[الزخرف : 78] لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ
78 - قال تعالى (لقد جئناكم) أي أهل مكة (بالحق) على لسان االرسول (ولكن أكثركم للحق كارهون)
وقوله : " لقد جئناكم بالحق " يقول : لقد أرسلنا إليكم يا معشر قريش رسولنا محمداً بالحق .
كما حدثني محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، " لقد جئناكم بالحق " ، قال : الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم " ولكن أكثركم للحق كارهون " يقول تعالى ذكره : ولكن أكثركم لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من الحق كارهون .
قوله تعالى : " لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون "
يحتمل أن يكون هذا من قول مالك لهم ، أي إنكم ماكثون في النار لأنا جئناكم في الدنيا بالحق فلم تقبلوا ، ويحتمل أن يكون من كلام الله لهم اليوم ، أي بينا لكم الأدلة وأرسلنا إليكم الرسل ، " ولكن أكثركم " قال ابن عباس : ( ولكن أكثركم ) أي ولكن كلكم ، وقيل : أراد بالكثرة الرؤساء والقادة منهم ، وأما الأتباع فما كان لهم أثر ، " للحق " أي للإسلام ودن الله " كارهون " .
لما ذكر تعالى حال السعداء ثنى بذكر الأشقياء فقال: "إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون * لا يفتر عنهم" أي ساعة واحدة " وهم فيه مبلسون " أي آيسون من كل خير. "وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين" أي بأعمالهم السيئة بعد قيام الحجة عليهم. وإرسال الرسل إليهم, فكذبوا وعصوا فجوزوا بذلك جزاء وفاقاً وما ربك بظلام للعبيد. "ونادوا يا مالك" وهو خازن النار. قال البخاري: حدثنا حجاج بن منهال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ على المنبر "ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك" أي يقبض أرواحنا فيريحنا مما نحن فيه فإنهم كما قال تعالى: "لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها" وقال عز وجل: "ويتجنبها الأشقى * الذي يصلى النار الكبرى * ثم لا يموت فيها ولا يحيا" فلما سألوا أن يموتوا أجابهم مالك "قال إنكم ماكثون" قال ابن عباس: مكث ألف سنة ثم قال: إنكم ماكثون رواه ابن أبي حاتم أي لا خروج لكم منها ولا محيد لكم عنها ثم ذكر سبب شقوتهم, وهو مخالفتهم للحق ومعاندتهم له فقال: "لقد جئناكم بالحق" أي بيناه لكم ووضحناه وفسرناه "ولكن أكثركم للحق كارهون" أي ولكن كانت سجاياكم لا تقبله ولا تقبل عليه, وإنما تنقاد للباطل وتعظمه, وتصد عن الحق وتأباه وتبغض أهله, فعودوا على أنفسكم بالملامة. واندموا حيث لا تنفعكم الندامة, ثم قال تبارك وتعالى: "أم أبرموا أمراً فإنا مبرمون" قال مجاهد: أرادوا كيد شر, فكدناهم وهذا الذي قاله مجاهد كما قال تعالى: "ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون" وذلك لأن المشركين كانوا يتحيلون في رد الحق بالباطل بحيل ومكر يسلكونه, فكادهم الله تعالى ورد وبال ذلك عليهم, ولهذا قال: "أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم" أي سرهم وعلانيتهم "بلى ورسلنا لديهم يكتبون" أي نحن نعلم ما هم عليه والملائكة أيضاً يكتبون أعمالهم صغيرها وكبيرها.
78- "لقد جئناكم بالحق" يحتمل أن يكون هذا من كلام الله سبحانه، ويحتمل أن يكون من كلام مالك، والأول أظهر، والمعنى: إنا أرسلنا إليكم الرسل وأنزلنا عليهم الكتب فدعوكم فلم تقبلوا ولم تصدقوا، وهو معنى قوله: "ولكن أكثركم للحق كارهون" لا يقبلونه، والمراد بالحق: كل ما أمر الله به على ألسن رسله وأنزله في كتبه. وقيل هو خاص بالقرآن. قيل ومعنى أكثرهم: كلكم. وقيل أراد الرؤساء والقادة، ومن عداهم أتباع لهم.
78. " لقد جئناكم بالحق "، يقول أرسلنا إليكم يا معشر قريش رسولنا بالحق، " ولكن أكثركم للحق كارهون ".
78-" لقد جئناكم بالحق " بالإرسال والإنزال ،وهو تتمة الجواب إن كان في " قال " ضمير الله وإلا فجواب منه فكأنه تعالى تولى جوابهم بعد جواب مالك . " ولكن أكثركم للحق كارهون " لما في اتباعه من إتعاب النفس و آداب الجوارح .
78. We verily brought the Truth unto you, but ye were, most of you, averse to the Truth.
78 - Verily We have brought the Truth to you: but most of you have a hatred for Truth.