[الأنعام : 101] بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
101 - هو (بديع السماوات والأرض) مبدعهما من غير مثال سبق (أنى) كيف (يكون له ولد ولم تكن له صاحبة) زوجة (وخلق كل شيء) من شأنه أن يخلق (وهو بكل شيء عليم)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: والله خلق كل شيء، ولا خالق سواه. وكل ما تدعون أيها العادلون بالله الأوثان من دونه، خلقه وعبيده ملكاً كان الذي تدعونه رباً وتزعمون أنه له ولد، وجنيا أو إنسيا، "وهو بكل شيء عليم"، يقول: والله الذي خلق كل شيء لا يخفى عليه ما خلق ولا شيء منه، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، عالم بعددكم وأعمالكم، وأعمال من دعوتموه رباً أو لله ولداً، وهو محصيها عليكم وعليهم، حتى يجازي كلاً بعمله.
قوله تعالى: "بديع السماوات والأرض" أي مبدعهما، فكيف يجوز أن يكون له ولد. وبديع خبر ابتداء مضمر أي هو بديع. وأجاز الكسائي خفضه على النعت لله عز وجل، ونصبه بمعنى بديعاً السموات والأرض. وذا خطأ عند البصريين لأنه لما مضى. "أنى يكون له ولد" أي من أين يكون له ولد. وولد الكلبي شيء شبيهه، ولا شبيه له. "ولم تكن له صاحبة" أي زوجة. "وخلق كل شيء" عموم معناه الخصوص، أي حلق العالم. ولا يدخل في ذلك كلامه ولا غيره من صفات ذاته. ومثله "ورحمتي وسعت كل شيء" [الأعراف: 156] ولم تسع إبليس ولا من مات كافراً. ومثله "تدمر كل شيء" [الأحقاف: 25] ولم تدمر السموات والأرض.
"بديع السموات والأرض" أي مبدعهما, وخالقهما, ومنشئهما, ومحدثهما, على غير مثال سبق, كما قال مجاهد والسدي: ومنه سميت البدعة بدعة, لأنه لا نظير لها فيما سلف, "أنى يكون له ولد" أي كيف يكون ولد, "ولم تكن له صاحبة", أي والولد إنما يكون متولداً بين شيئين متناسبين, والله تعالى لا يناسبه ولا يشابهه شيء من خلقه, لأنه خالق كل شيء, فلا صاحبة له ولا ولد, كما قال تعالى: " وقالوا اتخذ الرحمن ولدا * لقد جئتم شيئا إدا " إلى قوله "وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً" "وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم" فبين تعالى أنه الذي خلق كل شيء, وأنه بكل شيء عليم, فكيف يكون له صاحبة من خلقه تناسبه, وهو الذي لا نظير له, فأنى يكون له ولد, تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .
قوله: 101- "بديع السموات والأرض" أي مبدعهما، فكيف يجوز أن "يكون له ولد" وقد جاء البديع: بمعنى البدع كالسميع بمعنى المسمع كثيراً، ومنه قول عمرو بن معدي كرب:
أمن ريحانة الداعي السميع يؤرقني وأصحابي هجـــوع
اهـ
أي المسمع، وقيل: هو من إضافة الصفة المشبهة إلى الفاعل، والأصل بديع سمواته وأرضه. وأجاز الكسائي خفضه على النعت لله. والظاهر أن رفعه على تقدير مبتدأ محذوف، أو على أنه مبتدأ وخبره "أنى يكون له ولد" وقيل: هو مرفوع على أنه فاعل تعالى، وقرئ بالنصب على المدح، والاستفهام في "أنى يكون له ولد" للإنكار. والاستبعاد: أي من كان هذا وصفه، وهو أنه خالق السموات والأرض وما فيهما كيف يكون له ولد؟ وهو من جملة مخلوقاته، وكيف يتخذ ما يخلقه ولداً، ثم بالغ في نفي الولد، فقال: "ولم تكن له صاحبة" أي كيف يكون له ولد والحال أنه لم تكن له صاحبة، والصاحبة إذا لم توجد استحال وجود الولد، وجملة "وخلق كل شيء" لتقرير ما قبلها، لأن من كان خالقاً لكل شيء استحال منه أن يتخذ بعض مخلوقاته ولداً "وهو بكل شيء عليم" لا تخفى عليه من مخلوقاته خافية.
101- " بديع السموات والأرض "، أي: مبدعهما لا على مثال سبق، " أنى يكون له ولد "، أي: كيف يكون له ولد ؟ " ولم تكن له صاحبة "، زوجة، " وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم ".
101 " بديع السموات والأرض " من إضافة الصفة المشبهة إلى فاعلها ، أو إلى الظرف كقولهم : ثبت الغدر بمعنى أنه عديم النظير فيهما ، وقيل معناه المبدع وقد سبق الكلام فيه ، ورفعه على الخبر والمبتدأ محذوف أو على الابتداء وخبره . " أنى يكون له ولد " أي من أين أو كيف يكون له ولد . " ولم تكن له صاحبة " يكون منها الولد . وقرئ بالياء للفصل أو لأن الاسم ضمير الله أو ضمير الشأن . " وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم " لا تخفى عليه خافية ، وإنما لم يقل به لتطرق التخصيص إلى الأول ، وفي الآية استدلال على نفي الولد من وجوه : (الأول) أنه من مبدعاته السموات والأرضون ، وهي مع أنها من جنس ما يوصف بالولادة مبرأة عنها لاستمرارها وطول مدتها فهو أولى بأن يتعالى عنها ، أو أن ولد الشيء نظيره ولا نظير له فلا ولد . و(الثاني) أن المعقول من الولد ما يتولد من ذكر وأنثى متجانسين والله سبحانه وتعالى منزه عن المجانسة . و(الثالث) أن الولد كفؤ الوالد ولا كفؤ له لوجهين : الأول أن كل ما عداه مخلوقه فلا يكافئه . والثاني أنه سبحانه وتعالى لذاته عالم بكل المعلومات ولا كذلك غيره بالإجماع .
101. The Originator of the heavens and the earth! How can He have a child, when there is for Him no consort, when He created all things and is Aware of all things?
101 - To him is due the primal origin of the heavens and the earth: how can he have a son when he hath no consort? he created all things, and he hath full knowledge of all things.