[النساء : 58] إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا
(إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات) أي ما ائتمن عليه من الحقوق (إلى أهلها) نزلت لما أخذ عليٌّ رضي الله عنه مفتاح الكعبة من عثمان بن طلحة الحجبي سادنها قسرا لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح ومنعه وقال: لو علمت أنه رسول الله لم أمنعه فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برده إليه وقال: هاك خالدة تالدة. فعجب من ذلك فقرأ له عليٌّ الآية فأسلم وأعطاه عند موته لأخيه شيبة فبقي في ولده ، والآية وإن وردت على سبب خاص فعمومها معتبر بقرينة الجمع (وإذا حكمتم بين الناس) يأمركم (أن تحكموا بالعدل إن الله نعمَّا) فيه إدغام ميم نعمَ في ما النكرة الموصوفة أي نعم شيئاً (يعظكم به) تأدية الأمانة والحكم بالعدل (إن الله كان سميعا) لما يقال (بصيرا) بما يفعل
قوله تعالى إن الله يأمركم أخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة دعا عثمان بن طلحة فلما أتاه قال أرني المفتاح فأتاه به فلما بسط يده إليه قام العباس فقال يا رسول الله بأبي أنت وأمي اجمعه لي مع السقاية فكف عثمان يده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هات المفتاح يا عثمان فقال هاك أمانة الله فقام ففتح الكعبة ثم خرج فطاف بالبيت ثم نزل عليه جبريل برد المفتاح فدعا عثمان بن طلحة فأعطاه المفتاح ثم قال إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها حتى فرغ من الآية
وأخرج شعبة في تفسيره عن حجاج عن ابن جريج قال نزلت هذه الآية في عثمان بن طلحة أخذ منه رسول الله مفتاح الكعبة فدخل به البيت يوم الفتح فخرج وهو يتلو هذه الآية فدعا عثمان فناوله المفتاح قال وقال عمر بن الخطاب لما خرج رسول الله من الكعبة وهو يتلو هذه الآية فداه أبي وأمي ما سمعته يتلوها قبل ذلك قلت ظاهر هذه أنها نزلت في جوف الكعبة
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل فيمن عني بهذه الآية. فقال بعضهم: عني بها ولاة أمور المسلمين.
ذكر من قال ذلك:
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال، حدثنا أبو أسامة، عن أبي مكين، عن زيد بن أسلم قال: نزلت هذه الآية: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها"، في ولاة الأمر.
حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا ليث، عن شهر قال: نزلت في الأمراء خاصة: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل".
حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، حدثنا إسماعيل، عن مصعب بن سعد قال: قال علي رضي الله عنه كلمات أصاب فيهن: حق على الإمام أن يحكم بما أنزل الله، وأن يؤدي الأمانة. وإذا فعل ذلك، فحق على الناس أن يسمعوا، وأن يطيعوا، وأن يجيبوا إذا دعوا.
حدثنا أبو كريب قال، حدثنا جابر بن نوح قال، حدثنا إسماعيل، عن مصعب بن سعد، عن علي بنحوه.
حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال، حدثنا موسى بن عمير، عن مكحول في قول الله: "وأولي الأمر منكم"، قال: هم أهل الآية التي قبلها: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها"، إلى آخر الآية.
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرنا ابن زيد قال، قال أبي: هم الولاة، أمرهم أن يؤدوا الأمانات إلى أهلها.
وقال آخرون: أمر السلطان بذلك، أن يعظوا النساء.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها"، قال: يعني السلطان، يعظون النساء.
وقال آخرون: الذي خوطب بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في مفاتيح الكعبة، أمر بردها على عثمان بن طلحة.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها"، قال: نزلت في عثمان بن طلحة بن أبي طلحة، قبض منه النبي صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة، ودخل به البيت يوم الفتح، فخرج وهو يتلو هذه الآية، فدعا عثمان فدفع إليه المفتاح. قال: وقال عمر بن الخطاب لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتلو هذه الآية: فداه أبي وأمي! ما سمعته يتلوها قبل ذلك!.
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا الزنجي بن خالد، عن الزهري قال: دفعه إليه وقال: أعينوه.
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب في ذلك عندي، قول من قال: هو خطاب من الله ولاة أمور المسلمين بأداء الأمانة إلى من ولوا أمره في فيئهم وحقوقهم، وما ائتمنوا عليه من أمورهم، بالعدل بينهم في القضية، والقسم بينهم بالسوية. يدل على ذلك ما وعظ به الرعية، في: "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم"، فأمرهم بطاعتهم، وأوصى الراعي بالرعية، وأوصى الرعية بالطاعة، كما:
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" قال: قال أبي: هم السلاطين. وقرأ ابن زيد: "تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء" [آل عمران: 26]، وإنما نقول: هم العلماء الذي يطيفون على السلطان، ألا ترى أنه أمرهم فبدأ بهم، بالولاة فقال: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها"؟ و"الأمانات"، هي الفيء الذي استأمنهم على جمعه وقسمه، والصدقات التي استأمنهم على جمعها وقسمها، "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" الآية كلها. فأمر بهذا الولاة. ثم أقبل علينا نحن فقال: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم".
وأما الذي قال ابن جريج من أن هذه الآية نزلت في عثمان بن طلحة، فإنه جائز أن تكون نزلت فيه، وأريد به كل مؤتمن على أمانة، فدخل فيه ولاة أمور المسلمين، وكل مؤتمن على أمانة في دين أو دنيا، ولذلك قال من قال: عني به قضاء الدين، ورد حقوق الناس، كالذي:
حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها"، فإنه لم يرخص لموسر ولا معسر أن يمسكها.
حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها"، عن الحسن: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك.
قال أبو جعفر: فتأويل الآية إذا -إذ كان الأمر على ما وصفنا -: إن الله يأمركم، يا معشر ولاة أمور المسلمين، أن تؤدوا ما ائتمنتكم عليه رعيتكم من فيئهم وحقوقهم وأموالهم وصدقاتهم إليهم، على ما أمركم الله بأداء كل شيء من ذلك إلى من هو له، بعد أن تصير في أيديكم، لا تظلموها أهلها، ولا تستأثروا بشيء منها، ولا تضعوا شيئا منها في غير موضعه، ولا تأخذوها إلا ممن أذن الله لكم بأخذها منه قبل أن تصير في أيديكم، ويأمركم إذا حكمتم بين رعيتكم أن تحكموا بينهم بالعدل والإنصاف، وذلك حكم الله الذي أنزله في كتابه، وبينه على لسان رسوله، لا تعدوا ذلك فتجوروا عليهم.
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: يا معشر ولاة أمور المسلمين، إن الله نعم الشيء يعظكم به، ونعمت العظة يعظكم بها في أمره إياكم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وأن تحكموا بين الناس بالعدل، "إن الله كان سميعا"، يقول: إن الله لم يزل سميعاً بما تقولون وتنطقونً، وهو سميع لذلك منكم إذا حكمتم بين الناس ولما تحاورونهم به، "بصيرا" بما تفعلون فيما ائتمنتم عليه من حقوق رعيتكم وأموالهم، وما تقضون به بينهم من أحكامكم: بعدل تحكمون أو جور، لا يخفى عليه شيء من ذلك، حافظ ذلك كله، حتى يجازي محسنكم بإحسانه، ومسيئكم بإساءته، أو يعفو بفضله.
فيه مسألتان:
الأولى - قوله تعالى :" إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات " هذه الآية من أمهات الأحكام تضمنت جميع الدين والشرع. وقد اختلف من المخاطب بها فقال علي بن أبي طالب بن وزيد بن أسلم وشهر بن حوشب وابن زيد: هذا خطاب لولاة المسلمين خاصة فهي للنبي صلى الله عليه وسلم وأمرئه ، ثم تتناول من بعدهم وقال ابن جريج وغيره : ذلك خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة في أمر مفتاح الكعبة حين أخذه من عثمان بن أبي طلحة الحجبي العبدري من بني عبد الدار ومن ابن عمره شيبة بن عثمان بن أبي طلحة وكانا كافرين وقت فتح مكة قطلبه العباس بن عبد المطلب لتنضاف له السدانة إلى السقاية فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة فكسر ما كان فيها من الأوثان، وأخرج مقام إبراهيم ونزل عليه جبريل بهذه الآية قال عمر بن الخطاب.
و"خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ هذه الآية وما كنت سمعتها قبل منه فدعا عثمان وشيبة فقال خذاها خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم " وحكي مكي: أن شيبة أراد ألا يدفع المفتاح ثم دفعه وقال للنبي صلى الله عليه وسلم خذه بأمانة الله وقال ابن عباس: الآية في الولاة خاصة في أن يعظوا النساء في النشوز ونحوه ويردوهن إلى الأزواج والأظهر في الآية في الولاة أنها عامة في جميع الناس فهي تتناول الولاة فيما إليهم من الأمانات في قسمة الأموال ورد الظلامات والعدل في الحكومات . وهذا اختيار الطبري وتتناول من دونهن من الناس في حفظ الودائع والتحرز في الشهادات وغير ذلك كالرجل يحكم في نازلة ما ونحوه والصلاة والزكاة وسائر العبادات أمانة الله تعالى . وروى هذا المعنى مرفوعاً من حديث ابن مسعود "عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها " أو قال :" كل شيء إلا الأمانة والأمانة في الصوم والأمانة في الحديث وأشد ذلك الودائع" ذكره أبو نعيم الحافظ في الحلية وممن قال إن الآية عامة في الجميع البراء بن عازب ابن مسعود وابن عباس وأبي بن كعب قالوا: الأمانة في كل شيء في الوضوء والصلاة والزكاة والجنابة والصوم والكل والوزن والودائع وقال ابن عباس: لم يرخص الله لمعسر ولا لموسر أن يمسك الأمانة .
قلت: وهذا إجماع، وأجمعوا على أن الأمانات مردودة إلى أربابها الأبرار منهم والفجار قاله ابن المنذر: والأمانة مصدر بمعنى المفعول فلذلك جمع ووجه النظم بما تقدم أنه تعالى أخبر عن كتمان أهل الكتاب صفة محمد صلى الله عليه وسلم وقولهم: إن المشركين أهدى سبيلاً فكان ذلك خيانة منه فانجر الكلام إلى ذكر جميع الأمانات فالآية شاملة بنظمها لكلك أمانة وهي أعداد كثيرة كما ذكرنا، وأمهاتها في الأحكام : الوديعة واللقطة والرهن والعارية و"روى أبي بن كعب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك" أخرجه الدارقطني ورواه أنس وأبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد تقدم في البقرة معناه و"روى أبو أمانة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته عام حجة الوداع:
العارية مؤداة والمنحة مردودة والدين مقضى والزعيم غارم " صحيح أخرج الترمذي وغيره وزاد الدارقطني.
فقال رجل: فعهد الله ؟ قال : عهد الله أحق ما أدي وقال بمقتضى هذه الآية والحديث في رد الوديعة وأنها مضمونة على كل حال كنت مما يغاب عليها أو لا يغاب تعدي فيها أو لم يتعد عطاء والشافعي وأحمد وأشهب وروي أن ابن عباس وأبا هريرة رضي الله عنهما ضمنا الوديعة وروى ابن القاسم عن مالك أن من استعار حيواناً أو غيره مما لا يغاب عليه فتلف عنده فهو مصدق في تلفه ولا يضمنه إلا بالتعدي وهذا قول الحسن البصري والنخعي وهو قول الكوفيين والأوزاعي قالوا: ومعنى "قوله عليه السلام: العارية مؤداة "وهو كمعنى قوله تعالى :" إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها " فإذا تلفت الأمانة لم يلزم المؤتمن غرمها لأنه مصدق فكذلك العارية إذا تلفت من غير تعد لأنه لم يأخذا على الضمان فإذا تلفت بتعديه عليها لزمه قيمتها لجنايته عليها. وروى عن علي وعمر وابن مسعود أنه لا ضمان في العارية وروى الدارقطني "عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
لا ضمان على مؤتمن " واحتج الشافعي فيما استدل به .
"بقول صفوان للنبي صلى الله عليه وسلم لما استعار مه الأدراع : أعارية مضمونة أو عارية مؤداة ؟ فقال : بل عارية مؤداة "
الثانية- قوله تعالى :" وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" قال الضحاك: بالبينة على المدعي واليمين على من أنكر وهذا خطاب للولاة والأمراء والحكام ويدخل في ذلك بالمعنى جميع الخلق كما ذكرنا في أداء الأمانات "قال صلى الله عليه وسلم :
إن المقسطين يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا " وقال:"
كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته والرجل راع على أهله وهو مسؤول عنهم والمرأة راعية على بيت زوجها وهي مسؤولة عنه والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" فجعل في هذه الأحاديث الصحيحة كل هؤلاء رعاة وحكاماً على مراتبهم، وكذلك العالم الحاكم لأنه إذا أفتى حكم وقضى وفصل بين الحلال والحرام والفرض والندب والصحة والفاسد فجميع ذلك أمانة تؤدى وحكم يقضى وقد تقدم في البقرة القول في نعما.
"إن الله كان سميعا بصيرا" وصف الله تعالى نفسه بأنه سميع بصير يسمع ويرى كما قال تعالى " إنني معكما أسمع وأرى " [طه:46] فهذا طريق السمع. والعقل يدل على ذلك فإن انتقاء السمع والبصر يدل على نقيضيهما من العمى والصمم، إذ المحل القابل للضدين لا يخلو من أحدهما وهو تعالى مقدس عن النقائص ويستحيل صدور الأفعال الكاملة من المتصف بالنقائض كخلق السمع والبصر ممن ليس له لا سمع ولا بصر وأجمعت الأمة على تنزيهه تعالى عن النقائض وهو أيضاً دليل سمعي يكتفى به مع نص القرآن في مناظرة من تجمعهم كلمه الإسلام جل الرب تبارك وتعالى عما يتوهمه المتوهمون ويختلقه المفترون الكاذبون " سبحان ربك رب العزة عما يصفون " [ الصافات:180]
يخبر تعالى أنه يأمر بأداء الأمانات إلى أهلها. وفي حديث الحسن عن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "أد الأمانة إلى من ائتمنك, ولا تخن من خانك" رواه الإمام أحمد وأهل السنن, وهذا يعم جميع الأمانات الواجبة على الإنسان من حقوق الله عز وجل على عباده من الصلوات والزكوات والصيام والكفارات والنذور وغير ذلك مما هو مؤتمن عليه ولا يطلع عليه العباد, ومن حقوق العباد بعضهم على بعض كالودائع وغير ذلك مما يأتمنون به بعضهم على بعض من غير اطلاع بينة على ذلك, فأمر الله عز وجل بأدائها, فمن لم يفعل ذلك في الدنيا أخذ منه ذلك يوم القيامة, كما ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لتؤدن الحقوق إلى أهلها حتى يقتص للشاة الجماء من القرناء". وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي, حدثنا وكيع عن سفيان, عن عبد الله بن السائب, عن زاذان, عن عبد الله بن مسعود, قال: إن الشهادة تكفر كل ذنب إلا الأمانة, يؤتى بالرجل يوم القيامة, وإن كان قتل في سبيل الله, فيقال: أد أمانتك, فيقول فأنى أؤديها وقد ذهبت الدنيا ؟ فتمثل له الأمانة في قعر جهنم فيهوي إليها فيحملها على عاتقه, قال: فتنزل عن عاتقه فيهوي على أثرها أبد الابدين. قال زاذان: فأتيت البراء فحدثته, فقال: صدق أخي: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها". وقال سفيان الثوري عن ابن أبي ليلى, عن رجل عن ابن عباس في الاية, قال: هي مبهمة للبر والفاحر, وقال محمد بن الحنفية: هي مسجلة للبر والفاجر وقال أبو العالية الأمانة ما أمروا به ونهوا عنه. وقال ابن أبي حاتم. حدثنا أبو سعيد, حدثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق, قال: قال أبي بن كعب: من الأمانة أن المرأة ائتمنت على فرجها. وقال الربيع بن أنس: هي من الأمانات فيما بينك وبين الناس. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها", قال: قال يدخل فيه وعظ السلطان النساء يعني يوم العيد, وقد ذكر كثير من المفسرين أن هذه الاية نزلت في شأن عثمان بن طلحة بن أبي طلحة واسم أبي طلحة عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب القرشي العبدري حاجب الكعبة المعظمة, وهو ابن عم شيبة بن عثمان بن أبي طلحة الذي صارت الحجابة في نسله إلى اليوم, أسلم عثمان هذا في الهدنة بين صلح الحديبية, وفتح مكة, هو وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص, وأما عمه عثمان بن طلحة بن أبي طلحة, فكان معه لواء المشركين يوم أحد, وقتل يومئذ كافراً, وإنما نبهنا على هذا النسب لأن كثيراً من المفسرين قد يشتبه عليه هذا بهذا, وسبب نزولها فيه لما أخذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة يوم الفتح ثم رده عليه. وقال محمد بن إسحاق في غزوة الفتح: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور, عن صفية بنت شيبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل بمكة واطمأن الناس خرج حتى جاء البيت, فطاف به سبعاً على راحلته يستلم الركن بمحجن في يده, فلما قضى طوافه دعا عثمان بن طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة ففتحت له, فدخلها فوجد فيها حمامة من عيدان, فكسرها بيده ثم طرحها, ثم وقف على باب الكعبة وقد استكن له الناس في المسجد, قال ابن إسحاق: فحدثني بعض أهل العلم أن رسول صلى الله عليه وسلم قام على باب الكعبة, فقال "لا إله إلا الله وحده لا شريك له, صدق وعده, ونصر عبده, وهزم الأحزاب وحده, ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين, إلا سدانة البيت وسقاية الحاج" وذكر بقية الحديث في خطبه النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ إلى أن قال: ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد, فقام إليه علي بن أبي طالب ومفتاح الكعبة في يده, فقال: يا رسول الله, اجمع لنا الحجابة مع السقاية صلى الله عليك, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أين عثمان بن طلحة ؟" فدعي له, فقال له "هاك مفتاحك يا عثمان, اليوم يوم وفاء وبر" قال ابن جرير: حدثني القاسم, حدثنا الحسين عن حجاج, عن ابن جريج في الاية, قال: نزلت في عثمان بن طلحة, قبض منه رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة فدخل في البيت يوم الفتح, فخرج وهو يتلو هذه الاية "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها" الاية, فدعا عثمان إليه فدفع إليه المفتاح, قال: وقال عمر بن الخطاب لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكعبة وهو يتلو هذه الاية "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها" فداه أبي وأمي ما سمعته يتلوها قبل ذلك. حدثنا القاسم, حدثنا الحسين, حدثنا الزنجي بن خالد عن الزهري قال: دفعه إليه وقال: أعينوه. وروى ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله عز وجل "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها" قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة دعا عثمان بن طلحة, فلما أتاه قال "أرني المفتاح" فأتاه به, فلما بسط يده إليه قام إليه العباس, فقال: يا رسول الله, بأبي أنت وأمي, اجمعه لي مع السقاية, فكف عثمان يده, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أرني المفتاح يا عثمان" فبسط يده يعطيه, فقال العباس مثل كلمته الأولى, فكف عثمان يده. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا عثمان إن كنت تؤمن بالله واليوم الاخر فهاتني المفتاح" فقال: هاك بأمانة الله, قال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ففتح باب الكعبة, فوجد في الكعبة تمثال إبراهيم عليه الصلاة والسلام معه قداح يستقسم بها, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما للمشركين قاتلهم الله, وما شأن إبراهيم وشأن القداح" ثم دعا بجفنة فيها ماء, فأخذ ماء فغمسه فيه, ثم غمس به تلك التماثيل, وأخرج مقام إبراهيم وكان في الكعبة, فألزقه في حائط الكعبة, ثم قال: "يا أيها الناس هذه القبلة", قال: ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف في البيت شوطاً أو شوطين ثم نزل عليه جبريل فيما ذكر لنا برد المفتاح ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها" حتى فرغ من الاية, وهذا من المشهورات أن هذه الاية نزلت في ذلك, وسواء كانت نزلت في ذلك أو لا, فحكمها عام, ولهذا قال ابن عباس ومحمد بن الحنفية: هي للبر والفاجر, أي هي أمر لكل أحد, وقوله: "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" أمر منه تعالى بالحكم بالعدل بين الناس, ولهذا قال محمد بن كعب وزيد بن أسلم وشهر بن حوشب: إن هذه الاية إنما نزلت في الأمراء, يعني الحكام بين الناس, وفي الحديث "إن الله مع الحاكم ما لم يجر فإذا جار وكله الله إلى نفسه", وفي الأثر "عدل يوم كعبادة أربعين سنة", وقوله: "إن الله نعما يعظكم به" أي يأمركم به من أداء الأمانات والحكم بالعدل بين الناس وغير ذلك من أوامره وشرائعه الكاملة العظيمة الشاملة. وقوله تعالى: "إن الله كان سميعاً بصيراً" أي سميعاً لأقوالكم, بصيراً بأفعالكم, كما قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة, حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير, حدثنا عبد الله بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب, عن أبي الخير, عن عقبة بن عامر, قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقري هذه الاية "سميعاً بصيراً" يقول: بكل شيء بصير, وقد قال ابن أبي حاتم: أخبرنا يحيى بن عبدك القزويني, أنبأنا المقري يعني أبا عبد الرحمن عبد الله بن يزيد, حدثنا حرملة يعني ابن عمران التجيبي المصري, حدثني أبو يونس, سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الاية "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها" إلى قوله: "إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً" ويضع إبهامه على أذنه, والتي تليها على عينه ويقول: هكذا سمعت رسول الله يقرؤها ويضع إصبعيه. قال أبو زكريا: وصفه لنا المقري, ووضع أبو زكريا إبهامه اليمنى على عينه اليمنى, والتي تليها على الأذن اليمنى, وأرانا فقال: هكذا وهكذا. رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه, والحاكم في مستدركه, وابن مردويه في تفسيره من حديث أبي عبد الرحمن المقري بإسناده نحوه. وأبو يونس هذا مولى أبي هريرة واسمه سليم بن جبير.
هذه الآية من أمهات الآيات المشتملة على كثير من أحكام الشرع، لأن الظاهر أن الخطاب يشمل جميع الناس في جميع الناس في جميع الامانات، وقد روي عن علي وزيد بن أسلم وشهر بن حوشب أنها خطاب لولاة المسلمين، والأول أظهر، وورودها على سبب كما سيأتي لا ينافي ما فيها من العموم، فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما تقرر في الأصول، وتدخل الولاة في هذا الخطاب دخولاً أولياً، فيجب عليهم تأدية ما لديهم من الأمانات ورد الظلامات وتحري العدل في أحكامهم، ويدخل غيرهم من الناس في الخطاب، فيجب عليهم رد ما لديهم من الأمانات والتحري في الشهادات والأخبار. وممن قال بعموم هذا الخطاب: البراء بن عازب وابن مسعود وابن عباس وأبي بن كعب، واختاره جمهور المفسرين، ومنهم ابن جرير، وأجمعوا على أن الأمانات مردودة إلى أربابها: الأبرار منهم والفجار، كما قال ابن المنذر. والأمانات جمع أمانة، وهي مصدر بمعنى المفعول. قوله 58- "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" أي: وإن الله يأمركم إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل. والعدل: هو فصل الحكومة على ما في كتاب الله سبحانه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لا الحكم بالرأي المجرد، فإن ذلك ليس من الحق في شيء إلا إذا لم يوجد دليل تلك الحكومة في كتاب الله ولا في سنة رسوله، فلا بأس باجتهاد الرأي من الحاكم الذي يعلم بحكم الله سبحانه، وبما هو أقرب إلى الحق عند عدم وجود النص، وأما الحاكم الذي لا يدري بحكم الله ورسوله ولا بما هو أقرب إليهما فهو لا يدري ما هو العدل، لأنه لا يعقل الحجة إذا جاءته فضلاً عن أن يحكم بها بين عباد الله. قوله "نعما" ما موصوفة أو موصولة، وقد قدمنا البحث في مثل ذلك.
وقد أخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتحج مكة وقبض مفاتح الكعبة من عثمان بن طلحة، فنزل جبريل عليه السلام برد المفتاح، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان طلحة ورده إليه، وقرأ هذه الآية. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن عساكر عن ابن جريج: أن هذه الآية نزلت في عثمان بن طلحة لما قبض منه صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة فدعاه ودفعه إليه. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن أبي شيبة عن علي قال: حق على الإمام أن يحكم بما أنزل الله، وأن يؤدي الأمانة، فإذا فعل ذلك فحق على الناس أن يسمعوا له وأن يطيعوا وأن يجيبوا إذا دعوا. وأخرج أبو داود والترمذي والحاكم والبيهقي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أد الأمانة لمن ائتمنتك، ولا تخن من خانك" وقد ثبت في الصحيح أن من خان إذا اؤتمن ففيه خصلة من خصال النفاق.
58-قوله تعالى:"إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها" ، نزلت في عثمان بن طلحة الحجبي من بني عبد الدار، وكان سادن الكعبة، فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح اغلق عثمان باب البيت وصعد السطح فطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم المفتاح ، فقيل: إنه مع عثمان، فطلبه منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى، وقال: لو علمت انه رسول الله لم أمنعه المفتاح ، فلوى علي رضي الله عنه يده فأخذ منه المفتاح وفتح الباب فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت وصلى فيه ركعتين ، فلما تخرج سأله العباس المفتاح، أن يعطيه ويجمع له بين السقاية والسدانة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فأمر رسول الله أن يرد المفتاح إلى عثمان ويعتذر إليه ، ففعل ذلك علي رضي الله عنه ، فقال له عثمان: أكرهت وآذيت ثم جئت ترفق ، فقال علي: لقد انزل الله تعالى في شأنك قرآناً/ وقرأ عليه الآية ،فقال عثمان: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ، وكان المفتاح معه، فلما مات دفعه إلى أخيه شيبة، فالمفتاح والسدانة في أولادهم إلى يوم القيامة.
وقيل: المراد من الآية جميع الأمانات . أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي الزراد أنا أبو بكر محمد بن إدريس الجرجاني وأبو أحمد بن محمد بن أحمد المعلم الهروي قال: أنا أبو الحسن علي بن عيسى الماليني أنا الحسن بن سفيان النسوي أنا شيبان بن أبي شيبة أخبرنا أبو هلال عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال : قلما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" ألا لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له".
قوله تعالى:"وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل"أي: بالقسط، "إن الله نعما" أي نعم الشيء" يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا " أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان أنا أبو جعفر محمد بن حمد بن عبد الجبار الزيات أنا حميد بن زنجويه حدثنا ابن عباد ثنا بن عيينه عن عمرو بن دينار عن عمرو بن أوس أنه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:" المقسطون عند الله على منابر من نور على يمين الرحمن ، وكلتا يديه يمين، هم الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا".
أخبرنا عبد الواحد بن احمد المليحي أنا عبد الرحمن بن أبي شريح أنا القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي أنا علي بن الجعد أنا فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأقربهم منه مجلساً إمام عادل، وإن أبغض وأشدهم عذاباً إمام جائر".
58"إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها" خطاب يعم المكلفين والأمانات، وإن نزلت يوم الفتح في عثمان بن طلحة بن عبد الدار لما أغلق باب الكعبة، وأبى أن يدفع المفتاح ليدخل فيها رسول الله وقال: لو علمت أنه رسول الله لم أمنعه فلوى علي كرم الله وجهه يده وأخذه منه وفتح، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى ركعتين فلما خرج سأله العباس رضي الله عنه أن يعطيه المفتاح ويجمع له السقاية والسدانة. فنزلت فأمره الله أن يرده إليه، فأمر علياً رضي الله عنه أن يرده ويعتذر إليه، وصار ذلك سبباً لإسلامه ونزل الوحي بأن السدانة في أولاده أبداً "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" أي وأن تحكموا بالإنصاف والسوية إذا قضيتم بين من ينفذ عليه أمركم، أو يرضى بحكمكم ولأن احكم وظيفة الولاة قيل الخطاب لهم. "إن الله نعما يعظكم به" أي نعم شيئاً بيعظكم به، أو نعم الشيء الذي يعظكم به فما منصوبة موصوفة بيعظكم به. أو مرفوعة موصولة به. والمخصوص بالمدح محذوف وهو المأمور به من أداء الأمانات والعدل في الحكومات. "إن الله كان سميعاً بصيراً" بأقوالكم وأحكامكم وما تفعلون في الأمانات.
58. Lo! Allah commandeth you that ye restore deposits to their owners, and, if ye judge between mankind, that ye judge justly. Lo! comely is this which Allah admonisheth you. Lo! Allah is ever Hearer, Seer.
58 - God doth command you to render back your trusts to those to whom they are due; and when ye judge between man and man, that ye judge with justice: verily how excellent is the teaching which he giveth you for God is he who heareth and seeth all things.