[النساء : 28] يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا
(يريد الله أن يخفف عنكم) يسهل عليكم أحكام الشرع (وخلق الإنسان ضعيفا) لا يصبر عن النساء والشهوات
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه: "يريد الله أن يخفف عنكم"، يريد الله أن ييسر عليكم، بإذنه لكم في نكاح الفتيات المؤمنات إذا لم تستطيعوا طولاً لحرة، "وخلق الإنسان ضعيفا"، يقول: يسر ذلك عليكم إذا كنتم غير مستطيعي الطول للحرائر، لأنكم خلقتكم ضعفاء عجزة عن ترك جماع النساء، قليلي الصبر عنه، فأذن لكم في نكاح فتياتكم المؤمنات عند خوفكم العنت على أنفسكم، ولم تجدوا طولاً لحرة، لئلا تزنوا، لقلة صبركم على ترك جماع النساء.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "يريد الله أن يخفف عنكم" في نكاح الأمة، وفي كل شيء فيه يسر.
حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا سفيان، عن ابن طاوس، عن أبيه: "وخلق الإنسان ضعيفا"، قال: في أمر الجماع.
حدثنا ابن بشار قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا سفيان، عن ابن طاوس، عن أبيه: "وخلق الإنسان ضعيفا"، قال: في أمر النساء.
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه: "وخلق الإنسان ضعيفا"، قال: في أمور النساء. ليس يكون الإنسان في شيء أضعف منه فى النساء.
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "يريد الله أن يخفف عنكم"، قال: رخص لكم في نكاح هؤلاء الإماء، حين اضطروا إليهن، "وخلق الإنسان ضعيفا"، قال: لو لم يرخص له فيها، لم يكن إلا الأمر الأول، إذا لم يجد حرة.
قوله تعالى : " وخلق الإنسان ضعيفا" نصب على الحال ، والمعنى أن هواه يستميله وشهوته وغضبه يستخفانه وهذا أشد الضعيف فاحتاج إلى التخفيف، وقال طاوس: ذلك في أمر النساء خاصة وروي عن ابن عباس أنه قال " وخلق الإنسان ضعيفا" أي وخلق الله الإنسان ضعيفاً أي لا يصبر عن النساء قال ابن المسيب: لقد أتى علي ثمانون سنة وذهبت إحدى عيني وأنا أعشو بالأخرى وصاحبي أعمى أصم - يعني ذكره- وإني أخاف من فتنة النساء ونحوه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال عبادة: ألا تروني لا أقوم إلا رفداً ولا آكل إلا ما لوق لي- قال يحيى: يعني لين وسخن وقد مات صاحبي منذ زمان - قال يحيى : يعني ذكره - وما يسرني أني خلوت بامرأة لا تحل لي وأن لي ما تطلع عليه الشمس مخافة أن يأتيني الشيطان فيحركه علي إنه لا سمع له ولا بصر !.ي
يخبر تعالى أنه يريد أن يبين لكم أيها المؤمنون ما أحل لكم وحرم عليكم مما تقدم ذكره في هذه السورة وغيرها, "ويهديكم سنن الذين من قبلكم" يعني طرائقهم الحميدة واتباع شرائعه التي يحبها ويرضاها, "ويتوب عليكم" أي من الإثم والمحارم, "والله عليم حكيم" أي في شرعه وقدره وأفعاله وأقواله. وقوله: "ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً" أي يريد أتباع الشياطين من اليهود والنصارى والزناة أن تميلوا عن الحق إلى الباطل ميلاً عظيماً "يريد الله أن يخفف عنكم" أي في شرائعه وأوامره ونواهيه وما يقدره لكم, ولهذا أباح الإماء بشروط, كما قال مجاهد وغيره "وخلق الإنسان ضعيفاً" فناسبه التخفيف لضعفه في نفسه وضعف عزمه وهمته. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن إسماعيل, حدثنا وكيع عن سفيان, عن ابن طاوس, عن أبيه "وخلق الإنسان ضعيفاً" أي في أمر النساء. وقال وكيع: يذهب عقله عندهن. وقال موسى الكليم عليه السلام لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم, ليلة الإسراء حين مر عليه راجعاً من عند سدرة المنتهى, فقال له: ماذا فرض عليكم, فقال: أمرني بخمسين صلاة في كل يوم وليلة, فقال له: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف, فإن أمتك لا تطيق ذلك, فإني قد بلوت الناس قبلك على ما هو أقل من ذلك فعجزوا, وإن أمتك أضعف أسماعاً وأبصاراً وقلوباً, فرجع, فوضع عشراً. ثم رجع إلى موسى فلم يزل كذلك حتى بقيت خمساً, الحديث.
قوله 28- " يريد الله أن يخفف عنكم " بما مر من الترخيص لكم، أو بكل ما فيه تخفيف عليكم "وخلق الإنسان ضعيفاً" عاجزاً غير قادر على ملك نفسه ودفعها عن شهواتها وفاء بحق التكليف فهو محتاج من هذه الحيثية إلى التخفيف. فلهذا أراد الله سبحانه التخفيف عنه.
وقد أخرج البخاري وغيره عن ابن عباس قال: حرم من النسب سبع ومن الصهر سبع، ثم قرأ "حرمت عليكم أمهاتكم" إلى قوله "وبنات الأخت" هذا من النسب، وباقي الآية من الصهر، والسابعة "ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء". وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي عن عمران بن حصين في قوله "وأمهات نسائكم" قال: هي مبهمة. وأخرج هؤلاء عن ابن عباس قال: هي مبهمة إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها أو ماتت لم تحل له أمها. وأخرج هؤلاء إلا البيهقي عن علي في الرجل يتزوج المرأة ثم يطلقها، أو ماتت قبل أن يدخل بها هل تحل له أمها؟ قال: هي بمنزلة الربيبة. وأخرج هؤلاء عن زيد بن ثابت أنه كان يقول: إذا ماتت عنده فأخذ ميراثها كره أن يخلف على أمها، وإذا طلقها قبل أن يدخل بها فلا بأس أن يتزوج أمها. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال في قوله "وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم" أريد بهما الدخول جميعاً. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عبد الله بن الزبير قال: الربيبة والأم سواء لا بأس بهما إذا لم يدخل بالمرأة. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم بسند صحيح عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: كانت عندي امرأة فتوفيت، وقد ولدت لي فوجدت عليها، فلقيني علي بن أبي طالب فقال: ما لك؟ فقلت: توفيت المرأة، فقال علي: لها ابنة؟ قلت: نعم وهي بالطائف، قال: كانت في حجرك؟ قلت: لا. قال: فانكحها، قلت: فأين قول الله "وربائبكم اللاتي في حجوركم"؟ قال: إنها لم تكن في حجرك.
وقد قدمنا قول من قال: إنه إسناد ثابت على شرط مسلم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال: الدخول الجماع. وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء قال: كنا نتحدث أن محمداً صلى الله عليه وسلم لما نكح امرأة زيد قال المشركون بمكة في ذلك، فأنزل الله: " وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم" ونزلت " وما جعل أدعياءكم أبناءكم " ونزلت "ما كان محمد أبا أحد من رجالكم". وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله "وأن تجمعوا بين الأختين" قال: يعني في النكاح. وأخرج عبد بن حميد عنه في الآية قال: ذلك في الحرائر، فأما المماليك فلا بأس. وأخرج ابن المنذر عنه نحوه من طريق أخرى. وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن عثمان بن عفان: أن رجلاً سأله عن الأختين في ملك اليمين هل يجمع بينهما؟ قال: أحلتهما آية وحرمتهما آية، وما كنت لأصنع ذلك، فخرج من عنده، فلقي رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أراه علي بن أبي طالب، فسأله عن ذلك فقال: لو كان لي من الأمر شيء ثم وجدت أحداً فعل ذلك لجعلته نكالاً. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي عن علي: أنه سئل عن رجل له أمتان أختان، وطئ إحداهما وأراد أن يطأ الأخرى، فقال: لا حتى يخرجها من ملكه، وقيل: فإن زوجها عبده؟ قال: لا حتى يخرجها من ملكه. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود: أنه سئل عن الرجل يجمع بين الأختين الأمتين فكرهه، فقيل يقول الله "إلا ما ملكت أيمانكم" فقال: وبعيرك أيضاً مما ملكت يمينك. وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي من طريق أبي صالح عن علي بن أبي طالب قال في الأختين المملوكتين: أحلتهما آية وحرمتهما آية ولا آمر ولا أنهي، ولا أحل ولا أحرم، ولا أفعل أنا وأهل بيتي. وأخرج أحمد عن قيس قال: قلت لابن عباس: أيقع الرجل على المرأة وابنتها مملوكتين له؟ فقال: أحلتهما آية وحرمتهما آية، ولم أكن لأفعله. وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عنه في الأختين من ملك اليمين: أحلتهما آية وحرمتهما آية. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبيهقي عن ابن عمر قال: إذا كان للرجل جاريتان أختان فغشي إحداهما فلا يقرب الأخرى حتى يخرج التي غشي من ملكه. وأخرج البيهقي عن مقاتل بن سليمان قال: إنما قال الله في نساء الآباء "إلا ما قد سلف" لأن العرب كانوا ينكحون نساء الآباء، ثم حرم النسب والصهر فلم يقل إلا ما قد سلف، لأن العرب كانت لا تنكح النسب والصهر. وقال في الأختين "إلا ما قد سلف" لأنهم كانوا يجمعون بينهما فحرم جمعهما جميعاً إلا ما قد سلف قبل التحريم "إن الله كان غفوراً رحيماً" لما كان من جماع الأختين قبل التحريم. وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث يوم حنين جيشاً إلى أوطاس، فلقوا عدواً فقاتلوهم، فظهروا عليهم وأصابوا لهم سبايا، فكأن ناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين، فأنزل الله في ذلك "والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم" يقول: إلا ما أفاء الله عليكم. وأخرج الطبراني عن ابن عباس أن ذلك سبب نزول الآية. وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير مثله. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس في قوله "والمحصنات من النساء" قال: كل ذات زوج إتيانها زنا إلا ما سبيت. وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة والطبراني عن علي وابن مسعود في قوله
"والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم" قال: على المشركات إذا سبين حلت له. وقال ابن مسعود: المشركات والمسلمات. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال: إذا بيعت الأمة ولها زوج فسيدها أحق ببضعها. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله "والمحصنات من النساء" قال: ذوات الأزواج. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن أنس بن مالك مثله. وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود مثله. وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله "والمحصنات" قال: العفيفة العاقلة من مسلمة أو من أهل الكتاب. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عنه في الآية قال: لا يحل له أن يتزوج فوق الأربع، فما زاد فهو عليه حرام كأمه وأخته. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي العالية في قوله "والمحصنات من النساء" قال: يقول انكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، ثم حرم ما حرم من النسب والصهر، ثم قال "والمحصنات من النساء" فرجع إلى أول السورة فقال: هن حرام أيضاً، إلا لمن نكح بصداق وسنة وشهود. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير عن عبيدة قال: أحل الله لك أربعاً في أول السورة، وحرم نكاح كل محصنة بعد الأربع إلا ما ملكت يمينك. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الإحصان إحصانان: إحصان نكاح، وإحصان عفاف" فمن قرأها والمحصنات بكسر الصاد فهن العفائف، ومن قرأها والمحصنات بالفتح فهن المتزوجات. قال ابن أبي حاتم: قال أبي هذا حديث منكر. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله "وأحل لكم ما وراء ذلكم" قال: ما وراء هذا النسب. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال: ما دون الأربع. وأخرج ابن جرير عن عطاء قال: ما وراء ذات القرابة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله "وأحل لكم ما وراء ذلكم" قال: ما ملكت أيمانكم. وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيدة السلماني نحوه. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله "محصنين غير مسافحين" قال: غير زانين. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس مثله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله "وآتوهن أجورهن" يقول: إذا تزوج الرجل منكم المرأة ثم نكحها مرة واحدة فقد وجب صداقها كله والاستمتاع هو النكاح، وهو قوله "وآتوا النساء صدقاتهن". وأخرج الطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال: كانت المتعة في أول الإسلام، وكانوا يقرأون هذه الآية فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى الآية، فكان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج بقدر ما يرى أنه يفرغ من حاجته ليحفظ متاعه ويصلح شأنه. حتى نزلت هذه الآية "حرمت عليكم أمهاتكم" فنسخت الأولى فحرمت المتعة وتصديقها من القرآن " إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم " وما سوى هذا الفرج فهو حرام.
وقد أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن الأنباري في المصاحف والحاكم وصححه أن ابن عباس قرأ فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي بن كعب أنه قرأها كذلك. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد، أن هذه الآية في نكاح المتعة، وكذلك أخرج ابن جرير عن السدي والأحاديث في تحليل المتعة ثم تحريمها، وهل كان نسخها مرة أو مرتين؟ مذكورة في كتب الحديث. وقد أخرج ابن جرير في تهذيبه وابن المنذر والطبراني والبيهقي عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: ماذا صنعت ذهبت الركاب بفتياك وقالت فيها الشعراء قال: وما قالوا؟ قلت: قالوا:
أقــول للشــيخ لمــا طــال مجلســه يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس
هل لك في رخصة الأعطاف آنسة تكـون مثواك حتى مصــدر النـاس
فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، لا والله ما بهذا أفتيت ولا هذا أردت ولا أحللتها إلا للمضطر وفي لفظ ولا أحللت منها إلا ما أحل الله من الميتة والدم ولحم الخنزير. وأخرج ابن جرير عن حضرمي أن رجالاً كانوا يفرضون المهر ثم عسى أن تدرك أحدهم العسرة، فقال الله "ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة". وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله "ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به" قال: الراضي أن يوفي لها صداقها ثم يخيرها. وأخرج ابن جرير عن زيد في الآية قال: إن وضعت لك منه شيئاً فهو سائغ. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس "ومن لم يستطع منكم طولاً" يقول: من لم يكن له سعة "أن ينكح المحصنات" يقول الحرائر: " فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات " فلينكح من إماء المؤمنين "محصنات غير مسافحات" يعني عفائف غير زواني في سر ولا علانية "ولا متخذات أخدان" يعني أخلاء "فإذا أحصن" ثم إذا تزوجت حراً ثم زنت "فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب" قال: من الجلد "ذلك لمن خشي العنت منكم" هو الزنا، فليس لأحد من الأحرار أن ينكح الأمة إلا أن لا يقدر على حرة وهو يخشى العنت "وأن تصبروا" عن نكاح الإماء "فهو خير لكم". وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن مجاهد "ومن لم يستطع منكم طولاً" يعني: من لا يجد منكم غنى "أن ينكح المحصنات" يعني الحرائر فلينكح الأمة المؤمنة "وأن تصبروا" عن نكاح الإماء "خير لكم" وهو حلال. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عنه قال: مما وسع الله به على هذه الأمة نكاح الأمة النصرانية واليهودية وإن كان موسراً. وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبيهقي عنه قال: لا يصلح نكاح إماء أهل الكتاب، لأن الله يقول "من فتياتكم المؤمنات". وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن الحسن "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تنكح الأمة على الحرة والحرة على الأمة، ومن وجد طولاً لحرة فلا ينكح أمة". وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عباس قال: لا يتزوج الحر من الإماء إلا واحدة وأخرج ابن أبي شيبة عن قتادة نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله: "والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض" يقول: أنتم إخوة بعضكم من بعض. وأخرج ابن المنذر عن السدي "فانكحوهن بإذن أهلهن" قال: بإذن مواليهن "وآتوهن أجورهن" قال: مهورهن. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: المسافحات المعلنات بالزنا، والمتخذات أخدان: ذات الخليل الواحد. قال: كان أهل الجاهلية يحرمون ما ظهر من الزنا ويستحلون ما خفي، فأنزل الله "ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن". وأخرج ابن أبي حاتم عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإذا أحصن" قال: إحصانها إسلامها. وقال علي: اجلدوهن. قال ابن أبي حاتم حديث منكر وقال ابن كثير في إسناده ضعيف ومبهم لم يسم، ومثله لا تقوم به حجة. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن ابن عباس قال: حد العبد يفتري على الحر أربعون. وأخرج ابن جرير عنه قال: العنت الزنا. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي "ويريد الذين يتبعون الشهوات" قال: هم اليهود والنصارى. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس "ويريد الذين يتبعون الشهوات" قال: الزنا. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد "يريد الله أن يخفف عنكم" يقول: في نكاح الأمة وفي كل شيء فيه يسر. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد "يريد الله أن يخفف عنكم" قال: رخص لكم في نكاح الإماء "وخلق الإنسان ضعيفاً" قال: لو لم يرخص له فيها. وأخرج ابن جرير والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال: ثماني آيات نزلت في سورة النساء هن خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت: أولهن "يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم"، والثانية "والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً"، والثالثة "يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً"، والرابعة "إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريماً"، والخامسة "إن الله لا يظلم مثقال ذرة" الآية، والسادسة "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله" الآية، والسابعة "إن الله لا يغفر أن يشرك به" الآية، والثامنة " والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله " للذين عملوا من الذنوب "غفوراً رحيماً".
28-"يريد الله أن يخفف عنكم"، يسهل عليكم في أحكام الشرع، وقد سهل كما قال جل ذكره: " ويضع عنهم إصرهم" (الأعراف -157) وقال النبي صلى الله عليه وسلم :"بعثت بالحنيفية السمحة السهلة" ،"وخلق الإنسان ضعيفاً"، قالطاووسوالكلبي وغيرهما أمر النساء: لا يصبر عنهن وقال ابن كيسان:"خلق الإنسان ضعيفاً" يستميله هواه وشهوته، وقال الحسن: هو انه خلق من ماء مهين، بيانه قوله تعالى:"الله الذي خلقكم من ضعف"(الروم -54).
28" يريد الله أن يخفف عنكم " فلذلك شرع لكم الشرعة الحنيفية السمحة السهلة، ورخص لكم في المضايق كإحلال نكاح الأمة. " وخلق الإنسان ضعيفا " لا يصبر عن الشهوات ولا يتحمل مشاق الطاعات. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: ثمان آيات في سورة النساء هن خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت هذه الثلاث: " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه " ، " إن الله لا يغفر أن يشرك به " ، " إن الله لا يظلم مثقال ذرة " ، " من يعمل سوءا يجز به "، " ما يفعل الله بعذابكم ".
28. Allah would make the burden light for you, for man was created weak.
28 - God doth wish to lighten your (difficulties): for man was created weak (in flesh).