[القمر : 26] سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَّنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ
26 - (سيعلمون غدا) في الآخرة (من الكذاب الأشر) هو أو هم بأن يعذبوا على تكذيبهم نبيهم صالحا
فإنه قال الله " سيعلمون غداً من الكذاب الأشر " وترك من الكلام ذكر قال الله استغناء بدلالة الكلام عليه .
والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القراء فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب لتقارب معنييهما وصحتهما في الإعراب والتأويل .
قوله تعالى " سيعلمون غدا " أي سيرون العذاب يوم القيامة أو في حال نزول العذاب بهم في الدنيا . وقرأ ابن عامر وحمزةبالتاء على أنه من قول صالح لهم على الخطاب . الباقون بالياء إخبار من الله تعالى لصالح عنهم وقوله غدا على التقريب على عادة الناس في قولهم للعواقب إن مع اليوم غدا قال :
للموت فيها سهام غير مخطئة من لم يكن ميتا في اليوم مات غدا
وقال الطرماح :
ألا عللاني قبل نوح النوائح وقبل اضطراب النفس بين الجوانح
وقبل غد يا لهف نفسي على غد إذا راح أصحابي ولست برائح
إنما أراد وقت الموت ولم يرد غدا بعينه . " من الكذاب الأشر " وقرأ أبو قلابة الأشر بفتح الشين وتشديد الراء جار به على الأصل . قال أبو حاتم لا تكاد العرب تتكلم بالأشر والأخير إلا في صورة الشعر كقول رؤبة :
بلال خير الناس وابن الأخير
وإنما يقولون هو خير قومه وهو شر الناس ، قال الله تعالى "كنتم خير أمة أخرجت للناس " وقال " فسيعلمون من هو شر مكانا " وعن أبي حيوة بفتح الشين وتخفيف الراء وعن مجاهد وسعيد بن جبير ضم الشين والراء والتخفيف قال النحاس : وهو معنى الأشر ومثله رجل حذر وحذر .
وهذا إخبار عن ثمود أنهم كذبوا رسولهم صالحاً "فقالوا أبشراً منا واحداً نتبعه إنا إذاً لفي ضلال وسعر" يقولون: لقد خبنا وخسرنا إن سلمنا كلنا قيادنا لواحد منا. ثم تعجبوا من إلقاء الوحي عليه خاصة من دونهم ثم رموه بالكذب فقالوا: "بل هو كذاب أشر" أي متجاوز في حد الكذب, قال الله تعالى: "سيعلمون غداً من الكذاب الأشر" وهذا تهديد لهم شديد ووعيد أكيد. ثم قال تعالى: "إنا مرسلو الناقة فتنة لهم" أي اختباراً لهم, أخرج الله لهم ناقة عظيمة عشراء, من صخرة صماء طبق ما سألوا, لتكون حجة الله عليهم في تصديق صالح عليه السلام فيما جاءهم به, ثم قال تعالى آمراً لعبده ورسوله صالح: "فارتقبهم واصطبر" أي انتظر ما يؤول إليه أمرهم, واصبر عليهم فإن العاقبة لك, والنصر في الدنيا والاخرة "ونبئهم أن الماء قسمة بينهم" أي يوم لهم ويوم للناقة كقوله: "قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم".
وقوله تعالى: "كل شرب محتضر" قال مجاهد: إذا غابت حضروا الماء. وإذا جاءت حضروا اللبن, ثم قال تعالى: "فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر" قال المفسرون: هو عاقر الناقة, واسمه قدار بن سالف, وكان أشقى قومه. كقوله: "إذ انبعث أشقاها" "فتعاطى" أي خسر "فعقر * فكيف كان عذابي ونذر" أي فعاقبتهم فكيف كان عقابي لهم على كفرهم بي وتكذيبهم رسولي "إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر" أي فبادوا عن آخرهم لم تبق منهم باقية, وخمدوا وهمدوا كما يهمد وييبس الزرع والنبات, قاله غير واحد من المفسرين, والمحتظر قال السدي هو المرعى بالصحراء حين ييبس ويحترق وتسفيه الريح, وقال ابن زيد: كانت العرب يجعلون حظاراً على الإبل والمواشي من يبيس الشوك فهو المراد من قوله: "كهشيم المحتظر" وقال سعيد بن جبير: هشيم المحتظر هو التراب المتناثر من الحائط, وهذا قول غريب, والأول أقوى والله أعلم.
ثم أجاب سبحانه عليهم بقوله: 26- "سيعلمون غداً من الكذاب الأشر" والمراد بقوله غداً وقت نزول العذاب بهم في الدنيا، أو في يوم القيامة جرياً على عادة الناس في التعبير بالغد عن المستقبل من الأمر وإن بعد، كما في قولهم: إن مع اليوم غداً، وكما في قول الحطيئة:
للموت فيهـا سهـام غير مخـطئـة من لم يكن ميتاً في الـيوم مـات غدا
ومنه قول أبي الطماح:
ألا علـلاني قبـل نـوح النـوائـح وقيل اضطراب النفس بين الجوانـح
وقبل غد يا لهف نفسي على غد إذا راح أصحـــابي ولست برائــح
قرأ الجمهور "سيعلمون" بالتحتية إخبار من الله سبحانه لصالح عن وقوع العذاب عليهم بعد مدة. وقرأ أبو عمرو وابن عامر وحمزة بالفوقية على أنه خطاب من صالح لقومه.
26. يقول الله تعالى: " سيعلمون غداً "، حين ينزل بهم العذاب. وقال الكلبي : يعني يوم القيامة. وذكر ((الغد)) للتقريب على عادة الناس، يقولون: إن مع اليوم غداً، " من الكذاب الأشر ".
26-" سيعلمون غداً " عند نزول العذاب بهم أو يوم القيامة . " من الكذاب الأشر " الذي حمله أشره على الاستكبار عن الحق وطلب الباطل أصالح عليه السلام أم من كذبه ؟ وقرأ ابن عامر و حمزة و رويس ستعلمون على الالتفات أو حكاية ما أجابهم به صالح ، وقرئ الأشر كقولهم حذر في حذر و الأشر أي الأبلغ في الشرارة وهو أصل مرفوض كالأخير .
26. (Unto their warner it was said): Tomorrow they will know who is the rash liar.
26 - Ah! they will know on the morrow, which is the liar, the insolent one!