[الأحقاف : 13] إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
13 - (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) على الطاعة (فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون)
يقول تعالى ذكره : " إن الذين قالوا ربنا الله " الذي لا إله غيره " ثم استقاموا " على تصديقهم بذلك فلم يخلطوه بشرك و لم يخالفوا الله في أمره و نهيه " فلا خوف عليهم " من فزع يوم القيامة و أهواله " و لا هم يحزنون " على ما خلفوا وراءهم بعد مماتهم .
قوله تعالى : " إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا " الآية تقدم معناه ، وقال ابن عباس ، نزلت في أبي بكر الصديق والآية تعم ، " فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون " .
يقول تعالى: "قل" يا محمد لهؤلاء المشركين الكافرين بالقرآن "أرأيتم إن كان" هذا القرآن "من عند الله وكفرتم به" أي ما ظنكم أن الله صانع بكم إن كان هذا الكتاب الذي جئتكم به قد أنزل علي لأبلغكموه, وقد كفرتم به وكذبتموه. "وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله" أي وقد شهدت بصدقه وصحته الكتب المتقدمة المنزلة على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قبلي, بشرت به وأخبرت بمثل ما أخبر هذا القرآن به. وقوله عز وجل: "فآمن" أي هذا الذي شهد بصدقه من بني إسرائيل لمعرفته بحقيقته "واستكبرتم" أنتم عن اتباعه, وقال مسروق: فآمن هذا الشاهد بنبيه وكتابه وكفرتم أنتم بنبيكم وكتابكم "إن الله لا يهدي القوم الظالمين" وهذا الشاهد اسم جنس يعم عبد الله بن سلام رضي الله عنه وغيره, فإن هذه الاية مكية نزلت قبل إسلام عبد الله بن سلام رضي الله عنه, وهذا كقوله تبارك وتعالى: "وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين" وقال: " إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا * ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا " قال مسروق والشعبي: ليس بعبد الله بن سلام هذه الاية مكية, وإسلام عبد الله بن سلام رضي الله عنه كان بالمدينة. رواه عنهما ابن جرير وابن أبي حاتم واختاره ابن جرير. وقال مالك عن أبي النضر عن عامر بن سعد عن أبيه قال: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على وجه الأرض إنه من أهل الجنة, إلا لعبد الله بن سلام رضي الله عنه, قال: وفيه نزلت "وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله" رواه البخاري ومسلم والنسائي من حديث مالك به, وكذا قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد والضحاك وقتادة وعكرمة ويوسف بن عبد الله بن سلام وهلال بن يساف والسدي والثوري ومالك بن أنس, وابن زيد أنهم كلهم قالوا: إنه عبد الله بن سلام.
وقوله تعالى: "وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيراً ما سبقونا إليه" أي قالوا عن المؤمنين بالقرآن لو كان القرآن خيراً ما سبقنا هؤلاء إليه, يعنون بلالاً وعماراً وصهيباً وخباباً رضي الله عنهم, وأشباههم وأضرابهم من المستضعفين والعبيد والإماء, وما ذاك إلا لأنهم عند أنفسهم يعتقدون أن لهم عند الله وجاهة وله بهم عناية. وقد غلطوا في ذلك غلطاً فاحشاً وأخطأوا خطأ بيناً كما قال تبارك وتعالى: "وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا" أي يتعجبون كيف اهتدى هؤلاء دوننا ولهذا قالوا: "لو كان خيراً ما سبقونا إليه" وأما أهل السنة والجماعة, فيقولون: في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة رضي الله عنهم هو بدعة لأنه لو كان خيراً لسبقونا إليه, لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها.
وقوله تعالى: "وإذ لم يهتدوا به" أي بالقرآن "فسيقولون هذا إفك قديم" أي كذب قديم أي مأثور عن الناس الأقدمين فينتقصون القرآن وأهله, وهذا هو الكبر الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بطر الحق وغمط الناس" . ثم قال تعالى: "ومن قبله كتاب موسى" وهو التوراة "إماماً ورحمة وهذا كتاب" يعني القرآن "مصدق" أي لما قبله من الكتب "لساناً عربياً" أي فصيحاً بيناً واضحاً "لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين" أي مشتمل على النذارة للكافرين والبشارة للمؤمنين, وقوله تعالى: "فلا خوف عليهم" أي فيما يستقبلون "ولا هم يحزنون" على ما خلفهم "أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون" أي الأعمال سبب لنيل الرحمة لهم وسبوغها عليهم, والله أعلم.
12- "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا" أي جمعوا بين التوحيد والاستقامة على الشريعة، وقد تقدم تفسير هذا في سورة السجدة "فلا خوف عليهم" الفاء زائدة في خبر الموصول لما فيه من معنى الشرط "ولا هم يحزنون" المعنى: أنهم لا يخافون من وقوع مكروه بهم، ولا يحزنون من فوات محبوب وأن ذلك مستمر دائم.
13. " إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون "
13-" إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا " جمعوا بين التوحيد الذي هو خلاصة العلم والإستقامة في الأمور التي هي منتهى العمل ، وثم للدلالة على تأخر رتية العمل وتوقف اعتباره على التوحيد . " فلا خوف عليهم " من لحوق مكروه . " ولا هم يحزنون " على فوات محبوب، والفاء لتضمن الاسم معنى الشرط .
13. Lo! those who say: our Lord is Allah, and thereafter walk aright, there shall no fear come upon them neither shall they grieve.
13 - Verily those who say, Our Lord is God, and remain firm (on that Path), on them shall be no fear, nor shall they grieve.