[الرحمن : 37] فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ
37 - (فإذا انشقت السماء) انفرجت أبوابا لنزول الملائكة (فكانت وردة) أي مثلها محمرة (كالدهان) كالأديم الأحمر على خلاف العهد بها وجواب إذا فما أعظم الهول
قال : وقوله " فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان " يقو تعالى ذكره فإذا انشقت السماء وتفطرت وذلك يوم القيامة فكان لونها لون البرذون الورد الأحمر .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني سليمان بن عبد الجبار قال : ثنا محمد بن الصلت قال : ثنا أبو كدينة عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس " فكانت وردة كالدهان " قال : كالفرس الورد .
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال: ثني عمي قال : ثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله " فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان " يقول : تغير لونها .
حدثنا عبد الله بن أحمد حبوبه قال : ثنا شهاب بن عباد قال : ثنا إبراهيم بن حميد عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح في قوله " وردة كالدهان " قال كلون البرذون الورد ثم كانت بعد كالدهان .
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " فكانت وردة كالدهان " يقول : تتتغير السماء فيصير لونها كلون الدابة الوردية .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة " وردة كالدهان " هي اليوم خضراء كما ترون ولونها يوم القيامة لون آخر .
حدثنا ابن بشار قال : ثنا محمد بن مروان قال : ثنا ابن العوام عن قتادة في قوله " فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان " قال : هي اليوم خضراء ولونها يومئذ الحمرة .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة " وردة كالدهان " قال : إنها اليوم خضراء وسيكون لها يومئذ لون آخر .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله" فكانت وردة كالدهان " قال : مشرقة كالدهان .
واختلف أهل التأويل في معنى قوله " كالدهان " فقال بعضهم : معناه كالدهن صافية الحمرة مشرقة ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال: ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعاً عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله " وردة كالدهان " قال : كالدهن .
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " كالدهان " يعني : خالصة .
وقال آخرون :عني بذلك : فكانت وردة كالأديم وقالوا : الدهان جماع واحدها دهن .
وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : عني به الدهن في إشراق لونه لأن ذلك هو المعروف في كلام العرب
قوله تعالى " فإذا انشقت السماء " أي انصدعت يوم القيامة " فكانت وردة كالدهان " الدهان الدهن عن مجاهدوالضحاكوغيرهما والمعنى أنها صارت في صفاء الدهن والدهان على هذا جمع دهن ، وقال سعيد بن جبير وقتادة المعنى فكانت حمراء . وقيل : المعنى تصير في حمرة الورد وجريان الدهن ، أي تذوب مع الانشقاق حتى تصير حمراء من حرارة نار جهنم . وتصير مثل الدهن لرقتها وذوبانها . وقيل : الدهان الجلد الأحمر الصرف ، ذكره أبو عبيد و الفراء أي تصير السماء حمراء كالأديم لشدة حر النار . ابن عباس : المعنى فكانت كالفرس الورد ، يقال للكميت ورد إذا كان يتلون بألوان مختلفة قال ابن عباس الفرس الورد في الربيع كميت أصفر وفي أول الشتاء كميت أحمر فإذا اشتد الشتاء كان كميتا أغبر . وقال الفراء أراد الفرس الوردية ، تكون في الربيع وردة إلى الصفرة فإذا اشتد البرد كانت وردة حمراء فإذا كان بعد ذلك كانت وردة إلى الغبرة فشبه تلون السماء بتلون الورد من الخيل . وقال الحسن : "كالدهان" أي كصب الدهن فإنك إذا صببته ترى فيه ألوانا وقال زيد بن أسلم المعنى أنها تصير كعكر الزيت وقيل المعنى إنها تمر وتجيء قال الزجاج أصل الواو والراء والدال للمجيء والإتيان وهذا قريب مما قدمناه من أن الفرس الوردة تتغير ألوانها وقال قتادة إنها اليوم خضراء وسيكون لها لون أحمر حكاه الثعلبي وقال الماوردي وزعم المتقدمون أن أصل لون السماء الحمرة ، وأنها لكثرة الحوائل وبعد المسافة ترى بهذا اللون الأزرق وشبهوا ذلك بعروق البدن وهي حمراء كحمرة الدم وترى بالحائل زرقاء فإن كان هذا صحيحا فإن السماء لقربها من النواظر يوم القيامة وارتفاع الحواجز ترى حمراء لأنه أصل لونها والله أعلم .
يقول تعالى: "فإذا انشقت السماء" يوم القيامة كما دلت عليه هذه الايات مع ما شاكلها من الايات الواردة في معناها كقوله تعالى: "وانشقت السماء فهي يومئذ واهية" وقوله: "ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا" وقوله: " إذا السماء انشقت * وأذنت لربها وحقت " وقوله تعالى: "فكانت وردة كالدهان" أي تذوب كما يذوب الدردي والفضة في السبك, وتتلون كما تتلون الأصباغ التي يدهن بها, فتارة حمراء وصفراء وزرقاء وخضراء, وذلك من شدة الأمر وهول يوم القيامة العظيم. وقد قال الإمام أحمد: حدثنا أحمد بن عبد الملك, حدثنا عبد الرحمن بن أبي الصهباء, حدثنا نافع أبو غالب الباهلي, حدثنا أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يبعث الناس يوم القيامة والسماء تطش عليهم" قال الجوهري: الطش المطر الضعيف, وقال الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى: "وردة كالدهان" قال: هو الأديم الأحمر, وقال أبو كدينة عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس "فكانت وردة كالدهان" كالفرس الورد, وقال العوفي عن ابن عباس: تغير لونها, وقال أبو صالح: كالبرذون الورد, ثم كانت بعد كالدهان, وحكى البغوي وغيره أن الفرس الورد تكون في الربيع صفراء, وفي الشتاء حمراء, فإذا اشتد البرد تغير لونها, وقال الحسن البصري: تكون ألواناً. وقال السدي: تكون كلون البغلة الوردة, وتكون كالمهل كدردي الزيت, وقال مجاهد "كالدهان" كألوان الدهان, وقال عطاء الخراساني: كلون دهن الورد في الصفرة, وقال قتادة: هي اليوم خضراء ويومئذ لونها إلى الحمرة يوم ذي ألوان. وقال أبو الجوزاء: في صفاء الدهن. وقال ابن جريج: تصير السماء كالدهن الذائب وذلك حين يصيبها حر جهنم.
وقوله تعالى: "فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان" وهذه كقوله تعالى: " هذا يوم لا ينطقون * ولا يؤذن لهم فيعتذرون " فهذا في حال وثم في حال يسأل الخلائق عن جميع أعمالهم, وقال الله تعالى: " فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون " ولهذا قال قتادة: "فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان" قال: قد كانت مسألة ثم ختم على أفواه القوم وتكلمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون, قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: لا يسألهم هل عملتم كذا وكذا, لأنه أعلم بذلك منهم, ولكن يقول: لم عملتم كذا وكذا ؟ فهذا قول ثان. وقال مجاهد في هذه الاية: لا تسأل الملائكة عن المجرمين بل يعرفون بسيماهم, وهذا قول ثالث, وكأن هذا بعدما يؤمر بهم إلى النار فذلك الوقت لا يسألون عن ذنوبهم بل يقادون إليها ويلقون فيها كما قال تعالى: "يعرف المجرمون بسيماهم" أي بعلامات تظهر عليهم. وقال الحسن وقتادة: يعرفونهم باسوداد الوجوه وزرقة العيون. قلت: وهذا كما يعرف المؤمنون بالغرة والتحجيل من آثار الوضوء.
وقوله تعالى: "فيؤخذ بالنواصي والأقدام" أي يجمع الزبانية ناصيته مع قدميه ويلقونه في النار كذلك, وقال الأعمش عن ابن عباس: يؤخذ بناصيته وقدميه فيكسر كما يكسر الحطب في التنور, وقال الضحاك: يجمع بين ناصيته وقدميه في سلسلة من وراء ظهره, وقال السدي: يجمع بين ناصية الكافر وقدميه فتربط ناصيته بقدمه ويفتل ظهره. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع, حدثنا معاوية بن سلام عن أخيه زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام يعني جده, أخبرني عبد الرحمن, حدثني رجل من كندة قال: أتيت عائشة فدخلت عليها وبيني وبينها حجاب فقلت: حدثك رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يأتي عليه ساعة لا يملك فيها لأحد شفاعة ؟ قالت: نعم لقد سألته عن هذا وأنا وهو في شعار واحد قال: "نعم حين يوضع الصراط لا أملك لأحد فيها شفاعة حتى أعلم أين يسلك بي, ويوم تبيض وجوه وتسود وجوه حتى أنظر ماذا يفعل بي ـ أو قال يوحى ـ وعند الجسر حين يستحد ويستحر فقالت: وما يستحد وما يستحر ؟ قال يستحد حتى يكون مثل شفرة السيف, ويستحر حتى يكون مثل الجمرة, فأما المؤمن فيجوزه لا يضره, وأما المنافق فيتعلق حتى إذا بلغ أوسطه خر من قدميه فيهوي بيديه إلى قدميه ـ قالت: فهل رأيت من يسعى حافياً فتأخذه شوكة حتى تكاد تنفذ قدميه, فإنه كذلك يهوي بيده ورأسه إلى قدميه فتضربه الزبانية بخطاف في ناصيته وقدمه, فتقذفه في جهنم فيهوي فيها مقدار خمسين عاماً ـ قلت: ما ثقل الرجل ؟ قالت: ثقل عشر خلقات سمان فيومئذ يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام". هذا حديث غريب جداً, وفيه ألفاظ منكر رفعها, وفي الإسناد من لم يسم ومثله لا يحتج به, والله أعلم.
وقوله تعالى: "هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون" أي هذه النار التي كنتم تكذبون بوجودها, هاهي حاضرة تشاهدونها عياناً, يقال لهم ذلك تقريعاً وتوبيخاً وتصغيراً وتحقيراً. وقوله تعالى: "يطوفون بينها وبين حميم آن" أي تارة يعذبون في الجحيم وتارة يسقون من الحميم, وهو الشراب الذي هو كالنحاس المذاب يقطع الأمعاء والأحشاء, وهذه كقوله تعالى: " إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون * في الحميم ثم في النار يسجرون ".
وقوله تعالى: "آن" أي حار قد بلغ الغاية في الحرارة لا يستطاع من شدة ذلك, قال ابن عباس في قوله: "يطوفون بينها وبين حميم آن" أي قد انتهى غليه واشتد حره, وكذا قال مجاهد وسعيد بن جبير والضحاك والحسن والثوري والسدي وقال قتادة: قد آن طبخه منذ خلق الله السموات والأرض, وقال محمد بن كعب القرظي: يؤخذ العبد فيحرك بناصيته في ذلك الحميم حتى يذوب اللحم ويبقى العظم والعينان في الرأس وهي كالتي يقول الله تعالى: "في الحميم ثم في النار يسجرون" والحميم الان يعني الحار, وعن القرظي رواية أخرى "حميم آن" أي حاضر وهو قول ابن زيد أيضاً, والحاضر لا ينافي ماروي عن القرظي أولاً أنه الحار كقوله تعالى: "تسقى من عين آنية" أي حارة شديدة الحر لا تستطاع, وكقوله: "غير ناظرين إناه" يعني استواءه ونضجه فقوله: "حميم آن" أي حميم حار جداً. ولما كان معاقبة العصاة المجرمين وتنعيم المتقين من فضله ورحمته وعدله ولطفه بخلقه, وكان إنذاره لهم عن عذابه وبأسه مما يزجرهم عما هم فيه من الشرك والمعاصي وغير ذلك قال ممتناً بذلك على بريته " فبأي آلاء ربكما تكذبان ".
37- "فإذا انشقت السماء" أي انصدعت بنزول الملائكة يوم القيامة "فكانت وردة كالدهان" أي كوردة حمراء. قال سعيد بن جبير وقتادة: المعنى فكانت حمراء. وقيل فكانت كلون الفرس الورد، وهو الأبيض الذي يضرب إلى الحمرة أو الصفرة. قال الفراء وأبو عبيدة: تصير السماء كالأديم لشدة حر النار. وقال الفراء أيضاً: شبه تلون السماء بتلون الورد من الخيل. وشبه الورد في ألوانها بالدهن واختلاف ألوانه، والدهان جمع دهن، وقيل المعنتى تصير السماء في حمرة الورد، وجريان الدهن: أي تذوب مع الانشقاق حتى تصير حمراء من حرارة نار جهنم، وتصير مثل الدهن لذوبانها، وقيل الدهان الجلد الأحمر. وقال الحسن كالدهان: أي كصبيب الدهن، فإنك إذا صببته ترى فيه ألواناً. وقال زيد بن أسلم: إنها تصير كعصير الزيت. قال الزجاج: إنها اليوم خضراء وسيكون لها لون أحمر. قال الماوردي: وزعم المتقدمون أن أصل لون السماء الحمرة، وأنها لكثرة الحوائل وبعد المسافة ترى بهذا اللون الأزرق.
37. " فإذا انشقت" ، [انفرجت] ، "السماء"، فصارت أبواباً لنزول الملائكة"فكانت وردة كالدهان"، أي كلون الفرس الورد، وهو الأبيض الذي يضرب إلى الحمرة والصفرة، قال قتادة : إنها اليوم خضراء، ويكون لها لون آخر إلى الحمرة.
وقيل: إنها تتلون ألوانا يومئذ كلون الفرس الورد يكون كالربيع أصفر وفي الشتاء أحمر فإذا اشتد الشتاء كان أغبر فشبه السماء في تلونها عند انشقاقها بهذا الفرس في تلونه.
"كالدهان" ، جمع دهن. شبه تلون السماء بتلون الورد من الخيل، وشبه الوردة في اختلاف ألوانها بالدهن واختلاف ألوانه، وهو قول الضحاك و مجاهد وقتادة و الربيع.
وقال مقاتل : كدهن الورد الصافي. وقال ابن جريج تصير السماء كالدهن الذائب وذلك حين يصيبها حر جهنم.
وقالالكلبي: كالدهان أي كالأديم الأحمر وجمعه أدهنة ودهن.
37-" فإذا انشقت السماء فكانت وردةً " اي حمراء كوردة وقرئت بالرفع على كان التامة فيكون من باب التجريد كقوله :
ولئن بقيت لأرحلن بغزوة تحوي الغنائم أو يموت كريم
" كالدهان " وهو اسم لما يدهن كالحزام ، أو جمع دهن وقيل هو الأديم الأحمر .
37. And when the heaven splitteth asunder and becometh rosy like red hide
37 - When the sky is rent asunder, and it becomes red like ointment: