[النجم : 4] إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى
4 - (إن) ما (هو إلا وحي يوحى) إليه
" إن هو إلا وحي يوحى " يقول : ما هذا القرآن إلا وحي من الله يوحيه إليه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة قوله " وما ينطق عن الهوى " أي ما ينطق عن هواه " إن هو إلا وحي يوحى " قال : يوحي الله تبارك وتعالى إلى جبرائيل ويوحي جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم .
وقيل : عني بقوله " وما ينطق عن الهوى " بالهوى .
قوله تعالى : " إن هو إلا وحي يوحى " .
فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى : " وما ينطق عن الهوى " قال قتادة : وما ينطق بالقرآن عن هواه " إن هو إلا وحي يوحى " إليه .وقيل : (( عن الهوى )) أي بالهوى ، قاله أبو عبيدة ، كقوله تعالى : " فاسأل به خبيرا " أي فاسأل عنه . النحاس : قول قتادة أولى ، وتكون (( عن )) على بابها ، أي ما يخرج نطقه عن رأيه ، إنما هو بوحي من الله عز وجل ، لأن بعده : " إن هو إلا وحي يوحى " .
الثانية : قد يحتج بهذه الآية من لا يجوز لرسول الله صلى الله عليه وسلم الاجتهاد في الحوادث . وفيها أيضا دلالة على أن السنة كالوحي المنزل في العمل . وقد تقدم في مقدمة الكتاب حديث المقدام بن معدي كرب في ذلك والحمد لله . قال السجستاني : إن شئت أبدلت " إن هو إلا وحي يوحى " من " ما ضل صاحبكم " قال ابن الأنباري : وهذا غلط ، لأن (( إن )) الخفيفة لا تكون مبدلة من (( ما )) الدليل على هذا أنك لا تقول : والله ما قمت إن أنا لقاعد .
قال الشعبي وغيره: الخالق يقسم بما شاء من خلقه, والمخلوق لا ينبغي له أن يقسم إلا بالخالق, رواه ابن أبي حاتم: واختلف المفسرون في معنى قوله: "والنجم إذا هوى" فقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: يعني بالنجم الثريا إذا سقط مع الفجر, وكذا روي عن ابن عباس وسفيان الثوري واختاره ابن جرير, وزعم السدي أنها الزهرة, وقال الضحاك "والنجم إذا هوى" إذا رمي به الشياطين وهذا القول له اتجاه. وروى الأعمش عن مجاهد في قوله تعالى: "والنجم إذا هوى" يعني القرآن إذا نزل, وهذه الاية كقوله تعالى: "فلا أقسم بمواقع النجوم * وإنه لقسم لو تعلمون عظيم * إنه لقرآن كريم * في كتاب مكنون * لا يمسه إلا المطهرون * تنزيل من رب العالمين" وقوله تعالى: "ما ضل صاحبكم وما غوى" هذا هو المقسم عليه, وهو الشهادة للرسول صلى الله عليه وسلم بأنه راشد تابع للحق ليس بضال, وهو الجاهل الذي يسلك على غير طريق بغير علم, والغاوي هو العالم بالحق, العادل عنه قصداً إلى غيره, فنزه الله رسوله وشرعه, عن مشابهة أهل الضلال كالنصارى وطرائق اليهود. وهي علم الشيء وكتمانه, والعمل بخلافه, بل هو صلاة الله وسلامه عليه وما بعثه به من الشرع العظيم في غاية الاستقامة والاعتدال والسداد, ولهذا قال تعالى: "وما ينطق عن الهوى" أي ما يقول قولاً عن هوى وغرض "إن هو إلا وحي يوحى" أي إنما يقول ما أمر به يبلغه إلى الناس كاملاً موفوراً من غير زيادة ولا نقصان كما رواه الإمام أحمد: حدثنا يزيد, حدثنا جرير بن عثمان عن عبد الرحمن بن ميسرة عن أبي أمامة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليدخلن الجنة بشفاعة رجل ليس بنبي مثل الحيين ـ أو مثل أحد الحيين ـ ربيعة ومضر" فقال رجل: يا رسول الله أو ما ربيعة من مضر ؟ قال: "إنما أقول ما أقول".
وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن الأخنس, أخبرنا الوليد بن عبد الله عن يوسف بن ماهك عن عبد الله بن عمرو قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه, فنهتني قريش فقالوا: إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم, ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب. فأمسكت عن الكتاب فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "اكتب فو الذي نفسي بيده ما خرج مني إلا الحق" ورواه أبو داود عن مسدد وأبي بكر بن أبي شيبة, كلاهما عن يحيى بن سعيد القطان به. وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا أحمد بن منصور, حدثنا عبد الله بن صالح, حدثنا الليث عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أخبرتكم أنه من عند الله فهو الذي لا شك فيه" ثم قال: لا نعلمه يروى إلا بهذا الإسناد وقال الإمام أحمد: حدثنا يونس, حدثنا ليث عن محمد بن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا أقول إلا حقاً قال بعض أصحابه: فإنك تداعبنا يا رسول الله ؟ قال: إني لا أقول إلا حقاً".
4- "إن هو إلا وحي يوحى" أي ما هو الذي ينطق به إلا وحي من الله يوحيه إليه. وقوله: "يوحى" صفة لوحي تفيد الاستمرار التجددي، وتفيد نفي المجاز: أن هو وحي حقيقة لا لمجرد التسمية.
4. " إن هو "، ما نطقه في الدين، وقيل: القرآن " إلا وحي يوحى "، أي: وحي من الله يوحى إليه.
4-" إن هو " ما القرآن أو الذي ينطق به . " إلا وحي يوحى " أي إلا وحي يوحيه الله إليه ، واحتج به من لم ير الاجتهاد له .وأجيب عنه بأنه إذا أوحي إليه بأن يجتهد كان اجتهاده وما يستند إليه وحياً ، وفيه نظر لأن ذلك حينئذ يكون بالوحي لا الوحي .
4. It is naught save an inspiration that is inspired,
4 - It is no less than inspiration sent down to him: