[النجم : 57] أَزِفَتْ الْآزِفَةُ
57 - (أزفت الآزفة) قربت القيامة
وقوله " أزفت الآزفة " يقول : دنت الدانية وإنما يعني دنت القيامة القريبة منكم أيها الناس يقال منه أزف رحيل فلان كما قال نابغة بني ذبيان :
أزف الترحل غير أن ركابنا لما تزل برحالنا وكأن قد
وكما قال كعب بن زهير : بأن الشباب وأمسى الشيب قد أزفا ولا أرى لشباب ذاهب خلفا
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية عن علي عن ابن عباس " أزفت الآزفة " من أسماء يوم القيامة عظمة الله وحذره عباده .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قالا ثنا عيسى وحدثني الحارث قال ثنا الحسن قال ثنا ورقاء جميعاً عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله " أزفت الآزفة " قال اقتربت الساعة .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله " أزفت الآزفة " قال : الساعة" ليس لها من دون الله كاشفة" .
قوله تعالى : " أزفت الآزفة " أي قربت الساعة ودنت القيامة . وسماها آزفة لقرب قيامها عنده ، كما قال : " يرونه بعيدا * ونراه قريبا " وقيل : سماها آزفة لدنوها من الناس وقربها منهم ليستعدوا لها ، لأن كل ما هو آت قريب . قال :
أزف الترحل غير أن ركابنا لما تزل برحالنا وكأن قد
وفي الصحاح : أزف الترحل يأزف أزفاً أي دنا وأفد ، ومنه قوله تعالى : " أزفت الآزفة " يعني القيامة، وأزف الرجل أي مجل فهو آزف على فاعل ، والمتآزف القصير وهو المتداني . قال أبو زيد : قلت لأعرابي ما المحبنطئ ؟ قال : المتكأكئ . قفلت : ما المتكأكئ ؟ قال : المتآزف . قلت : ما المتآزف ؟ قال : أنت أحمق وتركني ومر .
"هذا نذير" يعني محمداً صلى الله عليه وسلم "من النذر الأولى" أي من جنسهم أرسل كما أرسلوا كما قال تعالى: "قل ما كنت بدعا من الرسل" " أزفت الآزفة " أي اقتربت القريبة وهي القيامة "ليس لها من دون الله كاشفة" أي لا يدفعها إذاً من دون الله أحد ولا يطلع على علمها سواه, والنذير الحذر لما يعاين من الشر الذي يخشى وقوعه فيمن أنذرهم كما قال: " إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد " وفي الحديث: "أنا النذير العريان" أي الذي أعجله شدة ما عاين من الشر عن أن يلبس عليه شيئاً, بل بادر إلى إنذار قومه قبل ذلك فجاءهم عرياناً مسرعاً, وهو مناسب لقوله: " أزفت الآزفة " أي اقتربت القريبة يعني يوم القيامة. كما قال في أول السورة التي بعدها: "اقتربت الساعة" وقال الإمام أحمد: حدثنا أنس بن عياض, حدثني أبو حاتم لا أعلم إلا عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم ومحقرات الذنوب, فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا ببطن واد, فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى أنضجوا خبزتهم, وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه" وقال أبو حازم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو نضرة: لا أعلم إلا عن سهل بن سعد قال: "مثلي ومثل الساعة كهاتين" وفرق بين أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام ثم قال: "مثلي ومثل الساعة كمثل فرسي رهان" ثم قال: "مثلي ومثل الساعة كمثل رجل بعثه قومه طليعة, فلما خشي أن يسبق ألاح بثوبه أتيتم أتيتم" ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا ذلك" وله شواهد من وجوه أخر من صحاح وحسان. ثم قال تعالى منكراً على المشركين في استماعهم القرآن وإعراضهم عنه وتلهيهم "تعجبون" من أن يكون صحيحاً "وتضحكون" منه استهزاء وسخرية "ولا تبكون" أي كما يفعل الموقنون به كما أخبر عنهم "ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً".
وقوله تعالى: "وأنتم سامدون" قال سفيان الثوري عن أبيه عن ابن عباس قال: الغناء هي يمانية أسمد لنا غن لنا, وكذا قال عكرمة, وفي رواية عن ابن عباس "سامدون" معرضون, وكذا قال مجاهد وعكرمة, وقال الحسن غافلون, وهو رواية عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب, وفي رواية عن ابن عباس تستكبرون, وبه يقول السدي, ثم قال تعالى آمراً لعباده بالسجود له والعبادة المتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم والتوحيد والإخلاص "فاسجدوا لله واعبدوا" أي فاخضعوا له وأخلصوا ووحدوه. قال البخاري: حدثنا أبو معمر, حدثنا عبد الوارث, حدثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال: سجد النبي صلى الله عليه وسلم بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس. انفرد به دون مسلم, وقال الإمام أحمد: حدثنا إبراهيم بن خالد, حدثنا رباح عن معمر عن ابن طاوس عن عكرمة بن خالد عن جعفر بن المطلب بن أبي وداعة عن أبيه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة سورة النجم فسجد وسجد من عنده فرفعت رأسي فأبيت أن أسجد, ولم يكن أسلم يومئذ المطلب فكان بعد ذلك لا يسمع أحداً يقرؤها إلا سجد معه. وقد رواه النسائي في الصلاة عن عبد الملك بن عبد الحميد عن أحمد بن حنبل به.
آخر تفسير سورة النجم.
57- "أزفت الآزفة" أي قربت الساعة ودنت، سماها آزفة لقرب قيامها، وقيل لدنوها من الناس. كما في قوله: "اقتربت الساعة" أخبرهم بذلك ليستعدوا لها. قال في الصحاح: أزفت الآزفة: يعني القيامة وأزف الرجل عجل، ومنه قول الشاعر:
أزف الترحل غير أن ركابنا لما تزل برحالنا وكأن قد
57. " أزفت الآزفة "، دنت القيامة واقتربت الساعة.
57-" أزفت الآزفة " دنت الساعة الموصوفة بالدنو في نحو قوله تعالى : " اقتربت الساعة " .
57. The threatened Hour is nigh.
57 - The (Judgment) ever approaching draws nigh: