[الأحقاف : 27] وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُم مِّنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
27 - (ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى) أي من أهلها كثمود وعاد وقوم لوط (وصرفنا الآيات) كررنا الحجج البينات (لعلهم يرجعون)
يقول تعالى ذكره لكفار قريش محذرهم بأسه و سطوته ، أن يحل بهم على كفرهم " ولقد أهلكنا " أيها القوم من القرى ما حول قريتكم كحجر ثمود وأرض سدوم ومأرب ونحوها ، فأنذرنا أهلها بالمثلات وخربنا ديارهم فجعلناها خاوية على عروشها .
وقوله " وصرفنا الآيات " يقول : ووعظناهم بأنواع العظات ، وذكرناهم بضروب من الذكر و الحجج و بينا لهم ذلك .
كما حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله " وصرفنا الآيات " قال بيناها " لعلهم يرجعون " يقول ليرجعوا عما كانوا عليه مقيمين من الكفر بالله و آياته . وفي الكلام متروك ترك ذكره استغناء بدلالة الكلام عليه ، وهو : فأبوا إلا الإقامة على كفرهم ، والتمادي في غيهم فأهلكناهم ، فلن ينصرنهم منا ناصر : يقول جل ثناؤه : فلولا نصر هؤلاء الذين أهلكناهم من الأمم الخالية قبلهم أوثانهم و آلهتهم التي اتخذوا عبادتهم قرباناً يتقربون بها فيما زعموا إلى ربهم منا إذ جاءهم بأسنا فتنقذهم من عذابنا إن كانت تشفع لهم عند ربهم كما يزعمون ، وهذا احتجاج من الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم على مشركي قومه ، يقول لهم : لو كانت آلهتكم التي تعبدون من دون الله تغني عنكم شيئاً ، أو تنفعكم عند الله كما تزعمون أنكم إنما تعبدونها لتقربكم إلى الله زلفى لأغتن عمن كان قبلكم من الأمم التي أهلكتها بعبادتهم إياها فدفعت عنها العذاب إذا نزل أو لشفعت لهم عند ربهم ، فقد كانوا من عبادتهم على مثل الذي عليه أنتم ، ولكنها ضرتهم و لم تنفعهم . يقول تعالى ذكره " بل ضلوا عنهم " يقول : بل تركتهم آلهتهم التي كانوا يعبدونها ، فأخذت غير طريقهم ، لأن عبدتها هلكت ، و كانت هي حجارة أو نحاساً فلم يصبها ما أصابهم ، ودعوها فلم تجبهم و لم تغثهم ، وذلك ضلالها عنهم ، وذلك إفكهم ، يقول عزوجل : هذه الآلهة التي ضلت عن هؤلاء الذين كانوا يفترون ، قيقولون : هي تقربنا إلى الله زلفى ، هي شفعاؤنا عند الله . وأخرج الكلام مخرج الفعل ، و المعني المفعول به ، فقيل : وذلك إفكهم ، و المعني فيه : المأفوك به لأن الأفك إنما هو الآفك ، و الآلهة مأفوك بها . وقد مضى البيان عن نظائر ذلك قبل ، قال : كذلك قوله " وما كانوا يفترون " .
واختلت القراء في قراءة قوله ( وذلك إفكهم ) فقرأته عامة قراء الأمصار : وذلك (إفكهم ) بكسرالألف و سكون الفاء و ضم الكاف بالمعنى الذي بينا .
وروى ابن عباس رضي الله عنهما في ذلك ما :
حدثني أحمد بن يوسف قال : ثنا القاسم قال : ثنا هشيم عن عوف عمن حدثه ، عن ابن العباس أنه كان يقرؤها وذلك أفكهم يعني بفتح الألف و الكاف وقال : أضلهم . فمن قرأ القراءة الأولى التي عليها قراء الأمصار ، فالهاء و الميم في موضع خفض . ومن قرأ هذه القراءة التي ذكرناها عن ابن العباس فالهاء و الميم في موضع نصب ، وذلك أن معنى الكلام على ذلك : وذلك صرفهم عن الإيمان بالله .
والصواب من القراءة في ذلك عندنا ، القراءة التي عليها قرأة الأمصار لإجماع الحجة عليها .
قوله تعالى : " ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى " يريد حجر ثمود وقرى لوط ونحوهما مما كان يجاور بلاد الحجاز ، وكانت أخبارهم متواترة عندهم ، " وصرفنا الآيات " يعني الحجج والدلالات وأنواع البينات والعظات ، أي بيناها لأهل تلك القرى ، " لعلهم يرجعون " فلم يرجعوا ، وقيل : أي صرفنا آيات القرآن في الوعد والوعيد والقصص والإعجاز لعل هؤلاء المشركين يرجعون .
يقول تعالى: ولقد مكنا الأمم السالفة في الدنيا من الأموال والأولاد, وأعطيناهم منها مالم نعطكم مثله ولا قريباً منه, "وجعلنا لهم سمعاً وأبصاراً وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون" أي وأحاط بهم العذاب, والنكال الذي كانوا يكذبون به ويستبعدون وقوعه, أي فاحذروا أيها المخاطبون أن تكونوا مثلهم فيصيبكم مثل ما أصابهم من العذاب في الدنيا والاخرة.
وقوله تعالى: "ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى" يعني أهل مكة, وقد أهلك الله الأمم المكذبة بالرسل مما حولها كعاد, وكانوا بالأحقاف بحضرموت عند اليمن, وثمود وكانت منازلهم بينهم وبين الشام, وكذلك سبأ وهم أهل اليمن, ومدين وكانت في طريقهم وممرهم إلى غزة, وكذلك بحيرة قوم لوط كانوا يمرون بها أيضاً, وقوله عز وجل: " وصرفنا الآيات " أي بيناها وأوضحناها "لعلهم يرجعون * فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قرباناً آلهة" أي فهل نصروهم عند احتياجهم إليهم. "بل ضلوا عنهم" أي بل ذهبوا عنهم أحوج ما كانوا إليهم "وذلك إفكهم" أي: كذبهم "وما كانوا يفترون" أي وافتراؤهم في اتخاذهم إياهم آلهة وقد خابوا وخسروا في عبادتهم لها واعتمادهم عليها, والله أعلم.
26- "ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى" الخطاب لأهل مكة، والمراد بما حولهم من القرى قرى ثمود، وقرى لوط ونحوهما مما كان مجاوراً لبلاد الحجاز، وكانت أخبارهم متواترة عندهم "وصرفنا الآيات لعلهم يرجعون" أي بينا الحجج ونوعناها لكي يرجعوا عن كفرهم فلم يرجعوا.
27. " ولقد أهلكنا ما حولكم "، يا أهل مكة، " من القرى "، كحجر ثمود وأرض سدوم ونحوهما، " وصرفنا الآيات "، الحجج والبينات، " لعلهم يرجعون "، عن كفرهم فلم يرجعوا، فأهلكناهم، يخوف مشركي مكة.
27-" ولقد أهلكنا ما حولكم " يا أهل مكة . " من القرى " كحجر ثمود وقرى قوم لوط . " وصرفنا الآيات " بتكريرها ." لعلهم يرجعون " عن كفرهم .
27. And verily We have destroyed townships round about you, and displayed (for them) Our revelation, that haply they might return.
27 - We destroyed aforetime populations round about you; and We have shown the Signs in various ways, that they may turn (to Us).