[الأنعام : 61] وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ
61 - (وهو القاهر) مستعليا (فوق عباده ويرسل عليكم حفظة) ملائكة تحصي أعمالكم (حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته) وفي قراءة {توفاه} (رسلنا) الملائكة الموكلون بقبض الأرواح (وهم لا يفرِّطون) يقصرون فيما يؤمرون به
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره : "وهو القاهر"، والله الغالب خلقه ، العالي عليهم بقدرته ، لا المقهور من أوثانهم وأصنامهم ، المذلل المعلو عليه لذلته ، "ويرسل عليكم حفظة"، وهي ملائكته الذين يتعاقبونكم ليلاً ونهاراً يحفظون أعمالكم ويحصونها، ولا يفرطون في حفظ ذلك وإحصائه ولا يضيعون .
وبنحو ما قننا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن المفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي قوله : "ويرسل عليكم حفظة"، قال : هي المعقبات من الملائكة، يحفظونه ويحفظون عمله .
حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد بن زريع قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله : "وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون"، يقول : حفظة، يا ابن آدم ، يحفظون عليك عملك ورزقك وأجلك ، إذا توفيت ذلك قبضت إلى ربك ، "حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون"، يقول تعالى ذكره : إن ربكم يحفظكم برسل يعقب بينها، يرسلهم إليكم بحفظكم وبحفظ أعمالكم ، إلى أن يحضركم الموت ، وينزل بكم أمر الله ، فإذا جاء ذلك أحدكم ، توفاه أملاكنا الموكلون بقبض الأرواح ، ورسلنا المرسلون به ، "وهم لا يفرطون"، في ذلك فيضيعونه .
فإن قال قائل : أو ليس الذي يقبض الأرواح ملك الموت ، فكيف قيل : "توفته رسلنا"، والرسل جملة وهو واحد؟ أو ليس قد قال : "قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم" [السجدة :11]؟
قيل : جائز أن يكون الله تعالى ذكره أعان ملك الموت بأعوان من عنده ، فيتولون ذلك بأمر ملك الموت ، فيكون التوفي مضافاً -وإن كان ذلك من فعل أعوان ملك الموت -إلى ملك الموت ، إذ كان فعلهم ما فعلوا من ذلك بأمره ، كما يضاف قتل من قتل أعوان السلطان وجلد من جلدوه بأمر السلطان ، إلى السلطان ، وإن لم يكن السلطان باشر ذلك بنفسه ، ولا وليه بيده .
وقد تأول ذلك كذلك جماعة من أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا ابن إدريس قال ، حدثنا الحسن بن عبيد الله ، عن إبراهيم في قوله : "حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون"، قال : كان ابن عباس يقول : لملك الموت أعوان من الملائكة .
حدثني أبو السائب قال ، حدثنا ابن إدريس ، عن الحسن بن عبيد الله في قوله : "توفته رسلنا وهم لا يفرطون"، قال : سئل ابن عباس عنها فقال : إن لملك الموت أعواناً من الملائكة.
حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا سفيان ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن إبراهيم في قوله : "توفته رسلنا وهم لا يفرطون" قال : أعوان ملك الموت.
حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا سفيان عن منصور، عن إبراهيم : "توفته رسلنا وهم لا يفرطون"، قال : الرسل توفي الأنفس ، ويذهب بها ملك الموت .
حدثنا هناد قال ، حدثنا حفص ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن إبراهيم ، عن ابن عباس : "توفته رسلنا وهم لا يفرطون"، أعوان ملك الموت من الملائكة .
حدثنا هناد قال ، حدثنا حفص ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن ابن عباس : "توفته رسلنا وهم لا يفرطون". قال : أعوان ملك الموت من الملائكة .
حدثنا هناد قال ، حدثنا قبيصة، عن سفيان ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن إبراهيم : "توفته رسلنا"، قال : هم الملائكة أعوان ملك الموت .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور قال ، حدثنا معمر، عن قتادة: "توفته رسلنا"، قال : إن ملك الموت له رسل ، فيرسل ويرفع ذلك إليه . وقال الكلبي : إن ملك الموت هو يلي ذلك ، فيدفعه ، إن كان مؤمناً، إلى ملائكة الرحمة، وإن كان كافراً إلى ملائكة العذاب .
حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر، عن قتادة، "توفته رسلنا"، قال : يلي قبضها الرسل ، ثم يدفعونها إلى ملك الموت .
حدثني الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا الثوري ، عن منصور، عن إبراهيم في قوله : "توفته رسلنا"، قال : تتوفاه الرسل ، ثم يقبض منهم ملك الموت الأنفس . قال الثوري : وأخبرني الحسن بن عبيد الله ، عن إبراهيم قال : هم أعوان لملك الموت . قال الثوري : وأخبرني رجل ، عن مجاهد قال : جعلت الأرض لطك الموت مثل الطست يتناول من حيث شاء، وجعلت له أعوان يتوفون الأنفس ثم يقبضها منهم .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا ابن إدريس ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن إبراهيم ، عن ابن عباس في قوله : "توفته رسلنا"، لمال : أعوان ملك الموت من الملائكة .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن إبراهيم قال : الملائكة ، أعوان ملك الموت .
حدثنا ابن وكيع ، قال حدثنا قبيصة، عن سفيان ، عن منصور، عن إبراهيم : "توفته رسلنا"، قال : يتوفونه ، ثم يدفعونه إلى ملك الموت .
حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه قال : سألت الربيع بن أنس عن ملك الموت ، أهو وحده الذي يقبض الأرواح ؟ قال : هو الذي يلي أمر الأرواح ، وله أعوان على ذلك ، ألا تسمع إلى قول الله تعالى ذكره : "حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم" [الأعراف : 37]. وقال : "توفته رسلنا وهم لا يفرطون"، غير أن ملك الموت هو الذي يسير، كل خطوة منه من المشرق إلى المغرب ، قلت : أين تكون أرواح المؤمنين ؟ قال : عند السدرة في الجنة .
حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا محمد بن مسلم ، عن إبراهيم بن ميسرة، عن مجاهد قال : ما من أهل بيت شعر ولا مدر إلا وملك الموت يطيف بهم كل يوم مرتين .
وقد بينا أن معنىالتفريط ، التضييع ، فيما مضى قبل . وكذلك تأوله المتأولون في هذا الموضع .
حدثنا المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله : "وهم لا يفرطون"، يقول : لا يضيعون .
حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن المفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : "وهم لا يفرطون"، قال : لا يضيعون.
قوله تعالى:"وهو القاهر فوق عباده" يعني فوقية المكانة والرتبة لا فوقية المكان والجهة، على ما تقدم بيانه أول السورة. "ويرسل عليكم حفظة" أي من الملائكة. والإرسال حقيقته إطلاق الشيء بما حمل من الرسالة، فإرسال الملائكة بما حملوا من الحفظ الذي أمروا به، كما قال: "وإن عليكم لحافظين" أي ملائكة تحفظ أعمال العباد وتحفظهم من الآفات. والحفظة جمع حافظ، مثل الكتبة والكاتب. ويقال: إنهما ملكان بالليل وملكان بالنهار، يكتب أحدهما الخير والآخر الشر، وإذا مشى الإنسان يكون أحدهما بين يديه والآخر وراءه، وإذا جلس يكون أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله، لقوله تعالى: "عن اليمين وعن الشمال قعيد" [الآية]. ويقال: لكل إنسان خمسة من الملائكة: اثنان بالليل، واثنان بالنهار، والخامس لا يفارقه ليلا ولا نهارا. والله أعلم. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
ومن الناس من يعيش شقياً جاهل القلب غافل اليقظة
فإذا كان ذا وفاء ورأي حذر الموت واتقى الحفظة
إنما الناس راحل ومقيم فالذي بان للمقيم عظه
قوله تعالى: "حتى إذا جاء أحدكم الموت" يريد أسبابه، كما تقدم في البقرة. "توفته رسلنا" على تأنيث الجماعة، كما قال: "ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات" [المائدة: 32] و"كذبت رسل" [فاطر: 14]. وقرأ حمزة توفاه رسلنا على تذكير الجمع. وقرأ الأعمش تتوفاه رسلنا بزيادة تاء والتذكير. والمراد أعوان ملك الموت، قاله ابن عباس وغيره. ويروى أنهم يسلون الروح من الجسد حتى إذا كان عند قبضها قبضها ملك الموت. وقال الكلبي:يقبض ملك الموت الروح من الجسد ثم يسلمها إلى ملائكة الرحمة إن كان مؤمناً أو إلى ملائكة العذاب إن كان كافراً. ويقال: معه سبعة من ملائكة الرحمة وسبعة من ملائكة العذاب، فإذا قبض نفساً مؤمنة دفعها إلى ملائكة الرحمة فيبشرونها بالعذاب ويفزعونها، ثم يصعدون بها إلى السماء كافرة دفعها إلى ملائكة العذاب فيبشرونها بالعذاب ويفزعونها، ثم يصعدون بها إلى السماء ثم ترد إلى سجين، وروح المؤمن إلى عليين. والتوفي تارة يضاف إلى ملك الموت، كما قال: "قل يتوفاكم ملك الموت" [السجدة: 11]. وتارة إلى الملائكة لأنهم يتولون ذلك، كما في هذه الآية وغيرها. وتارة إلى الله وهو المتوفي على الحقيقة، كما قال: "الله يتوفى الأنفس حين موتها" [الزمر: 42] "قل الله يحييكم ثم يميتكم" [الجاثية: 26] "الذي خلق الموت والحياة" [الملك: 2]. فكل مأمور من الملائكة فإنما يفعل ما أمر به. "وهم لا يفرطون" أي لا يضيعون ولا يقصرون، أي يطيعون أمر الله. وأصله من التقدم، كما تقدم. فمعنى فرط قدم العجز. وقال أبو عبيدة: لا يتوانون. وقرأ عبيد بن عمير لا يفرطون بالتخفيف، أي لا يجاوزون الحد فيما أمروا به من الإكرام والإهانة.
يقول تعالى إنه يتوفى عباده في منامهم بالليل, وهذا هو التوفي الأصغر, كما قال تعالى: " إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي " وقال تعالى: " الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى " فذكر في هذه الاية الوفاتين الكبرى والصغرى, وهكذا ذكر في هذا المقام, حكم الوفاتين الصغرى ثم الكبرى, فقال "وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار" أي ويعلم ما كسبتم من الأعمال بالنهار, وهذه جملة معترضة دلت على إحاطة علمه تعالى بخلقه في ليلهم ونهارهم, في حال سكونهم وحال حركتهم, كما قال " سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار " وكما قال تعالى: "ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه" أي في الليل "ولتبتغوا من فضله" أي في النهار كما قال " وجعلنا الليل لباسا * وجعلنا النهار معاشا " ولهذا قال تعالى ههنا "وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار" أي ما كسبتم من الأعمال فيه "ثم يبعثكم فيه" أي في النهار, قاله مجاهد وقتادة والسدي, وقال ابن جريج: عن عبد الله بن كثير, أي في المنام والأول أظهر, وقد روى ابن مردويه بسند: عن الضحاك, عن ابن عباس, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مع كل إنسان ملك إذا نام أخذ نفسه ويرده إليه, فإن أذن الله في قبض روحه قبضه وإلا رد إليه" فذلك قوله: "وهو الذي يتوفاكم بالليل".
وقوله "ليقضى أجل مسمى" يعني به أجل كل واحد من الناس, "ثم إليه مرجعكم" أي يوم القيامة "ثم ينبئكم" أي فيخبركم "بما كنتم تعملون" أي ويجزيكم على ذلك إن خيراً فخير وإن شراً فشر, وقوله "وهو القاهر فوق عباده" أي وهو الذي قهر كل شيء وخضع لجلاله وعظمته وكبريائه كل شيء, "ويرسل عليكم حفظة" أي من الملائكة يحفظون بدن الإنسان, كقوله "له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله" وحفظة يحفظون عمله ويحصونه كقوله " وإن عليكم لحافظين " الاية وكقوله "عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" وقوله "إذ يتلقى المتلقيان" الاية وقوله "حتى إذا جاء أحدكم الموت" أي احتضر وحان أجله "توفته رسلنا" أي ملائكة موكلون بذلك, قال ابن عباس وغير واحد: لملك الموت أعوان من الملائكة, يخرجون الروح من الجسد فيقبضها ملك الموت إذا انتهت إلى الحلقوم, وسيأتي عند قوله تعالى: "يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت" الأحاديث المتعلقة بذلك الشاهدة لهذا المروي عن ابن عباس وغيره بالصحة, وقوله "وهم لا يفرطون" أي في حفظ روح المتوفى, بل يحفظونها وينزلونها حيث شاء الله عز وجل, إن كان من الأبرار ففي عليين, وإن كان من الفجار ففي سجين, عياذاً بالله من ذلك, وقوله "ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق" قال ابن جرير: "ثم ردوا" يعني الملائكة "إلى الله مولاهم الحق" ونذكر هاهنا الحديث الذي رواه الإمام أحمد حيث قال: حدثنا حسين بن محمد, حدثنا ابن أبي ذئب, عن محمد بن عمرو بن عطاء, عن سعيد بن يسار, عن أبي هريرة, رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الميت تحضره الملائكة فإذا كان الرجل الصالح, قالوا: اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب, اخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان, فلا تزال يقال لها ذلك حتى تخرج, ثم يعرج بها إلى السماء, فيستفتح لها فيقال من هذا ؟ فيقال فلان, فيقال مرحباً بالنفس الطيبة, كانت في الجسد الطيب, ادخلي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان, فلا تزال يقال لها ذلك حتى ينتهى بها إلى السماء التي فيها الله عز وجل, وإذا كان الرجل السوء, قالوا: اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث, اخرجي ذميمة وأبشري بحميم وغساق , وآخر من شكله أزواج, فلا تزال يقال لها ذلك حتى تخرج, ثم يعرج بها إلى السماء , فيستفتح لها فيقال: من هذا ؟ فيقال: فلان, فيقال: لا مرحباً بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث, ارجعي ذميمة فإنه لا يفتح لك أبواب السماء فترسل من السماء ثم تصير إلى القبر, فيجلس الرجل الصالح, فيقال له مثل ما قيل في الحديث الأول, ويجلس الرجل السوء, فيقال له مثل ما قيل في الحديث الثاني" هذا حديث غريب, ويحتمل أن يكون المراد بقوله " ثم ردوا" يعني الخلائق كلهم إلى الله يوم القيامة, فيحكم فيهم بعدله, كما قال " قل إن الأولين والآخرين * لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم " وقال "وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً" إلى قوله "ولا يظلم ربك أحداً" ولهذا قال "مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين".
قوله: 61- "وهو القاهر فوق عباده" المراد فوقية القدرة والرتبة كما يقال: السلطان فوق الرعية، وقد تقدم بيانه في أول السورة. قوله: "ويرسل عليكم حفظة" أي ملائكة جعلهم الله حافظين لكم، ومنه قوله: "وإن عليكم لحافظين" والمعنى: أنه يرسل عليكم من يحفظكم من الآفات ويحفظ أعمالكم، والحفظة جمع حافظ، مثل كتبة جمع كاتب "وعليكم" متعلق بيرسل لما فيه من معنى الاستيلاء، وتقديمه على حفظة ليفيد العناية بشأنه وأنه أمر حقيق بذلك، وقيل هو متعلق بحفظة. قوله: "حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا" حتى يحتمل أن تكون هي الغائبة: أي ويرسل عليكم حفظة يحفظون ما أمروا بحفظه مما يتعلق بكم "حتى إذا جاء أحدكم الموت" ويحتمل أن تكون الابتدائية، والمراد بمجيء الموت مجيء علاماته. وقرأ حمزة " توفته رسلنا " وقرأ الأعمش تتوفاه والرسل هم أعوان ملك الموت، ومعنى توفته: استوفت روحه "لا يفرطون" أي لا يقصرون ويضيعون، وأصله من التقدم، وقال أبو عبيدة: لا يتوانون. وقرأ عبيد بن عمير لا يفرطون بالتخفيف: أي لا يجاوزون الحد فيما أمروا به من الإكرام والإهانة.
61- قوله عز وجل: " وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظةً " يعني: الملائكة الذين يحفظون أعمال بني آدم، وهو جمع حافظ، نظيره " وإن عليكم لحافظين * كراما كاتبين "(الانفطار،11)، " حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته "، قرأ حمزة (توفيه)و(استهويه) بالياء وأمالهما، " رسلنا " يعني: أعوان ملك الموت يقبضونه فيدفعونه إلى ملك الموت فيقبض روحه، كما قال: " قل يتوفاكم ملك الموت "، وقيل الأعوان يتوفونه بأمر ملك الموت، فكأن ملك الموت توفاه لأنهم يصدرون عن أمره، وقيل أراد بالرسل ملك الموت وحده، فذكر الواحد بلفظ الجمع، وجاء في الأخبار: أن الله تعالى جعل الدنيا بين يدي ملك الموت كالمائدة الصغيرة فيقبض من هاهنا ومن هاهنا فإذا كثرت الأرواح يدعوا الأرواح فتجيب له، " وهم لا يفرطون "‌، أي لا يقصرون .

61 " وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة " ملائكة تحفظ أعملكم ، وهم الكرام الكاتبون ، والحكمة فيه أن المكلف إذا علم أن أعماله تكتب عليه وتعرض على رؤوس الأشهاد كان أزجر عن المعاصي ، وأن العبد إذا وثق بلطف سيده واعتمد على عفوه وستره لم يحتشم منه احتشامه من خدمة المطلعين عليه . " حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا " ملك الموت وأعوانه . وقرأ حمزة توفاه بالألف ممالة . " وهم لا يفرطون " بالتواني والتأخير . وقرئ بالتخفيف . المعنى : لا يجازون ما حد لهم بزيادة أو نقصان .
61. He is the Omnipotent over His slaves. He sendeth guardians over you until, when death cometh unto one of you, Our messengers receive him, and they neglect not.
61 - He is the irresistible, (watching) from above over his worshippers, and he sets guardians over you. at length, when death approaches one of you, our angels take his soul, and they never fail in their duty.