[الدخان : 47] خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاء الْجَحِيمِ
47 - (خذوه) يقال للزبانية خذوا الأثيم (فاعتلوه) بكسر التاء وضمها جروه بغلظة وشدة (إلى سواء الجحيم) وسط النار
يقول تعالى ذكره : " خذوه " يعني هذا الأثيم بربه ، الذي أخبر جل ثناؤه أن له شجرة الزقوم طعام " فاعتلوه " يقول تعالى ذكره : فادفعوه وسوقوه ، يقال منه : عتله يعتله عتلاً : إذا ساقه بالدفع والجذب ، ومنه قول الفرزدق :
ليس الكرام بناحليك أباهم حتى ترد إلى عطية تعتل
أي تساق دفعاً وسحباً .
وقوله : " إلى سواء الجحيم " : إلى وسط الجحيم . ومعنى الكلام : يقال يوم القيامة : خذوا هذا الأثيم فسوقوه دفعاً في ظهره ، وسحباً إلى وسط النار .
وبنحو الذي قلنا في معنى قوله : " فاعتلوه " قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : " خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم " قال : خذوه فادفعوه .
وفي قوله : " فاعتلوه " لغتان : كسر التاء ، وهي قراءة بعض أهل قراء أهل المدينة وبعض أهل مكة .
والصواب من القراءة في ذلك عندنا أنهما لغتان في العرب ، يقال منه : عتل يعتل ويعتل ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " إلى سواء الجحيم " : إلى وسط النار .
قوله تعالى : " خذوه " أي يقال للزبانية خذوه ، يعني الأثيم : " فاعتلوه " أي جروه وسوقوه ، والعتل : أن تأخذ بتلابيب الرجل فتعتله ، أي تجره إليك لتذهب به إلى حبس أو بلية ، عتلت الرجل أعتله وأعتله عتلاً إذا جذبته جذباً عنيفاً ورجل معتل ( بالكسر ) وقال يصف فرساً :
نفرعه فرعاً ولسنا نعتله
وفيه لغتان عتله وعتنه ، ( باللام والنون جميعاً ) قاله ابن السكيت وقرا الكوفيون و أبوعمرو ( فاعتلوه ) بالكسر ، وضم الباقون ، " إلى سواء الجحيم " وسط الجحيم .
يقول تعالى مخبراً عما يعذب به الكافرين الجاحدين للقائه: " إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم " الأثيم أي في قوله وفعله, وهو الكافر, وذكر غير واحد أنه أبو جهل, ولا شك في دخوله في هذه الاية, ولكن ليست خاصة به. قال ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار, حدثنا عبد الرحمن, حدثنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن همام بن الحارث أن أبا الدرداء كان يقرىء رجلاً " إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم " فقال: طعام اليتيم, فقال أبو الدرداء رضي الله عنه: قل إن شجرة الزقوم طعام الفاجر أي ليس له طعام من غيرها, قال مجاهد: ولو وقعت قطرة منها في الأرض لأفسدت على أهل الأرض معيشتهم, وقد تقدم نحوه مرفوعاً, وقوله: "كالمهل" قالوا: كعكر الزيت " يغلي في البطون * كغلي الحميم " أي من حرارتها ورداءتها, وقوله: "خذوه" أي الكافر, وقد ورد أنه تعالى إذا قال للزبانية خذوه ابتدره سبعون ألفاً منهم, وقوله: "فاعتلوه" أي سوقوه سحباً ودفعاً في ظهره, قال مجاهد "خذوه فاعتلوه" أي خذوه فادفعوه, وقال الفرزدق:
ليس الكرام بناحليك أباهم حتى ترد إلى عطية تعتل
"إلى سواء الجحيم" أي وسطها "ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم" كقوله عز وجل: " يصب من فوق رؤوسهم الحميم * يصهر به ما في بطونهم والجلود " وقد تقدم أن الملك يضربه بمقمعة من حديد, فتفتح دماغه ثم يصب الحميم على رأسه فينزل في بدنه, فيسلت ما في بطنه من أمعائه حتى تمرق من كعبيه, أعاذنا الله تعالى من ذلك. وقوله تعالى: "ذق إنك أنت العزيز الكريم" أي قولوا له ذلك على وجه التهكم والتوبيخ, وقال الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما: أي لست بعزيز ولا كريم. وقد قال الأموي في مغازيه: حدثنا أسباط بن محمد, حدثنا أبو بكر الهذلي عن عكرمة قال: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا جهل لعنه الله فقال: "إن الله تعالى أمرني أن أقول لك, أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى" قال: فنزع ثوبه من يده وقال: ما تستطيع لي أنت ولا صاحبك من شيء, ولقد علمت أني أمنع أهل البطحاء وأنا العزيز الكريم, قال فقتله الله يوم بدر وأذله وعيره بكلمته وأنزل: "ذق إنك أنت العزيز الكريم". وقوله عز وجل: "إن هذا ما كنتم به تمترون" كقوله تعالى: " يوم يدعون إلى نار جهنم دعا * هذه النار التي كنتم بها تكذبون * أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون " ولهذا قال تعالى ههنا: "إن هذا ما كنتم به تمترون".
47- "خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم" أي يقال للملائكة الذين هم خزنة النار خذوه: أي الأثيم فاعتلوه، العتل: القوة بالعنف، يقال عتله يعتله، إذا جره وذهب به إلى مكروه، وقيل العتل: أن يأخذ بتلابيب الرجل ومجامعه فيجره، ومنه قول الشاعر يصف فرساً:
نقرعه قرعاً ولسنا نعتله
ومنه قول الفرزدق يهجو جريراً:
حتى ترد إلى عطية تعتل
قرأ الجمهور "فاعتلوه" بكسر التاء. وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر بضمها، وهما لغتان "إلى سواء الجحيم" أي إلى وسطه، كقوله: فرآه في سواء الجحيم.
47. قوله تعالى: " خذوه " أي يقال للزبانية: خذوه، يعني الأثيم، " فاعتلوه "، قرأ أهل الكوفة، و أبو جعفر ، وأبو عمرو: بكسر التاء، وقرأ الباقون بضمها، وهما لغتان، أي ادفعوه وسوقوه، يقال: عتله يعتله عتلاً، إذا ساقه بالعنف والدفع والجذب، " إلى سواء الجحيم "، وسطه.
47-" خذوه " على إرادة القول والمقول له الزبانية . " فاعتلوه " فجروه والعتل الأخذ بمجامع الشيء وجره بقهر ، وقرأ الحجازيان و ابن عامر و يعقوب بالضم وهما لغتان . " إلى سواء الجحيم " وسطه .
47. (And it will be said): Take him and drag him to the midst of hell,
47 - (A voice will cry:) Seize ye him and drag him into the midst of the Blazing Fire!