[غافر : 40] مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ
40 - (من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة) بضم الياء وفتح الخاء وبالعكس (يرزقون فيها بغير حساب) رزقا واسعا بغير تبعة
يقول : من عمل بمعصية الله في هذه الحياة الدنيا ، فلا يجزيه الله في الآخرة إلا سيئة مثلها ، وذلك أن يعاقبه بها ، " ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى " يقول : ومن عمل بطاعة الله في الدنيا ، وأتمر لأمره ، وانتهى فيها عما نهاه عنه من رجل أو امرأة ، وهو مؤمن بالله " فأولئك يدخلون الجنة " يقول : فالذين يعملون ذلك من عباد الله يدخلون في الآخرة الجنة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها " أي شركاً ، السيئة عند قتادة شرك " ومن عمل صالحاً " ، أي خيراً " من ذكر أو أنثى وهو مؤمن " .
وقوله " يرزقون فيها بغير حساب " يقول : يرزقهم الله في الجنة من ثمارها ، وما فيها من نعيمها ولذاتها بغير حساب .
كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " يرزقون فيها بغير حساب " قال : لا والله ما هناكم مكيال ولا ميزان .
قوله تعالى : " من عمل سيئة " يعني الشرك " فلا يجزى إلا مثلها " وهو العذاب . " ومن عمل صالحا" قال ابن عباس : يعني لا إله إلا الله . " وهو مؤمن " مصدق بقلبه لله وللأنبياء " فأولئك يدخلون الجنة " بضم الياء على ما لم يسم فاعله . وهي قراءة ابن كثير و ابن محيصن و أبي عمرو و يعقوب و أبي بكر عن عاصم يدل عليه " يرزقون فيها بغير حساب " الباقون ( يدخلون ) بفتح الياء .
يقول المؤمن لقومه ممن تمرد وطغى وآثر الحياة الدنيا ونسي الجبار الأعلى فقال لهم: " يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد " لا كما كذب فرعون في قوله: "وما أهديكم إلا سبيل الرشاد" ثم زهدهم في الدنيا التي قد آثروها على الأخرى وصدتهم عن التصديق برسول الله موسى عليه الصلاة والسلام فقال: "يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع" أي قليلة زائلة فانية عن قريب تذهب وتضمحل " وإن الآخرة هي دار القرار " أي الدار التي لا زوال لها ولا انتقال منها ولا ظعن عنها إلى غيرها بل إما نعيم وإما جحيم ولهذا قال جلت عظمته: "من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها" أي واحدة مثلها "ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب" أي لا يتقدر بجزاء بل يثيبه الله عز وجل ثواباً كثيراً لا انقضاء له ولا نفاد والله تعالى الموفق للصواب.
40- "من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها" أي من عمل في دار الدنيا معصية من المعاصي كائنة ما كانت فلا يجزى إلا مثلها ولا يعذب إلا بقدرها، والظاهر شمول الآية لكل ما يطلق عليه اسم السيئة، وقيل هي خاصة بالشرك، ولا وجه لذلك "ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن" أي من عمل عملاً صالحاً مع كونه مؤمناً بالله وبما جاءت به رسله "فأولئك" الذين جمعوا بين العمل الصالح والإيمان "يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب" أي بغير تقدير ومحاسبة. قال مقاتل: يقول لا تبعة عليهم فيما يعطون في الجنة من الخير، وقيل العمل الصالح، هو لا إله إلا الله. قرأ الجمهور "يدخلون" بفتح التحتية مبنياً للفاعل. وقرأ ابن كثير وابن محيصن وأبو عمرو ويعقوب وأبو بكر عن عاصم بضمها مبنياً للمفعول.
وقد أخرج ابن المنذر عن ابن عباس "مثل دأب" قال: مثل حال. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة "مثل دأب قوم نوح" قال: هم الأحزاب: قوم نوح وعاد وثمود. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: "ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات" قال: رؤيا يوسف، وفي قوله: "الذين يجادلون في آيات الله" قال يهود. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "إلا في تباب" قال: خسران. وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "إنما هذه الحياة الدنيا متاع" قال: الدنيا جمعة من جمع الآخرة سبعة آلاف سنة. وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الحياة الدنيا متاع وليس من متاعها شيء أفضل من المرأة الصالحة، التي نظرت إليها سرتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالها".
40. " من عمل سيئةً فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب "، قال مقاتل : لا تبعة عليهم فيما يعطون في الجنة من الخير.
40-" من عمل سيئةً فلا يجزى إلا مثلها " عدلاً من الله ، وفيه دليل على أن الجنايات تغرم بمثلها . " ومن عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب " بغير تقدير وموازنة بالعمل بل أضعافاً فضلاً منه ورحمة ، ولعل تقسيم العمال وجعل الجزاء جملة اسمية مصدرة باسم الإشارة ، وتفضيل الثواب لتغليب الرحمة ، وجعل عمدة والإيمان حالاً للدلالة على أنه شرط في اعتبار العمل وأن ثوابه أعلى من ذلك .
40. Whoso doeth an ill deed, he will be repaid the like thereof, while whoso doeth right, whether male or female, and is a believer, (all) such will enter the Garden, where they will be nourished without stint.
40 - He that works evil will not be requited but by the like thereof: and he that works a righteous deed whether man or woman and is a Believer such will enter the Garden (of Bliss): therein will they have abundance without measure.