[الزخرف : 76] وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ
76 - (وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين)
وقوله : " وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين " يقول تعالى ذكره : وما ظلمنا هؤلاء المجرمين بفعلنا بهم ما أخبرناكم أيها الناس أنا فعلنا بهم من التعذيب بعذاب جهنم " ولكن كانوا هم الظالمين " بعبادتهم في الدنيا غير من كان عليهم عبادته ، وكفرهم بالله ، وجحودهم توحيده .
قوله تعالى : " وما ظلمناهم " بالعذاب ، " ولكن كانوا هم الظالمين " أنفسهم بالشرك ، ويجوز ( ولكن كانوا هم الظالمون ) بالرفع على الابتداء والخبر ، والجملة خبر كان .
لما ذكر تعالى حال السعداء ثنى بذكر الأشقياء فقال: "إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون * لا يفتر عنهم" أي ساعة واحدة " وهم فيه مبلسون " أي آيسون من كل خير. "وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين" أي بأعمالهم السيئة بعد قيام الحجة عليهم. وإرسال الرسل إليهم, فكذبوا وعصوا فجوزوا بذلك جزاء وفاقاً وما ربك بظلام للعبيد. "ونادوا يا مالك" وهو خازن النار. قال البخاري: حدثنا حجاج بن منهال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ على المنبر "ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك" أي يقبض أرواحنا فيريحنا مما نحن فيه فإنهم كما قال تعالى: "لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها" وقال عز وجل: "ويتجنبها الأشقى * الذي يصلى النار الكبرى * ثم لا يموت فيها ولا يحيا" فلما سألوا أن يموتوا أجابهم مالك "قال إنكم ماكثون" قال ابن عباس: مكث ألف سنة ثم قال: إنكم ماكثون رواه ابن أبي حاتم أي لا خروج لكم منها ولا محيد لكم عنها ثم ذكر سبب شقوتهم, وهو مخالفتهم للحق ومعاندتهم له فقال: "لقد جئناكم بالحق" أي بيناه لكم ووضحناه وفسرناه "ولكن أكثركم للحق كارهون" أي ولكن كانت سجاياكم لا تقبله ولا تقبل عليه, وإنما تنقاد للباطل وتعظمه, وتصد عن الحق وتأباه وتبغض أهله, فعودوا على أنفسكم بالملامة. واندموا حيث لا تنفعكم الندامة, ثم قال تبارك وتعالى: "أم أبرموا أمراً فإنا مبرمون" قال مجاهد: أرادوا كيد شر, فكدناهم وهذا الذي قاله مجاهد كما قال تعالى: "ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون" وذلك لأن المشركين كانوا يتحيلون في رد الحق بالباطل بحيل ومكر يسلكونه, فكادهم الله تعالى ورد وبال ذلك عليهم, ولهذا قال: "أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم" أي سرهم وعلانيتهم "بلى ورسلنا لديهم يكتبون" أي نحن نعلم ما هم عليه والملائكة أيضاً يكتبون أعمالهم صغيرها وكبيرها.
76- "وما ظلمناهم" أي ما عذبناهم بغير ذنب ولا بزيادة على ما يستحقونه "ولكن كانوا هم الظالمين" لأنفسهم بما فعلوا من الذنوب. قرأ الجمهور "الظالمين" بالنصب على أنه خبر كان، والضمير ضمير فصل. وقرأ ابو زيد النحوي الظالمون بالرفع على أن الضمير مبتدأ وما بعده خبره، والجملة خبر كان.
76. " وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين "
76-" وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين " مر مثله غير مرة وهم فصل .
76. We wronged them not, but they it was who did the wrong.
76 - Nowise shall We be unjust to them: but it is they who have been unjust themselves.