[الجمعة : 11] وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ
11 - (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها) التجارة لأنها مطلوبهم دون اللهو (وتركوك) في الخطبة (قائما قل ما عند الله) من الثواب (خير) للذين آمنوا (من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين) يقال كل لإنسان يرزق عائلته أي من رزق الله تعالى
أخرج الشيخان عن جابر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إذ أقبلت عير قد قدمت فخرجوا إليها حتى لم يبق معه الا إثنا عشر رجلا فأنزل الله وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما
ك وأخرج ابن جرير عن جابر ايضا قال كان الجواري إذا نكحوا كانوا يمرون بالكير والمزامير ويتركون النبي صلى الله عليه وسلم قائما على المنبر وينفضون اليها فنزلت وكأنها نزلت في الآمرين معا
ك ثم رأيت ابن المنذر أخرجه عن جابر لقصة النكاح وقدوم العير معا من طريق واحد وأنها نزلت في الآمرين فلله الحمد
يقول تعالى ذكره : وإذا رأى المؤمنون عير تجارة أو لهواً " انفضوا إليها " يعني أسرعوا إلى التجارة " وتركوك قائما " يقول للنبي صلى الله عليه وسلم : وتركوك يا محمد قائماً على المنبر ، وذلك أن التجارة التي رأوها فانفض القوم إليها وتركوا النبي صلى الله عليه وسلم قائماً ، كانت زيتاً قدم به دحية بن خليفة من الشام .
ذكر من قال ذلك :
"حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن إسماعيل السدي ، عن أبي مالك ، قال : قدم دحية بن خليفة بتجارة زيت من الشام ، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة ، فلما رأوه قاموا إليه بالبقيع خشوا أن يسبقوا إليه ، قال : فنزلت " وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما " ".
"حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن يمان ، قال : ثنا سفيان ، عن السدي ، عن قرة " إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة " قال : جاء دحية الكلبي بتجارة والنبي صلى الله عليه وسلم قائم في الصلاة يوم الجمعة ، فتركوا النبي صلى الله عليه وسلم وخرجوا إليه ، فنزلت " وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما " حتى ختم السورة ".
"حدثني أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس ، قال : ثنا عبثر ، قال : ثنا حصين ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن جابر بن عبد الله قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجمعة ، فمرت عير تحمل الطعام ، قال : فخرج الناس إلا اثني عشر رجلاً ، فنزلت آية الجمعة ".
"حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، قال : قال الحسن : إن أهل المدينة أصابهم جوع وغلاء سعر ، فقدمت عير والنبي يخطب يوم الجمعة ، فسمعوا بها ، فخرجوا والنبي صلى الله عليه وسلم قائم ، كما قال الله عز وجل ".
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله " وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما " قال : جاءت تجارة فانصرفوا إليها ، وتركوا النبي صلى الله عليه وسلم قائماً ، وإذا رأوا لهواً ولعباً " قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين " .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله " وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها " قال : رجال كانوا يقومون إلى نواضحهم وإلى السفر يبتغون التجارة .
"حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة ، فجعلوا يتسللون ويقومون حتى بقيت منهم عصابة ، فقال : كم أنتم ؟ فعدوا أنفسهم فإذا اثنا عشر رجلاً وامرأة ، ثم قام في الجمعة الثانية فجعل يخطبهم ، قال سفيان : ولا أعلم إلا أن في حديثه ويعظهم ويذكرهم ، فجعلوا يتسللون ويقومون حتى بقيت عصابة ، فقال : كم أنتم ؟ فعدوا أنفسهم ، فإذا اثنا عشر رجلاً وامرأة ، ثم قام في الجمعة الثالثة فجعلوا يتسللون ويقومون حتى بقيت منهم عصابة ، فقال : كم أنتم ؟ فعدوا أنفسهم ، فإذا اثنا عشر رجلاً وامرأة ، فقال : والذي نفسي بيده لو اتبع آخركم أولكم لالتهب عليكم الوادي ناراً ، وأنزل الله عز وجل " وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما "" .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله " انفضوا إليها وتركوك قائما " قال : لو اتبع آخرهم أولهم لالتهب عليهم الوادي ناراً .
قال : ثنا ابن ثور ، قال معمر ، قال : قتادة : فلم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ إلا اثنا عشر رجلاً وامرأة معهم .
حدثنا محمد بن عمارة الرازي ، قال : ثنا محمد بن الصباح ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا حصين ، عن سالم و أبي سفيان ، عن جابر ، في قوله " وتركوك قائما " قال : قدمت عير فانفضوا إليها ، ولم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلاً .
حدثنا عمرو بن عبد الحميد الأملي ، قال : ثنا جرير ، عن حصين عن سالم ، عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائماً يوم الجمعة ، فجاءت عير من الشام ، فانفتل الناس إليها حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلاً ، قال : فنزلت هذه الآية في الجمعة " وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما " وأما اللهو ، فإنه اختلف من أي أجناس اللهو كان ، فقال بعضهم : كان كبراً ومزامير .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن سهل بن عسكر ، قال ثنا يحيى بن صالح ، قال : ثنا سليمان بن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ، قال : كان الجواري إذا نكحوا كانوا يمرون بالكبر والمزامير ويتركون النبي صلى الله عليه وسلم قائماً على المنبر ، وينفضون إليها ، فأنزل الله " وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها " .
وقال آخرون : كان طبلاً .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : اللهو : الطبل .
حدثني الحارث ، قال : ثنا الأشيب ، قال : ثنا ورقاء ، قال : ذكر عبد الله بن أبي نجيح ، عن إبراهيم بن أبي بكر ، عن مجاهد أن اللهو : هو الطبل .
والذي هو أولى بالصواب في ذلك الخبر الذي رويناه عن جابر ، لأنه قد أدرك أمر القوم ومشاهدهم .
وقوله " قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة " يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل لهم يا محمد الذي عند الله من الثواب ، لمن جلس مستمعاً خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وموعظته يوم الجمعة إلى أن يفرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ، خير له من اللهو ومن التجارة التي ينفضون إليها " والله خير الرازقين " يقول : والله خير رازق ، فإليه فارغبوا في طلب أرزاقكم ، وإياه فاسألوا أن يوسع عليكم من فضله دون غيره .
فيه سبع عشر مسألة :
الأولى -: قوله تعالى" وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها " "في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائما يوم الجمعة ،فجاءت عير من الشام فانفتل الناس إليها حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلا - في رواية انا فيهم - فأنزلت هذه الآية التي في الجمعة "وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما" .في رواية :فيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما . وذكر الكلبي وغيره :أن الذي قدم بها دحية بن خليفة الكلبي من الشام عند مجاعة وغلاء سعر ،وكن معه جميع ما يحتاج الناس من بر ودقيق وغيره ،فنزل عند أحجار الزيت ،وضرب بالطبل ليؤذن الناس بقدومه ، فخرج الناس إلا إثنا عشر رجلا . وقيل : أحد عشر رجلا .قال الكلبي وكانوا في خطبة الجمعة فانفضوا إليها ،وبقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية رجال ، حطاه الثعلبي عن ابن عباس ،وذكره الدارقطني من حديث جابر بن عبد الله قال:" بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطنا يوم الجمعة إذا أقبلت عير تحمل الطعام حتى نزلت بالبقيعة ،فالتفتوا إليها وانفضوا إليها وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم معه إلا أربعون رجلا أنا فيهم ".قال : وأنزل الله عز وجل على النبي صلى الله عليه وسلم " وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما " . قال الدارقطني : لم يقل في هذا الإسناد إلا أربعين رجلا غير علي بن عاصم عن حصين وخالفه أصحاب حصين فقالوا : لم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلا .وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قالم : "والذي نفسي بيده لوخرجوا جميعا لأضرم الله عليهم الوادي نارا " ، وذكره الزمخشري :وروي في حديث مرسل أسماء الاثني عشر رجلا ، وراه أسد بن عمرو،والد أسد بن موسى بن اسد .وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبق معه إلا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ،وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص ،وعبد الرحمن بن عوف وابو عبيدة بن الجراح ،وسعيد بن زيد وبلال ، وعبد الله بن مسعود في إحدى الروايتين . وفي الرواية الأخرى عمار بن ياسر .
قلت : لم يذكر جابرا ، وقد ذكره مسلم أنه كان فيهم ، والدارقطني أيضا .فيكونون ثلاثة عشر . وإن كان عبد الله بن مسعود فيهم فهم أربعة عشر .وقد ذكر أبو داود في مراسيله السبب ألذي ترخصوا لأنفسهم في ترك سما ع الخطبة ، وقد كانوا خليقا بفضلهم ألايفعلوا ، فقال حدثنا محمود بن خالد قال حدثنا الوليد قال أخبرني ابو معاد بكر بن معروف أنه سمع مقاتل بن حايان قال :
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الجمعة قبل الخطبة مثل العيدين ،حتى كان يوم جمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب ،وقد صلى الجمعة فدخل رجل فقال : إن دحية بن خليقة الكلبي قدم بتجارة ،وكان دحيحة إذا قدم تلقاه أهله بالدفاف ،فخرج الناس فلم يظنوا إلا أنه ليس في ترك الخطبة شيء ، فأنزل الله عز وجل : "وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها ". فقدم النبي صلى الله عليه وسلم الخطبة يوم الجمعة وأخر الصلاة .وكان لا يخرج أحد لرعاف أو أحداث بعد النهي حتى يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم ،يشر إليه بأصبعه التي تلي الأبهام ، فيأذن له النبي صلى الله عليه وسل ثم يشير إليه بيده فكان من المنافقين من ثقل عليه الخطب والجلوس في المسجد ،وكان إذا استأذن رجل من المسلمين قام النافقون إلى جنبه مستترا به حتى يخرج ،فأنزل الله تعالى :" قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا " [النور : 24 ] الآية .قال السهيلي: وهذا الخبر وإن لم ينقل من وجه ثابت فالظن الجميل بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوجب أن يكون صحيحا . وقال قتادة : وبلغنا أنهم فعلوه ثلاث مرات ، كل مرة عير تقدم من الشام ،وكل ذلك يوافق يوم الجمعة .وقيل : إن خروجهم لقدوم دحية الكلبي بتجارته ونظرهم إلى العير تمر ،لهو لافائدة فيه ، إلا أنه كان مما لاإثم فيه لو وقع على غير ذلك الوجه ، ولكنه لما اتصل به الإعراض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والانقضاض عن حضرته ، غلظ وكبر ونزل فيه من القرآن وتهجينه باسم اللهو ما نزل . وجاء :
"عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:كل ما يلهو به الرجل باطل إلا رميه بقوسه " . الحديث . وقد مضى في سورة الأنفال فلله الحمد .وقال جابر بن عبد الله : كانت الجواري إذا نكحن يمررن بالمزامير والطبل فانفضوا إليها ، فنزلت . وإنمما رد الكناية إلى التجارة لأنها أهم . وقرأ طلحة بن مصرف وإذ رأوا التجارة واللهو انفضوا إليها .وقيل:
نحن بما عندنا وأنت بما عنك راض والرأي مختلف
وقيل: الأجود في العربية أن يجعل الراجل في الذكر للآخر من الأسمين .
الثانية -: واختلف العلماء في العدد الذي تنعقد به الجمعة على أقوال ، فقال الحسن : تنعقد الجمعة باثنين . وقال الليث وأبو يوسف ،تنعقد بثلاثة . وقال سفيان الثوريوأبو حنيفة بأربعة . وقال ربيعة : باثني عشر رجلا .وذكر النجاد أبو بكر احمد بن سليمان قال : حدثنا أبو خالد يزيد بن الهيثم بن طهمان الدقاقحدثنا صبح بن دينار قال حدثنا المعافي بن عمران حدثنا معقل بن عبد الله عن الزهري بسنده إلى مصعب بن عمير :أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى المدينة ،وأنه نزل في دار سعد بن معاذ ، فجمع بهم وهم اثنا عشر رجلا ذبح لهم يومئذ شاة . وقال الشافعي : بأربعين رجلا .وقال أبو إسحاق الشيرازي في ( كتاب التنبيه على مذهب الإمام الشافعي ) : كل قرية فيها أربعون رجلا بالغا عاقلا أحرارا مقيمين ، لا يظعون عنها صيفا ولا شتاء إبا ظعن حالجة وأن يكونوا حاضرين من أول الخطبة إلى أن تقام الجمعة وجبت عليهم الجمعة .ومال أحمد وإسحاقإلى هذا القول ولم يسترطا هذا الشروط. وقال مالك :إذا كانت قرية فيها سوق ومسجد فعليهم الجمعة . وقال أبو حنيفة : لا يجب الجمعة على أهل السواد والقرى ، ولايجوز لهم إقامتها فيها . واشترط في وجوب الجمعة وانعقادها : المصر الجامع والسلطان القاهر ولاسوق القائمة والنهر الجاري .واحتج بحديث علي : لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع ورفقة تعينهم . وهذايرده حديث البن عباس ، قال : أن أول جمعة جمعت بعد جمعة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بقرية من قرى البحرين يقال لها جواثى .وحجة الإمام الشافعي في الأربعين حديث جابر المدكور الذي خرجه الدارقطني .وفي سنن ابن ماجه و الدارقطني أيضا ودلائل النبوة للبيهقي عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال : كنت قائد أبي حين ذهب بصره ،فإذا حرجت به إلى الجمعة فسمع الأذان ، صلى علىأبن أمامة واستغفر له -قال - فمكث كذا حينا لا يسمع الأذان بالجمعة إلا فعل ذلك ،فقلت له :يا أية ، استغفارك لأبي أمامة كلما سمعت أذان الجمعة ،ماهو ؟ قال : أي بني ، هو أول من جمع بالمدينة في هزم من حرة بني بياضة يقال له نقيع الخضمات ، قال قلت : كم أنتم يومئذ ؟ قال أربعون رجلا . وقال جابر بن عبد الله :
مضت السنة أن في كل ثلاثة إماما ، وفي كل أربعين فما فوق ذلك جمعة واضحي وفطرا ، وذلك انهم جماعة .خرجه الدارقطني وروى أبو بكر أحمد بن سلمان النجاد : قرئ على عبد عبد الملك بن محمد الرقاشي وأنا أسمع حدثني رجاء بن سلمة قال حدثنا أبي قال حدثنا روح بن غطيف الثقفي قال حدثني الزهري عن أبي سلمة قال : قلت لأبي هريرة على كم تجب الجمعة من رجل ؟ قال لما بلغ أصحاب رسول الله صلىالله عليه وسلم خسين رجلا حمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .قرئ على عبد الملك بن محمد وأنا أسمع قال حدثنا رجاء بن سلمة قال حدثنا عباد بن عباد المهبلي عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تجب الجمعة على خمسين رجلا ولاتجب على من دون ذلك " قال ابن المنذر : وكتب عمر بن عبد العزيز :أيما قرية إجتمع فيها خمسون رجلا فليصلوا الجمعة .وروى الزهري عن أم عبد الله الدوسرية قالت : "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الجمعة واجبة على كل قرية وإن لم يكن فيها إلا أربعة " .يعني بالقرى : المدائن . لايصح هذا عن الزهري . في رواية الجمعة والجبة علىأهل كل قرية وإن لم يكونوا إلا ثلاثة رابعهم إمامهم .الزهري لا يصح سماعه من الحدوسرية .والحكم هذا متروك .
الثالثة -: وتصح الجمعة بغير إذن الإمام وحضوره .وقال أبو حنيفة :من شرطها لإمام أو خليفة . ودليلنا أن لوليد بن عقبة والي الكوفة أبطأ يوما فصلى ابن مسعود الناس من غير إذنه . وروي أن عليا صلى الجمعة يوم حصر عثمان ولم ينقل أنه استأذنه . وروي أن سعيد بن العاص والي المدينة لما خرج من المدينة صلى أبوموسى بالناس الجمعة من غير استئذان . وقال مالك :إن لله فرائض في أرضه لا يضيعها ، وليها وال أو لم يلها .
الرابعة -: قال علمائنا : من شرط أدائها المسجد المسقف . قال ابن العربي : ولا اعلم وجهه .
قلت : وجهه قوله تعالى : "وطهر بيتي للطائفين " ،وقوله " في بيوت أذن الله أن ترفع " [النور: 36 ] .وحقيقة البيت أن يكون ذا حطان وسقف .هذا العرف ،والله أعلم .
الخامسة -: قوله تعالى : " وتركوك قائما " شرط في قيام الخطيب على المنبر إذا خطب . قال علقمة : سئل عبد الله أكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائما أو قاعدا؟ فقال : أما تقرأ "وتركوك قائما " . وفي صحيح مسلم : عن كعب بن عجرة أنه دخل المسجد وعبد الرحمن بن أم الحكم يخطب قاعدا فقال : انظروا إلى هذا الخبيث ، يخطب قاعدا ! وقال الله تعالى :" وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما " .وخرج عن جابر :"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائما هم يجلس ثم يقوم فخطب ،فمن نبأك أنه يخطب جالسا فقد كذب ، فقد والله صليت معه أكثر من ألفي صلاة "وعلى هذا جمهور الفقهاء وأئمة العلماء .وقال أبو حنيفة : ليس القيام بشرط فيها . ويروى أن أول من خطب قاعدا معاوية .وخطب عثمان قائما حتى رق فخطب قاعدا . وقيل : إ، معاوية إنما خطب قاعدا لسنه . وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائما ثم يقعد ثم يقوم ولا يتكلم في قعدته . رواه جابر بن سمرة . ورواه ابن عمر في كتاب البخاري .
السادسة - : والخطبة شرط في انعقاد الجمعة لا تصح إلا بها ، وهو قول جمهور العلماء .وقال الحسن : هي مستحبة . وكذا قال ابن الماجشون : إنها سنة وليس بفرض .وقال سعيد بن جبير : هي بمنزله الركعتين من صلاة الظهر ، فإذا تركها وصلى الجمعة فقد ترك الركعتين من صلاة الظهر .والدليل على وجوبها قوله تعالى : " وتركوك قائما " .وهذا ذم ،والواجب هو الذي يذم تاركه شرعا ، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلها إلا بخطبة .
السابعة -: ويخطب متوكئا على قوس أو عصا . "وفي سنن ابن ماجة قال حدثنا هشام بن عمار حدثنا عبد الرحمن بن سعيد بن عمار بن سعد قال حدثني أبي عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب في الحرب خطب على قوس ، وإذا خطل في الجمعة خطب على عصا " .
الثامنة -: ويسلم إذا صعد المنبر علىالناس عند الشافعي وغيره . ولم يره مالك .وقد "روى ابن ماجة من حديث جابر بن عبد الله : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صعد المنبر سلم . "
التاسعة -: فإن خطب على غير طهارة الخطبة كلها أو بعضها أساء عند مالك ، ولا إعادة عليه إذا صلى طاهرا .وللشافعي قولان في إيجاب الطهارة ، فشرطها في الجديد ولم يشترطه في القديم . وهوقول أبي حنيفة .
العاشرة -: وأقل مايجري في الخطبة أن يحمد الله ويصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم ،ويوصي بتقوى الله ويقرأ آية من القرآن .ويجب في الثانية أربع كالأولى، إلا أن الواجب بدلا من قراءة الآية في الأولى الدعاء ، قاله أكثر الفقهاء .وقال أبوحنيفة لو اقتصر على التحميد أو التسبيح أو التكبير أجزأه .وعن عثمان رضي الله عنه أنه صعد المنبر فقال : الحمد لله ، وارتج عليه فقال : أن أبا بكر وعمر كانا يعدان لهذا المقام مقالا ، وإنكم إلى إمام فعال أحوج منكم إلى إمام قوال ،وستأتيكم الخطب ، ثم نزل فصلى . وكان ذلك بحضرة الصحابة فلم ينكر عليه أحد . وقال أبو يوسف ومحمد : الواجب ما تناوله اسم خطبة .وهو قول الشافعي : قال أبو عمر بن عبد البر هو أصح ما قيل في ذلك .
الحادية عشلة -: في صحيح مسلم : "عن يعلى بن أمية أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ علىالمنبر " ونادوا يا مالك " [الزخرف : 77] "
وفيه عن عمرة بنت عبد الرحمن عن أخت لعمرة قالت : ما أخذت "ق والقرآن المجيد" إلا من في رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وهو يقرأ بها على المنبر في كل جمعة . وقد مضى في أول ق . وفي مراسيل أبي داود عن الزهري قال: " كان صدر خطبة النبي صلى الله عليه وسلم الحمد لله . نحمده ونستعينه ونستغفره ،ونعوذ به من شرور أنفسنا . من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له . ونشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ،وأرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة . من يطع الله ورسوله فقد رشد ،ومن يعصهما فقد غوى " .نسأل الله ربنا أن يجعلنا ممن يطيعه ويطيع رسوله ،ويتبع رضوانه ويجتنب سخطه ، فإنما نحن به وله .وعنه قال : " بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا خطب : كل ما هو آت قريب ، ولا بعد لما هو آت . لا يعجل الله لعجلة أحد ،ولا يخف لأمر الناس .ماشاء الله لا ما شاء الناس .يريد الله أمر ا ويريد الناس أمرا ،ما شاء الله كان ولو كره الناس .ولا مبعد لما قرب الله ،ولا مقرب لما بعد الله .لايكون شيء إلا بإذن الله جل وغز "
و"قال جابر : كان النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة يخطب فيقول بعد أن يحمد الله ويصلي على أنبيائه :أيها الناس إن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم ، وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم .إن العبد المؤمن بين مخافتين بين أجل قد مضى لا يدري ما الله قاض فيه ،وبين أجل قد بقي لا يدري ما الله صانع فيه .فليأخذ العبد من نفسه لنفسه ، ومن دنياه لآخرته ،ومن الشبيبة قبل الكبر ،ومن الحياة قبل الممات .والذي نفسي بيده مابعد الموت ومن مستعتب ،وما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو لنار .أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ". وقد تقدم ماخطب به عليه الصلاة والسلام أول جمعة عند قدومه المدينة .
الثانية عشر -: السكوت للخطبة واجب علىمن سمعها وجوب سنة .والسنة أن يسكت لها من يسمع ومن لم يسمع ، وهما إن شاء الله في الجر سواء ،ومن تكلم حينئذ لغا ، ولا تفسد صلاته بذلك . وفي الصحيح عن أبي هريرة : " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا قلت لصاحبك انصت يوم الجمعة الإمام يخطب فقد لغوت " .الزمخشري : وإذا قال المنصت لصاحبه صه ، فقد لغا ،أفلا يكون الخطيب الغالي في ذلك لاغيا ؟ نعوذ بالله من غربة الإسلا م ونكد الإيام .
الثالثة عشرة -: ويستقبل الناس الإمام إذا صعد المنبر ،لما رواه أبو داود مرسلا "عن أبان بن عبد الله قال : كنت مع عدي بن ثابت يوم الجمعة ، فلمى خرج الإمام - أو قالم صعد المنبر - استقبله وقال: هكذا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعلون برسول الله صلى الله عليه وسلم ." خرجه ابن ماجة عن عدي بن ثابت عن أبيه ، فزاد في الإسناد :عن أبيه قال : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام على المنبر استقبله أصحابه بوجوههم ".قال ابن ماجة أرجوا أن يكون متصلا .
قلت :وخرج أبو نعيم الحافظ قال حدثنا محمد بن معمر قال حدثنا عبد الله بن محمد ابن ناجية قال حدثنا عبادة بن يعقوب قال حدثنا محمد بن الفضل الخراساني عن منصور عن إبراهيم عن علقمة "عن عبد الله قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استوى علىالمنبر استقبلوناه وبوجوهنا." تفرد به محمد بن الفضل بن عطية عن منصور
الرابعة عشرة -: ولا يركع من دخل المسجد والإمام يخطب ، عند مالك رحمه الله . وهو قول ابن شهاب رحمه الله وغيره .وفي الموطأ عنه :فخروج الإمام يقطع الصلاة ،وكلامه يقطع الكلام .وهذا مرسل .وفي صحيح مسلم من حديث جابر : "عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاء أحدكم يولم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما " وهذا نص في الركوع .وبه يقول الشافعي وغيره .
الخامسة عشرة -: [وذكر ] ابن عون عن ابن سيرين قال: كانوا يكرهون النوم والإمام يخطب ويقولون فيه قولا شديدا .قال ابن عون : ثم لقيني بعد ذلك فقال :تدري مايقولون ؟ يقولون مثلهم كمثل سرية أخفقوا ،ثم قال : هل تدري ماأخفقوا ؟ لم تغنم شيئا ."وعن سمرة بن جندب : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا تعس أحدكم فليتحول إلى مقعد صاحبة ولتحول صاحبه إلى مقعده " .
السادسة عشرة -: نذكر فيها من فضل الجعة وفرضيتها ما لم نذكره . روي الأئمة "عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال : فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله عز وجل شيئا إلا أعطاه إياه " و"في صحيح مسلم من حديث أبي موسى قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقصى الصلاة " ."وروي من حديث أنس : أن النبي صلى الله عليه وسلم أبطأ علينا ذات يوم ، فلما خرج قلنا : احتبست ‍‍! قال :ذلك أن جبريل أتاني بكهيئة المرآة البيضاء فيها نكتة سوداء فقلت ما هذا يا جبري قال هذه الجمعة فيها خير لك ولأمتك وقد أرادها اليهود والنصارى فأخطأوها وهداكم الله لها قلت ياجبريل ماهده النكتة السوداة قال هذه الساعة علتي في يوم الجمعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيرا إلا أعطاه إياه أو أدخر له مثله يوم القيامة اوصرف عنه من السوء مثله وإنه خير الأيام عند الله وإن أهل الجنة يسمونه يوم المزيد " وذكر الحديث . وذكر ابن المبارك ويحيى بن سلام قالا : حدثنا المسعودي عن المنهال بن عمروعن أبي عبيدة بن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود قال: تسارعو إلى الجنة فإن الله تبارك وتعالى يبرز لأهل الجنة كل يوم جمعة في كثيب من كافور أبيض ، فيكونون منه في القرب - قال ابن المبارك - علىقدر تسارعهم إلى الجمعة في الدنيا . وقال يحيى بن سلام : كمسارعتهم إلى الجمعة في الدنيا .وزاد : فيحدث لهم من الكرامة شيئا لم يكونوا رأوه قبل ذلك .قال يحيى : وسمعت غير المسعودي يزيد فيه : وهو قوله تعالى : " ولدينا مزيد " [ق : 35 ] .
قلت : قوله في كثيب يريد أهل الجنة . أي وهم على كثيب ، كما روى الحسن قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إن أهل الجنة ينظرون إلى ربهم فلي كل جمعة على كثيب من كافور لا يرى طرفاه وفيه نهر جار جافتاه المسك عليه جوار يقرأن القرآن بأحسن أصوات سمعها الأولون والآخرون فإذا أنصرفوا إلى منازلهم أخذ كل رجل بيد ما شاء منهن ثم يمرون على قناطر من لؤلؤ إلى منازلهم فلولا أن الله يهديهم إلى منازلهم ما اهتدوا إليها لمايحدث الله لهم في كل جمعة " ذكره يحيى بن سلام . " وعن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : ليلة أسري بي رأيت تحت العرش سبعين مدينة كل مدينة مثل مدائنكم هذه سبعين مرة مملوءة من الملائكة يسبحون الله ويقدسونه ويقولون في تسبيحهم اللهم اغفر لمن شهد الجمعة اللهم اغفر لمن اغتسل يوم الجمعة " ذكره الثعلبي .وخرج القاضي الشريق أبو الحسن علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمي العيسوي من ولد عيسى بن علي بن عبد الله بن عباس رضي الله عنه بإسناد صحيح "عن أبو موسى الأشعري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :إن الله عز وجل يبعث الأيام يوم القيامة علىهيئتها ويبعث الجمعة زهراء منيرة أهلها يحفون بها كالعروس تهدى إلى كريمها تضيء لهم يمشون في ضوئها ،ألوانهم كالثلج بياضا ،وريحهم يسطع كالمسك ، يخوضون في جبال الكافور ، ينظر إليهم الثقلان ما يطرقون تعجبا يدخلون الجنة لايخالطهم أحد إلا المؤذنون المحتسبون " . وفي سنن ابن ماجة "عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :الجمعة إلى الجمعة كفارة مابينهما ما لم تغش الكبائر " خرجه مسلم بمعناه . و"عن أوس الثقفي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :من غسل يوم الجمعة واغتسل وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صياما وقياما " ."وعن جابر بن عبد الله قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:يأ أيها الناس توبوا إلى الله قبل أن تموتوا . وبادروا بالأعمال الصاحة قبل أن تشغلوا . وصلوا الذي بينكم وبين ربكم بكثرة ذكركم له وكثرة الصدقة في السر والعلانية ترزقوا وتنصروا وتؤجروا . واعلموا أن الله قد فرض عليكم الجمعة ي مقامي هذا في شهري هذا في عامي هذا إلى يوم القيامة فمن تركها في حياتي أو بعد مماتي وله إمام عادل أو جائر استخفافا بها أو جحودا لها فلا جمع الله سمله ولا بارك له في أمره . ألا ولا صلا ة له ولازكاة لهولا حج له .ألا ولا صوم له ولا بر له حتى يتوب فمن تاب تاب الله عليه . ألا لا تؤمن امرأة رجلا ولا يؤم أعرابي مهاجرا ولا يؤم فاجر مؤمنا إلا أن يقهره سلطان يخاف سيفه أوسوطه " .
وقال ميمون بن أبي شيبة : أرت الجمعة مع الحجاج فتهيأت للذهاب ،ثم قلت : أين أذهب أصلي خلف هذا الفاجر ؟فشقلت مرة : أذهب ، ومرة لا تذهب ، ثم أمع رأيي على الذهاب ،فناداني مناد من جانب البيت يأ أيها الذي آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع .
السابعة عشرة -: قوله تعالى : " قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة "فيه وجهان :أحدهما - ما عند الله من ثواب خلاتكم خير من لذة لهوكم وفائدة تجارتكم . الثاني - ما عند الله من رزقكم الذي قسمه لكم خير مما اصبتموه من لهوكم وتجارتكم . وقرأ أبو رجاء العطاردي : قل ما عند الله خير من اللهو ومن الجارة للذين آمنوا ."والله خير الرازقين " أي خير من رزق واعطى ، فمنه فاطلبوا ،واستعينوا بطاعته على نيل ماعنده من خير الدنيا والآخرة .
يعاتب تبارك وتعالى على ما كان وقع من الانصراف عن الخطبة يوم الجمعة إلى التجارة التي قدمت المدينة يومئذ فقال تعالى: "وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً" أي على المنبر تخطب, هكذا ذكره غير واحد من التابعين, منهم أبو العالية والحسن وزيد بن أسلم وقتادة, وزعم مقاتل بن حيان أن التجارة كانت لدحية بن خليفة قبل أن يسلم, وكان معها طبل فانصرفوا إليها وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً على المنبر إلا القليل منهم, وقد صح بذلك الخبر فقال الإمام أحمد: حدثنا ابن إدريس عن حصين عن سالم بن أبي الجعد عن جابر قال: قدمت عير مرة المدينة, ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فخرج الناس وبقي اثنا عشر رجلاً فنزلت "وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها" أخرجاه في الصحيحين من حديث سالم به.
وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا زكريا بن يحيى, حدثنا هشيم عن حصين عن سالم بن أبي الجعد وأبي سفيان عن جابر بن عبد الله قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة, فقدمت عير إلى المدينة فابتدرها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, حتى لم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لو تتابعتم حتى لم يبق منكم أحد لسال بكم الوادي ناراً" ونزلت هذه الاية "وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً" وقال: كان في الاثني عشر الذين ثبتوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بكر وعمر رضي الله عنهما, وفي قوله تعالى: "وتركوك قائماً" دليل على أن الإمام يخطب يوم الجمعة قائماً. وقد روى مسلم في صحيحه عن جابر بن سمرة قال: كانت للنبي صلى الله عليه وسلم خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الناس, ولكن ههنا شيء ينبغي أن يعلم وهو: أن هذه القصة قد قيل إنها كانت لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم الصلاة يوم الجمعة على الخطبة, كما رواه أبو داود في كتاب المراسيل, حدثنا محمود بن خالد عن الوليد, أخبرني أبو معاذ بن معروف أنه سمع مقاتل بن حيان يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي يوم الجمعة قبل الخطبة مثل العيدين, حتى إذا كان يوم والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب, وقد صلى الجمعة, فدخل رجل فقال: إن دحية بن خليفة قد قدم بتجارة, يعني فانفضوا ولم يبق معه إلا نفر يسير وقوله تعالى: "قل ما عند الله" أي الذي عند الله من الثواب في الدار الاخرة "خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين" أي لمن توكل عليه وطلب الرزق في وقته. آخر تفسير سورة الجمعة ولله الحمد والمنة, وبه التوفيق والعصمة.
11- " وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما " سبب نزول هذه الآية أنه كان بأهل المدينة فاقة وحاجة، فأقبلت عير من الشام والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فانفتل الناس إليه حتى لم يبق إلا إثنا عشر رجلاً في المسجد. ومعنى "انفضوا إليها" تفرقوا خارجين إليها. وقال المبرد: مالوا إليها، والضمير للتجارة، وخصت بإرجاع الضمير إليها دون اللهو لأنها كانت أهم عندهم، وقيل التقدير: وإذا رأوا تجارة انفضوا إليها، أو لهواً انفضوا إليه، فحذف الثاني لدلالة الأول عليه كما في قول الشاعر:
نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأي مختلف
وقيل إنه اقتصر على ضمير التجارة، لأن الانفضاض إليها إذا كان مذموماً مع الحاجة إليها فكيف بالانفضاض إلى اللهو، وقيل غير ذلك "وتركوك قائماً" أي على المنبر: ثم أمره الله سبحانه أن يخبرهم بأن العمل للآخرة خير من العمل للدنيا فقال: "قل ما عند الله" يعني من الجزاء العظيم وهو الجنة "خير من اللهو ومن التجارة" اللذين ذهبتم إليهما وتركتم البقاء في المسجد وسماع خطبة النبي صلى الله عليه وسلم لأجلها "والله خير الرازقين" فمنه اطلبوا الرزق، وإليه ترسلوا بعمل الطاعة، فإن ذلك من أسباب تحصيل الرزق وأعظم ما يجلبه.
وقد أخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عن أبي هريرة قال: "قلت يا رسول الله لأي شيء سمي يوم الجمعة؟ قال: لأن فيه جمعت طينة أبيكم آدم، وفيه الصعقة والبعثة، وفي آخره ثلاث ساعات منها ساعة من دعا الله فيها بدعوة استجاب له". وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والنسائي وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن سلمان قال: "قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتدري ما يوم الجمعة؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قالها ثلاث مرات ثم قال في الثالثة: هو اليوم الذي جمع الله في أباكم آدم أفلا أحدثكم عن يوم الجمعة" الحديث. وأخرج أحمد ومسلم والترمذي وابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة" وفي الباب أحاديث مصرحة بأنه خلق فيه آدم.
وورد في فضل يوم الجمعة أحاديث كثيرة، وكذلك في فضل صلاة الجمعة وعظيم أجرها، وفي الساعة التي فيها، وأنه يستجاب الدعاء فيها، وقد أوضحت ذلك في شرحي للمنتقى بما لا يحتاج الناظر فيه إلى غيره. وأخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن خرشة بن الحر قال: رأى معي عمر بن الخطاب لوحاً مكتوباً فيه "إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله" فقال: من أملى عليك هذا؟ قلت أبي بن كعب، قال: إن أبياً أقرأنا للمنسوخ اقرأها فامضوا إلى ذكر الله وروى هؤلاء ما عدا أبا عبيد عن ابن عمر قال: لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نقرأ هذه الآية التي في سورة الجمعة إلا فامضوا إلى ذكر الله وأخرجه عنه أيضاً الشافعي في الأم وعبد الرزاق والفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم. وأخرجوا كلهم أيضاً عن ابن مسعود أنه كان يقرأ فامضوا إلى ذكر الله قال: ولو كان فاسمعوا لسعيت حتى يسقط ردائي. وأخرج عبد بن حميد عن أبي بن كعب أنه قرأ كذلك. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس "فاسعوا إلى ذكر الله" قال: فامضوا. وأخرج عبد بن حميد عنه أن السعي العمل. وأخرج عبد بن حميد
عن محمد بن كعب: "أن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانا يختلفان في تجارتهما إلى الشام، فربما قدما يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فيدعونه ويقومون، فنزلت الآية "وذروا البيع" فحرم عليهم ما كان قبل ذلك". وأخرج ابن جرير عن أنس قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: "فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله" قال: ليس لطلب دنيا، ولكن عيادة مريض، وحضور جنازة، وزيارة أخ في الله" وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال: لم تؤمروا بشيء من طلب الدنيا إنما هو عيادة مريض وحضور جنازة وزيارة أخ في الله. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن جابر بن عبد الله قال: "بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قائماً إذ قدمت عير المدينة، فابتدرها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لم يبق منهم إلا إثنا عشر رجلاً أنا فيهم [و] أبو بكر وعمر، فأنزل الله: " وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها " إلى آخر السورة. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في الآية قال: جاءت عير عبد الرحمن بن عوف تحمل الطعام، فخرجوا من الجمعة بعضهم يريد أن يشتري، وبعضهم يريد أن ينظر إلى دحية، وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً على المنبر، وبقي في المسجد اثنا عشر رجلاً وسبع نسوة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو خرجوا كلهم لاضطرم المسجد عليهم ناراً". وفي الباب روايات متضمنة لهذا المعنى عن جماعة من الصحابة وغيرهم
قوله عز وجل 11- "وإذا رأوا تجارةً أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً"، الآية، أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا حفص بن عمر، حدثنا خالد بن عبد الله، أخبرنا حصين عن سالم بن أبي الجعد وعن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله قال: أقبلت عير يوم الجمعة ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم، فثار الناس إلا اثني عشر رجلاً فأنزل الله: "وإذا رأوا تجارةً أو لهواً انفضوا إليها".
ويحتج بهاذ الحديث من يرى إقامة الجمعة باثني عشر رجلاً، وليس فيه بيان أنه أقام بهم الجمعة حتى يكون حجة، لاشتراط هذا العدد. وقال ابن عباس في رواية الكلبي: لم يبق في المسجد إلا ثمانية رهط.
وقال الحسن وأبو مالك: أصاب أهل المدينة جوع وغلاء سعر فقدم دحية بن خليفة الكلبي بتجارة زيت من الشام والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فلما رأوه قاموا إليه بالبقيع خشوا أن يسبقوا إليه، فلم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا رهط منهم أبو بكر وعمر فنزلت هذه الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس محمد بيده لو تتابعتم حتى لا يبقى منكم أحد لسال بكم الوادي ناراً".
وقال مقاتل: بينا / رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إذ قدم دحية بن خليفة الكلبي من الشام بالتجارة، وكان إذا قدم لم تبق بالمدينة عاتق إلا أتته، وكان يقدم إذا قدم بكل ما يحتاج إليه من دقيق وبر وغيره، فينزل عند أحجار الزيت، وهو مكان في سوق المدينة، ثم يضرب بالطبل ليؤذن الناس بقدومه فيخرج إليه الناس ليبتاعوا منه، فقدم ذات جمعة، وكان ذلك قبل أن يسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر يخطب، فخرج إليه الناس فلم يبق في المسجد إلا اثنا عشر رجلاً وامرأة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كم بقي في المسجد؟ فقالوا: اثنا عشر رجلاً وامرأة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لولا هؤلاء لسومت لهم الحجارة من السماء، فأنزل الله هذه الآية. وأراد باللهو الطبل.
وقيل: كانت العير إذا قدمت المدينة استقبلوها بالطبل والتصفيق.
وقوله: "انفضوا إليها"، رد الكناية إلى التجارة لأنها أهم. وقال علقمة: سئل عبد الله بن عمر: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائماً أو قاعداً؟ قال: أما تقرأ "وتركوك قائماً".
أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الخلال، حدثنا أبو العباس الأصم، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا إبراهيم بن محمد، أخبرني جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة خطبتين قائماً يفصل بينهما بجلوس.
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر، أخبرنا عبد الغافر بن محمد، أخبرنا محمد بن عيسى، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، أخبرنا أبو الأحوص، عن سماك عن جابر بن سمرة قال: "كانت للنبي صلى الله عليه وسلم خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الناس".
وبهذا الإسناد عن جابر بن سمرة قال: "كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت صلاته قصداً وخطبته قصداً".
والخطبة فريضة في صلاة الجمعة، ويجب أن يخطب قائماً خطبتين، وأقل ما يقع عليه اسم الخطبة: أن يحمد الله، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويوصي بتقوى الله، هذه الثلاثة فرض في الخطبتين جميعاً، ويجب أن يقرأ في الأولى آية من القرآن، ويدعو للمؤمنين في الثانية، فلو ترك واحدة من هذه الخمس لا تصح جمعته عند الشافعي، وذهب أبو حنيفة رضي الله عنه إلى أنه لو أتى بتسبيحة أو تحميدة أو تكبيرة أجزأه.
وهذا القدر لا يقع عليه اسم الخطبة، وهو مأمور بالخطبة.
أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي، أخبرنا عبد الله بن يوسف بن محمد بن مامويه، أخبرنا أبو سعيد أحمد من محمد بن زياد البصري بمكة، حدثنا الحسن بن الصباح الزعفراني، حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، عن جعفر بن محمد عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع أن مروان استخلف أبا هريرة على المدينة، فصلى بهم أبو هريرة الجمعة فقرأ سورة الجمعة في الركعة الأولى وفي الثانية: "إذا جاءك المنافقون" (المنافقون- 1) فقال عبيد الله: فلما انصرفنا مشيت إلى جنبه فقلت له: لقد قرأت بسورتين سمعت علي بن أبي طالب يقرأ بهما في الصلاة؟ فقال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما.
أخبرنا أبو الحسن السرخسي، أخبرنا زاهر بن أحمد، أخبرنا أبو إسحاق الهاشمي، أخبرنا أبو مصعب، عن مالك، عن ضمرة بن سعيد المازني، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة "أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير ماذا كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة على أثر سورة الجمعة؟ فقال: كان يقرأ بـ "هل أتاك حديث الغاشية"".
أخبرنا أبو عثمان الضبي، أخبرنا أبو محمد الجراحي، حدثنا أبو العباس المحبوبي، حدثنا أبو عيسى، حدثنا قتيبة، حدثنا أبو عوانة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة "سبح اسم ربك الأعلى"، و "هل أتاك حديث الغاشية"، وربما اجتمع في يوم واحد فيقرأ بهما".
ولجواز الجمعة خمس شرائط: الوقت وهو: وقت الظهر ما بين زوال الشمس إلى دخول وقت العصر، والعدد، والإمام، والخطبة، ودار الإقامة، فإذا فقد شرط من هذه الخمسة يجب أن يصلوها ظهراً.
ولا يجوز للإمام أن يبتدئ الخطبة قبل اجتماع العدد، وهو عدد الأربعين عند الشافعي، فلو اجتمعوا وخطب بهم ثم انفضوا قبل افتتاح الصلاة أو انتقص واحد من العدد لا يجوز أن يصلي بهم الجمعة، بل يصلي الظهر، ولو افتتح بهم الصلاة ثم انفضوا، فأصح أقوال الشافعي: أن بقاء الأربعين شرط إلى آخر الصلاة، كما أن بقاء الوقت شرط إلى آخر الصلاة فلو انتقص واحد منهم قبل أن يسلم الإمام يجب على الباقين أن يصلوها أربعاً. وفيه قول آخر: إن بقي معه اثنان أتمها جمعة. وقيل: إن بقي معه واحد أتمها جمعة، وعند المزني إن نقصوا بعد ما صلى الإمام بهم ركعة أتمها جمعة، وإن بقي وحده فإن كان في الركعة الأولى يتمها أربعاً وإن انتقص من العدد واحد، وبه قال أبو حنيفة في العدد الذي شرطه كالمسبوق إذا أدرك مع الإمام ركعة من الجمعة فإذا سلم الإمام أتمها جمعة وإن أدرك أقل من ركعة أتمها أربعاً.
قوله عز وجل: "قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة"، أي ما عند الله من الثواب على الصلاة والثبات مع النبي صلى الله عليه وسلم خير من اللهو ومن التجارة، "والله خير الرازقين"، لأنه موجد الأرزاق فإياه فاسألوا ومنه فاطلبوا.
11-" وإذا رأوا تجارةً أو لهواً انفضوا إليها " روي "أنه عليه الصلاة والسلام كان يخطب للجمعة فمرت عليه عير تحمل الطعام ، فخرج الناس إليهم إلا اثني عشر رجلاً فنزلت" . وإفراد التجارة برد الكناية لأنها المقصودة ، فإن المراد من اللهو الطبل الذي كانوا يستقبلون به العير ، والترديد للدلالة على أن منهم من انفض لمجرد سماعت الطبل ورؤيته ، أو للدلالة على أن الانفضاض إلى التجارة مع الحاجة إليها والانتفاع بها إذا كان مذموماً كان الانفضاض إلى اللهو أولى بذلك . وقيل تقديره إذا رأوا تجارة انفضوا إليها وإذا رأوا لهواً انفضوا إليه . "وتركوك قائماً " أي على المنبر " قل ما عند الله " من الثواب . " خير من اللهو ومن التجارة " فإن ذلك محقق مخلد بخلاف ما تتوهمون من نفعهما " والله خير الرازقين " فتوكلوا عليه واطلبوا الرزق منه .
عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة الجمعة أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من أتى الجمعة ومن لم يأتها في أمصار المسلمين " .
11. But when they spy some merchandise or pastime they break away to it and leave thee standing. Say: That which Allah hath is better than pastime and than merchandise, and Allah is the best of providers.
11 - But when they see some bargain or some amusement, they disperse headlong to it, and leave thee standing. Say: The (blessing) from the Presence of God is better than any amusement or bargain! And God is the Best to provide (for all needs).