[النساء : 83] وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً
(وإذا جاءهم أمر) عن سرايا النبي صلى الله عليه وسلم بما حصل لهم (من الأمن) بالنصر (أو الخوف) بالهزيمة (أذاعوا به) أفشوه نزل في جماعة من المنافقين أو في ضعفاء المؤمنين كانوا يفعلون ذلك فتضعف قلوب المؤمنين ويتأذى النبي (ولو ردوه) أي الخبر (إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم) أي ذوي الرأي من أكابر الصحابة ، أي لو سكتوا عنه حتى يخبروا به (لعلمه) هل هو مما ينبغي أي يذاع أو لا (الذين يستنبطونه) يتبعونه ويطلبون علمه وهم المذيعون (منهم) من الرسول وأولي الأمر (ولولا فضل الله عليكم) بالإسلام (ورحمته) لكم بالقرآن (لاتبعتم الشيطان) فيما يأمركم به من الفواحش (إلا قليلا)
قوله تعالى وإذا جاءهم الآية روى مسلم عن عمر بن الخطاب قال لما اعتزل النبي صلى الله عليه وسلم نساءه دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون بالحصى ويقولون طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي لم يطلق نساءه فنزلت هذه الآية وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم فكنت أنا أستنبط ذلك الأمر
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله : "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به"، وإذا جاء هذه الطائفة المبيتة غير الذي يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، "أمر من الأمن"، فالهاء والميم في قوله : "وإذا جاءهم"، من ذكر الطائفة المبيتة، يقول جل ثناؤه : وإذا جاءهم خبر عن سرية للمسلمين غازية بأنهم قد أمنوا من عدوهم بغلبتهم إياهم ، "أو الخوف"، يقول : أو تخوفهم من عدوهم بإصابة عدوهم منهم ، "أذاعوا به"، يقول : أفشوه وبثوه في الناس قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقبل مأتى سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والهاء في قوله : "أذاعوا به"، من ذكر الأمر . وتأويله أذاعوا بالأمر من الأمن أو الخوف الذي جاءهم.
يقال منه : أذاع فلان بهذا الخبر، وأذاعه ، ومنه قول أبي الأسود :
أذاع به في الناس حتى كأنه بعلياء نار أوقدت بثقوب
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد بن زريع قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله : "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به"، يقول : سارعوا به وأفشوه .
حدثنا محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن مفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به"، يقول : إذا جاءهم أمر أنهم قد أمنوا من عدوهم ، أو أنهم خائفون منهم ، أذاعوا بالحديث حتى يبلغ عدوهم أمرهم .
حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه عن ابن عباس قوله : "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به"، يقول : أفشوه وسعوا به .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج : "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به"، قال هذا في الأخبار، إذا غزت سرية من المسلمين تخبر الناس بينهم فقالوا : أصاب المسلمين من عدوهم كذا وكذا ، وأصاب العدو من المسلمين كذا وكذا ، فأفشوه بينهم ، من غير أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أخبرهم ، قال ابن جريج: قال ابن عباس قوله : "أذاعوا به"، قال : أعلنوه وأفشوه .
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : "أذاعوا به"، قال : نشروه . قال : والذين أذاعوا به ، قوم : إما منافقون ، وإما آخرون ضعفوا .
حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ يقول : أفشوه وسعوا به ، وهم أهل النفاق .
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله : "ولو ردوه"، الأمر الذي نالهم من عدوهم والمسلمين ، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أولي أمرهم -يعني : وإلى أمرائهم - وسكتوا فلم يذيعوا ما جاءهم من الخبر، حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو ذوو أمرهم ، هم الذين يتولون الخبر عن ذلك ، بعد أن تثبت عندهم صحته أو بطوله ، فيصححوه إن كان صحيحاً، أو يبطلوه إن كان باطلاً، "لعلمه الذين يستنبطونه منهم"، يقول : لعلم حقيقة ذلك الخبر الذي جاءهم به ، الذين يبحثون عنه ويستخرجونه ، "منهم"، يعني : أولي الأمر، والهاء والميم في قوله : "منهم"، من ذكر أولي الأمر، يقول : لعلم ذلك من أولي الأمر من يستنبطه .
وكل مستخرج شيئاً كان مستتراً عن أبصار العيون أو عن معارف القلوب ، فهو له : مستنبط، يقال : استنبطت الركية، إذا استخرجت ماءها، ونبطتها أنبطها، و النبط ، الماء المستنبط من الأرض ، ومنه قول الشاعر :
قريب ثراه ، ما ينال عدوه له نبطاً، آبي الهوان قطوب
يعني : ب النبط ، الماء المستنبط .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن مفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : "ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم"، يقول : ولو سكتوا وردوا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى أولي أمرهم حتى يتكلم هو به ، "لعلمه الذين يستنبطونه"، يعني : عن الأخبار، وهم الذين ينقرون عن الأخبار .
حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة : "ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم"، يقول: إلى علمائهم ، "لعلمه الذين يستنبطونه منهم"، لعلمه الذين يفحصون عنه ويهمهم ذلك .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج : "ولو ردوه إلى الرسول"، حتى يكون هو الذي يخبرهم ، "وإلى أولي الأمر منهم"، الفقه في الدين والعقل .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن أبي جعفر، عن الربيع ، عن أبي العالية : "ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم"، العلم ، "الذين يستنبطونه منهم"، يتتبعونه ويتحسسونه .
حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا ابن إدريس قال ، أخبرنا ليث ، عن مجاهد : "لعلمه الذين يستنبطونه منهم"، قال : الذين يسألون عنه ويتحسسونه .
حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : "يستنبطونه"، قال : قولهم : ما كان ؟ ماذا سمعتم ؟
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد، مثله .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن أبي جعفر، عن الربيع ، عن أبي العالية: "الذين يستنبطونه"، قال : يتحسسونه .
حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : "لعلمه الذين يستنبطونه منهم"، يقول : لعلمه الذين يتحسسونه منهم .
حدثت عن الحسين بن الفرج قال ، سمعت أبا معاذ يقول ، أخبرنا عبيد بن سليمان قال ، سمعت الضحاك يقول في قوله : "يستنبطونه منهم"، قال : يتتبعونه .
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به" حتى بلغ "وإلى أولي الأمر منهم"، قال : الولاة الذين يلون في الحرب عليهم ، الذين يتفكرون فينظرون لما جاءهم من الخبر: أصدق ، أم كذب ؟ أباطل فيبطلونه ، أو حق فيحقونه ؟ قال : وهذا في الحرب ، وقرأ : "أذاعوا به"، ولو فعلوا غير هذا، وردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم ، الآية .
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه : ولولا إنعام الله عليكم ، أيها المؤمنون ، بفضله وتوفيقه ورحمته ، فأنقذكم مما ابتلى به هؤلاء المنافقين ، الذين يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمرهم بأمر: "طاعة"، فإذا برزوا من عنده بيت طائفة منهم غير الذي يقول ، لكنتم مثلهم ، فاتبعتم الشيطان إلا قليلاً، كما اتبعه هؤلاء الذين وصف صفتهم .
وخاطب بقوله تعالى ذكره : "ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان"، الذين خاطبهم بقول جل ثناؤه : "يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا" [النساء : 17]. ثم اختلف أهل التأويل في القليل ، الذين استثناهم في هذه الآية: من هم ؟ ومن أي شيء من الصفات استثناهم ؟
فقال بعضهم: هم المستنبطون من أولي الأمر، استثناهم من قوله : "لعلمه الذين يستنبطونه منهم"، ونفى عنهم أن يعلموا بالاستنباط ما يعلم به غيرهم من المستنبطين من الخبر الوارد عليهم من الأمن أو الخوف .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قال : إنما هو: "لعلمه الذين يستنبطونه منهم" - إلا قليلا منهم - "ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان" .
حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله : "ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا"، يقول : لاتبعتم الشيطان كلكم ، وأما قوله : "إلا قليلا"، فهوكقوله: "لعلمه الذين يستنبطونه منهم"، إلا قليلاً.
حدثني المثنى قال ، حدثنا سويد بن نصر قال ، أخبرنا ابن المبارك قراءة، عن سعيد، عن قتادة : "ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا"، قال يقول : لاتبعتم الشيطان كلكم . وأما "إلا قليلا"، فهو كقوله : لعلمه الذين يستنبطونه منهم إلا قليلاً.
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثنا حجاج ، عن ابن جريج نحوه -يعني نحو قول قتادة- وقال : لعلموه إلا قليلاً.
وقال آخرون : بل هم الطائفة الذين وصفهم الله أنهم يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم : "طاعة"، فإذا برزوا من عنده بيتوا غير الذي قالوا . ومعنى الكلام : وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ، إلا قليلاً منهم .
ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله : "ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا"، فهو في أول الآية لخبر المنافقين ، قال : "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به". يعني ب القليل، المؤمنين ، كقوله تعالى : "الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا * قيما" [الكهف : 1-2] يقول : الحمد لله الذي أنزل الكتاب عدلاً قيماً، ولم يجعل له عوجاً.
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد : هذه الآية مقدمة ومؤخرة، إنما هي : أذاعوا به إلا قليلاً منهم ، ولولا فضل الله عليكم ورحمته لم ينج قليل ولا كثير.
وقال آخرون : بل ذلك استثناء من قوله : "لاتبعتم الشيطان". وقالوا: الذين استثنوا هم قوم لم يكونوا هموا بما كان الآخرون هموا به من اتباع الشيطان. فعرف الله الذين أنقذهم من ذلك موقع نعمته منهم ، واستثنى الآخرين الذين لم يكن منهم في ذلك ما كان من الآخرين .
ذكر من قال ذلك :
حدثت عن الحسين بن الفرج قال ، سمعت أبا معاذ يقول ، أخبرنا عبيد بن سليمان قال ، سمعت الضحاك بن مزاحم يقول ، في قوله : "ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا"، قال : هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، كانوا حدثوا أنفسهم بأمور من أمور الشيطان ، إلا طائفة منهم .
وقال آخرون معنى ذلك : ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان جميعاً. قالوا: وقوله : "إلا قليلا"، خرج مخرج الاستثناء في اللفظ ، وهو دليل على الجميع والإحاطة، وأنه لولا فضل الله عليهم ورحمته لم ينج أحد من الضلالة، فجعل قوله : "إلا قليلا"، دليلاً على الإحاطة، واستشهدوا على ذلك بقول الطرماح بن حكيم ، في مدح يزيد بن المهلب :
أشم كثير يدي النوال ، قليل المثالب والقادحه
قالوا : فظاهر هذا القول وصف الممدوح بأن فيه المثالب والمعايب ، ومعلوم أن معناه أنه لا مثالب فيه ولا معايب . لأن من وصف رجلا بأن فيه معايب ، وإن وصف الذي فيه من المعايب بالقلة، فإنما ذمه ولم يمدحه . ولكن ذلك على ما وصفنا من نفي جميع المعايب عنه . قالوا: فكذلك قوله : "لاتبعتم الشيطان إلا قليلا"، إنما معناه : لاتبعتم جميعكم الشيطان .
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب في ذلك عندي ، قول من قال : عني باستثناء القليل من الإذاعة، وقال : معنى الكلام : وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به إلا قليلاً، ولو ردوه إلى الرسول .
وإنما قلنا إن ذلك أولى بالصواب ، لأنه لا يخلو القول في ذلك من أحد الأقوال التي ذكرنا . وغير جائز أن يكون من قوله : "لاتبعتم الشيطان"، لأن من تفضل الله عليه بفضله ورحمته ، فغير جائز أن يكون من تباع الشيطان.
وغير جائز أن نحمل معاني كتاب الله على غير الأغلب المفهوم بالظاهر من الخطاب في كلام العرب ، ولنا إلى حمل ذلك على الأغلب من كلام العرب ، سبيل ، فنوجهه إلى المعنى الذي وجهه إليه القائلون : معنى ذلك : لاتبعتم الشيطان جميعاً، ثم زعم أن قوله : "إلا قليلا"، دليل على الإحاطة بالجميع . هذا مع خروجه من تأويل أهل التأويل .
وكذلك لا وجه لتوجيه ذلك إلى الاستثناء من قوله : لعلمه الذين يستنبطونه منهم، لأن علم ذلك إذا رد إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم ، فبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولو الأمر منهم بعد وضوحه لهم ، استوى في عالم ذلك كل مستنبط حقيقته ، فلا وجه لاستثناء بعض المستنبطين منهم ، وخصوص بعضهم بعلمه ، مع استواء جميعهم في علمه .
وإذ كان لا قول في ذلك إلا ما قلنا، ودخل هذه الأقوال الثلاثة ما بينا من الخلل ، فبين أن الصحيح من القول في ذلك هو الرابع ، وهو القول الذي قضينا له بالصواب من الاستثناء من الإذاعة .
قوله تعالى :" وإذا جاءهم أمر من الأمن " في إذا معنى الشرط ولا يجازى بها وإن زيدت عليها ما وفي قليلة الاستعمال. قال سيبويه والجيد ما قال كعب بن زهير:
وإذا ما تشاء تبعث منها مغرب الشمس ناشطاً مذعوراً
يعني أن الجيد لا يجزم- بإذا ما - كما لم يجزم في البيت وقد تقدم في أول البقرة والمعنى أنهم إذا سمعوا شيئاً من الأمور فيه أمن نحو ظفر المسلمين وقتل عدوهم " أو الخوف " وهو ضد هذا " أذاعوا به " أي أفشوه وأظهروه وتحدثوا به قبل أن يقفوا على حقيقته فقيل: كان هذا من ضعفه المسلمين، عن الحسن، لأنهم كانوا يفشون أمر النبي صلى الله عليه وسلم ويظنون أنهم لا شيء عليهم في ذلك وقال الضحاك وابن زيد: هو في المنافقين فنهوا عن ذلك ما يلحقهم من الكذب في الإرجاف .
قوله تعالى :" ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم " أي لم يحدثوا به ولم يفشوه حتى يكون النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يحدث به ويفشيه أو أولو الأمر وهم أهل العلم والفقه عن الحسن وقتادة وغيرهما السدي وابن زيد: الولاة وقيل: أمراء السرايا " لعلمه الذين يستنبطونه منهم " أي يستخرجونه أي لعلموا ما ينبغي أن يفشي منه وما ينبغي أن يكتم والاستنباط مأخوذ من استنبطت الماء إذا استخرجته والنبط : الماء المستنبط أول ما يخرج من ماء البئر أول ما تحفر. وسمي النبط نبطاً لأنهم يستخرجون ما في الأرض والاستنباط في اللغة الاستخراج وهو يدل على الاجتهاد إذا عدم النص والإجماع كما تقدم .
قوله تعالى :" ولولا فضل الله عليكم ورحمته" رفع بالابتداء عند سيبويه، ولا يجوز أن يظهر الخبر عنده والكوفيون يقولون : رفع بلولا " لاتبعتم الشيطان إلا قليلا" في هذه الآية ثلاثة أقوال قال ابن عباس وغيره: المعنى أذاعوا به إلا قليلاً منهم لم يذع ولم يفش وقاله جماعة من النحويين: الكسائي والأخفش وأبو عبيد وأبو حاتم الطبري: وفي: المعنى لعلمه الذي يستنبطونه منهم إلا قليلاً منهم عن الحسن وغيره واختاره الزجاج قال: لأن هذا الاستنباط الأكثر يعرفه، لأنه استعلام خبر واختار الأول الفراء قال: لأن علم السرايا إذا ظهر علمه المستنبط وغيره، والإذاعة تكون في بعض دون بعض قال الكلبي عنه: فلذلك استحسنت الاستثناء من الإذاعة قال النحاس: فهذان قولان على المجاز يريد أن في الكلام تقديماً وتأخيراً وقول ثالث بغير مجاز: يكون المعنى ولولا فضل الله عليكم ورحمته بأن بعث فيكم رسولاً أقام فيكم الحجة لكفرتم وأشركتم إلا قليلاً منكم فإنه كان يوحد وفيه قول رابع- قال الضحاك: المعنى لاتبعتم الشيطان إلا قليلاً أي أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حدثوا أنفسهم بأمر من الشيطان إلا قليلاً يعني الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى وعلى هذا القول يكون قوله " إلا قليلا" مستثنى من قوله " لاتبعتم الشيطان" قال المهدوي: وأنكر هذا القول أكثر العلماء إذ لولا فضل الله ورحمته لاتبع الناس كلهم الشيطان .
يقول تعالى آمراً لهم بتدبر القرآن وناهياً لهم عن الإعراض عنه وعن تفهم معانيه المحكمة وألفاظه البليغة, ومخبراً لهم أنه لا اختلاف فيه ولا اضطراب, ولا تعارض لأنه تنزيل من حكيم حميد فهو حق من حق, ولهذا قال تعالى: "أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها", ثم قال: "ولو كان من عند غير الله" أي لو كان مفتعلاً مختلقاً, كما يقوله من يقول من جهلة المشركين والمنافقين في بواطنهم لوجدوا فيه اختلافاً, أي اضطراباً وتضاداً كثيراً, أي وهذا سالم من الاختلاف, فهو من عند الله, كما قال تعالى مخبراً عن الراسخين في العلم حيث قالوا "آمنا به كل من عند ربنا" أي محكمه ومتشابهه حق, فلهذا ردوا المتشابه إلى المحكم فاهتدوا, والذين في قلوبهم زيغ ردوا المحكم إلى المتشابه فغووا, ولهذا مدح تعالى الراسخين وذم الزائغين, قال الإمام أحمد: حدثنا أنس بن عياض, حدثنا أبو حازم, حدثنا عمرو بن شعيب, عن أبيه, عن جده قال: لقد جلست أنا وأخي مجلساً ما أحب أن لي به حمر النعم, أقبلت أنا وأخي وإذا مشيخة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على باب من أبوابه, فكرهنا أن نفرق بينهم, فجلسنا حجرة إذ ذكروا آية من القرآن فتماروا فيها حتى ارتفعت أصواتهم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضباً حتى احمر وجهه يرميهم بالتراب ويقول: "مهلاً يا قوم بهذا أهلكت الأمم من قبلكم, باختلافهم على أنبيائهم, وضربهم الكتب بعضها ببعض, إن القرآن لم ينزل يكذب بعضه بعضاً, إنما نزل يصدق بعضه بعضاً, فما عرفتم منه فاعملوا به, وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه" وهكذا رواه أيضاً عن أبي معاوية, عن داود بن أبي هند, عن عمرو بن شعيب, عن أبيه, عن جده, قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم والناس يتكلمون في القدر, فكأنما يفقأ في وجهه حب الرمان من الغضب, فقال لهم: "مالكم تضربون كتاب الله بعضه ببعض, بهذا هلك من كان قبلكم" قال: فما غبطت نفسي بمجلس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أشهده ما غبطت نفسي بذلك المجلس أني لم أشهده, ورواه ابن ماجه من حديث داود بن أبي هند به نحوه.
وقال أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي, حدثنا حماد بن زيد عن أبي عمران الجوني, قال: كتب إلى عبد الله بن رباح يحدث عن عبد الله بن عمرو, قال: هجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً, فإنا لجلوس إذ اختلف اثنان في آية, فارتفعت أصواتهما, فقال: "إنما هلكت الأمم قبلكم باختلافهم في الكتاب". ورواه مسلم والنسائي من حديث حماد بن زيد به.
وقوله: "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به" إنكار على من يبادر إلى الأمور قبل تحققها فيخبر بها ويفشيها وينشرها, وقد لا يكون لها صحة. وقد قال مسلم في مقدمة صحيحه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة, حدثنا علي بن حفص, حدثنا شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن, عن حفص بن عاصم, عن أبي هريرة, عن النبي صلى الله عليه وسلم, قال: "كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع" وكذا رواه أبو داود في كتاب الأدب من سننه عن محمد بن الحسين بن أشكاب, عن علي بن حفص عن شعبة مسنداً, ورواه مسلم أيضاً من حديث معاذ بن هشام العنبري وعبد الرحمن بن مهدي, وأخرجه أبو داود أيضاً من حديث حفص بن عمرو النمري, ثلاثتهم عن شعبة, عن خبيب, عن حفص بن عاصم به مرسلاً, وفي الصحيحين, عن المغيرة بن شعبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, نهى عن قيل وقال, أي الذي يكثر من الحديث عما يقول الناس من غير تثبت, ولا تدبر, ولا تبين. وفي سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بئس مطية الرجل زعموا". وفي الصحيح "من حدث بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين" ولنذكر ههنا حديث عمر بن الخطاب المتفق على صحته حين بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, طلق نساءه, فجاء من منزله حتى دخل المسجد فوجد الناس يقولون ذلك, فلم يصبر حتى استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم, فاستفهمه أطلقت نساءك فقال "لا" فقلت: الله أكبر وذكر الحديث بطوله. وعند مسلم فقلت: أطلقتهن ؟ فقال "لا" فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي, لم يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه, ونزلت هذه الاية "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم" فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر, ومعنى يستنبطونه أي يستخرجونه من معادنه, يقال: استنبط الرجل العين إذا حفرها واستخرجها من قعورها. وقوله: " لاتبعتم الشيطان إلا قليلا ", قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني المؤمنين. وقال عبد الرزاق, عن معمر, عن قتادة: " لاتبعتم الشيطان إلا قليلا " يعني كلكم, واستشهد من نصر هذا القول بقول الطرماح بن حكيم في مدح يزيد بن المهلب:
أشم ندي كثير النوادي قليل المثالب والقادحة
يعني لا مثالب له ولا قادحة فيه.
قوله 83- " وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به " يقال: أذاع الشيء وأذاع به: إذا أفشاه وأظهره، وهؤلاء هم جماعة من ضعفة المسلمين كانوا إذا سمعوا شيئاً من أمر المسلمين فيه أمن نحو ظفر المسلمين وقتل عدوهم، أو فيه خوف نحو هزيمة المسلمين وقتلهم أفشوه وهم يظنون أنه لا شيء عليهم في ذلك. قوله "ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم" وهم أهل العلم والعقول الراجحة الذين يرجعون إليهم في أمورهم أو هم الولاة عليهم "لعلمه الذين يستنبطونه منهم" أي: يستخرجونه بتدبيرهم وصحة عقولهم. والمعنى: أنهم لو تركوا الإذاعة للأخبار حتى يكون النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يذيعها أو يكون أولي الأمر منهم هم الذين يتولون ذلك، لانهم يعلمون ما ينبغي أن يفشى وما ينبغي أن يكتم. والاستنباط مأخوذ من استنبطت الماء: إذا استخرجته. والنبط: الماء المستنبط أول ما يخرج من ماء البئر عند حفرها، وقيل: إن هؤلاء الضعفة كانوا يسمعون إرجافات المنافقين على المسلمين فيذيعونها فتحصل بذلك المفسدة. قوله "ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا" أي: لولا ما تفضل الله به عليكم من إرسال رسوله وإنزال كتابه لاتبعتم الشيطان فبقيتم على كفركم إلا قليلاً منكم، أو إلا اتباعاً قليلاً منكم، وقيل المعنى: أذاعوا به إلا قليلاً منهم فإنه لم يذع ولم يفش، قاله الكسائي والأخفش والفراء وأبو عبيدة وأبو حاتم وابن جرير، وقيل المعنى لعلمه الذين يستنبطونه إلا قليلاً منهم، قاله الزجاج.
وقد أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً" يقول: إن قول الله لا يختلف وهو حق ليس فيه باطل، وإن قول الناس يختلف. وأخرج عبد بن حميد ومسلم وابن أبي حاتم من طريق ابن عباس عن عمر بن الخطاب قال: لما اعتزل النبي صلى الله عليه وسلم نساءه دخلت المسجد، فوجدت الناس ينكتون بالحصا ويقولون: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي: لم يطلق نساءه، ونزلت هذه الآية "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم" فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في الآية، قال: هذا في الإخبار إذا غزت سرية من المسلمين أخبر الناس عنها، فقالوا: أصاب المسلمون من عدوهم كذا وكذا، وأصاب العدو من المسلمين كذا وكذا، فأفشوه بينهم من غير أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم هو يخبرهم به. وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك "وإذا جاءهم" قال: هم أهل النفاق. وأخرج ابن جرير عن أبي معاذ مثله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله "ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان" قال: فانقطع الكلام. وقوله "إلا قليلاً" فهو في أول الآية يخبر عن المنافقين: قال " وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به " يعني: بالقليل المؤمنين.
83-قوله تعالى:"وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به"، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث السرايا فإذا غلبوا أو غلبوا بادر المنافقون يستخبرون عن حالهم ، فيفشون ويحدثون به قبل أن يحدث به رسول الله صلى الله عليه وسلم /فيضعفون به قلوب المؤمنين فأنزل الله تعالى"وإذا جاءهم"يعني: المنافقين"أمر من الأمن"أي: الفتح والغنيمة"أو الخوف" القتل والهزيمة"أذاعوا به" أشاعوه وأفشوه، "ولو ردوه إلى الرسول" أي: لو لم يحدثوا به حتى يكون النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يحدث به "وإلى أولي الأمر منهم"، أي: ذوي الرأي من الصحابة مثل ابي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ،"لعلمه الذين يستنبطونه منهم"،أي: يستخرجونه وهم العلماء،أي: علموا ما ينبغي أن يكتم وما ينبغي ان يفشي ، والاستنباط : الاستخراج ،يقال: استنبط الماء إذا استخرجه ، وقال عكرمة: يستنبطونه أي: يحرصون عليه ويسألون عنه ، وقال الضحاك : يتبعونه ، يريد الذين سمعوا تلك الأخبار من المؤمنين والمنافقين ، لو ردوه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى ذوي الرأي والعلم ، لعلمه الذين يستنبطونه منهم ،أي يحبون أن يعلموه على حقيقته كما هو.
"ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان"، كلكم،"إلا قليلاً" ، فإن قيل: كيف استثنى القليل ولولا فضله لاتبع الكل الشيطان ؟ قيل: هو راجع إلى ما قبله ، قيل: معناه أذاعوا به إلا قليلاً لم يفشه، عنى بالقليل المؤمنين ، وهذا قول الكلبي واختيار الفراء وقال: لأن علم السر إذا ظهر علمه المستنبط وغيره، والإذاعة قد تكون في بعض دون بعض ، قيل: لعلمه الذين يستنبطونه منهم إلا قليلاً، ثم قوله :"ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان" كلام تام.
وقيل: فضل الله : الإسلام ، ورحمته : القرآن ، يقول لولا ذلك لاتبعتم الشيطان إلا قليلاً، وهم قوم اهتدوا قبل مجيء الرسول صلى الله عليه وسلم ونزول القرآن، مثل زيد بن عمرو بن نفيل ، وورقة بن نوفل وجماعة سواهما.
وفي الآية دليل على جواز القياس، فإن من العلم ما يدرك بالتلاوة والرواية وهو النص، ومنه ما يدرك بالاستنباط وهو القياس على المعاني المودعة في النصوص.
83"وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف" مما يوجب الأمن أو الخوف. "أذاعوا به" أفشوه كما كان يفعل قوم من ضعفة المسلمين إذا بلغهم خبر عن سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أخبرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بما أوحي إليه من وعد بالظفر، أو تخويف من الكفرة أذاعوا به لعدم حزمهم فكانت إذاعتهم مفسدة. والباء مزيدة أو لتضمن الإذاعة معنى التحدث. "ولو ردوه" أي ولو ردوا ذلك الخبر. " إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم " إلى رأيه ورأي كبار أصحابه البصراء بالأمور، أو الأمراء. "لعلمه" لعلموا ما أخبروا به على أي وجه يذكر. "الذين يستنبطونه منهم" يستخرجون تدابيره بتجاربهم وأنظارهم. وقيل كانوا يسمعون أراجيف المنافقين فيذيعونها فتعود وبالاً على المسلمين، ولو ردوه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى أولي الأمر منهم حتى يسمعوه منهم وترفوا أنه هل يذاع لعلم ذلك من هؤلاء الذين يستنبطونه من الرسول صلى الله عليه وسلم وأولي الأمر أي: يستخرجون علمه من جهتهم، وأصل الاستنباط إخراج النبط: وهو الماء، يخرج من البئر أول ما يحفر. "ولولا فضل الله عليكم ورحمته" بإرسال الرسول. وإنزال الكتب. "لاتبعتم الشيطان" والكفر والضلال. "إلا قليلاً" أي إلا قليلاً منكم تفضل الله عليه بعقل راجح اهتدى به إلى الحق والصواب، وعصمه من متابعة الشيطان كزيد بن عمرو بن نفيل، وورقة بن نوفل. أو إلا اتباعاً قليلاً على الندور.
83. And if any tidings, whether of safety or fear, come unto them, they noise it abroad, whereas if they had referred it to the messenger and such of them as are in authority, those among them who are able to think out the matter would have known it. If it had not been for the grace of Allah and His mercy ye would have followed Satan, save a few (of you).
83 - When there comes to them some matter touching (public) safety or fear, they divulge it. if they had only referred it to the apostle, or to those charged with authority among them, the proper investigators would have tested it from them (direct). were it no for the grace and mercy of God unto you, all but a few of you would have fallen into the clutches of Satan.