[ق : 15] أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ
15 - (أفعيينا بالخلق الأول) أي لم نعي به فلا نعيا بالإعادة (بل هم في لبس) شك (من خلق جديد) وهو البعث
وهذا تقريع من الله لمشركي قريش قالوا : " أإذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد " يقول لهم جل ثناؤه : أعيينا بابتداع الخلق الأول الذي خلقناه ولم يكن شيئا فنعيا بإعادتهم خلقا جديدا بعد بلائهم في التراب ، وبعد فنائهم ؟ يقول : ليس يعيينا ذلك ، بل نحن عليه قادرون .
ونبحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي قال : ثنا أبوصالح قال : ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله " أفعيينا بالخلق الأول " يقول : لم يعينا الخلق الأول .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله " أفعيينا بالخلق الأول " يقول : أفعيي علينا حين أنشأناكم خلقا جديدا ، فتمتروا بالبعث .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي ميسرة " أفعيينا بالخلق الأول " قال : إنا خلقناكم .
وقوله " بل هم في لبس من خلق جديد " يقول تعالى ذكره : ما يشك هؤلاء المشركون المكذبون بالبعث أنا لم نعي بالخلق الأول ، ولكنهم في شك من قدرتنا على أن نخلقهم خلقا جديدا بعد فنائهم ، وبلائهم في قبورهم
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله " بل هم في لبس من خلق جديد " يقول : في شك من البعث .
حدثنا ابن حيمد قال : ثنا مهران عن سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي ميسر " بل هم في لبس " قال : الكفار " من خلق جديد " قال : أن يخلقوا من بعد الموت .
حدثنا بشر قال : ثنا سزسد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله " بل هم في لبس " : أي شك -والخلق الجديد : البعث بعد الموت - فصار الناس فيه رجلين : مكذب ، ومصدق
حدثنا ابن عبد الاعلى قال : ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة في قوله " في لبس من خلق جديد " قال : البعث من بعد الموت .
قوله تعالى"أفعيينا بالخلق الأول" أي أفعيينا به فنعيا بالبعث وهذا توبيخ لمنكري البعث وجواب قولهم " ذلك رجع بعيد " يقال: عييت بالأمر إذا لم تعرف وجهه "بل هم في لبس من خلق جديد " أي في حيرة من البعث منهم مصدق ومنهم مكذب يقال لبس عليه الأمر يلبسه لبسا .
يقول تعالى مهدداً لكفار قريش, بما أحله بأشباههم ونظرائهم وأمثالهم من المكذبين قبلهم, من النقمات والعذاب الأليم في الدنيا كقوم نوح وما عذبهم الله تعالى به من الغرق العام لجميع أهل الأرض وأصحاب الرس, وقد تقدمت قصتهم في سورة الفرقان " وثمود * وعاد وفرعون وإخوان لوط " وهم أمته الذين بعث إليهم من أهل سدوم ومعاملتها من الغور, وكيف خسف الله تعالى بهم الأرض, وأحال أرضهم بحيرة منتنة خبيثة بكفرهم وطغيانهم ومخالفتهم الحق. "وأصحاب الأيكة" وهم قوم شعيب عليه الصلاة والسلام "وقوم تبع" وهو اليماني, وقد ذكرنا من شأنه في سورة الدخان ما أغنى عن إعادته ههنا, ولله الحمد والشكر.
"كل كذب الرسل" أي كل من هذه الأمم وهؤلاء القرون كذب رسولهم, ومن كذب رسولاً فكأنما كذب جميع الرسل كقوله جل وعلا: "كذبت قوم نوح المرسلين" وإنما جاءهم رسول واحد فهم في نفس الأمر لو جاءهم جميع الرسل كذبوهم "فحق وعيد" أي فحق عليهم ما أوعدهم الله تعالى على التكذيب من العذاب والنكال, فليحذر المخاطبون أن يصيبهم ما أصابهم فإنهم قد كذبوا رسولهم كما كذبوا أولئك. وقوله تعالى: "أفعيينا بالخلق الأول" أي أفعجزنا ابتداء الخلق حتى هم في شك من الإعادة "بل هم في لبس من خلق جديد" والمعنى أن ابتداء الخلق لم يعجزنا والإعادة أسهل منه كما قال عز وجل: "وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه" وقال الله جل جلاله: " وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم " وقد تقدم في الصحيح "يقول الله تعالى يؤذيني ابن آدم يقول لن يعيدني كما بدأني وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته".
15- "أفعيينا بالخلق الأول" الاستفهام للتقريع والتوبيخ، والجملة مستأنفة لتقرير أمر البعث الذي أنكرته الأمم: أي أفعجزنا بالخلق حين خلقناهم أولاً ولم يكونوا شيئاً، فكيف نعجز عن بعثهم، يقال عييت بالأمر: إذا عجزت عنه ولم أعرف وجهه. قرأ الجمهور بكسر الياء الأول بعدها ياء ساكنة. قرأ ابن أبي عبلة بتشديد الياء من غير إشباع. ثم ذكر أنهم في شك من البعث، فقال: "بل هم في لبس من خلق جديد" أي في شك وحيرة واختلاط من خلق مستأنف، وهو بعث الأموات، ومعنى الإضراب أنهم غير منكرين لقدرة الله على الخلق الأول "بل هم في لبس من خلق جديد".
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: "ق" قال: هو اسم من أسماء الله. وأخرج ابن أبي حاتم عنه قال: خلق الله من وراء هذه الأرض بحراً محيطاً، ثم خلق وراء ذلك جبلاً يقال له ق السماء الدنيا مرفرفة عليه، ثم خلق من وراء ذلك الجبل أرضاً مثل تلك الأرض سبع مرات، ثم خلق من وراء ذلك بحراً محيطاً بها، ثم خلق وراء ذلك جبلاً يقال له قاف السماء الثاني مرفرفة عليه، حتى عد سبع أرضين وسبعة أبحر وسبعة أجبل وسبع سموات، قال: وذلك قوله: "والبحر يمده من بعده سبعة أبحر" قال ابن كثير: لا يصح سنده عن ابن عباس. وقال أيضاً: وفيه انقطاع. وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ عنه أيضاً قال: هو جبل وعروقه إلى الصخرة التي عليها الأرض، فإذا أراد الله أن يزلزل قرية أمر ذلك الجبل فحرك ذلك العرق الذي يلي تلك القرية فيزلزلها ويحركها، فمن ثم يحرك القرية دون القرية. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه أيضاً "والقرآن المجيد" قال: الكريم. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال: القرآن المجيد ليس شيء أحسن منه ولا أفضل. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً "قد علمنا ما تنقص الأرض منهم" قال: أجسادهم وما يذهب منها. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً في الآية قال: ما تأكل من لحومهم وعظامهم وأشعارهم. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عنه أيضاً قال: المريج الشيء المتغير. وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه عن قطبة قال: "سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح ق. فلما أتى على هذه الآية "والنخل باسقات" فجعلت أقول: ما بسوقها؟ قال: طولها". وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله: "والنخل باسقات" قال الطول. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه في قوله: "لها طلع نضيد" قال: متراكم بعضه على بعض. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله: "أفعيينا بالخلق الأول" يقول لم يعيينا الخلق الأول، وفي قوله: "بل هم في لبس من خلق جديد" في شك من البعث.
15. " أفعيينا بالخلق الأول "، يعني: أعجزنا حين خلقناهم أولاً [فنعيا] بالإعادة. وهذا تقرير لهم لأنهم اعترفوا بالخلق الأول وأنكروا البعث، ويقال لكل من عجز عن شيء: عيي به. " بل هم في لبس "، أي: في شك، " من خلق جديد "، وهو البعث.
15-" أفعيينا بالخلق الأول " أي أفعجزنا عن الإبداء حتى نعجز عن الإعادة ، من عيي بالأمر إذا لم يهتد لوجه عمله والهمزة فيه للإنكار . " بل هم في لبس من خلق جديد " أي هم لا ينكرون قدرتنا على الخلق الأول بل هم في خلط ، وشبهة في خلق مستأنف لما فيه من مخالفة العادة ، وتنكير الخلق الجديد لتعضيم شأنه والإشعار بأنه على وجه غير متعارف ولا معتاد .
15. Were We then worn out by the first creation? Yet they are in doubt about a new creation.
15 - Were We then weary with the first Creation, that they should be in confused doubt about a new Creation?