[فصلت : 7] الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ
7 - (الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم) تأكيد (كافرون)
وقوله : " وويل للمشركين * الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون " يقول تعالى ذكره : وصديد أهل النار ، وما يسيل منهم للمدعين لله شريكاً العابدين الأوثان دونه الذين لا يؤتون الزكاة .
اختلف أهل التأويل في ذلك ، فقال بعضهم : معناه : الذين لا يعطون الله الطاعة التي تطهرهم وتزكي أبدانهم ولا يوحدونه ، وذلك قول يذكر عن ابن عباس .
ذكر الرواية بذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : " وويل للمشركين *الذين لا يؤتون الزكاة " قال : هم الذين لا يشهدون أن لا إله إلا الله .
حدثني سعد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : ثنا حفص ، قال : ثنا الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، قوله : " وويل للمشركين *الذين لا يؤتون الزكاة " : الذين لا يقولون لا إله إلا الله .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : الذين لا يقرون بزكاة أموالهم التي فرضها الله فيها ، ولا يعطونها أهلها ، وقد ذكرنا أيضاً قائلي ذلك قبل .
وقد حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " وويل للمشركين *الذين لا يؤتون الزكاة " قال : لا يقرون بها ولا يؤمنون بها . وكان يقال : إن الزكاة قنطرة الإسلام ، فمن قطعها نجا ، ومن تخلف عنها هلك ، وقد كان أهل الردة بعد نبي الله قالوا : أما الصلاة فنصلي ، وأما الزكاة فوالله لا تغصبوا أموالنا ، قال : فقال ابو بكر والله لا أفرق بين شيء جمع الله بينه ، والله لو منعوني عقالاً مما فرض الله ورسوله لقاتلناهم عليه .
حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي " وويل للمشركين *الذين لا يؤتون الزكاة " قال : لو زكوا وهم مشركون لم ينفعهم .
والصواب من القول في ذلك ما قاله الذين قالوا : معناه : لا يؤدون زكاة أموالهم ، وذلك أن ذلك هو الأشهر من معنى الزكاة ، وأن قوله في " وهم بالآخرة هم كافرون " دليلاً على أن ذلك كذلك ، لأن الكفار الذين عنوا بهذه الآية كانوا لا يشهدون أن لا إله إلا الله ، فلو كان قوله : " الذين لا يؤتون الزكاة " مراداً به الذين لا يشهدون أن لا إله الا الله لم يكن لقوله " وهم بالآخرة هم كافرون " معنى ، لأنهم معلوم أن من لا يشهد أن لا إله إلا الله لا يؤمن بالآخرة ، وفي إتباع الله قوله : " وهم بالآخرة هم كافرون " قوله " الذين لا يؤتون الزكاة " ماينبيء عن أن الزكاة في هذا الموضوع معني بها زكاة الأموال .
وقوله : " وهم بالآخرة هم كافرون " يقول : وهم بقيام الساعة ، وبعث الله خلقه أحياء من قبورهم من بعد بلائهم وفنائهم منكرون .
قوله تعالى : " الذين لا يؤتون الزكاة " قال ابن عباس : لا يشهدون ( أن لا إله إلا الله ) وهي زكاة الأنفس . وقال قتادة : لا يقرون بالزكاة أنها واجبة . وقال الضحاك و مقاتل : يتصدون ولا ينفقون في الطاعة . قرعهم بالشح الذي يأنف منه الفضلاء وفيه دلالة على أن الكافر يعذب بكفره مع منع وجوب الزكاة عليه وقال الفراء وغيره : كان المشركون ينفقون النفقات ، ويسقون مع منع وجوب الزكاة عليه . وقال الفراء وغيره : كان المشركون بنفقون النفقات ، ويسقون الحجيج ويطعمونهم ، فحرموا ذلك على من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم فنزلت فيهم هذه الآية " وهم بالآخرة هم كافرون " فلهذا لا ينفقون في الطاعة ولا يستقيمون ولا يسستغفرون . الزمخشري : فإن قلت لم خص من بين أوصاف المشركين منع الزكاة مقروناً بالكفر بالأخرة ؟ قلت : لأن أحب شيء إلى الإنسان مله ، وهو شقيق روحه ، فإذا بذله في سبيل الله فذلك أقوى دليل على ثباته واستقامته وصدق نيته ونصوع طويته ألا ترى إلى قوله عز وجل : " مثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم " [البقرة : 265] أي يثبتون أنفسهم ن ويدلون على ثباتها بإنفاق الأموال ، وما خدع المؤلفة قلوبهم إلا بلمظة من الدنيا ، فقويت عصبتهم ولانت شكيمتهم ، وأهل الردة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تظاهر إلا بمنع الزكاة ، فنصبت لهم الحروب وجوهدوا . وفيه بعث للمؤمنين على أداء الزكاة ، وتخويف شديد من منعها ، حيث جعل المنع من أوصاف المشركين وقرن بالكفر بالآخرة .
يقول تعالى: "قل" يا محمد لهؤلاء المكذبين المشركين "إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد" لا كما تعبدونه من الأصنام والأنداد والأرباب المتفرقين إنما الله إله واحد "فاستقيموا إليه" أي أخلصوا له العبادة على منوال ما أمركم به على ألسنة الرسل "واستغفروه" أي لسالف الذنوب "وويل للمشركين" أي دمار لهم وهلاك عليهم "الذين لا يؤتون الزكاة" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يعني الذين لا يشهدون أن لا إله إلا الله وكذا قال عكرمة وهذا كقوله تبارك وتعالى: " قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها " وكقوله جلت عظمته: " قد أفلح من تزكى * وذكر اسم ربه فصلى " وقوله عز وجل: " فقل هل لك إلى أن تزكى " والمراد بالزكاة ههنا طهارة النفس من الأخلاق الرذيلة ومن أهم ذلك طهارة النفس من الشرك, وزكاة المال إنما سميت زكاة لأنها تطهره من الحرام وتكون سبباً لزيادته وبركته وكثرة نفعه وتوفيقاً إلى استعماله في الطاعات, وقال السدي " وويل للمشركين * الذين لا يؤتون الزكاة " أي يؤدون الزكاة, وقال معاوية بن قرة ليس هم من أهل الزكاة وقال قتادة يمنعون زكاة أموالهم وهذا هو الظاهر عند كثير من المفسرين واختاره ابن جرير وفيه نظر لأن إيجاب الزكاة إنما كان في السنة الثانية من الهجرة إلى المدينة على ما ذكره غير واحد وهذه الاية مكية اللهم إلا أن يقال لا يبعد أن يكون أصل الصدقة والزكاة وكان مأموراً به في ابتداء البعثة كقوله تبارك وتعالى: "وآتوا حقه يوم حصاده" فأما الزكاة ذات النصب والمقادير فإنما بين أمرها بالمدينة ويكون هذا جمعاً بين القولين كما أن أصل الصلاة كان واجباً قبل طلوع الشمس وقبل غروبها في ابتداء البعثة فلما كان ليلة الإسراء قبل الهجرة بسنة ونصف فرض الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس وفصل شروطها وأركانها وما يتعلق بها بعد ذلك شيئاً فشيئاً والله أعلم. ثم قال جل جلاله بعد ذلك: "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون" قال مجاهد وغيره: غير مقطوع ولا مجبوب كقوله تعالى: " ماكثين فيه أبدا " وكقوله عز وجل: "عطاء غير مجذوذ" وقال السدي غير ممنون عليهم وقد رد عليه هذا التفسير بعض الأئمة فإن المنة لله تبارك وتعالى على أهل الجنة قال الله تبارك وتعالى: "بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان" وقال أهل الجنة فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم, وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إلا إن يتغمدني الله برحمة منه وفضل".
ثم وصفهم بقوله: 7- "الذين لا يؤتون الزكاة" أي يمنعونها ولا يخرجونها إلى الفقراء. وقال الحسن وقتادة: لا يقرون بوجوبها. وقال الضحاك ومقاتل: لا يتصدقون ولا ينفقون في الطاعة. وقيل معنى الآية، لا يشهدون أن لا إله إلا الله لأنها زكاة الأنفس وتطهيرها. وقال الفراء: كان المشركون ينفقون النفقات ويسقون الحجيج ويطعمونهم فحرموا ذلك على من آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم فنزلت فيهم هذه الآية "وهم بالآخرة هم كافرون" معطوف على لا يؤتون داخل معه في حيز الصلة: أي منكرون للآخرة جاحدون لها والمجيء بضمير الفصل لقصد الحصر.
7. " الذين لا يؤتون الزكاة "، قال ابن عباس: الذين لا يقولون لا إله إلا الله وهي زكاة الأنفس، والمعنى: لا يطهرون أنفسهم من الشرك بالتوحيد. وقال الحسن و قتادة : لا يقرون بالزكاة، ولا يرون إيتاءها واجباً، وكان يقال: الزكاة قنطرة الإسلام فمن قطعها نجا ومن تخلف عنها هلك. وقال الضحاك و مقاتل : لا ينفقون في الطاعة ولا يتصدقون. وقال مجاهد : لا يزكون أعمالهم " وهم بالآخرة هم كافرون ".
7-" الذين لا يؤتون الزكاة " لبخلهم وعدم اشفاقهم على الخلق ، وذلك من أعظم الرذائل ، وفيه دليل على أن الكفار مخاطبون بالفروع . وقيل معناه لا يفعلون ما يزكي أنفسهم وهو الإيمان والطاعة . " وهم بالآخرة هم كافرون " حال مشعرة بأن امتناعهم عن الزكاة لاستغراقهم في طلب الدنيا وإنكارهم للآخرة .
7. Who give not the poor due, and who are disbelievers in the Hereafter.
7 - Those who practise not regular Charity, and who even deny the Hereafter.