[الطور : 38] أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
38 - (أم لهم سلم) مرقى إلى السماء (يستمعون فيه) أي عليه كلام الملائكة حتى يمكنهم منازعة النبي بزعمهم إن ادعوا ذلك (فليأت مستمعهم) مدعي الاستماع عليه (بسلطان مبين) بحجة بينة واضحة ولشبه هذا الزعم بزعمهم أن الملائكة بنات الله
وقوله " أم لهم سلم يستمعون فيه " يقول : أم لهم سلم يرتقون فيه إلى السماء يستمعون عليه الوحي فيدعون أنهم سمعوا هنالك من الله أن الذي هم عليه حق فهم بذلك متمسكون بما هم عليه .
وقوله : " فليأت مستمعهم بسلطان مبين " يقول : فإن كانوا يدعون ذلك فليأت من يزعم أنه استمع ذلك فسمعه بسلطان مبين يعني بحجة تبين أنه حق كما أتى محمد صلى الله عليه وسلم بها على حقيقة قوله وصدقه فيما جاءهم به من عند الله والسلم في كلام العرب : السبب والمرقاة ومنه قول ابن مقبل :
لا تحرز المرء أحجاء البلاد ولا تبني له في السماوات السلاليم
ومنه قوله : جعلت فلاناً سلماً لحاجتي :إذا جعلته سبباً لها .
قوله تعالى " أم لهم سلم " أي أيدعون أن لهم مرتقى إلى السماء ومصعدا وسببا "يستمعون فيه " أي عليه الأخبار ويصلون به إلى علم الغيب كما يصل إليه محمد صلى الله عليه وسلم بطريق الوحي " فليأت مستمعهم بسلطان مبين " أي بحجة بينة أن هذا الذي هم عليه حق . والسلم واحد السلالم التي يرتقي عليها . وربما سمي الغرز بذلك قال أبو الربيس الثعلبي يصف ناقته :
مطارة قلب إن ثنى الرجل ربها بسلم غرز في مناخ يعاجله
وقال زهير :
ومن هاب أسباب المنية يلقها ولو رام أسباب السماء بسلم
وقال آخر
تجنيت لي ذنبا وما إن جنيته لتتخذي عذرا إلى الهجر سلما
وقال ابن مقبل في الجمع :
لا تحرز المرء أحجاء البلاد ولا يبنى له في السماوات السلاليم
الأحجاء النواحي مثل الأرجاء واحدها حجا ورجا مقصور ويروى أعناء البلاد والأعناء أيضا الجوانب والنواحي واحدها عنو بالكسر وقال ابن الأعرابي : واحدها عنا مقصور . وجاءنا أعناء من الناس واحدهم عنو بالكسر . وهم قوم من قبائل شتى . "يستمعون فيه " أي عليه كقوله تعالى " في جذوع النخل " أي عليها قاله الأخفش وقال أبو عبيد يستمعون به وقال الزجاج أي ألهم كجبريل الذي يأتي النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي .
هذا المقام في إثبات الربوبية وتوحيد الألوهية فقال تعالى: "أم خلقوا من غير شيء ؟ أم هم الخالقون" أي أوجدوا من غير موجد ؟ أم هم أوجدوا أنفسهم, أي لا هذا ولا هذا بل الله هو الذي خلقهم وأنشأهم بعد أن لم يكونوا شيئاً مذكوراً, قال البخاري: حدثنا الحميدي, حدثنا سفيان قال: حدثني عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ هذه الاية "أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون * أم خلقوا السموات والأرض ؟ بل لا يوقنون * أم عندهم خزائن ربك ؟ أم هم المصيطرون ؟" كاد قلبي أن يطير, وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من طرق عن الزهري به. وجبير بن مطعم كان قد قدم على النبي صلى الله عليه وسلم بعد وقعة بدر في فداء الأسارى, وكان إذ ذاك مشركاً, فكان سماعه هذه الاية من هذه السورة من جملة ما حمله على الدخول في الإسلام بعد ذلك. ثم قال تعالى: "أم خلقوا السموات والأرض ؟ بل لا يوقنون" أي أهم خلقوا السموات والأرض ؟ وهذا إنكار عليهم في شركهم بالله, وهم يعلمون أنه الخالق وحده لا شريك له, ولكن عدم إيقانهم هو الذي يحملهم على ذلك " أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون " أي أهم يتصرفون في الملك وبيدهم مفاتيح الخزائن "أم هم المصيطرون" أي المحاسبون للخلائق, ليس الأمر كذلك بل الله عز وجل هو المالك المتصرف الفعال لما يريد.
وقوله تعالى: "أم لهم سلم يستمعون فيه" أي مرقاة إلى الملأ الأعلى "فليأت مستمعهم بسلطان مبين" أي فليأت الذي يستمع لهم بحجة ظاهرة على صحة ما هم فيه من الفعال والمقال, أي وليس لهم سبيل إلى ذلك فليسوا على شيء وليس لهم دليل, ثم قال منكراً عليهم فيما نسبوه إليه من البنات وجعلهم الملائكة إناثاً, واختيارهم لأنفسهم الذكور على الإناث, بحيث إذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم, هذا وقد جعلوا الملائكة بنات الله وعبدوهم مع الله فقال: "أم له البنات ولكم البنون" وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد "أم تسألهم أجراً ؟" أي أجرة إبلاغك إياهم رسالة الله, أي لست تسألهم على ذلك شيئاً "فهم من مغرم مثقلون" أي فهم من أدنى شيء يتبرمون منه ويثقلهم ويشق عليهم "أم عندهم الغيب فهم يكتبون" أي ليس الأمر كذلك فإنه لا يعلم أحد من أهل السموات والأرض الغيب إلا الله "أم يريدون كيداً. فالذين كفروا هم المكيدون" يقول تعالى: أم يريد هؤلاء بقولهم هذا في الرسول وفي الدين غرور الناس وكيد الرسول وأصحابه, فكيدهم إنما يرجع وباله على أنفسهم فالذين كفروا هم المكيدون "أم لهم إله غير الله سبحان الله عما يشركون" وهذا إنكار شديد على المشركين في عبادتهم الأصنام والأنداد مع الله, ثم نزه نفسه الكريمة عما يقولون ويفترون ويشركون فقال: "سبحان الله عما يشركون".
38- "أم لهم سلم يستمعون فيه" أي بل أيقولون إن لهم سلماً منصوباً إلى السماء يصعدون به ويستمعون فيه كلام الملائكة وما يوحي إليهم ويصلون به إلى علم الغيب كما يصل إليه محمد صلى الله عليه وسلم بطريق الوحي. وقوله فيه صفة لسلم، وهي للظرفية على بابها، وقيل هي بمعنى على: أي يستمعون عليه كقوله: "ولأصلبنكم في جذوع النخل" قاله الأخفش. وقال أبو عبيدة: يستمعون به. وقال الزجاج: المعنى: أنهم كجبريل الذي يأتي النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي، وقيل هي في محل نصب على الحال: أي صاعدين فيه "فليأت مستمعهم" إن ادعى ذلك "بسلطان مبين" أي بحجة واضحة ظاهرة.
38. " أم لهم سلم "، مرقى ومصعد إلى السماء، " يستمعون فيه "، أي يستمعون عليه الوحي، كقوله: " ولأصلبنكم في جذوع النخل " (طه-71) أي: عليها، معناه: ألهم سلم يرتقون به إلى السماء، فيستمعون الوحي ويعلمون أن ماهم عليه حق بالوحي، فهم مستمسكون به كذلك؟ " فليأت مستمعهم "، إن ادعوا ذلك، " بسلطان مبين "، حجة بينة.
38-" أم لهم سلم " مرتقى إلى السماء " يستمعون فيه " صاعدين فيه إلى كلام الملائكة وما يوحي إليهم من علم الغيب حتى يعلموا ما هو كائن . " فليأت مستمعهم بسلطان مبين " بحجة واضحة تصدق استماعه .
38. Or have they any stairway (unto heaven) by means of which they overhear (decrees). Then let their listener produce warrant manifest!
38 - Or have they a ladder, by which they can (climb up to heaven and) listen (to its secrets)? Then let (such a) listener of theirs produce a manifest proof.