[الدخان : 44] طَعَامُ الْأَثِيمِ
44 - (طعام الأثيم) أبي جهل وأصحابه ذوي الإثم الكبير
وقد حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن همام بن الحارث ، أن أبا الدرداء كان يقرىء رجلاً " إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم " فقال : طعام اليتيم ، فقال أبو الدرداء :قل إن شجرة الزقوم * طعام الفاجر .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا يحيى بن عيسى عن الأعمش ، عن أبي يحيى ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : < لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الدنيا ، لافسدت على الناس معايشهم > .
حدثني أبو السائب ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ي ، عن إبراهيم ، عن همام ، قال : كان أبو الدرداء يقرىء رجلاً " إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم " قال : فجعل الرجل يقول : إن شجرة الزقوم طعام اليتيم ، قال : فلما أكثر عليه أبو الدرداء ، فرآه لا يفهم ، قال : إن شجرة الزقوم طعام الفاجر .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : " إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم " قال : أبو جهل .
" طعام الأثيم " ، قاله ابن الأنباري و " الأثيم " الفاجر ، قاله أبو الدرداء ، وكذلك قرأ هو وابن مسعود ، وقال همام بن الحارث ، كان أبو الدرداء يقرئ رجلاً ( إن شجرة الزقوم طعام الأثيم ) والرجل يقول : طعام اليتيم ، فلما لم يفهم قال له : ( طعام الفاجر ) قال أبو بكر الأنباري : حدثني أبي قال حدثنا نصر قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا نعيم بن حماد عن عبد العزيز بن محمد عن ابن عجلان عن عون بن عبد الله بن عبتة بن مسعود قال : علم عبد الله بن مسعود رجلاً ( إن شجرة الزقوم ، طعام الأثيم ) فقال الرجل : طعام اليتيم ، فأعاد عليه عبد الله الصواب وأعاد الرجل الخطأ ، فلما رأى عبد الله أن لسان الرجل لا يستقيم على الصواب قال له : أما تحسن أن تقوم طعام الفاجر ؟ قال بلى ، قال فافعل ، ولا حجة في هذا للجهال من أهل الزيغ ، أنه يجوز إبدال الحرف من القرآن بغيره ، لأن ذلك إنما كان من عبد الله تقريباً للمتعلم ، وتوطئه منه له للرجوع إلى الصواب ، واستعمال الحق والتكلم بالحرف على إنزال الله وحكاية رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الزمخشري : ( وبهذا يستدل على أن إبدال كلمة مكان كلمة جائز إذا كانت مؤدية معناه ، ومنه أجاز أبو حنيفة القراءة بالفارسية على شريطة ، وهي أن يؤدي القارئ المعاني على كمالها من غير أن يخرم منها شيئاً قالوا : وهذه الشريطة تشهد أنها إجازة كلا إجازة ، لأن في كلام العرب خصوصاً في القرآن الذي هو معجز بفصاحته وغرابة نظمه وأساليبه ، من لطائف المعاني والأغراض ما لا يستقل بادائه لسان من فارسية وغيرها ، وما كان أبو حنيفة رحمه الله يحسن الفارسية ، فلم يكن ذلك منه عن تحقق وتبصر ، وروى علي بن الجعد عن أبي يوسف عن ابي حنيفة مثل قول صاحبيه في إنكار القراءة بالفارسية ) وشجة الزقوم : الشجرة التي خلقها الله في جهنم وسماها الشجرة الملعونة ، فإذا جاع أهل النار التجأوا إليها فأكلوا منها ، فغليت في بطونهم كما يغلي الماء الحار ، وشبه ما يصير منها إلى بطونهم بالمهل ، وهو النحاس المذاب ، وقراءة العامة ( تغلي ) بالتاء حملاً على الطعام ، وهو في معنى الشجرة ، ولا يحمل على المهل لأنه ذكر للتشبيه ، و( الأثيم ) الآثم ، من أثم يأثم إثماً ، قاله القشيري و ابن عيسى ، وقيل هو المشرك المكتسب للإثم ، قاله يحيى بن سلام ، وفي الصحاح : وقد أثم الرجل ( بالكسر ) إثماً ومأثماً إذا وقع في الإثم ، فهو آثم وأثيم وأثوم أيضاً ، فمعنى ( طعام الأثيم ) أي ذي الإثم الفاجر ، وهو أبو جهل وذلك أنه قال : يعدنا محمد أن في جهنم الزقوم ، وإنما هو الثريد بالزبد والتمر ، فبي، الله خلاف ما قاله ، وحكى النقاش عن مجاهد أن شجرة الزقوم أبو جهل .
قلت : وهذا لا يصح عن مجاهد ، وهو مردود بما ذكرناه في هذه الشجرة في سورة الصافات وسبحان أيضاً .
يقول تعالى مخبراً عما يعذب به الكافرين الجاحدين للقائه: " إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم " الأثيم أي في قوله وفعله, وهو الكافر, وذكر غير واحد أنه أبو جهل, ولا شك في دخوله في هذه الاية, ولكن ليست خاصة به. قال ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار, حدثنا عبد الرحمن, حدثنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن همام بن الحارث أن أبا الدرداء كان يقرىء رجلاً " إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم " فقال: طعام اليتيم, فقال أبو الدرداء رضي الله عنه: قل إن شجرة الزقوم طعام الفاجر أي ليس له طعام من غيرها, قال مجاهد: ولو وقعت قطرة منها في الأرض لأفسدت على أهل الأرض معيشتهم, وقد تقدم نحوه مرفوعاً, وقوله: "كالمهل" قالوا: كعكر الزيت " يغلي في البطون * كغلي الحميم " أي من حرارتها ورداءتها, وقوله: "خذوه" أي الكافر, وقد ورد أنه تعالى إذا قال للزبانية خذوه ابتدره سبعون ألفاً منهم, وقوله: "فاعتلوه" أي سوقوه سحباً ودفعاً في ظهره, قال مجاهد "خذوه فاعتلوه" أي خذوه فادفعوه, وقال الفرزدق:
ليس الكرام بناحليك أباهم حتى ترد إلى عطية تعتل
"إلى سواء الجحيم" أي وسطها "ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم" كقوله عز وجل: " يصب من فوق رؤوسهم الحميم * يصهر به ما في بطونهم والجلود " وقد تقدم أن الملك يضربه بمقمعة من حديد, فتفتح دماغه ثم يصب الحميم على رأسه فينزل في بدنه, فيسلت ما في بطنه من أمعائه حتى تمرق من كعبيه, أعاذنا الله تعالى من ذلك. وقوله تعالى: "ذق إنك أنت العزيز الكريم" أي قولوا له ذلك على وجه التهكم والتوبيخ, وقال الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما: أي لست بعزيز ولا كريم. وقد قال الأموي في مغازيه: حدثنا أسباط بن محمد, حدثنا أبو بكر الهذلي عن عكرمة قال: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا جهل لعنه الله فقال: "إن الله تعالى أمرني أن أقول لك, أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى" قال: فنزع ثوبه من يده وقال: ما تستطيع لي أنت ولا صاحبك من شيء, ولقد علمت أني أمنع أهل البطحاء وأنا العزيز الكريم, قال فقتله الله يوم بدر وأذله وعيره بكلمته وأنزل: "ذق إنك أنت العزيز الكريم". وقوله عز وجل: "إن هذا ما كنتم به تمترون" كقوله تعالى: " يوم يدعون إلى نار جهنم دعا * هذه النار التي كنتم بها تكذبون * أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون " ولهذا قال تعالى ههنا: "إن هذا ما كنتم به تمترون".
44- " إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم " شجرة الزقوم هي الشجرة التي خلقها الله في جهنم وسماها الشجرة الملعونة، فإذا جاع أهل النار التجأوا إليها فأكلوا منها، وقد مضى الكلام على شجرة الزقوم في سورة الصافات، والأثيم الكثير الغثم. قال في الصحاح: أثم الرجل بالكسر إثماً ومأثماً: إذا وقع في الإثم فهو آثم وأثيم وأثوم، فمعنى طعام الأثيم: ذي الإثم.
44. " طعام الأثيم " [أي ذي الإثم]، وهو أبو جهل.
44-" طعام الأثيم " الكثير الآثام ، والمراد به الكافر لدلالة ما قبله وما بعده عليه .
44. The food of the sinner!
44 - Will be the food of the Sinful,