. قال أبو علي الفارسي: وكان القياس إسحاقاً فجاء فجاء المصدر على الحذف، واللام في "لأصحاب السعير" للبيان كما في "هيت لك".
وقد أخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله: " سبع سماوات طباقا " قال: بعضها فوق بعض. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله: "ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت" قال: ما تفوت بعضه بعضاً تفاوتاً مفرقاً. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عنه أيضاً في قوله: "من تفاوت" قال: من تشقق، وفي قوله: "هل ترى من فطور" قال: شقوق، وفي قوله: "خاسئاً" قال: ذليلاً "وهو حسير" كليل. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً. قال: الفطور الوهي. وأخرج ابن المنذر عنه أيضاً "من فطور" قال: من تشقق أو خلل، وفي قوله: "ينقلب إليك البصر" قال: يرجع إليك "خاسئاً" قال: صاغراً "وهو حسير" قال: معيى ولا يرى شيئاً. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه أيضاً خاسئاً قال: ذليلاً "وهو حسير" قال: عيي مرتجع. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس "تكاد تميز" قال: تتفرق. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه أيضا "تكاد تميز " قال : يفارق بعضها بعضا . وأخرج ابن جرير و ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً "فسحقاً" قال: بعداً.
11- "فاعترفوا بذنبهم فسحقاً"، بعداً، "لأصحاب السعير"، قرأ أبو جعفر والكسائي "فسحقاً" بضم الحاء، وقرأ الباقون بسكونها، وهما لغتان مثل الرعب والرعب والسحت والسحت.
11-" فاعترفوا بذنبهم " حين لا ينفعهم ، والاعتراف إقرار عن معرفة ، والذنب لم يجمع لأنه في الأصل مصدر ، أو المراد به بالكفر . " فسحقاً لأصحاب السعير " فأسحقهم الله سحقاً أبعدهم من رحمته ، والتغليب للإيجاز والمبالغة والتعليل وقرأ الكسائي بالتثقيل .
11. So they acknowledge their sins; but far removed (from mercy) are the dwellers in the flames.
11 - They will then confess their sins: but far will be (Forgiveness) from the Companions of the Blazing Fire!