[النجم : 56] هَذَا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الْأُولَى
56 - (هذا) محمد (نذير من النذر الأولى) من جنسهم أي رسول كالرسل قبله ارسل إليكم كما ارسلوا إلى أقوامهم
وقوله " هذا نذير من النذر الأولى " اختلف أهل التأويل في معنى قوله جل ثناؤه لمحمد صلى الله عليه وسلم " هذا نذير من النذر الأولى " ووصفه إياه بأنه من النذر الأولى وهو آخرهم فقال بعضهم : معنى ذلك أنه نذير لقومه وكانت النذر الذين قبله نذرا لقومهم كما يقال : هذا واحد من بني آدم وواحد من الناس .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة في قوله " هذا نذير من النذر الأولى " قال : أنذر محمد صلى الله عليه وسلم كما أنذرت الرسل من قبله .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله " هذا نذير من النذر الأولى " إنما بعث محمد صلى الله عليه وسلم بما بعث الرسل قبله .
حدثنا أبو كريب قال : ثنا ابن يمان عن شريك عن جابر عن أبي جعفر هذا نذير من النذر الأولى قال : هو محمد صلى الله عليه وسلم .
وقال آخرون معنى ذلك غير هذا كله وقالوا : معناه هذا الذي أنذرتكم به أيها القوم من الوقائع التي ذكرت لكم أني أوقعتها بالأمم قبلكم من النذر التي أنذرتها الأمم قبلكم في صحف إبراهيم وموسى .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن سفيان عن أبي مالك " هذا نذير من النذر الأولى " قال : مما أنذروا به قومهم في صحف إبراهيم وموسى .
وهذا الذي ذكرت عن أبي مالك أشبه بتأويل الآية وذلك أن الله تعالى ذكره ذلك في سياق الآيات التي أخبر عنها أنها في صحف إبراهيم وموسى ونذير من النذر الأولى التي جاءت الأمم قبلكم كما جاءتكم فقوله وهذا بأن تكون إشارة إلى ما تقدمها من الكلام أولى وأشبه منه بغير ذلك .
قوله تعالى : " هذا نذير من النذر الأولى " قال ابن جريج و محمد بن كعب : يريد أن محمدا صلى الله عليه وسلم نذير بالحق الذي أنذر به الأنبياء قبله ، فإن أطعتموه أفلحتم ، وإلا حل بكم ما حل بمكذبي الرسل السالفة . وقال قتادة : يريد القرآن ، وأنه نذير بما أنذرت به الكتب الأولى . وقيل : أي هذا الذي أخبرنا به من أخبار الأمم الماضية الذين هلكوا تخويف لهذه الأمة من أن ينزل بهم ما نزل بأولئك من النذر أي مثل النذر ، والنذر في قول العرب بمعنى الإنذار كالنكر بمعنى الإنكار ، أي هذا إنذار لكم . وقال أبو مالك : هذا الذي أنذرتكم به من وقائع الأمم الخالية هو في صحف إبراهيم وموسى . وقال السدي أخبرني أبو صالح قال : هذه الحروف التي ذكر الله تعالى من قوله تعالى : " أم لم ينبأ بما في صحف موسى * وإبراهيم الذي وفى " إلى قوله : " هذا نذير من النذر الأولى " كل هذه في صحف إبراهيم وموسى .
"هذا نذير" يعني محمداً صلى الله عليه وسلم "من النذر الأولى" أي من جنسهم أرسل كما أرسلوا كما قال تعالى: "قل ما كنت بدعا من الرسل" " أزفت الآزفة " أي اقتربت القريبة وهي القيامة "ليس لها من دون الله كاشفة" أي لا يدفعها إذاً من دون الله أحد ولا يطلع على علمها سواه, والنذير الحذر لما يعاين من الشر الذي يخشى وقوعه فيمن أنذرهم كما قال: " إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد " وفي الحديث: "أنا النذير العريان" أي الذي أعجله شدة ما عاين من الشر عن أن يلبس عليه شيئاً, بل بادر إلى إنذار قومه قبل ذلك فجاءهم عرياناً مسرعاً, وهو مناسب لقوله: " أزفت الآزفة " أي اقتربت القريبة يعني يوم القيامة. كما قال في أول السورة التي بعدها: "اقتربت الساعة" وقال الإمام أحمد: حدثنا أنس بن عياض, حدثني أبو حاتم لا أعلم إلا عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم ومحقرات الذنوب, فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا ببطن واد, فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى أنضجوا خبزتهم, وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه" وقال أبو حازم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو نضرة: لا أعلم إلا عن سهل بن سعد قال: "مثلي ومثل الساعة كهاتين" وفرق بين أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام ثم قال: "مثلي ومثل الساعة كمثل فرسي رهان" ثم قال: "مثلي ومثل الساعة كمثل رجل بعثه قومه طليعة, فلما خشي أن يسبق ألاح بثوبه أتيتم أتيتم" ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا ذلك" وله شواهد من وجوه أخر من صحاح وحسان. ثم قال تعالى منكراً على المشركين في استماعهم القرآن وإعراضهم عنه وتلهيهم "تعجبون" من أن يكون صحيحاً "وتضحكون" منه استهزاء وسخرية "ولا تبكون" أي كما يفعل الموقنون به كما أخبر عنهم "ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً".
وقوله تعالى: "وأنتم سامدون" قال سفيان الثوري عن أبيه عن ابن عباس قال: الغناء هي يمانية أسمد لنا غن لنا, وكذا قال عكرمة, وفي رواية عن ابن عباس "سامدون" معرضون, وكذا قال مجاهد وعكرمة, وقال الحسن غافلون, وهو رواية عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب, وفي رواية عن ابن عباس تستكبرون, وبه يقول السدي, ثم قال تعالى آمراً لعباده بالسجود له والعبادة المتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم والتوحيد والإخلاص "فاسجدوا لله واعبدوا" أي فاخضعوا له وأخلصوا ووحدوه. قال البخاري: حدثنا أبو معمر, حدثنا عبد الوارث, حدثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال: سجد النبي صلى الله عليه وسلم بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس. انفرد به دون مسلم, وقال الإمام أحمد: حدثنا إبراهيم بن خالد, حدثنا رباح عن معمر عن ابن طاوس عن عكرمة بن خالد عن جعفر بن المطلب بن أبي وداعة عن أبيه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة سورة النجم فسجد وسجد من عنده فرفعت رأسي فأبيت أن أسجد, ولم يكن أسلم يومئذ المطلب فكان بعد ذلك لا يسمع أحداً يقرؤها إلا سجد معه. وقد رواه النسائي في الصلاة عن عبد الملك بن عبد الحميد عن أحمد بن حنبل به.
آخر تفسير سورة النجم.
56- "هذا نذير من النذر الأولى" أي هذا محمد رسول إليكم من الرسل المتقدمين قبله فإنه أنذركم كما أنذروا قومهم، كذا قال ابن جريح ومحمد بن كعب وغيرهما. وقال قتادة: يريد القرآن، وأنه أنذر بما أنذرت به الكتب الأولى، وقيل هذا الذي أخبرنا به عن أخبار الأمم تخويف لهذه الأمة من أن ينزل بهم ما نزل بأولئك. كذا قال أبو مالك. وقال أبو صالح: إن الإشارة بقوله: هذا إلى ما في صحف موسى وإبراهيم. والأول أولى.
56. " هذا نذير "، محمداً صلى الله عليه وسلم، " من النذر الأولى "، أي: رسول من الرسل أرسل إليكم كما أرسلوا إلى أقوامهم، وقال قتادة : يقول: أنذر محمد كما أنذر الرسل من قبله.
56-" هذا نذير من النذر الأولى " أي هذا القرآن إنذار من جنس الإنذارات المتقدمة أو هذا الرسول نذير من جنس المنذرين الأولين .
56. This is a warner of the warners of old.
56 - This is a Warner, of the (series of) Warners of old!