[غافر : 83] فَلَمَّا جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون
83 - (فلما جاءتهم رسلهم بالبينات) المعجزات الظاهرات (فرحوا) أي الكفار (بما عندهم) أي الرسل (من العلم) فرح استهزاء وضحك متنكرين له (وحاق) نزل (بهم ما كانوا به يستهزئون) أي العذاب
يقول تعالى ذكره : فلما جاءت هؤلاء الأمم الذين من قبل قريش المكذبة رسلها رسلهم الذين إرسلهم الله إليهم بالبينات ، يعني : بالواضحات من حجج الله عز وجل : " فرحوا بما عندهم من العلم " يقول : فرحوا جهلاً منهم بما عندهم من العلم وقالوا : لن نبعث ، ولن يعذبنا الله .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله " فرحوا بما عندهم من العلم " قال : قولهم : نحن أعلم منهم ، لن نعذب ، ولن نبعث .
حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي " فرحوا بما عندهم من العلم " بجهالتهم .
وقوله : " وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون " يقول : وحاق بهم من عذاب الله ما كانوا يستعجلون رسلهم به استهزاء وسخرية .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : " وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون " ما جاءتهم به رسلهم من الحق .
قوله تعالى : " فلما جاءتهم رسلهم بالبينات " أي بالآيات الواضحات . " فرحوا بما عندهم من العلم " في معناه ثلاثة أقوال . قال مجاهد : إن الكافر الذين فرحوا بما عندهم من العلم قالوا : نحن أعلم منهم لن نعذب ولن نبعث . وقيل : فرح الكفار بما عندهم من علم الدنيا نحو " يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا " [ الروم : 7] وقيل : الذين فرحوا الرسل لما كذبهم قومهم أعلمهم الله عز وجل أنه مهلك الكافرين ومنجيهم والمرمنين فـ(فرحوا بما اعندهم من العلم ) بنجاة المؤمنين " وحاق بهم " أي بالكفار " ما كانوا به يستهزئون " أي عقاب أستهزائهم بما جاء به الرسل صلوات الله عليهم .
يخبر تعالى عن الأمم المكذبة بالرسل في قديم الدهر وماذا حل بهم من العذاب الشديد مع شدة قواهم وما آثروه في الأرض وجمعوه من الأموال فما أغنى عنهم ذلك شيئاً ولا رد عنهم ذرة من بأس الله وذلك لأنهم لما جاءتهم الرسل بالبينات, والحجج القاطعات, والبراهين الدامغات, لم يلتفتوا إليهم ولا أقبلوا عليهم واستغنوا بما عندهم من العلم في زعمهم عما جاءتهم به الرسل قال مجاهد: قالوا نحن أعلم منهم لن نبعث ولن نعذب وقال السدي: فرحوا بما عندهم من العلم بجهالتهم فأتاهم من بأس الله تعالى ما لا قبل لهم به "وحاق بهم" أي أحاط بهم "ما كانوا به يستهزئون" أي يكذبون ويستبعدون وقوعه "فلما رأوا بأسنا" أي عاينوا وقوع العذاب بهم " قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين " أي وحدوا الله عز وجل وكفروا بالطاغوت ولكن حيث لا تقال العثرات ولا تنفع المعذرة وهذا كما قال فرعون حين أدركه الغرق: "آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين" قال الله تبارك وتعالى: " آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين " أي فلم يقبل الله منه لأنه قد استجاب لنبيه موسى عليه الصلاة والسلام دعاءه حين قال: "واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم" وهكذا قال تعالى ههنا: "فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده" أي هذا حكم الله في جميع من تاب عند معاينة العذاب أنه لا يقبل ولهذا جاء في الحديث "إن الله تعالى يقبل توبة العبد مالم يغرغر" أي فإذا غرغر وبلغت الروح الحنجرة وعاين الملك فلا توبة حينئذ ولهذا قال تعالى: "وخسر هنالك الكافرون" آخر سورة غافر ولله الحمد والمنة.
83- "فلما جاءتهم رسلهم بالبينات" أي بالحجج الواضحات والمعجزات الظاهرات "فرحوا بما عندهم من العلم" أي أظهروا الفرح بما عندهم مما يدعون أنه من العلم من الشبه الداحضة والدعاوى الزائغة، وسماه علماً تهكماً بهم، أو على ما يعتقدونه. وقال مجاهد: قالوا نحن أعلم منهم لن نعذب ولن نبعث، وقيل المراد من علم أحوال الدنيا لا الدين كما في قوله: "يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا" وقيل الذين فرحوا بما عندهم من العلم هم الرسل، وذلك أنه لما كذبهم قومهم أعلمهم الله بأنه مهلك الكافرين ومنجي المؤمنين ففرحوا بذلك "وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون" أي أحاط بهم جزاء استهزائهم.
83. " فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا "، رضوا، " بما عندهم من العلم "، قال مجاهد : هو قولهم نحن أعلم، لن نبعث ولن نعذب، سمي ذلك علماً على ما يدعونه ويزعمونه وهو في الحقيقة جهل. " وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون "
83-" فلما جاءتهم رسلهم بالبينات " بالمعجزات أو الآيات الواضحات . " فرحوا بما عندهم من العلم " واستحقروا علم الرسل ، والمراد بالعلم عقائدهم الزائغة وشبههم الداحضة كقوله : " بل ادارك علمهم في الآخرة " وهو قولهم : لا نبعث ولا نعذب ، وما أظن الساعة قائمة ونحوها ، وسماها علماً على زعمهم تهكماً بهم ، أو علم الطبائع والتنجيم و الصنائع ونحو ذلك ، أو علم الأنبياء ، وفرحهم به ضحكهم منه واستهزاؤهم به ويؤيده : " وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون " وقيل الفرح أيضاً للرسل فإنهم لما رأوا تمادي جهل الكفار وسوء عاقبتهم فزحوا بما أوتوا من العلم وشكروا الله عليه وحاق بالكافرين جزاء جهلهم واستهزائهم .
83. And when their messengers brought them clear proofs (of Allah's Sovereignty) they exulted in the knowledge they (themselves) possessed. And that which they were wont to mock befell them.
83 - For when their apostles came to them with Clear Signs, they exulted in such knowledge (and skill) as they had; but that very (wrath) at which they were wont to scoff hemmed them in.